دراسة حالة “أزمة الدجاج الفاسد في الأردن” ومدى التحيز الإعلامي فيها

دراسة حالة “أزمة الدجاج الفاسد في الأردن” ومدى التحيز الإعلامي فيها

في البداية سأتحدث حول أزمة الدجاج الفاسد في الأردن في عام ٢٠١٧، حيث بدأت الازمة مع اعلان الاجهزة المختصة ضبط كمية كبيرة من اللحوم الفاسدة التي كان من المفترض توزيعها على الفقراء والاسر العفيفة من قبل “محسنين مزعومين”، ولاقت الحادثة جدلا واسعا خصوصا مع انتشار المساعدات الانسانية خلال شهر رمضان. اعتبر الناشطون أن الحادثة تدل على أن “حيتان” اللحوم في المملكة يتلاعبون بالأرواح، خصوصا وهي تتزامن مع رفع كبير لأسعار اللحوم والدواجن، وحملات تدعو لمقاطعتهما [1]. وفق وكالة الأنباء بترا التي نشرت التقرير فإن ذلك يجيء على خلفية ضبط كمية من الدجاج غير الصالح للاستهلاك البشري بكمية تقدر بحوالي 80 طنا من قبل الاجهزة الرقابية في المؤسسة العامة للغذاء والدواء حيث تم اتلافها في المكبات المخصصة للنفايات، وبمشاركة كافة الاجهزة المعنية في محافظتي عمان ومعان وعلى مدار عمل متواصل استغرق ثلاثة أيام [2]ودون الكشف عن أسماء تم الإعلان عنها من قبل الأجهزة المختصة، سنعمل على دراسة حالة أزمة الدجاج الفاسد في الأردن في عام ٢٠١٧ ومدى التحيز الإعلامي فيها في الإعلام المكتوب والمرئي.

بالنسبة للإعلام المكتوب، فقد أظهر تحليل أجراه مرصد مصداقية الإعلام الأردني “أكيد” حول التحيز في المحتوى الاعلامي بشأن قضية الدجاج الفاسد، تحيزا ومحاباة لأحد الأطراف في القضية التي لاقت اهتماما اعلاميا واسعا منذ الكشف عنها في 30 أيار الماضي. وتبين من التحليل الذي بلغت عينته 64 مادة صحافية بنسبة 50 % من أصل 128 مادة منشورة في المواقع الإلكترونية والصحف اليومية حتى 5 حزيران الحالي، أن هناك انحيازا بنسبة 75 % لأحد الأطراف في القضية، وهي شركة الدواجن والتجار المتورطون، فيما كانت نسبة عدم “الانحياز والمحاباة” هي ربع العينة 25 %، وأظهر التحليل ان انحياز المعالجات المهنية للقضية التي استحوذت المواد الإخبارية فيها على نسبة 87 % ومواد الرأي 13 %، كان أعلى للشركة بنسبة 65.625 %، مقابل انحياز بنسبة 9.375 % للتجار المشتبه بتورطهم في القضية.[3]

ظهر تمحور الأخبار على المواقع الإلكترونية والتي غطت القضية بنسبة 78 % من مجموع المواد الصحافية، فيما اقترب نصيب الصحف اليومية من 22% في تغطية القضية التي شهدت معالجاتها أيضا تناقضا في أرقام الكميات وأوزان الدجاج الفاسد وأجرى المرصد “أكيد” تحليل التحيز في المحتوى، وفق أربعة مؤشرات تُبرز المحاباة في المادة الصحافية والتي هي الانحياز بالمحاباة والانحياز بانتقائية المصادر، والانحياز في نص السياق، وانحياز الإبراز من خلال العنوان، الاقتباسات، المقدمة، اللغة.[4]

يتبين لنا، أن وسائل الإعلام أهتمت بالقضية وخصوصاً أنها تُشكل تهديداً للأمن الغذائي للمواطن الأردني وسلامته، لكن العديد من وسائل الإعلام ظهر على أدائها محاباة للشركة المنتجة للدجاج. حاولت وسائل الإعلام أن تُبرئ الشركة الوطنية من القضية بدلاً من إثارة العديد من الأسئلة والزوايا الغامضة حول دور الشركة الوطنية في القضية، والسبب الذي بيعت به كمية الدجاج بهذا السعر المنخفض. اختلط الأمر على وسائل الإعلام في تحديد مالك كمية الدجاج، إذ اتُهمت الشركة الوطنية بدايةً قبل أن يتبين أنها تعود لأحد التجار، وظهر تناقض في الأرقام المعلنة حول أوزان الدجاج الفاسد وهو ما يُخالف معيار الدقة. وغابت أيضا العديد من القضايا والحيثيات عن الأداء الإعلامي خلال تغطية الدجاج الفاسد، وأبرز الرصد الإعلامي لتغطية هذه القضية وجود عدد من التجاوزات المهنية أبرزها:[5]

