كبش الفداء في مواقع التواصل الإجتماعي

كبش الفداء في مواقع التواصل الإجتماعي

إن مواكبتنا للتطور والتكنولوجيا سمح لنا بالإنفتاح والتوسع على العالم من أوسع أبوابه، فلكل تطور مزايا وعيوب قد نكون مدركين لها أو قد لا نكون مدركين! وهذا أمر يتفاوت بالإختلاف من شخص لآخر، ففي هذه الحالة قد أكون أنا والآخر أو الآخرين، ومن هذه النقطة بالتحديد قد نكون عرضة لممارسات قد تكون سلبية دون أن نعي ذلك، لنستذكر سويًا مرة في الصغر تعرضنا لخلاف ما مع أحد الزملاء لاختلافنا معه بالرأي حول ما يخص لعبة ما! ومن لمؤكد أنه كان في حياتنا شخص ما يصلح لأن يقود مجموعة وكان يقف في بداية كل مشكلة وتتم محاسبته، ولربما شاهدنا الطفل الضعيف البنية الذي كان عرضة لكل أنواع السخرية والإستهزاء وأحيانًا العنف وهذا ما يعرف بالتنمر، لقد كنا بشكل ما جزءا من هذه الحالات التي لا تمثل ولا تعني لنا شيئًا الآن، ولم نتساءل حينها ولا حتى الآن ما الذي حصل وأين يدرج وما إذا كانت هذه السلوكيات صحيحة أم خاطئة، في الحقيقة هذه السلوكيات قريبة من ما يسمى (كبش الفداء – SCAPEGOATING) أي الاستفداء، والتي تمثل الحالة النفسية للشخص المستضعف، ومثل هذه الظاهرة لها تأثير كبير على حياتنا وسلوكياتنا المرتبطة بشكل وثيق مع التكنولوجيا التي هي جزء من حياتنا كون منصات التكنولوجيا هي مساحاتنا للتواصل والتعبير وهي العالم الإفتراضي الذي نقضي معظم وقتنا عليه، في هذه المقالة ستجدون معلومات تشرح هذه الظاهرة ومدى تأثيرها وتواجدها في حياتنا.

كبش الفداء – SCAPEGOATING في علم النفس!

عملية تستخدم فيها آليات الإسقاط في تركيز مشاعر العدوان، والعداء، والإحباط، ويستخدم فيها أساليب الإزاحة والإسقاط وما إلى ذلك، وتتم ممارستها على فرد آخر أو مجموعة أخرى، وهو تكتيك يستخدم في كثير من الأحيان لتوصيف مجموعة كاملة من الأفراد وفقًا لسلوك غير أخلاقي لفئة من الناس؛ حيث يتعلق الفداء بالذنب ويرتبط بالقوالب النمطية التي قد تؤدي إلى تهجير جماعات وتسبب الأذى للأشخاص بسبب التأثير على الطاقة العاطفية التي تجعل الإنسان يحاول النجاة كي لا يتأذى عاطفيًا ونفسيًا بشكل أكبر، فهو شيء واجهته وما زالت تواجهه البشرية منذ الأزل من أفراد وجماعات مهما اختلفت أشكالهم وأعمارهم ونوعهم الإجتماعي.

الإسقاط النفسي لكبش الفداء – SCAPEGOATING

أما الإسقاط النفسي لكبش الفداء، فيتم من خلال عرض الأفكار والمشاعر غير المرغوب فيها بشكل غير واعي ومدرك، على شخص آخر قد يكون أضعف ومن الممكن أن يكبر هذا النوع من الإستفداء ويخرج من نطاق الأفراد إلى الجماعات، قد يحمل الأمر عدة أبعاد؛ فمن الأمثلة الواقعية التي نتعرض لها كل ما يتعلق التحريض السياسي على أرض الواقع أو على الإنترنت، فما يدور بين المجموعات قد يحمل على افتداء شخص مختلف بالرأي أو الفكر أو الطرح.

كبش الفداء – SCAPEGOATING وارتباطه بالسوشال ميديا!

لابد أنكم تتساءلون عن الرابط العجيب بين السوشال ميديا وكبش الفداء، الرابط هو سلوكياتنا التي نمارسها على هذه المنصات، في الماضي كانت طرق تواصلنا أبسط وأقل تعقيدًا منها في وقتنا الحاضر، وحتى مع بداية تطور التكنولوجيا وخدمات الإنترنت كنا نتواصل من خلال لقاءات واجتماعات نذهب عليها حسب مدى تقاطعها معنا ومدى مناسبتها لاهتماماتنا.

في مثال الإجتماعات الحية نرى الشخص الذي يمتلك مسؤولية ما في تيسير الحوار وبنائه، وقد يتحول هذا الشخص إلى كبش فداء كونه الأيقونة الواضحة في الحديث والذي قد تجهزه المجموعة ليكون في أول الصف في حال حدوث أي طارئ.

على مواقع التواصل الإجتماعي يكون كبش الفداء هو الشخص الذي يريد نشر فكرة معينة عبر منصات التواصل الإجتماعي فهو من يطرح الطرح ومن يتعرض للنقد وقد يواجه هذا الشخص الإحباط الشديد بسبب رفض فكرته ما يجعله عرضة للتنمر من قبل المتابعين له، لذلك كي لا تتحول إلى كبش فداء عليك أن تكون متمكن ومقتنع بفكرتك أو طرحك لتعرف كيف تقنع الناس بها أو حتى لتتمكن من الدفاع عنها وعن نفسك بطريقة حضارية، في الغالب ما يحدث في مثل هذه الحالة أن الناس تنتقد بأكثر من طريقة، ويلام شخص واحد وبعد زمن يختفي المنشور والفكرة لكن ما حدث يبقى عالقًا في ذهن صاحب الفكرة وقد يؤثر على ثقته بما يريد وبما يفكر به لاحقًا.

ومن الممكن أن نكون عرضة لفكرة ما يتم إقناعنا بها ويتم التأثير علينا من خلالها وهذا ما يسمى بأثر وسائل التواصل الإجتماعي علينا، فمن هنا علينا أن نكون واعيين وحذريين حول ما يصلنا من إيميلات ورسائل وإعلانات وغيرها كي لا تكون ضحية لمثل هذه السلوكيات.

فقد بدأت هذه السلوكيات بالظهور بكثرة مع بداية تطور وسائل التواصل الإجتماعي عندما بدأت بالظهور عندما كانت محدودة ولا تصل للجميع، وعندما تطورت منذ بداية الألفينات ووصلت لكل بيت وكل شخص وأثرت علينا وعلى تواصلنا وحتى أرائنا وتحركاتنا السياسية والإجتماعية، كل هذا أوصل العديدين إلى مراحل سيئة ومؤذية نفسيًا واجتماعيًا.

وكما ذكرنا ووضحنا في مقالات سابقة حول ما نحن عرضة له على وسائل التواصل الاجتماعي في كل من غرفة الصدى وفقاعة الترشيح، فإننا بمجرد تواجدنا في فقاعة الترشيح التي تشبهنا وتعرفنا على كل من يحمل أفكار مشابه لنا بذلك سننغلق عن كل ما هو مختلف عنا، ما سيؤدي إلى إنطوائنا على ذواتنا فيما يعرف ب غرفة الصدى التي بدورها ستحولنا إلى كبش فداء في عالم التكنولوجيا ومنصات التواصل الإجتماعي.

هل أنا كبش فداء؟

دائمًا اسأل نفسك عن سبب قيامك بأي شيء وكن مقتنعًا بحججك وموقعك بين جماعة ما، كي تتمكن من حماية نفسك ولتعرف كيف تتصرف في حالة ما قد تكون فيها عرضة لأن تكون كبش فداء سواء في العالم الإفتراضي أو الواقعي، لذلك يمكنكم أن تطرحو على أنفسكم هذه الأسئلة قبل أن تكونوا كبش فداء لجهة ما أو لفكرة ما:

  • علينا دائمًا أن نتساءل عن سبب قيامنا بأي فعل أو حتى قبل اتخاذنا أي موقف، وأن نجد إجابة مقنعة! فقط اسأل نفسك ما الهدف مما أفعله؟
  • عندما تقرر أن تطرح أي فكرة عليك التأكد من معلوماتك ومصادرك حتى تتمكن من التعامل مع أي تعليق قد يأتيك إيجابًا أو سلبًا، حاول أن تعرف لماذا تريد هذه الفكرة بالتحديد؟
  • عليك أن تكون مرن ومتقبل للاختلاف والاخر حتى تتمكن من شرح وجهة نظرك للآخرين، اسأل نفسك عن سبب اختلاف الناس معك قد يكون بصالحك؟

لذلك قبل أن تقوم بأي دور تأكد من معرفتك التامة لما تفعله وكن واعيًا ومدركًا لمكانك ولما عليك فعله بذلك تكون قد كونت الوعي الكافي الذي بدوره سيحميك من الوقوع في فخ التغييب الذي تضعنا فيه منصات التواصل الإجتماعي والتكنولوجيا، فمعرفتك ووعيك هما من أهم الأشياء التي ستجعلك مرتاحًا عند استخدام وسائل التواصل الإجتماعي والتكنولوجيا.

قبل أن نقحم أنفسنا بأي شيء يجب أن نعيه وندرس جميع جوانبه ونتأكد ما إذا كان مناسبًا لنا ولأفكارنا ما طرحناه في هذا المقال ما هو إلا نتاج لبحث عن ظاهرة موجودة على الإنترنت وهناك غيرها الكثير من الظواهر التي تظهر وتكبر وتصلك بكل ثانية على هاتفك أو جهاز الكومبيوتر الخاص بك، وقد تقع في متناول الأطفال والمراهقين وهذا بشأنه أن يعرضنا للخطر. كل هذا لأن العالم أصبح أصغر فإن سهولة الوصول إلى أي محتوى ستؤثر على ما لدينا من أفكار وقد تؤثر على طريقة تفكيرنا فعلينا أن نملك المرونة الكافية لنتقبل أي اختلاف ولنتعلم شيء جديد ولنفتح أبواب النقاش حول فكرة ما، دون أن نزعج احد ودون أن نقع في مكان قد يصعب الخروج منه، كي لا نكون كبش فداء جديد في الحياة وفي العالم الإفتراضي.

رند أبو ضحى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *