ولدت الخدمة الاجتماعية كمهنة في القرن العشرين، إلا أن الخدمات الاجتماعية كانت بذرة مغروسةٌ في المجتمع على عدة أشكال في القدم، والتي نحصد ثمارها اليوم. هي نوع من أنواع العمل المجتمعي والذي يهدف بشكلٍ أساسي إلى مساعدة الأفراد، والجماعات المختلفة والمجتمع المحلي والعمل على تطوير مهاراتهم وقدراتهم والعمل معهم لتحقيق أقصى منفعة ممكنة من المواد المتوفرة. أصبحت الخدمة الاجتماعية مهنة متخصصة لعدة عوامل منها: الأحداث التي شهدها العالم، والتجارب السابقة لمواجهة المشكلات الاجتماعية التي طرأت على المجتمعات، والتغيرات التي تساهم في زيادة الضغط على فئاته سواء كأفراد أو جماعات، مما يؤثر على ظروفهم الاجتماعية والتي تعيق عملية التطور والإنجاز، لذلك تم الاهتمام بالمجالات التي تقدمها الخدمة الاجتماعية منها:
- مجال رعاية الشباب: يهتم هذا المجال بتعزيز دور الشباب في المجتمع وتقديم المساعدات اللازمة لتطوير قدراتهم ومهاراتهم ودعم الموهوبين منهم.
- المجال الطبي: يهتم هذا المجال على وجه الخصوص بالتعامل مع الحالات المرضية المستعصية التي تسبب العديد من المشكلات الإضافية للمريض كالإكتئاب أو عدم تقبل المرض.
- المجال المدرسي: يهتم بكافة المدارس الحديثة بتوظيف أخصائي اجتماعي يعتني بالأمور الشخصية لكل طالب، ويحسّن قدرته على أداء المهمات الموكلة إليه من المدرسة.
- المجال الأسري: الذي يُعنى بشكل أساسي بحل المشكلات الأسرية كالعنف الأسري.
- مجال الأحداث: ويُعنى هذا المجال بالاهتمام بقضايا غير البالغين من الأشخاص كالجرائم والإنحراف الأخلاقي.
وغيرها من المجالات التي تساعد المجتمع على إقرار العدالة الاجتماعية والاقتصادية وتحسين الظروف المعيشية مادياً ومعنوياً وصولاً إلى السعادة والرخاء الاجتماعي ولتحقيق مستويات مناسبة من الرفاهية الفردية والرفاهية المجتمعية.
من أهداف الخدمة الاجتماعية
التوصل إلى حلول فعالة جذرية تساهم في بناء وتطور ورقي المجتمع، تطبيقاً بالتعامل مع الكثير من القضايا الاجتماعية العامة. كما وتسعى لمحاربة الفقر والبطالة والحد من المشاكل الناجمة عنها، وتتطلع إلى تنمية المجتمعات فكرياً وثقافياً واجتماعياً وتعليمياً، ونشر الوعي بين أفراد المجتمع. من وجهة نظري كأخصائية اجتماعية ان الأطفال هم الفئة التي نعمل جاهدين على تنشئتهم تنشئة اجتماعية، لأنهم هم حجر اساس هذا المجتمع، فأن كانت تنشئتهم صالحة ينشئ لدينا مجتمع اجتماعي صالح.
أهمية الخدمة الاجتماعية تأتي في:
- تنمية المجتمع: وهي عبارة عن تعاون أبناء المجتمع فيما بينهم من أجل النهوض به من جميع الجوانب الاقتصادية أو الاجتماعية أو الثقافية.
- العدالة بين أفراد المجتمع: أي أن هناك تكافؤ في الفرص لحصول كل فرد في المجتمع للخدمات المقدمة، ولكل فرد يمكن ان يقدم ما هو لديه من خدمة مثل أن الشباب يمكنهم تقديم المهارات والطاقات التي لديهم للمجتمع.
- تقديم الدعم النفسي الاجتماعي: هو تقديم المساعدة للفئات التي تحتاج إلى رعاية مثل مرضى المستشفيات الذين يبقون لمدة طويلة في المستشفى للعلاج سواء من الأمراض المزمنة أو من حالات الاكتئاب وغيرها، فهناك اخصائيين اجتماعيين يقومون على دراسة الحالة ثم يباشرون الدعم.
- العمل في حالات الطوارئ والأزمات والكوارث: الخدمة الاجتماعية تلعب دورا كبير جدا في المساعدة والمساندة في الحالات المفاجأة، مثل الحروب واندلاع الحرائق، وجود الاخصائيين الاجتماعيين مكمل لدى وجود باقي الفريق من الأطباء والمسعفين والدفاع المدني.
علاقة الخدمة الاجتماعية بالسلام الإيجابي
إن من أهم عوامل استقرار المجتمع هو تحقيقَ الانسجام بين أفراده. الإنسجام يدل على السلام الإيجابي من خلال تآلف أفراد المجتمع فيما بينهم عن طريق الروابط الإنسانية والقيم التي نشأ عليها الفرد وشاركها مع افراد مجتمعه. السلام الايجابي هو شعور الفرد بالانتماء والمشاركة لأفراد مجتمعه لتحقيق الحياة الكريمة وصولاً إلى الإنسجام والسلم المدني ليكون هو مبدأ العيش فيما بينهم. من هنا يمكننا أن نجد علاقة تربط الخدمة الاجتماعية بالسلام الإيجابي.
أهمية السلام الإيجابي في المجتمع حسب نص الميثاق التأسيسي لليونسكو في ديباجته على عدّة نقاط منها: (لما كانت الحروب تتولّد في عقول البشر، ففي عقولهم يجب أن تَبني حصون السّلام)، السلام مهم للغاية في حياة كل شخص، حيث لا يمكن للمرء أن يحقق أي شيء في حياته إذا لم يكن لديه سلام في حياته. يصنع الناس أهدافًا رائعة لأنفسهم، ولكن نظرًا لعدم تمتعهم بالسلام، يميلون إلى فقد أهدافهم ولا ينجحون في حياتهم، إلا أن التمتع بحياة سلمية أمر في غاية الأهمية. لو أمعنا النظر في حياة أي إنسان ناجح سنتكتشف أنه كان لديه أمران مشتركان، الأول هو انضباطه في الحياة، والثاني عيشه لحياة مسالمة.
بعض الطرق التي يمكن من خلالها الحصول على السلام الذي يرغب فيه الأنسان للراحة الداخلية:
- اهتم بنفسك -هناك عدد من الأشخاص في العالم يشعرون أنهم أقل من شخص ما أو أن شخصًا ما أفضل منهم، ولكن الحقيقة هي أن لا أحد في هذا العالم أفضل أو أقل من أي شخص آخر. الجميع متساوون يكمن الاختلاف الوحيد فيما بينهم هو مدى تطبيق كل شخص للقيم الانسانية في حياته اليومية ومشاركتها مع أفراد مجتمعه. أنت بحاجة إلى العناية بنفسك لأنه لن يكون هناك الكثير من الأشخاص من حولك الذين سيعتنون بك بالفعل. إن العناية بنفسك خلال فترة الأزمة والنضال هي عندما تشعر بالتصالح الذاتي والسلام الداخلي.
- غير وجهة نظرك للأمور من النظرة السلبية إلى النظرة الإيجابية -عندما تحتاج إلى سلامك الداخلي، فأنت بحاجة إلى تغيير طريقة تفكيرك. يتبين أن الناس عادة ما يبالغون في التفكير عندما يكونون في مشكلة ما مثل ما إذا كانوا يعيشون مشكلة في علاقتهم، فإن تدخل أي شخص قد يخلق فرقًا كبيرًا بينهم. خلال فترة الأزمة يحتاج المرء إلى التحلي بالصبر والهدوء وينتظر النتائج. أيضا، يحتاج المرء إلى أن يبقى إيجابيا حتى في أسوأ الظروف حيث أن الهدوء في داخلك سوف يخلق حقيقة لك. حاول أن تكون واثقًا جدًا من نفسك وبأعمالك حتى تنعكس هذه الثقة في حياتك. علاوة على ذلك، بغض النظر عن صغر حجم الوظيفة لديك، يجب أن تفخر بجميع الأعمال التي تقوم بها. لذا يجب عليك دائما تغيير وجهة نظرك للأمور.
- لا تشرك علاقاتك في حياتك المهنية -إن أكبر خطأ يرتكبه الناس في هذه الأيام هو أنهم يجلبون مشاكل علاقتهم إلى حياتهم المهنية يوجد المئات من الأمثلة التي سقطت فيها العلاقات وانتهت بحيث أصبحوا غير قادرين على الوقوف في حياتهم مرة أخرى. كل شخص لديه مشاكل في العلاقة، ولكن إذا كنت تريد السلام الداخلي، فأنت بحاجة إلى معرفة أنه لا يمكنك إدخال مشاكل علاقتك في حياتك الشخصية والمهنية.
ما سبق هو بعض النقاط التي يمكن للمرء الحصول على السلام الداخلي الذي يبحث عنه. يمكن للسلام الداخلي أن يجعل الشخص يصل إلى آفاق جديدة وأوسع. إذا لم يكن هناك سلام، فإنه يمكن أن يدمر حياة شخص ما فالمجتمع السلمي يتكون بالدرجة الأولى من أشخاص ينشدون السلام ومستعدون للعيش فيه رغم التحديات والظروف المحيطة. عندما تسود الظروف السلميّة في المجتمع سيعود الأفراد لممارسة أنشطتهم فيه بشكل صحيح وهادف. لكن إذا اختل السلام سيتعطّل الأداء العام بصورته الطبيعية، ولن يتمكن أحد من تحقيق نتائج إيجابية على المستوى الفردي والدولي وهذا القانون ينطبق على الكون كله، حيث إن البيئة السلمية أساس الحياة الاجتماعيّة الناجحة.
رزان الظاهر
المراجع:
“الميثاق التأسيسي لليونسكو”، منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونسكو”، اطّلع عليه بتاريخ 11-11-2016.