مؤثرو السوشل ميديا

مؤثرو السوشل ميديا

في الآونة الأخيرة وليست بفترة بعيدة ظهرت ظاهرة على السوشل ميديا تدعى المؤثر ألا وهم أناس ليسوا مشاهير ولديهم محتوى في بعض الأحيان يكون هادف ومفيد، يقوم الفرد بتصوير مقطع فيديو يكلم به الناس، أما البعض الآخر مثل المودلز يقمن بالترويج لمنتجات الشعر ومستحضرات التجميل. شهدت الطريقة التي يحصل بها الناس على معلوماتهم ومنتجاتهم تغيرا هائلا مع ظهور الإنترنت، وبروز وسائل التواصل الاجتماعي كأحد أبرز وسائل الاتصال الحديثة، حيث ظهر مصطلح جديد وهو المؤثرون، ويطلق على من يملكون عدداً من المتابعين على هذه الوسائل بصرف النظر عن السبب الذي تابعوه من أجله.

ساهمت هذه الشبكات في سرعة انتشار وإبراز المؤثرين، حيث مكنتهم من المشاركة المتواصلة والسريعة مع الجمهور، وتفاعله مع ما ينشرونه ويعرضونه من صور أو معلومات أو فيديوهات من خلال حساباتهم على هذه المنصات، فمكنت المؤثرين من طرح الأحداث التي تهم المجتمع مجاناً. يمكن القول إن المؤثر هو شخص مميز في طرحه للمحتوى على وسائل التواصل الاجتماعي، باستخدام أسلوب قريب من جمهوره ومتفاعل معه، وبمشاركتهم المواضيع التي يحتاجونها ومناسباتهم المختلفة، فالمؤثر متجدد في طرح المواضيع التي تهم المجتمع، مما يساهم في زيادة متابعيه.

هناك من ينظر إلى المؤثرين بأنهم من يملكون أعدادا مهولة من المتابعين، ولكن ما قيمة هذه الأعداد إن لم يكن تفاعل مباشر بين المؤثر والجمهور؟! غير أن هناك العديد ممن يطلق عليهم مؤثرين لا يقدمون محتوى هادف مقتصرين على عرض تفاصيل حياتهم اليومية. المؤثر من يكون له قدرة على التأثير في وجهات نظر وسلوكيات واختيارات الآخرين بشكل مباشر والحفاظ على ذلك في نمط الحياة، وقيمة المؤثر تأتي من تفاعل متابعيه، وبدون تفاعل لا يضيف شيئا له ولما يقدمه من أفكار وتأثير حقيقي. ويتطلب من المؤثرين تطوير مهاراتهم وقدراتهم لتحقيق التأثير على متابعيهم، وتقديم أنفسهم كما هم في الطبيعة، والاقتراب منهم ووجود ثقة في الموضوعات التي يتم طرحها، من خلال التفاعل المباشر بينهم.

يوجد عدد كبير من المؤثرين اللذين ينشرون الكلام المحفز اللذي قد تقرأه بحالة من اليأس يدفعك لتغيير نفسك للأفضل والتطوير من الذات. ولن أنسى عارضات الأزياء اللواتي عند متابعتهن وخصوصا اذا كنتي ربة منزل لا تهتمين بنفسك كثيرا قد يشجعنك للاهتمام بمنظرك ومظهرك من خلال اطلاعك على المجموعات التي يعرضنها على صفحاتهن. هناك البعض الذي يحث على الاهتمام بصحتك والتركيز على الرياضة حتى لو في المنزل. من الأهمية بمكان ملاحظة أن هؤلاء الأفراد ليسوا مجرد أدوات تسويقية، بل هم أشخاص يتمتعون بأوضاع اجتماعية مميزة، لذلك تتعاون معهم العلامات التجارية لتحقيق أهدافها التسويقية. المؤثرون في وسائل التواصل الاجتماعي هم الأشخاص الذين بنوا سمعة طيبة لمعرفتهم وخبرتهم في موضوع معين، ويقومون بنشر مشاركات منتظمة حول هذا الموضوع على وسائل الإعلام الاجتماعية المفضلة لديهم، وإنشاء قاعدة كبيرة من المتابعين المتحمسين الذين يهتمون بآرائهم. تتجه العلامات التجارية للاستفادة من المؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي؛ في صنع اتجاهات جديدة، وتشجيع متابعيهم على شراء المنتجات التي يروجون لها.

أنواع المؤثرين: يدخل غالبية المؤثرين في فئة من الفئات التالية: المشاهير، خبراء الصناعة وقادة الفكر، المدونون ومبدعو المحتوى، والمؤثرون الصغار.

الجانب الأكبر من تسويق المؤثرين يجرى اليوم في وسائل التواصل الاجتماعي، في الغالب من صغار المؤثرين والمدونات. يمكن اعتبار خبراء الصناعة وقادة الفكر مثل الصحفيين مؤثرين، ويلقون قبولا حسنًا لدى أصحاب العلامات التجارية. هناك أيضا المشاهير أصحاب النفوذ الواسع، وما زال لديهم دور يلعبونه. يتمتع المدونون والمؤثرون في وسائل التواصل الاجتماعي ومعظمهم من المدونين الصغار بعلاقات أكثر أصالة ونشطة مع معجبيهم، والعلامات التجارية تدرك ذلك وتشجعه.

ترتبط ثقافة المؤثر، ارتباطا وثيقا بالنزعة الاستهلاكية وانتشار التكنولوجيا. لفظ المؤثر هو اختصار لشخص لديه القدرة على التأثير على عادات الشراء أو أفعال الآخرين عبر نشر محتوى يتسم بالأصالة على منصات التواصل الاجتماعي. تستمد قيمة المحتوى من السلطة والمصداقية التي يتمتع بها مبدعها. في عالم المؤثرين يفترض وجود نوع خاص من العلاقة بين مبدع المحتوى والمشاهد، وتعتمد هذه العلاقة على استعداد المشاهد للتأثر. يعتبر المستخدم المؤثر أشبه بصديق مقرب أكثر من كونه معلنا مدفوع الأجر، حيث أن بث المحتوى الذي ينتجه، وطريقة العرض التي يشارك بها المحتوى مع الجمهور، تضفي على المؤثر مسحة من المصداقية التي يفتقر إليها الفضاء شبه الإعلاني. يتواجد المؤثرون في كل منصات التواصل الاجتماعي مثل إنستجرام ويوتيوب وتيك توك وتويتش وتمبلر وسناب شات، وأصبح المحتوى الذي يدعمونه في كل مكان، حتى أن بعض المواقع مثل إنستجرام، لديها الآن أدوات مضمّنة لمساعدة المؤثرين في تعزيز أعمالهم المدفوعة الأجر.

على مدى السنوات الخمس الماضية، أصبح تسويق المؤثرين صناعة تبلغ مليارات الدولارات، حيث أصبحت العلامات التجارية الكبيرة والصغيرة تنظر إلى هذه الممارسة على أنها وسيلة أفضل للترويج لمنتجاتها. في الأيام الأولى، كانت الشركات أو العلامات التجارية التي أرسلت منتجات مجانية لمؤثر أو عرضت عليه دفع عمولة صغيرة مقابل اهتمامه؛ تتلقى تحية خاصة أو ترويجًا غير رسمي من المؤثر. ولكن مع تزايد عدد الشركات التي ترى هذه الممارسة كأداة تسويقية لا تقدر بثمن، بدأ المؤثرون في فرض رسوم أعلى بكثير لكل منشور أو ذكر لمنتج.

لكي يدخل المستخدم في دائرة المؤثرين، من المفترض أن يكون لديه على إنستجرام عنده عشرات الآلاف من المتابعين معظمهم من الأشخاص الحقيقيين، ويعتقد أن مقطع فيديو على يوتيوب بملايين من المشاهدات قد جذب انتباه ملايين المشاهدين الفعليين. لكن هذه التفاعلات يمكن شراؤها بسهولة. فكرة أن الأرباح المحتملة لأحد المؤثرين مرتبطة ارتباطًا مباشرا بمدى تأثيره كانت بمثابة فرصة لأسواق المشاركة المزيفة، حيث يمكن شراء المقاييس الرئيسية مثل المتابعين ووجهات النظر والمُعجبين بشكل مجهول عبر الإنترنت بسعر رخيص. هذا أدى بالطبع إلى ظهور أجهزة كشف احتيال المؤثرين، وتعتمد بعض الشركات على محققين بشريين للتخلص من الحسابات المزيفة أو المتضخمة.

كما أن الجهات الإعلامية والجمعيات المتخصصة والدعاة والأكاديميين وأصحاب المبادرات الإعلامية ينبغي أن يقوموا بالتوعية والتثقيف للحد من تنامي ظاهرة هؤلاء المشاهير. ربما تبدو العودة إلى عصر أقل قابلية للقياس في عالم المؤثرين كخسارة، ولكن الأمر عكس ذلك تماما. الثقة، في نهاية المطاف، غير قابلة للقياس. وربما بسبب وجود محاولات عقيمة لتقييمها، فإن الموثوقية اللزجة وغير المتبلورة ستسود مرة أخرى.

هزار مسعود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *