لم أكن أعلم أني أمتلك صفة من صفات السلام الإيجابي إلى أن قمت بعرض مسرحية للأطفال، رغم أني كنت أظن أنني لا أحب الأطفال وأنهم فئة عمرية من الصعب التعامل معها، هكذا كان تفكيري طيلة الوقت! كان يتملكني الكثير من الخوف والقلق والتوتر حين كنت أنتظر أن يقترب دوري في العرض المسرحي أترقب بشدة أن تنتهي مسؤوليتي وأغادر المكان. المفاجأة كانت حين جاء دوري، تمنيت أن لاينتهي وأن يمتد الوقت لبضع ساعات اضافية وكانت هذه أمنيتي؛ لأني رأيت ابتسامة الأطفال وحبهم وفرحهم وتفاعلهم مع الشخصية التي كنت اؤديها… انتابني شعور الفرح وكمية من السعادة والرضى اللامتناهيين عندما رأيت الإبتسامة على وجوه الأطفال، وأدركت حينها أهمية الفن وارتباطه بالسلام.
انتهى اليوم وذهبت إلى المنزل وفي طريق عودتي إلى البيت أخذني التفكير إلى الكثير من الأسئلة التي أبحث لها عن إجابة. فكرت حينها ما الذي جعل الأطفال سعداء ومسرورين؟ لا بد أنهم كانوا سعداء من العرض الذي قدمته لهم وشاهدوه أم لأنهم ملائكة الله على أرضه؟ أم لأنهم بسطاء في كل شيء فيفرحون من كل شيء؟ شعرت حينها بالغيرة منهم، شيءٌ ما في داخلي يحدثني مستغرباً أتغارين من طفل؟ لست أغار أنا أيضًا أُحِب الضحك واللعب والتسلية لكني ترعرعت وتربيت ونشئت على أن لا أضحك إلا في وقت الضحك… لكن، هؤلاء الأطفال يضحكون في أي وقت وأي مكان ويضحكون على سجيتهم… فما أجمل أن يكون الإنسان على سجيته التي خلق عليها.
لماذا نتغيرعندما نكبر؟ أليقولوا عنا ناضجين وواعين في تفكيرنا؟
نعم نحن نخاف من نظرة المجتمع لنا على أننا بلا مسؤولية وعندما نحزم نحول غضبنا إلى عنف وما أن تحدَّث أحد إلينا واختلفنا معه بالرأي نحاورهُ بطريقة مستفزة نستعرض فيها من لديه القدرة على الرد بسرعة. وبالتفكير مستعجل أصبحنا نفقد قيمة الحوار شيئاً فشيئاً… سنصبح مجتمع كئيب لا يضحك إلا عند الضرورة والحاجة لذلك. لماذا لا نضحك وننشر السِّمة السمِّحة التي تمسح الحزن عن القلب؟
اسمع مِن مَن هم اكبر مني كيف يمدحون جيلنا وكيف لنا أن نكون بهذه القوة؟ جبل من حديد يرمى على عاتقنا دون أن نُشعِرَ من حولنا بذلك لكننا في هذه الأثناء نكون قد تهاوينا على الأرض التي لطالما اعتادت على سقوطنا عندها نتهاوى عليها!
تذكرت نظرة البراءة التي رأيتها في أعين الأطفال، تمنيت أن لا تختفي ابتسامتهم الرقيقة وأن يبقى المرح والسعادة يحتلان قلوبهم. لا أقول أنه لا يوجد مراعاة، الإختلاف مهم وسيستمر دائما في الوجود: السلام برأيي يعني أن نحل هذه الإختلافات بوسائل سليمة عن طريق الحوار والتعليم والمعرفة والطرق الإنسانية. علينا أن نساعدهم على أن يواجهوا العالم حتى يحافظوا على ابتسامتهم الدافئة وأن يستمروا بها ولا يتغيروا مهما قست عليهم الدنيا. وأن نمسح أساليب العالم السلبية بإيجابياتهم بدلًا من أن نواجه حزننا بالبكاء والتفكير بالأفكار الكثيرة التي تأخذ معظم وقتنا وتقلق نومنا وراحتنا ومسار يومنا. عندما يبعث لك أحدهم رسالة نصية مزعجة قد تغضبك تأنّى بالرد عليها، أجّل موعد الرّد على هذه الرسالة ليوم أو ليومي، من المؤكد أنك سوف تضحك عليها وتدرك أنها لم تعد تغضبك كما أغضبتك في البداية!
إن كافة الديانات تنادي إلى السلام والحب وفيها حالة من الهدوء والسكينة والإستقرار والطمأنينة. السلام اسم من أسماء الله الحسنى، السلام هو السبيل والطريق الأول لتحقيق التوافق في العشرة والصداقة حتى لو اختلفت أو تنوعت الأعراق والأديان والأصول واللغات بين الشعوب والأمم. السلام يعطينا الجو للعمل والإنتاج والإستثمار والتعاون والتنسيق بيننا كأفراد أو دول. السلام وسيلة للتعارف بين الشعوب والتواصل فيما بينهم فيعرف كل بلد عادات وتقاليد ولغة البلد الآخر بكل احترام وتقبل.
السعادة ومقاديرها
1/2 كوب من الحب، 1/4 كوب من المودة مُحلّى بكوب من الإبتسامة السمحة، ونخلط المكونات وها قد حصلنا على كعكة السعادة بمقادير سهلة ولطيفة ولا تُصنع بصعوبة وبالتأكيد سنجدها داخلَ كل إنسان. بالتأكيد أن نُشعر الآخرين بالسلام شيء سهل للغاية ولكن لربما يحتاج إلى شيء يدعى الصبر، بالصبر يأتي السلام والأمان وأيضاً، تأتي معهم حياة سعيدة خالية من الشوائب الغير نقية العالقة في قلوب البعض من الناس والبعض الآخر تبقى قلوبهم نقيه كبياض الثلج وهنا ترتبط السعادة والرضى بالسلام.
بما أن الأشخاص هم الذين يمتلكون قلبهم وليس آخرين من يمتلكونه فهم من يستطيعون التحكم بمشاعر الكره واستبدالها بمشاعر الحب والسلام. لابد أن التفاؤل سيكون له أثر في قلوب الناس، وهذا شئ من الممكن أن يحسب سلام لأن السلام كلمة أو حتى إهداء بسيط فهو كل شيء يلامس قلب شخص بسيط يسمى (الإنسان)! يجب عليك أن تتعلم كيف تضع نفسك مكان الشخص الآخر، لترى من خلال أعينهم لترى كيف يشعرون ويفكرون، هذه الطريقة التي يبدأ بها السلام. للتعاطف دور كبير في تحقيق السلام فهو يبدأ بِحُنوِّ شخص على الآخر. أصحاب العقول العقلانية يعاملوك حسب عقلك، وتوسع مداركك وغيرهم قد يفيدك أو لا. قد تستفيد منهم أو تشعر أن وجودهم مضيعةللوقت. عندما نفكر بطمأنينة وتعاطف قد نجلب لأنفسنا السلام الذي يتيح لنا فرصة في التعامل مع الآخرين بإيجابية. برأيكم ما الذي يمكننا فعله لتعزيز السلام العالمي؟ اذهب إلى منزلك وأشعر عائلتك بالحب!
السلام هو اخد مقومات الحياة والعيش بيننا حيث أنه لا يمكننا التخلي عنه ولا يمكننا الإستمرار بالعيش دونه، فهو الذي يشعرنا بالأمن على أنفسنا. عندما يتحقق السلام سنشعر براحة وطمأنينة عظمى لأننا سنكون أمينين على مستقبل جيلنا والأجيال التي ستأتي من بعدنا. إذا لم يتوافر عنصر السلام سيكون من الصعب أن ننشأ جيلاً واعيا قادراً على مواجهة تحديات الحياة بالطريقة الصحيحة. على سبيل المثال: عندما يكون هناك سلام بين أفراد المجتمع لن نشعر بالخوف على أنفسنا أو ممتلكاتنا أو حياتنا، لأننا سنكون واثقين أننا في مجتمع لا يغدر ولا يؤذي الآخرين ويفكر بالكثير قبل أن يقدم على أي شيء. السلام الحقيقي يأتي من خلال نشر ثقافة السلام وبناءها في المجتمع وغرسها وتعزيزها بالأطفال منذ الصغر وتعزيزها دومًا في سلوكياتنا كأفراد. لن يسود السلام في العالم إذا كنا أنانين لا نشعر بالإنتماء لإنسانيتنا. السلام ليس ضياع القوة بل صنع الحب! وهو أيضًا شيء متأصل ومزروع في داخلنا قد لا ندركه بسهوله والعكس صحيح. كل شخصٍ منا لدية السلام كمبدأ لكن كل شخص على طريقته.
بنشر ثقافة السلام قد نجد اشخاص اخذون بأيدينا ويلمسون بذور السلام في دواخلنا ويساعدوننا في نشرها واستخدامها بشكل يليق بإنسانيتنا وباحترام لسبب وجودنا على هذه الأرض. في نهاية موضوعنا نأمل أن يكون قد اتضح لنا ولكم كيف نصوّر أثر السلام وأهميته في حياتنا اليومية وأهمية تطبيقه ونشره من قِبَل أفراد المجتمع الواحد حتى نكون متماسكين ومترابطين ومتحدين لا يهزمنا شيء. السلام شعارنا ومبدأنا الذي ترعرعنا عليه منذ الصغر وواجبنا اتجاه هذا المجتمع وتجاه أنفسنا، أن ننقل لكافة شرائح المجتمع معنى السلام وصفاته والنتائج المترتبة عليه وتطبيقاته ببساطتها في حياتنا. من تجربة بسيطة تتفتح في رؤسنا الكثير من التساؤلات والمقاربات.
هزار مسعود