صَحافَةُ السوشل ميديا

صَحافَةُ السوشل ميديا

قَدْ يَكونُ التَّحَوُّلُ الأَبْرَزُ الذي حَصَلَ خِلالَ العَقْدِ الأَخيرِ عَلى مُسْتَوى الإِعْلامِ هُوَ بُروزُ ظاهِرَةِ صَحَافَةِ المُواطِنِ كَشَكْلٍ جَديدٍ مِنْ أَشْكالِ المُمارَساتِ الصَّحافِيَّةِ غَيْرِ المِهَنِيَّة. ومَعَ تَطَوُّرِ هَذِهِ المُمَارَساتْ، بَدَأَتْ صَحافَةُ المُواطِنِ تَأْخُذُ حِصَّتَها مِنَ النِّقاشاتِ والأَبْحاثِ في البُلْدانِ المُتَقَدِّمَةِ عَلى المُسْتَوى الإِعْلامِي. يَتَّفِقُ كَثيرونَ أَنَّ الظُّهورَ الفِعْلِيَّ لِصحافَةِ المُواطِنِ كانَتْ عُقْبَ أَحْداثِ تسونامي التي حَدَثَتْ في ديسِمْبر 2004، فَقَدْ كانَتْ المَوادُّ التي تَناقَلَتْها وَسائِلُ الإِعْلامِ الجَماهيرِيَّةِ في شَتَّى أَنْحاءِ العالَمِ هِيَ كُلُّها مِن التِقاطِ وتَصويرِ المُواطِنين العادِيِّين. كَما اعْتَمَدَتْ وَسائِلُ الإِعْلامِ عَلى شُهودِ العَيانِ المُباشِرينَ الذينَ عاشُوا وسَجَلُّوا اللَّحظاتِ الكارِثِيَّةِ التي شَهِدَتْها المَنْطِقة. في هذا الإِطارِ ذَكَرَتْ صَحيفَةُ “إندبندنت” البريطانِيَّة أَنَّ قَنواتَ التِّلفزيون العالَمِيَّةَ كانَتْ تُرْسِلُ مُراسِليها ومَعَهُمْ المُصَوِّرونَ التِّلفزيونيون، لَيْسَ إِلى مَواقِعِ الأَحْداثِ بَلْ إِلى المَطاراتِ التي تَواجَدَ فيها مُسافِرونَ قادِمونَ مِنْ تِلْكَ المَناطِقِ أَو ذاهِبونَ إِلَيها، عَلَّهُم يَجِدونَ لَقَطاتٍ جَديدَةٍ يَقومونَ بِتَصْويرِها ويُسَجِّلوا إِفاداتِهِم وشَهاداتِهم عَلى تِلْكَ الأَحْداث. فَماذا تَعْني صَحافَةُ المُواطِن؟إنَّ الفَرْقَ بَيْنَ ما يُسَمَّى بِصَحافَةِ المُواطِنِ والصَّحافَةِ التَّقْليدِيَّةِ يَجِبُ أَنْ يَبْقى واضِحًا لِلْعَيان: وَسائِطُ التَّواصُلِ الاجْتِماعِيّ، والمُدَوِّناتْ، وأَشْرِطَةُ الفيديو المَرْفوعَةِ عَلى يوتيوب، كُلُّها تُشَكِّلُ وُجْهَةَ نَظَرٍ خَاصَّة، وغَيْرَ مُوضوعِيَّة، لِلأَفْرادِ بِالنِّسْبَةِ لِأَحْداثٍ تَتَعَلَّقُ بِالشَّأْنِ العَامّ. وهذا لا يَعْني بِالضَّرورَةِ أَنَّها لا تَتَمَتَّعُ بِالمِصْداقِيَّةِ في كَثيرٍ مِنَ الأَحْيان، لكِنَّها تَفْتَقِرُ كَثيرًا إِلى مُوضوعِيَّةِ التَّوثِيقِ وحِيادِيَّةِ النَّظْرة. الأَصْلُ فى العَمَلِ الصَّحَفِيِّ أَنْ يَتِمَّ تَوثيقُهُ مِنَ المَصْدَرِ حِفاظًا عَلى مِصْداقِيَّةِ الوَسيلَةِ الإِعْلامِيَّة؛ ولِهذا فَإِنَّ الصُّحُفَ والفَضائِيَّاتِ الإِخْبارِيَّةِ تَعْتَمِدُ عَلى مُراسِليها، لِبِناءِ أَرْكانِ القِصَّةِ الصَّحَفِيَّةِ مِنْ خَبَرٍ ومَعْلومَة. صَحافَةُ المُواطِن: يُشيرُ مُصْطَلَحُ صَحافَةِ المُواطِنِ “أَنَّ بِإِمْكانِ أَيِّ شَخْصٍ أَنْ يَكونَ صَحَفِيَّا يَنْقُلُ رَأْيَهُ ومُشاهَداتِهِ لِلعالَمِ أَجْمَع، دونَ الحَاجَةِ لِأَنْ يَحْمِلَ شَهادَةً في الإِعْلام، أَو أَنْ يَنْتَمي لِمُؤَسَّسَةٍ إِعْلامِيَّةٍ لِإيصالِ صَوْتِهِ لِلعالَمْ.

أَشْكالُ صَحافَةِ المُواطِنْ:

  1. الشَّبَكاتُ الاجْتِماعِيَّة: هِيَ عِبارَةٌ عَنْ مَواقِعٍ تُسْتَخْدَمُ مِنْ قِبَلِ طَرَفٍ واحِد، وهِيَ تُحَقِّقُ التَّعارُفَ والتَّواصُلَ الاجْتِماعِيّ، ويُمْكِنُ مِنْ خِلالِها أَنْ يَكْتُبَ نُصوصًا ومَقالاتٍ ويَنْشُرَ الصُّوَرَ والفيديوهات، ومِنْ أَشْهَرِها : تويتر، فيسبوك.
  2. المُدَوِّناتْ: هِيَ مَوقِعٌ شَخْصِيٌّ ووَسيلَةٌ جَديدَةٌ وهامَّةٌ في الاتِّصالِ وتَحْريرِ الكَلِمَة، مُتَعَدِّدَةُ الاهتِماماتِ والمَجالات، يُعَبِّرُ فيها المُدَوِّنُ عَنْ أَيِّ مَوضوعٍ، وفي أَيِّ مَجالٍ دُونَ قُيود، ويَرْجِعُ ذَلِكَ إِلى لحُرِّيَّةِ المُطلَقَةِ وعَدَمِ وُجودِ الرَّقابَة، تَكونُ مُوَجَّهَةً لِلجُمْهورِ الذي يُقاسِمُهُ نَفْسَ الاهْتِماماتِ وتُمَكِّنُهُمْ مِنَ التَّعْليقِ عَلَيها.
  3. مَواقِعُ بَثِّ الفيديو: وهِيَ مَواقِعٌ تُتيحُ إِمْكانِيَّةَ بَثِّ مَقاطِعَ فيديو مَسْموعَة، أَو مَرْئِيَّة، ويُمْكِنُ حَتَّى تَحْميلُها ومُشاهَدَتُها، وهُناكَ عِدَّةُ مَواقِعٍ مَشْهورَةٍ جِدًّا أَبْرَزُها اليوتيوب.
  4. المَواقِعُ الإِخْبارِيَّةُ التَّشارُكِيَّة: أَوْ ما يُطْلَقُ عَلَيها ال “ويكينوز: وهِيَ مواقِعٌ شَبيهَةٌ جِدًّا بِالصُّحُفِ الإِخْبارِيَّة، لكِنْ يُشارِكُ في إِنْتاجِ وإِعْدادِ مُحْتَواها مُواطِنونَ عادِيُّونَ يَكونونَ في الغَالِبِ مُتَطَوِّعينَ وناشِطينَ حُقوقِيِّينَ وهُواةٍ يَقومونَ بِالتَّدْقيقِ في مَوضُوعِيَّةِ ومِصْداقِيَّةِ كُلِّ خَبَرْ، ومِنْ أَشْهَرِ تِلْكَ المَواقِعِ مَوقِع (أوه ماي نيوز) الكوري.
  5. مَواقِعُ التَّحْريرِ الجَماعِيّ: هِيَ مَواقِعٌ تَقومُ على إِنْتاجِ ونَشْرِ الصَّفَحاتِ عَلى الإِنْتَرنِت، حَيْثُ يَسْمَحُ لِزُوَّارِ المَواقِعِ بِأَنْ يُضِيفُوا أَو يُعَدِّلوا أَو يَكْتُبوا ما يُريدون، ويَنْشُروا ذَلِكَ بِصورَةٍ لَحْظِيَّةٍ عَلى الإِنْتَرنت. مِنْ ثُمَّ فَإِنَّ هذِهِ التِّقَنِيَّةُ تُتيحُ الفُرْصَةَ لِظُهورِ مَشْروعاتٍ كُبرى قَائِمَةٍ عَلى المُشارَكَةِ التَّطَوُّعِيَّةِ مِنْ عَدَدٍ كَبيرٍ مِنَ الأَفْراد، ومِنْ أَشْهَرِ الأَمْثِلَةِ عَلَيها (مَوسوعَةً ويكيبيدِيا).

تَرْتَكِزُ صَحَافَةُ المُواطِنِ عَلى نَظَرِيَّة

تَقومُ فِكْرَةُ الصَّحافَةِ المَدَنِيَّةِ عَلى أَساسِ أَنَّ مُمارَساتَ الصَّحافَةِ يَجِبُ أَنْ لا تَقْتَصِرَ عَلى نَقْلِ الأَحْداثِ والمَشاكِلِ فَحَسْب، بَلْ يَجِبُ مُشارَكَةُ المُواطِنينَ في التَّغْطِيَةِ الإِعْلامِيَّةِ لِلحَياةِ السِّياسِيَّةِ والاجْتِماعِيَّة، واعْتِبارِهِم مُشارِكينَ فاعِلينَ في نَقْلِ الأَحْداثِ ومُناقَشَتِها وتَحْليلِها. أَكثَرُ مِنْ اعْتِبارِهِم مُجَرَّدَ مُتَلَقِّينَ سَلْبِيينَ لِما تَعْرِضُهُ لَهُمْ الوَسائِلُ الإِعْلامِيَّةُ مِنْ وَقائِعٍ ورَسائِلٍ أَبْطالُها الإِعْلامِيُّونَ والسِّياسِيُّونَ والخُبَراء. قامَتْ هَذِهِ الفِكْرَةُ بَعْدَ أَنْ وَسَّعَ الإِعْلامُ التَّقْليدِيُّ الفَجْوَةَ بَيْنَ المُواطِنِ والحُكومَةِ مِنْ جِهَة، وبَيْنَ المُواطِنِ والمُؤَسَّساتِ الإِعْلامِيَّةِ مِنْ جِهَةٍ أُخْرى، مِمَّا أَدَّى إِلى انْخِفاضِ مُشارَكَةِ المُواطِنينَ في الحَياةِ السِّياسِيَّةِ والاجْتِماعِيَّة، وأَضْعَفَ مِنْ حِسِّ المُواطَنَةِ الفَعَّالَة.

جاءَتْ هَذِهِ الصَّحافَةُ كَحَرَكَةٍ إِعْلامِيَّةٍ إِصْلاحِيَّة. لا يَنْظُرُ الصَّحَفِيُّونَ لِأَنْفُسِهِمْ مِنْ خِلالِ هَذِهِ النَّظَرِيَّةِ كَأَطْرافٍ مُحايِدَةٍ في ما يَنْقُلونَهُ مِنْ أَحْداث، بَلْ يَعْتَبِرونَ أَنْفُسَهُم ناشِطينَ سِياسِيِّينَ واجْتِماعِيِّينَ يَهُمُّهُم أَنْ تَكونَ الحَياةُ العَامَّةُ بِخَيْر. الإِعْلامِيُّ مُواطِنٌ بِالدَّرَجَةِ الأُولى وإِعْلامِيٌّ بِالدَّرَجَةِ الثَّانِيَة، يَهُمُّهُ نَشْرُ الوَعْي، والمُساعَدَةُ في إِحْداثِ التَّغْييرِ الإِيجابي في مُجْتَمَعِهِ ومُناقَشَةِ الحُلولِ المُمْكِنَةِ لِلمَشاكِلِ المَطْروحَة. تَمَّ تَرْجَمَةُ أَفْكارِ هَذِهِ النَّظَرِيَّةِ إِلى مُمارَساتٍ عَلى أَرْضِ الواقِعِ مِنْ قِبَلِ المُسانِدينَ لَها والمُؤْمِنينَ بِها، أَصْبَحَ اهْتِمامُ المُواطِنينَ هُوَ المُحَفِّزُ الأَساسِيُّ لِما تَنْقُلُهُ هَذِهِ الوَسائِلُ الإِعْلامِيَّة، وأَصْبَحَتْ الوَسائِلُ الإِعْلامِيَّةُ التي تَتْبَعُ هذا الفِكْر، ساحَةً لِمُناقَشَةِ الأُمورِ التي تَهُمُّ النَّاس، تَأْخُذُ بِآرائِهِم، وتَعْتَبِرُ نَفْسَها وَسيلَةً لِتَحْسينِ الحَياةِ الاجْتِماعِيَّةِ والسِّياسِيَّة. كُلُّ مُواطِنٍ هُوَ باحِثٌ عَنِ المَعْلومَة، وكُلُّ شَخْصٍ بِإِمْكانِهِ أَنْ يَتَحَوَّلَ إِلى مَصْدَرٍ لِلأَخْبارِ و المَعْلومات.

أَهَمُّ مَيِّزاتِ صَحَافَةِ المُواطِن:

  1. التَّحَوُّلُ مِنْ وَسائِلِ الإِعْلامِ الجَماهِيرِيَّةِ إِلى وَسائِلِ إِعْلامِ الجَماهير: تَقومُ وَسائِلُ الإِعْلامِ الجَماهِيرِيَّة عَلى قاعِدَةِ نَشْرِ المَعْلومَةِ مِنَ الفَرْدِ إِلى المَجْموعَة، وتَقومُ صَحافَةُ المُواطِنِ بِقَلْبِ المُعادَلَةِ والاعْتِمادِ عَلى نَشْرِ المَعْلومَةِ مِنَ الكُلِّ إِلى الكُلِّ وذَلِكَ بِالاعْتِمادِ عَلى مُواطِنينَ صَحَفِيِّين.
  2. سِياسَةُ تَحْريرٍ مُخْتَلِفَة: حَيْثُ تَعْتَمِدُ صَحافَةُ المُواطِنِ عَلى سِياسَةِ تَحْريرٍ خَاصَّة، فَالأَخْبارُ التي تُنْشَرُ يَجِبُ أَنْ تَكونَ دَقيقَةً ولَها صِلَةٌ بِالأَحْداثِ المَوضوعِيَّةِ وأَنْ تَتَمَيَّزَ بِأَقْصى قَدْرٍ مِنَ السَّبْق.
  3. المُشارَكَةُ الشَّخْصِيَّة: تُعْتَبَرُ الدِّيموقراطِيَّةُ المُتَحَرِّكَةُ عَمَلاً فَرْدِيًّا تَطَوُّعِيًّا غَيْرَ خاضِعٍ لِتَوَجُّهاتِ مُنَظَّماتٍ مُعَيَّنَة، بَلْ لِلقناعاتِ السِّياسِيَّةِ لِلفَرْدِ نَفْسِهِ خِلافًا لِلوَسائِلِ الاتِّصالِيَّةِ التَّقْليدِيَّة.
  4. التَّفاعُلِيَّة.

يَرَى المُنْتَقِدونَ لِهذا النَّوعِ مِنَ الصَّحافَةِ أَنَّ المُؤَيِّدينَ لَها فَشَلُوا في تَعْريفِ مَبَادِئِهِمْ تَعْريفًا إِعْلامِيًّا عَمَلِيًّا، لَمْ يَسْتَطيعوا فَصْلَ الفَلْسَفَةِ عَنِ المُمارَسات، ولِذَلِكَ فَشَلُوا في جَعْلِها جُزْءً مِنَ العَمَلِ الإِعْلامِيِّ الرُّوتينِيِّ المُسْتَمِر. يَعْتَقِدُ المُنْتَقِدونَ لِلصَّحافَةِ المَدَنِيَّةِ بِأَنَّ مُؤَيِّديها قّدْ بَالَغُوا في أَفْكارِهِمْ، وأَنَّهُمْ تَعامَلُوا مَعَ نَظَرِيَّتِهِم كَأَنَّها حَرَكَةٌ دينِيَّة. وَصَلَتْ الانْتِقاداتُ لِحَدِّ إِطْلاقِ تَسْمِياتٍ مُتَطَرِّفَةٍ عَلى هذا النَّوعِ مِنَ الصَّحافَةِ مِثْلَ: “موضة دينية قديمة”، “ديانة مدنية جديدة”، “مذهب ديني”. وتَمَّ وَصْفُ مُنَظِّريها بِتَسْمِياتٍ مُشابِهة: “الحواريون”، “قسيسون”، “الصليبيون المدنيون”. جَاءَ هذا الانْتِقادُ عَلى أُسُسِ المِهَنِيَّةِ التي لا تَقْبَلُ سِوى المَعاييرَ المِهَنِيَّةِ لِتَحْكُمَ العَمَلَ الصَّحَفِيَّ ولَيْسَ أَيَّةَ مَبادِىءٍ أُخْرى، وهُمْ يُجَرِّدونَ الصَّحَفِيِّينَ المَدَنِيِّينَ مِنْ أَيِّ مِهَنِيَّةٍ ومِنْ أَيِّ قُدْرَةٍ عَلى الحُكْمِ الصَّحَفِيِّ السَّليمْ.

أَخَذَ المُنْتَقِدونَ عَلى هذا النَّوعِ مِنَ الصَّحافَةِ أَنَّها لَمْ تَخْرُجْ مِنَ السِّياقِ التِّجارِيّ، فَهِيَ لَمْ تَتَجَاوَزْ كَوْنَها حَرَكَةً رِبْحِيَّةً تَسْعى لِإِرْضاءِ مالِكي المُؤَسَّساتِ الإِعْلامِيَّةِ والمُعْلِنينْ. وهِيَ تَفْرِضُ رَقابَةً ذاتِيَّةً لَدى الصَّحَفِيِّينَ العامِلينَ فيها خُوفًا مِنْ إِهانَةِ الجُمْهورْ، مِمَّا يُؤَثِّرُ سَلْبًا عَلى اسْتِقْلالِيَّةِ الصَّحَفِيِّ المِهَنِيَّةِ و جَوْدَةِ تَغْطِيَتِه. يُدافِعُ روزن قَائِلًا: “الصَّحافَةُ المَدَنِيَّةُ لَيْسَتْ تَمَرُّدًا ولا ثَوْرَةً عَلى قُوى العَمَلِ الحالِيَّة، فَهِيَ لا تَسْتَطيعُ الوُقوفَ في وَجْهِ القُوى الإِعلانِيَّةِ التي تَتَحَكَّمُ بِالمُؤَسَّساتِ الإِعْلامِيَّة“. تَمَّ انْتِقادُ هذا النَّوعِ مِنَ العَمَلِ الصَّحَفِيِّ لِلاعْتِباراتِ التَّقْليدِيَّةِ لِدَورِ الصَّحَفِيِّ الذي يَجِبُ أَنْ يَكونَ مُحايِدًا لا مُشارِكًا في المَشاكِلِ وحُلولِها، ولا يَجِبُ عَلَيهِ المُبالَغَةُ في دَوْرِهِ كَمُصْلِحٍ اجْتِماعِيٍّ وسِياسِيّ.

انْتُقِدَ هذا النَّوعُ مِنَ الصَّحافَةِ لاعْتِمادِهِ عَلى اسْتِطلاعاتِ الرَّأْيِ لِتَحْديدِ مَشاكِلِ المُجْتَمَعِ المَحَلِّي، وهُوَ يَعْتَمِدُ عَلى سُؤَالِ المُواطِنينَ أَسْئِلَةً مُجَهَّزَةً مُسْبَقًا بِطَريقَةٍ لا تَسْمَحُ لَهُمْ بِمُناقَشَةِ آرائِهِم بِحُرِّيَّةٍ ولا مُناقَشَةِ الأَسْبابِ الدَّاعِيَةِ لاتِّخاذِهِمْ لِهذِهِ الآراء، وبِهذا يَحْصُلُ الصَّحَفِيُّ عَلى فَهْمٍ سَطْحِيٍّ لِمَواقِفِ وآراءِ المُواطِنين، وهذا عَكْسُ الفَهْمِ الدَّقيقِ لِلنَّظَرِيَّةِ بِأَنْ يَكونَ المُواطِنونَ مُشارِكينَ حَقيقِيِّينَ في وَضْعِ أَجِنْدَةِ الأَخْبار، ولَيْسَ التَّفاعُلُ مَعَ أَجِنْدَةٍ كانَتْ مُحَضَّرَةً مُسْبَقًا مِنَ الإِعْلامِيِّينْأَمَّا عِنْدَما يَتِمُّ جَمْعُ الأَخْبارِ والآراءِ عَنْ طَريقِ الاجْتِماعاتِ العَامَّةِ والحِواراتِ فَإِنَّ المُنْتَقِدينَ أَضافوا هُنا أَنَّ هَذِهِ الطَّريقَة تَسْمَحُ لِمُشارَكَةِ المُواطِنينَ الذينَ لَدَيْهِمْ الوَقْتُ والمَهاراتُ لِلتَّفاعُلِ دُونَ غَيْرِهِمْ.

هَزارْ مَسْعودْ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *