الإعلامُ هو النَّافذةُ التي تُطلُّ على العالمِ بأَخبارٍ جديدةٍ مُتنوِّعة، تَنقلُ الأخبارَ المُحيطة بالنَّاس والأحداث التي تَحصلُ في العالم. تَتقصَّى الأحداثَ وتُناقشُ القضايا المُجتمعيَّة المُختلِفة. يستَطيعُ مُتصفِّح الإنترنت أن يقرأَ وأن يسمعَ وأن يشاهدَ كلَّ الأخبارِ أمامهُ على مدارِ السَّاعةِ طالما توافرَ لديهِ جهازٌ مزوَّدٌ بخدماتِ الإنترنت، حيثُ أسهمَ التَّطوُّر التِّقني والتِّكنولوجي في كافَّةِ المجالاتِ في الحياةِ لِإحداثِ التَّطوُّرات في مجالِ الإعلام. استفادَ هذا المَجال من تسريعِ وصولِ المعلوماتِ وجَودَتِها وآلاتِها وتِقنيَّاتِها وغيرِها. للإعلامِ أنواعٌ تَختلِف حسبَ الغَرضِ مِنها، فَهُناكَ:
- الإعلامُ الرَّقمي الذي يَعتمِد على الفيديوهاتِ والصُّور.
- الإِعلامُ الإلكترونيّ الذي يقومُ على المواقِع الإلكترونيَّة.
- الاتِّصالُ الجماهيريُّ الذي يَتوجَّه لِجماعةٍ كبيرةٍ من النَّاس.
- الإعلامُ العسكريُّ أو الحربيُّ الذي يُركِّزُ على نَقلِ الأخبارِ العَسكريَّة.
- الإعلامُ الاجتماعيُّ الذي يُركِّزُ على قضايا النَّاس وغيرها من المواضيع.
كما أن من أهدافُ الإعلام أن لا يَقتصِرُ دورُه على قضايا مُعيَّنة يُحقِّقُها لهذا الإنسان وفيه، ولكنَّه يَتدخَّل في كلِّ قضيَّة من قضاياه بالدَّور المُلائم والمُناسب، مثلا:
- أهدافُه العقائِديَّة: للإبلاغِ بها صافية نقية، ولِترسيخِها في نفوسِ المَدعوِّين، ولِردِّ الشُّبهاتِ المَعروضةِ من قِبلِ المناوِئينَ لِصدِّ الآخرينَ عن الوُصولِ إِليها.
- أهدافُه الثَّقافيَّة: لِتعميمِ الوعيِ والفهم، والتَّعليميَّة للتَّفقُّه والمَعرفة، والتَّربوية من أجلِ إيجادِ الفردِ الصَّالحِ السَّويّ.
- أهدافُه الاجتماعيَّة: الرَّامية إلى تَماسُك المُجتمع وتَرابُطه، وتَرسيخِ مَعاني الأُخوَّة والمحبَّة والإيثارِ فيه، وغَرسِ روحِ التَّعاونِ على البرِّ والتَّقوى فيما بَينه، وتبدأُ أهدافُه الإصلاحيَّة بالفردِ ثمَّ الأُسرة، ثمَّ المجتمع، ثمَّ الحكم في آنٍ واحد.
- أهدافُه الاقتصاديَّة: الرَّامية إلى تَحسينِ أوضاعِ البلد في الكَسبِ والإِنفاقِ وتَرشيدِها في الأخذِ والعطاء، والحمايةِ من الغُشِّ والاحتكار، والتَّحذيرِ من النَّهب والاستغلال، ومُحاربةِ الرِّبا وأكلِ الحرام، وعرضِ أفضلِ الطُّرقِ وأيسرهِا للتِّجارةِ وإدارةِ الأموالِ دونَ أن تُوجِدَ في الأمَّة ضيقًا وعنتًا أو تُسبِّبَ للدَّولة أزمةً وخنقًا.
- أهدافُه السِّياسيَّة: للتَّوجيه والإرشاد، والنُّصح والمَشورة، والتَّسديد والإصلاح، وتوثيقِ العلاقةِ وتَنميتِها بينَ الحاكِم والأمَّة على أساسٍ من العدلِ والطَّاعة والالتِزام، والرِّعاية لِمصالح الأمَّة، والمُحافظةِ على أمنِها وحرِّيَّتها، هذا في الدَّاخل، وتَنظيمِ العلاقاتِ الدَّوليَّة وتَحديدِ مسارِها سلمًا وحربًا وصداقةً ومُعاهدة.
- أهدافُه العَسكريَّة: للتَّوعية والاستِنفارِ ورفعِ الرُّوحِ المَعنويَّة ولِلحربِ النَّفسيَّة في الأعداء المُحاربين، ثمَّ لِكشفِ المُخطَّطاتِ وفَضحِ المؤامرات، وللإسهامِ في التَّعبئة العامَّة والإعدادِ الشَّامل من النَّاحية الفكريَّة والمعنويَّة والرُّوح القِتاليَّة.
- أهدافُه التَّرفيهية: للتَّسلية والتَّرويح.
تتنوَّعُ وسائلُ الإعلامِ من حيثُ طريقتِها وأسلوبِها في تقديمِ المعلوماتِ والأخبار، هناكَ جهاتٌ تَنقلُ أخبارَها بِهدفِ غرضٍ ما، وهذا الغرضُ يكونُ مَحكوماً بِأجندَتِها أي فِكرها بِالإضافةِ إلى تَمويلِها، وبالتَّالي لا يكونُ الخبرُ موضوعيّاً بل شائِباً ومُتلوِّناً وخاضِعاً للجهةِ الصَّادر عَنها وحسبَ مَصلحتها. وهُناكَ الوسائلُ الإعلاميَّةُ المُستقلَّة، وهي نادرةُ الوجودِ وتَتميَّزُ بالموضوعيَّة والحِياد، وهُما صِفتانِ يقِلُّ وجودُهما في مجالِ الإعلام حيث أن أغلَبُ جهاتِ الإعلامِ الحاليَّة تابعةٌ لِجهةٍ إمَّا سياسيَّةٍ أو اجتماعيَّةٍ نافِذةٍ، وبالتَّالي تُعبِّر عن آرائِها. ليسَ شَرطاً أن تكونَ هذه الآراءُ هي الصَّحيحة، وفي أحيانٍ أُخرى تَهدفُ الوسائِلُ للرِّبح ممّا يؤثّر على طريقَتها وطُرقِ صياغَةِ مَعلوماتِها. يَتمثَّل الأثَر السَّلبيُّ للإعلامِ في نقلِ المَعلوماتِ المُنحازة أو المَغلوطة أو غيرِ الدَّقيقة التي تُؤثِّر على وعيِ الجُمهور المُتلقِّي وبالتَّالي تَشكيل وجهةِ نظرٍ خاطئةٍ تجاهَ قضيَّةٍ ما. في بعضِ الأحيانِ يَتمُّ الضَّربُ على الوَترِ الحسَّاس عندَ نقلِ الخَبرِ لكسبِ تَعاطُف النَّاس. بِسببِ اعتِمادِ أفرادِ الجُمهور على وسائِل الإعلام، أصبَحت وسائِلُ الإعلامِ الجماهيريَّة وبالذَّاتِ التِّلفاز ومواقعُ التَّواصلُ الاجتماعيُّ أهمَّ الوسائلِ الإعلاميَّة تأثيراً في تشكيلِ أفكارِ وآراءِ الجُمهور وبالتَّالي تُؤثِّر حتَّى في تحديدِ أولويَّات الجُمهور وفيما يظُنُّه مُهِم أو غير مُهم. ذلكَ بالتَّركيزِ على موضوعاتٍ مُعيَّنة أو التَّعتيم على موضوعاتٍ أُخرى، ممَّا يجعلُ الجُمهور يَتفاعلُ مع القضايا المُثارة إعلاميًّا ويَتناسى أو يَنسى القضايا غيرَ المُثارةِ إعلاميًّا.
النَّاس تَتحدَّث في حياتِها اليوميَّة عن الموضوعاتِ أو الأحداثِ التي تَظهرُ في مواقِع التَّواصل ويَنقلُها الإعلام. بِمجرَّد هذه الأحداث فإنَّ النَّاسَ سوفَ تَنساها تَدريجيًّا. هذا ما أثارَ اهتمامُ الباحثِ الإعلاميِّ لازرفيلد عام 1944 عِندما بَحثَ في قُدرةِ وسائِل الإعلامِ الجَماهيريَّة على صياغَةِ وتشكيلِ أولويَّاتِ النَّاس تِجاهَ القضايا المُختلفة في المُجتمع. حيثُ أنَّه إذا تمَّ التَّركيزُ على قضيَّةٍ مُعيَّنة في الإعلام، فإنَّها سَتحظى بِنفسِ الاهتِمامِ لدى الجُمهور، والعَكسُ صحيح. دورُ وسائلِ الإعلامِ يُسهمُ في ترتيبِ الأولويَّات عندَ الجُمهور، فهيَ تَنقلُ الأخبار والمعلومات والرَّأي والتَّفسير والتَّحليل، وأي عَمليَّة تَغيير في المَنظومةِ الفِكريَّة والثَّقافيَّة لدى الفَردِ غير ناجِحة إذا لَم تُوظَّف وسائلُ الإعلامِ التَّوظيفَ الصَّحيح. هُناكَ استِغلالٌ واضحٌ لأدواتِ التَّواصُلِ الاجتماعي، بِهدفِ كسبِ تَعاطُفِ النَّاس، والحُصولِ على قرارٍ حُكوميِّ يُساعدُ من يدَّعي أنَّهُ «ضحيَّة» وفي حَقيقتِه هو الجاني، خُصوصاً في قضايا العُنفِ نظراً للتَّوجُّه المُؤسَّساتيّ والمُجتمعيّ لِمُحاربَتِها ورَفضِها واستِهجانِها.
عطفاً على هذهِ المَشاهدِ المُتكرِّرة ولِمَنعِ انتِشارِها في المُجتمعِ وجعلِها أداةً لابتِزازِ عاطفةِ النَّاسِ والجِهاتِ الرَّسميَّة. كَما صَدر نِظامٌ (صارم) يُوقِفُ مقاطعَ التَّشهير، أن يَكونَ لدينا كذلكَ نِظامٌ يَقلبُ السِّحرَ على السَّاحر، حتَّى يَبتعدَ هؤلاءِ عن استِخدامِ هذهِ التِّقنيَّة في إشغالِ النَّاسِ والمُؤسَّساتِ على قضايا كاذِبة، وحتَّى يَكُفَّ هؤلاءِ عن استِخدامِ التَّواصُلِ الاجتماعيّ بِهدفِ كسبِ التَّأييد. مِثلُ هذه المقاطعِ ضَررُها ليسَ من جانبٍ واحد، بل من جوانبٍ مُتعدِّدة، إذ يَدخُل في إطارِها أيضاً التَّشهير، لِذا فإنَّ هذهِ المقاطع لا تَأخذُ جانبَ الادِّعاءِ دونَ تَورُّطِ أطرافٍ أُخرى ليسَ لها ذنب، معَ قطعِ دابرِ التَّلاعُبِ النَّفسيِّ بِالمجتمعِ الذي يَهُبُّ ويَتعاطَفُ مع هذه القَضايا. أتوقَّع كذلك أنَّ النَّاسَ من المُهمِّ أن تَصلَ إلى مرحلةِ النُّضجِ العاطفيِّ بعد تِكرارِ هذه المَقاطع، وعدم الانسياقِ خلفَ مثلِ هؤلاءِ وسماعِ القصَّة من طرفٍ واحِد، عِندما يَصلُ المُجتمعُ إلى مرحلةِ الوعيِ تِجاهَ هؤلاء، فلن يتمَّ نشرُ مقاطِعهم ولا التَّفاعلِ معها.
التَّعاطفُ ضروريٌّ لاستمرارِ الإنسانيَّة؛ تَقولُ الطَّبيبةُ النَّفسيَّة – الباحثة هيلين ريس/مؤلِّفةُ كِتاب (تأثيرُ التَّعاطُف): إنَّ التَّعاطفَ مع الآخرين، والشُّعور بهم، وتَحقيق رفاهيَّةِ العَيشِ لهُم، يَجعلُ الوصولَ للأهدافِ أسهَل، ويُحقِّقُ فاعِليَّة العَمل، وصولاً إلى ازدِهارِ المُجتمع بِأكمَله. عِلميّاً، يَعتمدُ التَّعاطُف على أجزاءٍ مُحدَّدةٍ من الدِّماغ وظيفتُها الفِطريَّة هي تَمكينُ التَّواصُل العاطفيِّ مع الآخرين، وخلقُ الدَّافع للاهتِمام، وكأنَّ مسارات الألم في النِّظام العصبيِّ بِداخلِ الدِّماغ تُضيئُ وتُشعركَ بالألمِ والأذى بالكمِّ الذي يكفي لِيحرِّكك فتُساعد. لِذا عَلينا التَّأنِّي عند نَشر أيِّ خبرٍ يُثير العواطفَ خاصَّة إذا كان إشاعةً وخبرًا غيرَ موثوق.
هزارْ مَسعودْ