والسؤال الآن ما هو الأمن الإنساني؟

والسؤال الآن ما هو الأمن الإنساني؟

في الأمن الإنساني

في ظل الظروف التي يعيشها العالم والشعوب الإنسانية أضحى من الضروري التحدث عن الحالة الخطيرة للشعوب آلا وهي حالة غياب الحرب و غياب الأمن الإنساني وتدنيه في غالبية دول العالم. بشكل عام هو حاجة أساسية للإنسان وهو يعني الإحساس بالإطمئنان الذي ينتج عن الثقة وأمن الإنسان من الفقر والحرمان والخوف والعنف، وهو يختلف عن أمن الدولة على أهمية الأخير أيضا، إلا أنه لا يكفي لتحقيق أمن الأفراد لهذا أوجد وتطور مفهوم الأمن الإنساني إلى جانب تزايد التهديدات الداخلية والخارجية مما يستدعي الإهتمام بالإنسان وبآمنه وأمانه.

من المصطلحات المتقاربة والمتداخلة مع مصطلح الأمن الإنساني مصطلح الأمن القومي والذي يعني قدرة الدولة على تأمين وإستمرار أساس قوتها الداخلية والخارجية والعسكرية والإقتصادية في مختلف مناحي الحياة لمواجهة التحديات والمخاطر الداخلية والخارجية منها، وفي حالة الحرب والسلم على حد سواء وهو يعكس حماية الحكومة والبرلمان للدولة والمواطنين من خلال السياسات التي تفرضها كسلطة سواء كانت هذه السلطة سياسية أو إقتصادية أو عسكرية أو حتى دبلوماسية كما يشكل أيضا، التحديات التي تؤثر على الأمن غير العسكرية. نستخلص من ذلك أن الأمن القومي مفهوم يعتمد على ثلاثة عناصر أساسية آلا وهي التحديات والمخاطر والتهديدات.

كيف تطور مفهوم الأمن الإنساني تاريخيا؟

في عام 1966 طرح “دبليو آي بلاتز” رؤيته حول الأمن الفردي في كتابه “الأمن الإنساني في بعض التأملات حيث أكد أن الدولة الآمنة لا تعني بالضرورة الأفراد الآمينين أو تحقيق أمن الأفراد. في نفس العام ظهرت نظرية كندية سيكولوجية بإسم الأمن الفردي، عام 1999 ساهم تقرير التنمية البشرية في دفع مفهوم الأمن الإنساني والذي صدر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، إذ تناول التقرير في الفصل الثاني “الأبعاد الجديدة للأمن الإنساني”. كذلك في عام 1999تم تأسيس شبكة الأمن الإنساني بمبادرة من الحكومة الكندية وهي تضم الآن ثلاث عشرة دولة وقد قامت ببلورة بعض التدابير والإستراتيجيات التي تحاول حركة الأمن الإنساني التركيز عليها وتشمل هذه القضايا الرئيسية التالية:

  • التركيز على حماية المدنيين خلال النزاعات المسلحة وتقوم هذه الأولوية على بناء إدارة دولية وتطوير معايير قانونية وتدابير للحد من التكاليف البشرية للصراعات المسلحة.
  • التركيز على زيادة فاعلية عمليات حفظ السلام وتطوير قدرات الأمم المتحدة لمقابلة الحاجات المتزايدة لنشر قوات حفظ السلام بحيث يتم التنسيق خلال هذه العمليات بين المفاوضيين السياسين وقوات حفظ السلام ومراقبي حقوق الإنسان والعاملين في المجالات الإنسانية.
  • تفعيل مبدأ الوقاية من الصراع والعمل على تقوية قدرات المجتمع الدولي للوقاية من الصراعات ورفضها بالطرق البديلة أي بدون اللجوء إلى العنف ويتضمن هذا المبدأ ثقافة السلام ونبذ العنف وتشجيع الحوار بين الثقافات والأديان.
  • التركيز على تطوير قدرات المجتمع الدولي لمواجهة الجريمة الدولية المنظمة والإتجار غير المشروع بالأسلحة ووضع حد لأستغلال وعمالة الأطفال وتوفير حماية أفضل للأفراد المهاجرين قسرا ووضع الضوابط القانونية للجماعات غير الحكومية.
  • التركيز على ضرورة إصلاح مجلس الأمن ليعكس التغييرات الدولية من أجل تحسين أداء الأمم المتحدة بالإضافة إلى وضع محددات على عملية إستخدام حق النقض، وتأتي هذه الدعوة في ضوء الحقيقة التي مفادها أن 99 دولة قد طالبت بهذا الموضوع أثناء إجتماع الهيئة العامة للأمم المتحدة في قمة الألفية.

ما هي مقومات الأمن الإنساني؟

  • الأمن الإقتصادي: وهو يعني ضرورية توفير دخل أساسي لكل فرد سواء عمل حر أو وظيفة حكومية، يشار إلى أن ربع سكان العالم فقط هم من يتمتعون بالأمن الإقتصادي!
  • الأمن السياسي: ويطلق عليه حرية الرأي/التعبيروهو يعني ضرورة حماية الأفراد من القمع الذي قد يتعرضون له وإحترام حقوقهم في التعبير عن آرائهم والحق في نشرها سلميا وضمن إطار قانوني.
  • الأمن الصحي: ضمان الحد الأدنى للوقاية من الأمراض وممعالجة أساليب الحياة غير الصحية وضمان الوقاية من الأمراض المعدية.
  • الأمن الغذائي: يرتبط الأمن الغذائي بالأمن الإقتصادي أرتباطا وثيقا وهو يتمثل بتوفير عناصر الغذاء الجيد، والعمل المستقر والدخل المناسب.
  • الأمن البيئي: يشتمل على معالجة المياه والثلوث الهوائي، وإعادة تدويرالنفايات القابلة للتدويرللحفاظ على البيئة.
  • الأمن الشخصي: ويعني حماية الأفراد من العنف سواء من الدولة أو من أي جهة خارجية، وإن أكثر ما يقلق في مسألة الأمن الشخصي،”الجرائم الجسدية، القتل /الأبادة).
  • الأمن المجتمعي: يهدف إلى حماية الناس من فقدان العلاقات والقيم التقليدية من العنف والطائفية والعرقية. غالبا ما تهدد المجتمعات التقليدية، لا سيما الأقليات العرقية. شهدت ما يقرب من نصف دول العالم بعض الصراعات بين الأعراق.

الأمن الإجتماعي:

البيئة الإجتماعية هي من أكثر البيئات التي تستطيع منح الإنسان أمنه الإنساني وتستطيع سلبه منه، فإذا سادت مثلا الثقافة الذكورية في المجتمع إختلت موازيين الأمن الإنساني والشخصي وفقدنا قيمة العدالة الإجتماعية كذلك هو الأمر مع التمييز والعنصرية ولا أنسى الظلم، حتى في العلاقات الشخصية إذا حمل الأشخاص سمة عدم التعاون أو الحكم المسبق أو حتى قلة الثقة بالآخرين ستجد العلاقات الإجتماعية فقيرة جدا وليست ذات فائدة، لطالما إعتقدت أن البشر يموتون بسسب التمييز وغياب العدالة الإجتماعية لأنها تشكل تهديدات حقيقية نفسيا وإجتماعيا وجسديا أيضا.

لكن! من يجب عليه تأمين الأمن الإنساني وكفالته وضمانه للناس؟

بالدرجة الأولى الدول هي المسؤولة عن تأمين الأمن الإنساني للناس وذلك حسب نظرية العقد الإجتماعي فالدولة متعاقدة مجازيا أو فعليا مع الشعب مقابل تقديم الشعب للضرائب. في حال إنهيار الدولة أو عدم وجودها تصبح العائلة/العشيرة/أبناء الملة المسؤوليين عن تامين الأمن الإنساني للأفراد.

ما هي التهديدات التي تواجهها الشعوب وتمنع من تحقيق الأمن الإنساني؟

من الممكن أن تكون الدولة مصدر محتمل لتهديد الأفراد سواء بشكل مباشر أو غير مباشر ومن هذه التهديدات: التهديدات الناتجة عن القانون الداخلي حيث يمكن أن تتسم إجراءات تنفيذه بعدم العدالة. قد تنتج التهديدات عن طريق تصرف سياسي مباشر من قبل الدولة وضد الأفراد،أيضا تتخذ هذه التهديدات أي شكل من أشكال الصراع على السلطة على حساب الناس وأمنهم تتضمن الإجراءات ضد المعارضين للدولة سياسيا، وتشمل كذلك سياسة التفرقة العنصرية والإرهاب السياسي.

كذلك التهديدات الناتجة عن السياسات الأمنية الخارجية فالدولة يمكن أن تحمي افرادها من الأخطار الخارجية من خلال الإضرار أو تعريض حياة عدد من الأفراد للخطر مثل الخسائر في الحروب من خلال تحديد النظام لأمر ما بأنه خطر، أو تهديد خارجي يستوجب خوض حرب معينة.

كيف تطبق وتكفل بعض دول العالم مفهوم الأمن الأنساني لشعوبها؟

مثلا في اليابان: للأمن الأنساني في اليابان بعدان بعد خارجي و بعد داخلي. ويركز البعد الخارجي على البعد الإقتصادي والتنموي لدول العالم، فتجدها تقدم المساعدات المادية. أما في البعد الداخلي فيعرفون الأمن الإنساني على أنه تحقيق التحرر من الحاجة والخوف، وترى أنه يمكن تحقيقه فقط عندما يعيش الأفراد حياة تخلو من الخوف والحاجة وهو يشمل كافة العناصر التي تهدد البقاء البشري وحياة الأفراد اليومية وكرامتهم والتهديدات البيئية وإنتهاكات حقوق الإنسان والجريمة المنظمة وقضايا اللاجئين والفقر وإنتشار المخدرات والأمراض المعدية كالإيدز.

نور هاني


المراجع:

  • الأمن الإنساني بين المواثيق الدولية والضرورات السياسية.
  • الأمن الإنساني ومنظومة حقوق الإنسان دراسة في المفاهيم والعلاقات المتبادلة د.محمد أحمد علي عدوي/قسم العلوم السياسية والإدارة العامة –جامعة أسيوط.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *