إن أهم من يستخدم منصات التواصل الإجتماعي هم المحطات الاعلامية والقنوات الاخبارية والشخصيات العامة. لكن، الأهم من هؤلاء جميعهم هم منصات التواصل الاجتماعي نفسها، هل هي آمنة وخالية من التحيز ؟ أم هي مخادعة ومضللة؟ هل مالكين هذه المنصات متحيزين أم تطبق سياسة منصاتهم على جميع الأفراد والفئات والمستخدمين؟ لماذا تكثر الشائعات على منصات التواصل الاجتماعي بالتحديد دونا عن غيرها؟.
في دراسة في جامعة البتراء هدفت الى التعرف إلى الجهات الأكثر ممارسة للتضليل، وعوامل انتشاره، ودور وسائل الإعلام المختلفة التقليدية والرقمية في ذلك. أشارت النتائج الى أن تطبيق الواتساب و تويتر هما أكثر عناصر شبكات التواصل الاجتماعي استعمالا في مجال التضليل و سجل “الواتس آب” أعلى مؤشر يليه موقع “تويتر” بمؤشر مرتفع جدًا. هذه الدراسة توضح ان مواقع التواصل الاجتماعي هي المحرك الاول للتضليل والتحيز الاعلامي مؤخرا وذلك بسبب كثرة المستخدمين وسهولة النشر عليها وسرعة تداول الاخبار، فذلك يجعل الفرد يدخل في متاهة بحيث يصعب عليه التمييز المستخدم الحقيقي من المزيف أو الصفحات الحقيقة من المزيفة من بين ملايين المستخدمين.
يمكن بسهولة تتم عملية خداع المتصفح وذلك على سبيل المثال، لنفرض أن هناك صفحة رسمية لشركة معروفة أو قناة اخبارية متداولة، يمكن لأي شخص أن يعمل صفحة سواء على فيس بوك أو حساب تويتر ويضع نفس الصورة الشخصية ونفس الاسم بتغيير بسيط لا يمكن للشخص ان ينتبه له أو يتذكر تفاصيل الاسم كأن يتضمن نفطة او حرف زائد أو غيرها من الاساليب المخادعة. ويتم نشر نفس الاخبار القديمة التي ينشرها ذلك الموقع من ثم يبدأ بنشر أخبار مزيفة أو ينشر اخبار متحيزة أو معلومات ناقصة وغير دقيقة يريد بثها لهدف معين، إما تكون لإثارة الجدل أو للتحريض على العنف والكراهية، فهي عادة تكون موجهة. أو أن يتم إطلاق حسابات وهمية عديدة عندما تكون مثلا قضية معينة تحولت لرأي عام وبعض السلطات تريد توجيه الجمهور لرأي معين، فيتم بث هذه الحسابات الوهمية والتي تسمى بظاهرة الذباب الالكتروني لتقنع الجمهور بالرأي التي تريده عبر منصات التواصل الاجتماعي. يكثر هذا النوع يكثر على منصة تويتر لأنها منصة تتضمن الكثير من النقاشات والاهتمامات بأمور عديدة و أهمها الاهتمام السياسي لمستخدمين هذه المنصة. الخطير هنا أن هناك شريحة كبيرة من جيل واسع يطلع على هذه الخطابات حيث من الصعب التحكم فيها أو منعها من الانتشار وخاصة في حالة الأزمات حيث تكثر الاشاعات في هذه الحالة ويكون من الصعب التأكد منها في وقت قصير.
بناء على سياسة المنصات عادة تقول انها تستخدم سياسات للتغلب على التضليل والتحيز والكراهية إلا أن لها تجاوزات عديدة وعدم تطبيق هذه القوانين على كل الفئات، وهي نفسها متحيزة لفئة على حساب فئات أخرى. مثلا شركة فيسبوك وانستغرام كانت تمنع المحتوى الذي يتضمن جرائم الاحتلال وتروج له أنه خطاب كراهية لأنها شريكة مع الكيان الصهيوني الذي يدعم شركة فيس بوك. مؤخرا، اذا كنت تستخدم موقع الفيسبوك والواتساب والانستغرام للتواصل مع أصدقائك وعائلتك بشكل يومي. الجميع شهد تعطل هذه التطبيقات قبل فترة، حيث توقفت عن العمل لمدة خمس ساعات، اذ انه بغض النظر عن الخسائر للشركة إلا أن المستخدمين شعروا بأنهم بانقطاع عن العالم إذ إنها أصبحت جزءا رئيسيا للتواصل مع بعضنا البعض والعالم وتوجهوا لمنصات بديلة مثل التيلجرام وتويتر. هنا التضليل والتحيز الاعلامي لعب دوره في انساب تلك العطل الذي حدث إلى هكر صيني لا يتجاوز عمره ال13 سنة!. في هذه الأزمة تم نشر تلك الخبر ليتم التغطية على كشف حقيقة فيسبوك التي تقول أنها منصة غير آمنه ومتحيزة وانه لا يمنع نشر خطاب الكراهية التي هي أصلا من سياسته، وذلك ما أدلت به فرانسيس هاوجن وهي مهندسة سابقة داخل فيسبوك ومن أكبر الموظفين داخل الشركة في مقابلة لها عبر البي سي سي وأوضحت عدة حقائق.
قالت هاوجن أن هناك مجموعات مسلحة في أثيوبيا يستعملون منصة الفيسبوك في التحريض على العنف ضد الأقليات العرقية الموجودة في تلك المنطقة، وهو من الاسباب الكبيرة التي عملت الانقلاب والحرب الأهلية والمذابح العرقية التي حصلت هناك، ولم يتم ايقافها من قبل الشركة. وفي دراسة تم إجراءها داخل شبكة انستغرام وهي في الأصل مملوكة لشركة فيسبوك، تقول إن تطبيق انستغرام هو ضار جدا بالصحة النفسية لنسبة ضخمة من البنات المراهقات اللواتي يستخدمنه، وكيف تؤثر على نظرتهم السلبية لنفسهم وجسمهم وتجعلهم يبقون مدمنين على القبول وتحسين المظهر والجمال، لذلك لديهم نسبة كبيرة وضخمة منهم أصبحت لديهم حالة نفسية خاصة بالطعام وتوقفوا عن الأكل تقريبا. بالإضافة لذلك ان نسبة كبيرة منهم قالوا انهم يفكرون بالانتحار بعد استخدام مطول للمنصة وعلى الرغم من تلك الدراسات شركة فيس بوك لم تتخذ أي إجراء لحماية هؤلاء المستخدمين، فكان متحيزا لمنصته التي تجني الربح على حساب المستخدمين وعدم التفكير بسلامتهم، ولم يتيح الوصول لهذه الوثائق الا فقط للعاملين داخل الشركة ورفض كشفها للكونغرس الامريكي عندما تم التحقيق مع مارك من سنة تقريبا.
السبب وراء ذلك هو الحصول على التفاعل الضخم والهائل، هذا المحتوى الذي يحمل خطاب العنف والكراهية والتضليل والتحيز هو الذي يحصل تفاعل أكبر وبالتالي جني أموال أكبر للشركة، قالت المتحدثة الرسمية باسم الرئاسة الأمريكية هذا التصريح “يظهر من خلال تسريبات فيسبوك أن شركات التكنولوجيا الكبرى لديها قوة لا يمكنها السيطرة عليها، بعد أن كشفت التسريبات تساهل فيسبوك مع خطاب الكراهية لأنه يجلب تفاعلًا أكبر وإعلانات أكثر على منصتهم. بعد كل ما تم ذكره، أصبح من الصعب علينا الوثوق بكل ما ينم تداوله على منصات التواصل الاجتماعي بما فيها المنصات المملوكة لشركة فيسبوك، ويتبين لنا أن وسائل التواصل لها دور كبير في اذكاء وتعزيز التحيز الاعلامي بما فيه خطابات الكراهية والعنف على حساب فئات اخرى وهدفها الاساسي هو جني الاموال بغض النظر عن سلامة وأمان المستخدمين.
نظمية سعد