الصُّور النَّمطيَّة هي جُزءٌ من حياتِنا اليوميَّة. نسمعُ الصُّورَ النَّمطيَّة كلَّ يومٍ وفي كلِّ مكان. في بعضِ الأحيانِ يُمكنُنا أن نجدَ أنفُسنا في موقف نقوم فيه بصنع قوالب نمطية لمجموعة كبيرة من الناس. كل شخص، صغيرًا كان أم كبيرًا، يتم وصفه إما بقوالب نمطية إيجابية أو سلبية. في علم النفس الاجتماعي تعرّف الصورة نمطية على أنها أي تعميم أو فكرة مُصدق عليها على نحو واسع، اتجاه مجموعة من الأشخاص أو سلوك معين، غالبًا ما يكون مبني على العرق أو الديانة أو الجندر أو التوجه السياسي أو التوجه الجنسي، بعض هذه الصور النمطية يمكن أن يكون بها قدر من الصحة، والبعض الآخر يمكن أن يكون خاطئ. تهدف الصورة النمطية إلى حصر مجموعة كبيرة من السلوك والأشخاص في إطار واحد وتعميم صفات بعينها وربطها بهم. يأتي مصدر الصور النمطية من التحيز والتمييز ضد فئة بعينها وغالبًا ما يترتب عليها حرمان هذه الفئة من صلاحيات وحقوق تحظى بها المجموعة الأخرى.
تؤثر الصور النمطية على حياة الناس الاجتماعية والنفسية وتؤثر أيضاً على عواطفهم وكيفية تفاعلهم مع بيئتهم. هناك أوقات لا تكون فيها منفتحًا على فكرة مقابلة أشخاص جدد وتكوين صداقات جديدة. أو حتى لا ترغب في الخروج لأي مكان، فهذا يفسر بأننا نحن نضع أنفسنا في مجموعة من القواعد الخاصة بنا في هذا العالم. نحن نعلم أننا نُنتقد بشأن ما نرتديه كل يوم! يتم انتقادنا في الموسيقى التي نستمع إليها، وكيف نبدو في مظهرنا، وكيف نتصرف، ومن نصاحب، وكيفية أو طريقة حديثنا. يتم انتقادنا أيضًا على كل سمة شخصية أو حتى على عيوب لدينا.
الصور النمطية لها تأثير هائل على ما نشعر به، هذا ما يجعل الناس ليس لديهم الدافع الإيجابي والإقبال على الحياة. بالتالي لن يكون لديهم أداء جيد في أي مستوى في حياتهم الاجتماعية. على سبيل المثال، إذا كان هناك صورة نمطية لطفل يعاني من السمنة، أو ذو بشرة داكنة اللون، كيف يمكن أن تجعله هذه الكلمات من المتنمرين أن يشعر بالرضا؟ سيؤثر ذلك على مستواه الدراسي ويزرع في نفسه الخوف من المشاركة لأفكاره، أو حتى الخوف من التعبير عن رأيه وتؤثر أيضا على نموه في هذه المرحلة العمرية. هذا يمكن أن يخلق الضغط النفسي وأن يخلق له رد فعل سلبية وسيكون دائما في وضعية الهجوم ليواجه الآخرون حيث أن الطفل يرى هذه الصور النمطية كتهديد لكيانه وشخصيته ولأفكاره. على سبيل المثال، هناك صورة نمطية تقول إن النساء هن سائقات سيئات وهذا قد يفرض المزيد من الضغط على شعورهن وأن يحاولن إثبات أن هذه مجرد صورة نمطية. بالإضافة إلى ذلك، يحدث هذا قلق في أنفسهن ويؤثر بشكل مباشر على أدائهن.
يتعب الناس من التعرض للانتقاد طوال الوقت وقد يلجأ الشخص للعزلة. بنفس الطريقة التي لا يتحدثون بها، لأنهم يخشون أن يقولوا شيئًا خاطئًا وحتى لا يبدون سخفاء. إنهم خائفون من الفشل، على سبيل المثال، يشعرون الناس بالدهشة عندما يرون الرجال يبكون أو يكونون عاطفيين. يعتقدون أنه لا يُسمح للرجال بالتعبير عن مشاعرهم، أو أن الرجال ليس لديهم أي مشاعر على الإطلاق. الرجال ليسوا فاقدين للوعي، لديهم مشاعر، لكن هذه مجرد صورة نمطية وتعميم من المجتمع. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يتأثر محيطك بهذه الصور النمطية. إذا تعرضت لانتقاد أو شخص ما قد وضعك ضمن قالب نمطي، سيؤثر على مزاجك ويومك بأكمله، عندما تذهب إلى المنزل أو إلى أصدقائك ستكون قلقًا للغاية. بالإضافة إلى ذلك، من المحتمل أن تغضب أو تشعر بالحزن في نفس الوقت. أنت فقط تذهب إلى غرفتك أو تجلس لوحدك في زاوية ما وعندما يروق لك تتحدث مع من تثق بهم، فهم قادرين على تعديل هذا المزاج السيئ، وستشعر بالتحسن، لأن عواطفك أصبحت الآن مسيطر عليها.