  • ظهور انحياز واضح في المحتوى الإخباري للمواد المنشورة قبل قرار إيقاف مجموعة من التُجار وجال الأعمال المتورطين في القضية، وظهر الانحياز غالبيته باتجاه الشركة الوطنية للدواجن.
  • ظهور تناقض في أوزان الدجاج الفاسد، وعدم العودة للمصادر الموثوق بها والمخولة لإعطاء تلك الأرقام.
  • لم تُطلعنا وسائل الإعلام على كمية الدجاج الموزعة، وهل تم استهلاكها أم لا، في ظل الحديث عن بيع كميات من الدجاج الفاسد لمطاعم، لكن لم يتم تحديد تلك المطاعم او تاريخ البيع لها، وإذا ما كانت باعتها بدورها للمستهلك خاصة في مطاعم تقدم وجبات “شاورما الدجاج”
  • غياب الجانب القانوني عن معظم التغطيات الصحافية، وخصوصاً فيما يتعلق بإجراءات توقيف الموقوفين بالقضية.
  • عدم إثارة تفاصيل مهمة بالقضية وتجاهلها في العديد من المواد الصحافية، مثل السعر المنخفض لوحدة البيع (الكيلو غرام) للدجاج من الشركة الوطنية للدواجن إلى التاجر الذي اشترى الكمية المعلن عنها بالفواتير الظاهرة بوسائل الإعلام.
  • عدم إثارة قضية بطاقة البيان وتاريخ انتاج الدجاج من قبل الشركة الوطنية للدواجن، رغم ظهور التاريخ بشكل واضح في عدة صور متداولة في وسائل الإعلام
  • ظهور غموض وشح في المعلومات المنشورة حول دور الجمعيات الخيرية في توزيع الدجاج الفاسد، وهل قامت فعلاً بتوزيع الدجاج؟
  • وسائل الإعلام لم تحاول الضغط على المؤسسة العامة للغذاء والدواء للإعلان عن أسماء المتورطين بالقضية سواء التجار الذين وزعوا الكمية أو من أعادوا بيعها وتوزيعها، وخصوصاً أن قانون الغذاء رقم 30 لسنة 2015 يقول في المادة 22 فقرة (د) تفرض على مدير المؤسسة العامة للغذاء والدواء أن يُعلن عن أسماء وعناوين المنشآت الغذائية المخالفة عند ضبطها والاجراءات المتخذة بحقها.

 أما الإعلام المرئي، لم يسلم من عدم التحيز الإعلامي فقد ظهر الكثير من التجاوزات التي تندرج تحت التحيز الإعلامي، أهمها التحيز من خلال نقصان بعض المعلومات الأساسية كغياب الجانب القانوني عن معظم التغطيات الصحافية المرئية، فيما يتعلق بإجراءات توقيف الموقوفين بالقضية، تجدون في نهاية المقال روابط لفيديوهات تغطية الصحافة المرئية لقضية الدجاج الفاسد التي تبين ذلك [6]أخيرا، بعد دراسة حالة متعلقة بالتحيز الإعلامي ووجود رصد إعلامي من مرصد المصداقية الإعلامية الأردني “أكيد” يتبين لنا مدى التحيز الإعلامي في القضايا العامة، ومدى المحاباة ومدى التناقض مما يؤثر على مصداقية الجمهور للتغطيات الصحفية، وعليه يجب على المتلقي التفكر وتجنب أنواع التحيز لا سيما المعروف منها كالعنوان أو اللغة المستخدمة[7].

فرحان الحسبان

المصادر:

[1] أزمة الدجاج الفاسد في الأردن، الرابط ، تاريخ أخر مشاهدة ٣٠/٨/٢٠٢١.

[2] متورطة في قضية الدجاج الفاسد خارج الأمر، الرابط ، تاريخ أخر مشاهدة ٢٩/٨/٢٠٢١.

[3] أكيد: تحيز ومحاباة في تغطية وسائل الإعلام لقضية الدجاج الفاسد، الرابط ، تاريخ أخر مشاهدة ٢٩/٨/٢٠٢١.

[4] مؤشرات تبرز المحاباة في المادة الصحفية، الرابط ، تاريخ أخر مشاهدة ٢٩/٨/٢٠٢١.

[5] حسام العسال، الدجاج الفاسد: اهتمام إعلامي كبير تخلله التناقض في الأرقام والتحيز للشركة المنتجة، الرابط ، تاريخ أخر مشاهدة: ٣١/٨/٢٠٢١.

[6]  انظر: رابط

رابط

[7]  أنظر المزيد: رابط .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *