حياة السلام

حياة السلام

 السلام

يحكى أن في عالم مواز لعالمنا كان هناك جزيرة جميلة يسكنها حيوانات لطيفة يعيشون بسعادة وسلام، كانوا متحابين تحت رعاية ملك عادل يحبهم ويرعاهم. وكانت الحيوانات تذهب للرعي في الحقل للبحث عن طعامها كل صباحٍ في أمان. لم يمضِ وقتٌ طويل حتى عصفت بهذه الجزيرة رياح عاتية كانت كالكابوس، ففي ذلك اليوم ذاع خبر موت حاكمهم اللذين يحبونه لأسباب يجهلونها جميعاً.

كانت هذه نقطة تحوّل في حياة جميع قاطني هذه الجزيرة حيث أن كان للملك أخاً ظالم يكره الجميع ويجب السلطة. بعد مراسم العزاء طلب من جميع اللذين يعيشون على الجزيرة بالمجيء ليتحدث معهم، أظهر لهم حزنه على رحيل الملك وعبّر لهم عن حبه للحياة معهم. بعد أن ضمن ودّهُم سكن الغرور والشّر قلبه وأصبح يعاملهم بقسوة وازدراء. ذات ليلة ذهب الأرنب إلى الملك بغرض طلب الطعام بسبب مرضه الشديد وعدم قدرته على جمع الطعام لكن الملك عامله بازدراء ولم يعطِ الأمر أهمية وقال له لا مكان للضعيف بيننا. ثم ضحك بحجة المزاح وأطعمه وجعله يذهب لكن الأرنب أخذ على خاطره كيف للملك أن يمزح معه أمام حراسه وحاشيته فظلّ غاضبا واعتزل الجميع لا يرى ولا يكلم أحد. وفي أحد الأيام، قرر أن يحرّض جميع الحيوانات على إنقلاب ضد الملك وخصوصاً بعد معرفته أن بغيابه كان الملك يعيث في الجزيرة فسادا خلال مدة عزلته.

وافقت الحيوانات على اقتراح الأرنب وبعد معرفة المستقبل الملك بمن كان السبب بالتحريض للإنقلاب ضده قرّر قتله أمام جميع الحيوانات ليكون عبرة لمن لا يعتبر. أصبحت الجزيرة الجميلة غابة يأخذ فيها القوي حقه ويظلم الضعيف فيها. جميع من على الجزيرة يعيشُ بخوف إلى أن أتى يوم مرض فيه الملك واحتاج العون من أهل الجزيرة ولم يرض أحد على معاونته لأنه حرمهم من أولادهم ومنازلهم وأكلهم. لكن، الملك بمكره حاول أن يجد حجة مقنعة حتى يقبلون مساعدته إلا أن محاولاته باءت بالفشل. بعد ذلك اجتمعت الحيوانات وتكاتفت وقرروا مساعدة الملك على أمل أن يعاملوهم بلطف وأن يكون قادرا على حماية الغابة. بعد مساعدة الحيوانات للملك ندِم وأيقن أنه ظلمهم ويجب عليه معاملتهم بمودة لأن ذلك سيعيد لهم الأمان وسيعزز بينهم السلام.

فما هو السلام؟ مفهوم السلام الإيجابي وما أهميته؟

السلام هو الحالة المثالية للسعادة والمتمثلة بعدم وجود عنف في العالم وهو أحد الدوافع التي تحفّز الأمم على التعاون طوعاً وبمحض إرادتها على المحبة والسلام. عرّف المؤَرّخ البريطاني أرنولد توينبي السّلام بمقولة (عش ودع غيرك يعيش) وقد قصد بذلك أن السلام يجب أن يمنح للشعب حتى يتسنى الحصول عليه كحالة عامة. وبما أن السّلام هو نعمة للبشرية فإن العنف والحروب لعنةٌ، ولما كان كان السلام هو المحبة والعيش المشترك، فالحروب هي العداء والتفرقة. لايمكن أبداً إهمال الدور الذي يحتله كل من السلام والتصالح والرحمة في الحياة اليومية؛ فقد خلق الإنسان ليعيش في سلام وأمان واطمئنان. ولم يخلق ليقتل ويباد، وما يمكن تحقيقه في النزاعات الدموية والحروب والكوارث البشرية. من أجل أن يتحقق السلام يجب أن تتوافر مجموعة من الأركان التي لها صلة وثيقة بالإدارة السياسية للمجتمعات ومنها:

  • الإدارة السليمة للتعددية.
  • الإحتكام إلى القانون.
  • الحكم الرشيد.

حتى نصل إلى السلام التام علينا أولاً الوصول إلى حالة السلام الداخلي (السلام الشخصي). كما لا يمكننا أبداً أن نحصل على السلام في العالم الخارجي حتى نتصالح مع أنفسنا (الدالي لاما). من النصائح للوصول إلى السلام الداخلي منها:

  • الإستماع للموسيقى التي تشعر الشخص بالراحة.
  • التنفس العميق لغاية الوصول إلى الراحة.
  • التنزه في الهواء الطلق.
  • الإستمتاع بالطبيعة من خلال الإبتعاد عن المدينة قليلاً.
  • تربية حيوان أليف أيضا هي طريقة رائعة للتخلص من التوتر .
  • تقبل الفرد لكل ما يحصل في حياته.

أما السلام الإيجابي هو هدوء البال و الخير والإنسجام مع الآخرين ووجود حياة كريمة خالية من الأمراض والتلوث والعديد من الصفات التي يحتاجها كل فرد ليصل لحالة السلام الإيجابي. جميعنا نعرف أن السلام يوجد به اختلافات لكن يشترط أن لا تؤدي إلى خلافات وأن لا تنتهي بالعنف والحروب. لذلك يعتبر فن الحوار من المهارات التي تحتاج إلى تدريب حتى يتم إتقانها جيداً وذلك نظرا لكونها مهارة تتطلب الصبر وتَقَبُلْ الآخرين لأفكارهم بغض النظر عن أفكارنا وقناعاتنا. فيما يلي بعض النقاط الأساسيه الواجب أخذها بعين الإعتبار عند خوض أي حوار وهي:

  • تذكر الهدف الأساسي: يهدف الحوار إلى إلى تبادل الثقافات والآراء ومن المهم محاولة تذكير الشخص لنفسه بعدم أهمية إقناع الآخرين برأيه وجعل تركيزه يتمحور حول الجميع واستعمال الأفكار البناءة لبناء أفكار أقوى وأوضح.
  • الإستماع جيداً: المقصود به الإستماع بتركيز لما يقوله الآخرون أثناء الحوار حتى يكون الرد ملائماً لما يقولونه وحتى يتم تجنب تكرار الأفكار التي يتم طرحها.
  • التكلم في الوقت المناسب: من أكثر العادات التي تزعج الآخرين أثناء الحديث هي أن يتم مقاطعتهم من قبل شخص آخر، لذلك يجب توخي الحذر أثناء الحوارت وانتظار الشخص الآخر حتى ينتهي من حديثه وبعدها يصبح بإمكان الشخص ابداء رأيه.
  • الإنتباه إلى لغة الجسد وطريقة الكلام: أحياناً لا تكون المشكلة فيما يتم قولها بل بالطريقة التي يتم التكلم بها ومدى تواضع المتكلم أثناء التحدث. من المهم أن يتم التحاور بشكل هادئ ولطيف حتى تصل وجهة النظر بسلاسة.
  • التصرف بطريقة طبيعية: لاداعي لمجاملة الآخرين بشكل مبالغ فيه وعلينا فقط المحافظة على المستوى المطلوب من الإحترام.

العبرة مما سبق أنه يجب علينا معاملة بعضنا البعض بمودة ورحمة آخذين مصلحة غيرنا على محمل الجدية وعدم الإستهزاء بالآخرين مهما كانت ملّته ومهما تعددت أفكاره سعيا لمجتمع متماسك تغمره السكينة والمحبة.

متحدين نبقى متفرقين نسقط

هزار مسعود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *