في عصر شبكات التواصل الاجتماعي زاد انتشار الأخبار غير الموثوق بها التي انتقلت من كونها خطأ غير مقصود لعمل منهجي في كثير من الأحيان، مما أوجب ضرورة تنظيم عمل تلك المنصات بشكل ذاتي بعيدًا عن التنظيم الرقابي الذي يمس حرية التعبير، بعدما حلت محل صناع المحتوى وباتت تشكل خطرًا على مهنة الصحافة. تعتبر الأخبار غير الموثوق بها شكل من أشكال الأخبار التي تتكون من معلومات مضللة منتشرة عبر وسائط الأخبار التقليدية (المطبوعة والإذاعية) أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي، حيث ساهمت الأخبار الرقمية من استخدام الأخبار غير الموثوق بها، أو الصحافة الصفراء[1].
الصحفيون في السنوات الأخيرة لم يصبحوا مصدرًا للتضليل فحسب، بل ضحية أيضًا له. هناك استهداف للصحفيين عبر محاولات متعمدة لمشاركة معلومات خاطئة مصممة خصيصًا لتشتيت انتباههم وتحويلهم للجهة الخاطئة، وضرب مصداقيتهم وثقة الناس في وسائلهم الإعلامية. بمجرد وقوع الضحية في الفخ يتم الكشف عن زيف تلك المعلومات او الوسائط التي نشرت من خلاله[2]. بما أنّ الغالبية يعتمدون بشكل كبير على هواتفهم في تلقي المعلومات، وفي الوقت الذي لا توجد أرقام رسمية تقيس أعداد مستخدمي الهواتف الذكية في الأردن، ولكن تقديرات عاملين في قطاع الاتصالات تشير إلى أن أكثر من 90 % من إجمالي مستخدمي الهواتف المتنقلة يعتمدون على الهواتف الذكية، كما ان مسح استخدام التكنولوجيا في منازل الأردنيين عن العام 2017 كانت أظهرت أن أكثر من 90 % من الأسر الأردنية كان لديها هاتف ذكي واحد على الأقل، ومن المؤكد ان هذه النسبة قد زادت في وقتنا الحالي[3].
هناك أنواع لمعرفة الأخبار الغير موثوق بها، يمكن من خلالها أن يتتبع أي مستخدم أو متلقي للأخبار لكي يستطيع التمييز بين الخبر الصحيح والمعلومات المزيّفة الهادفة الى التضليل والتشويه، أول نوع، الأخبار بلا مصدر، حيث لا يوجد خبر بلا مصدر، من البديهي أن تشكّك بالخبر عندما يصلك عن طريق النشر الجماعي أو الـ broadcast وتبدو علامة الـ forward عليه من دون مصدر أو رابط الكتروني. يتوجب للتأكد أن تسأل المرسل دائمًا عن مصدر الخبر أو المعلومة، اذ لا يوجد في الصحافة خبر بلا مصدر، والمصدر يعني أن هناك جهة واضحة الاسم والعنوان تتحمّل مسؤولية ما هو منشور. أما ثاني نوع، فهي الأخبار التي لا تتمتع بصياغة صحيحة، حيث إن صياغة الخبر لا سيّما عنوانه احياناً ما تكون جذّابة بطريقة تطرح الريبة والشك، واحياناً أخرى تحتوي على اخطاء لغوية كثيرة، كن حذراً من العناوين التي تبدو خطيرة أو في غاية الاهمية او كان يستحيل حدوثها خاصة ان كانت بلا رابط يدل على مصدرها.
أما ثالث نوع، فهي الأخبار الوحيدة، أي غير الموجودة إلا على موقع واحد، عند تلقيك خبر احرص ان تقوم بالتأكد عمّا إذا كان قد نشر على مواقع اخبارية أخرى. كما يجب الإنتباه إلى أن يكون منشوراً عبر وكالة اخبارية ايضاً وهناك عددٌ كبير من الوكالات[4]. أما رابع نوع، فهي الأخبار بلا مصداقية للناشر، فإذا كنا نتحدث عن خبر على تويتر مثلاً، هناك مواقع أو حسابات تملك سمة العلامة الزرقاء التي تعني أنّ الحساب مؤكد ومصدق وفقا لحدود الحساب، وهي علامة لا تمنحها ادارة تويتر الا إذا توافرت شروط المصداقية للتأكد من هوّية الحساب والشخص الذي يتعاطى مسألة النشر. ويجب العودة مباشرة إلى هذه الصفحات والتأكد من وجود هذه العلامة كذلك الأمر على تطبيقَي فايسبوك وانستجرام. أما خامس نوع، فهي الأخبار التي تتضمن مواقع الكترونية غير صحيحة او ربورت، حيث أنه يتوجب التأكد من عنوان الموقع الالكتروني، لأنه هناك مواقع الكترونية تنشأ بهدف التضليل وأخرى هدفها سرقة حساباتك، ولكن هناك مواقع الكترونية اخرى تعطي معلومات عن تاريخ نشأتها وعمّا إذا كان آمناً تصفحّها فعند الشكّ برابط الكتروني ما، يمكنكم استخدام موقع URL VOID للتأكد من كل هذه المعطيات[5].
أما سادس نوع، فهي الأخبار من حسابات او صفحات غير معروفة، حيث يجب التأكد من معلومات الحسابات، سواء على فايسبوك او تويتر او انستجرام او على الموقع الالكتروني، هناك قسم من الصفحة يشير إلى الجهة المسؤولة عنها وغالباً ما تكون تحت اسم About Us أو “من نحن”. احرص على التأكد من الارقام الهاتفية أو الاسماء الواردة والعناوين الالكترونية وتواصل مع اصحابها للتأكد من ان اخبار هذه الصفحة موثوق بها ام لا. أما سابع نوع، فهي الأخبار غير الموجودة في الإعلام التقليدي (راديو وتلفزيون وجريدة)، ويعتبر هذا إحدى اهم ادوار الاعلام التقليدي، التأكد عند تلقي خبراً الكترونياً من وروده على مواقع هذه الوسائل الالكترونية ايضاً أو عمّا إذا تمّت اذاعته على الراديو او التلفزيون أو قد نشر في موقع الجريدة الإلكترونية. ثامن نوع يتمحور حول الشخص، فهي الأخبار غير الواقعية وغير المنطقية، أي الاتكال على التحليل الذاتي، أي اسأل نفسك ايها القارئ “هل تبدو الصورة واقعية؟ هل العنوان منطقي؟”، فالاعتماد على المنطق والتحليل احياناً كثيرة ينقذ الموقف.[6]
تاسع الأنواع والتي تعتبر حديثة نوعا ما، فهي الأخبار التي تحتوي على صورة مشكوك فيها، ونستطيع التأكد من خلال خاصية البحث عن صورة reverse image search، عند التشكيك بمصدر الصورة في خبر ما، احرص على البحث عبر جوجل عنها من خلال زيارة images.google.com وهذا ما يعرف بالبحث العكسي عن الصورة ويمكننا وضع الصورة في المحرّك والبحث عن ورودها في مكان آخر ونشرها من قبل للتأكد من مصداقيتها. أخر نوع، فهي الأخبار التي تتنافى مع المصداقية، قرب الشخص الذي ينشر من الخبر او الحدث، احياناً كثيرة يقوم المواطن العادي بلعب دور المراسل فإذا صادف مروره في مكان ما، وضع صورة او نشر خبراً فسمّي المفهوم بصحافة المواطن، لكن في كثير من الاحيان يكون التداول في الخبر في اماكن بعيدة جداً عن وقوعه ما يجعل فرضية القرب من الخبر أكثر مصداقية، على سبيل المثال، أن اتابع مغرداً يعيش في بيروت وينشر اخباراً حيّة عنها أفضل من متابعة شخص في اليابان ينشر اخبار بيروت.
بعد عرض الأنواع السابقة للتحقق من المعلومات ومن مصادر الأخبار كي لا يقع أي متلقي في فخ الأخبار غير الموثوق بها، من المهم تنبيه كل مستخدم أنّه تقع على عاتقه مسؤولية كبيرة، وعليه التأكد من المعلومة قبل إعادة تداولها، ففي قانون العقوبات الأردني، تحديدا نص المادة “131” التي نصت على يعاقب على نشر أنباء كاذبة أو مبالغ بها من شأنها أن توهن نفسية الأمة، ويعاقب عليها بالحبس مدة لا تقل عن 3 أشهر ولا تزيد عن 3 سنوات.[7]
فرحان الحسبان
المصادر:
[1] الأخبار الغير موثوق بها، الموقع الالكتروني: تاريخ أخر مشاهدة ٣/٨/٢٠٢١.
[2] حتى لا تقع فريسة للمعلومات المضللة.. إليك دليل “اليونيسكو” لحماية الصحفيين، بلا كاتب، الموقع الإلكتروني: تاريخ أخر مشاهدة: ٢/٨/٢٠٢١.
[3] العالم الرقمي في الأردن.. عقدان من التغيرات المتسارعة، إبراهيم المبيضين، الموقع الإلكتروني: ، تلريخ أخر مشاهدة: ٢/٨/٢٠٢١.
[4] خطوات لاكتشاف الأخبار المضلّلة.. تجربة ميدانية انطلاقًا من الثورة اللبنانية، فيليب أبو زيد، ٢٠٢٠، الموقع الإلكتروني: https://ijnet.org/ar/resource/ ، تاريخ أخر مشاهدة: ٣/٨/٢٠٢١.
[5] أدوات جديدة للتحقق من الأخبار، منشور على الموقع الإلكتروني: https://arij.net/materials/ ، تاريخ أخرمشاهدة: ٢/٨/٢٠٢١.
[6] فليب أبو زيد، مرجع سابق.
[7] المادة ١٣١ من قانون العقوبات الأردني، رقم ١٦، لسنة ١٩٦٠.