الصورة النمطية تجعل الناس يشعرون بالوحدة وحتى الاكتئاب في بعض الأحيان. كما أنه ضار ببيئتهم وحياتهم الاجتماعية. يجب أن نبقي الصور النمطية خارج الصورة، على الرغم من أننا في بعض الأحيان يمكن أن نكون ضحايا لأنفسنا. الناس أصبحت في هذه الأيام يخشون أن يكونوا أنفسهم، لأنهم يخشون الآخرين. كما ويوجد عدة نتائج سلبية للصور النمطية، منها:
- تبرير التمييز والجهل.
- العزوف على إعادة التفكير حول المواقف والتصرفات المسيئة لمجموعة ما تم تنميطها.
- منع مجموعة من الناس الذين تم تنميطهم من النجاح في مجالات معينة أو الحصول على حقوقهم كاملة.
هناك نوع من النمطية الإيجابية أصلها في التفكير؛ هناك نوعان من التفكير:
التفكير النمطي هو التفكير الذي يتبعه الشخص أو الأشخاص اعتمادا على الأفكار الجاهزة (يمكن إرجاعها إلى عادات وتقاليد وموروثات ثقافية ودينية). أيضا المقلدون هم نماذج للتفكير النمطي لأنهم يتبعون نهجا معينا بشكل تكراري دون الغوص في مبرراته. هناك نوعية جديدة من التفكير النمطي وهي التأثر بالأفكار والمبادئ والإيمان بها (تولد قناعة) من ينتمي إلى حزب ويؤمن بأهدافه هو نمطي التفكير. هكذا نجد أن في أغلب الحالات أمام تفكير نمطي. ما هو التفكير اللانمطي؟ هو التفكير المبدع الإبداعي وهو نشاط عقلي مركب وهادف توجهه رغبة قوية في البحث عن سلوك أو التوصل إلى نواتج أصلية لم تكن معروفة سابقا. عندما يرد تعبير الإبداع يتبادر إلى ذهن الناس أن هناك إنجاز خارق وهذا ليس بالضرورة أن يكون صحيح، للإبداع مستويات مختلفة وللإبداع أنواع:
- الإبداع التعبيري، هو عبارة عن تطوير فكرة أو نواتج فريدة بغض النظر عن نوعيتها أو جودتها، كما في الرسومات العفوية للأطفال.
- الإبداع المنتج، هو البراعة في التوصل إلى نواتج دون عفوية مثل تطوير آلة موسيقية.
- الإبداع الابتكاري، هو براعة في استخدام مواد لإيجاد منتج جديد مثل اختراع أديسون للمصباح.
- الإبداع التجديدي، هو قدرة الشخص على إحداث خرق في قانون أو نظرية معمول بها، مثل ما قدم كوبرنيكوس من إضافات على نظرية بطليموس في علم الفلك.
- الإبداع التخيلي، هو نادر الحدوث ويقصد به التوصل إلى مبدأ أو نظرية أو فرضية جديدة.
مما سبق نجد أن التفكير النمطي غير معيب وهو حالة من التعلم وحالة هامة ويحتاج إليها في كثير من جوانب الحياة، الطبيب مثلا يتبع تفكيرا نمطيا لتشخيص حالة المريض، والميكانيكي يتبع تفكيرا نمطيا لحل مشكلة في السيارة، والكاتب يتبع تفكيرا نمطيا لعرض موضوعه، والشاعر يتبع تفكيرا نمطيا في التعبير عن ما يريد قوله وهكذا نجد أن النمطية في التفكير حالة هامة وأساسية في كثير من القضايا ومن أهمها الغرائز أيضا فمن يتزوج يتبع تفكيرا نمطيا وهكذا. أما ما يروج له من تفكير لا نمطي بمعنى الخروج عن العادات والتقاليد فهذا أمر يجب تحديده بدقة فيجب التنكر لما هو سيء منها والتمسك بما هو جيد (وهنا نجد أنفسنا مضطرين للعمل مع النمط وتحديد السيء منها والجيد) إن التجديد ومواكبة العصر والحضارة شيء رائع ولكن يجب علينا أن لا نتخلى عن أجمل الأشياء في التقاليد المتوارثة.
هل الأعلام يروج الصورة النمطية؟! وهل تؤثر وسائل الاعلام على الرأي العام؟! تلعب وسائل الإعلام دورا مهما وكبيرا في تأثيرها على آراء الناس حول الصورة النمطية للعرب في دول الغرب عامة، هناك آراء مشتركة وأخرى معاكسة، فالعديد من الأشخاص الغربيين يرى العرب بصورة غير مكتملة، لنقل أنها صورة مشوهة بعض الشيء عن واقعها الصحيح، رغم أننا نمتلك صور نمطية إيجابية تجعلنا متصالحين مع أنفسنا، لكن الانسان بطبيعته ينحاز للصورة السلبية لتصبح أكثر شيوعا من الإيجابية.
رزان الظاهر