انواع التحيز الإعلامي

انواع التحيز الإعلامي

يُعرّف قاموس أوكسفورد التحيز بأنه: “ميل أو تحامل على شخص أو مجموعة بطريقة غير عادلة، أو التركيز أو الإهتمام بموضوع أو زاوية محدّدة”. يمكننا تصنيف التحيز تبعا لعوامل عديدة وهنا تم تبعاً لدليل المعايير المهنية في الكتابة الخبرية وتبعاً للمواد الإعلامية الرائجة. لقد عرض دليل المعايير المهنية في الكتابة الخبرية 40 نوعاً مختلفاً من أنوا ع التحيز مقسمة الى 4 أقسام:

  • انماط التحيز غير البنيوية التي يمكن تجنبها بسهولة، ومنها: التحيز بالمحاباة حيث يعمل الشخص لصالح طرف أو أكثر من أطراف القصة، التحيز باختيار المصادر، التحيز باستخدام المصطلحات والتعريفات الخاطئة، التحيز بقديم الرأي كخبر، تحيز نقص السياق، تحيز تشويه الحقائق وعدم توافق النص مع العنوان وغيرها.
  • أنماط التحيز البنيوية، مثل التحيز للأخبار السيئة على اعتبار أن “الأخبار الجيدة مملة ولا يصحبها أفلام أو صور جيدة”، ويدخل في هذا الاطار مشاركة الصحفيين أو غيرهم بأدوار في أنشطة سياسية أو اجتماعية أو رياضية فيصبحون مصادر وصحفيين في آن واحد مما لا يضمن نزاهة القصة التي يعملون عليها.
  • لوكالات الأنباء مساحة خاصة في أنماط التحيز، منها تمييز الأخبار بعبارات مثل “عاجل”، أو التمييز من خلال المساحة مثل أن تعطى بعض الأحداث مساحة أكثر مما تستحق، أو في المقابل تعطى بعض الأحداث أو القصص تهميش.
  • أنماط التحيز في التلفزيون، يتضمن جميع أنواع التحيز إلا أن له أنماطا أخرى كمدة العرض، وترتيب الأولويات، أو عبر استخدام الاثارة، والتحيز بلغة الجسد وزوايا الكاميرا.

يمكن تصنيف التحيز من ناحية أخرى تبعاً للمواد الاعلامية الرائجة:

  • المواد الهزلية: يمكن أن تتحول المادة الهزلية إلى أداة لنشر الشائعات وخاصة اذا تكرر نشرها وابتعدت تدريجيا عن سياقها الأصلي، مما يجعل صعب على المتلقين إدراك طابعها كمادة هزلية تحاكي الواقع، على سبيل المثال: نشر موقع فرنسي هزلي أثناء الحملة الانتخابية سنة 2017، مادّة ساخرة تقول أن المرشّح ماكرون يشعر “بالقرف” كلّما صافح الفقراء وتمّت إعادة نشر مقاطع في صفحات فيسبوك لأقصى اليمين الفرنسي وأعيد نشرها منها، مكررا كمادّة إعلامية جادّة، غاب عنها طابعها الهزلي.
  • العناوين أو الروابط المغرية: والهدف من ذلك تحقيق فرص أكبر للدخول على الموقع أو المنصة أو فتح الخبر أو النقر على الفيديو انطلاقاً من العنوان، مثل هذه الممارسات ناتجة عن المنافسة الشديدة بين وسائل الإعلام لشد انتباه القراء أو المشاهدين ولكن هذا الإسلوب يساهم في التلويث الاعلامي ويضعف مصداقية السلطة الرابعة.
  • مضامين مخادعة: وتتمثل بتوظيف المعلومات بصفة جزئية بهدف دعم حجة أو رأي، أو حشر نص معين يدافع عن فكرة واسعة واقتطاع من هذه النصوص واستخدامها مع شاهد مثلاً، وهذا الإسلوب ليس جديد كلياً.
  • السياق الخادع: وهو الذي يعتمد معلومة سليمة لكنها توظف في سياق غير مناسب، مثلا في عام 2017، راجت صورة لمرأة متحجبة تمر قريباً من ضحية طريحة الأرض ولم تلق لها بالاً ولم تتعاطف معها، ورافقتها على صفحات الشبكات التواصل تعليقات معادية للمسلمين هذه الصورة حقيقية لكنها وظفت في سياق خاطئ، وعندما تم التواصل مع المرأة قالت أنها شديدة التأثر لكنها لم توجه النظر لها احتراماً لمشاعر الضحية.
  • المضمون الذي تم تزويره كلياً، على عكس المضامين السابقة، هي أحداث أو معلومات مفتعلة وليس لها أساس من الصحة وقد تكون أيضاً على شكل صور أو فيديوهات مزيفة وأضيف اليها صورة لوغو أو يتم ذكر انها تابعة الى مؤسسة رسمية مشهورة وهذا أسلوب مخادع لأن العقل البشري عادة يبحث عن علامات يستطيع بها التأكد من كل ما يتعرض إليه أو يبحث عن المصداقية في الأخبار والمنشورات. حتى التسجيلات الصوتية يمكن أن تكون خادعة وأحياناً يمكن أن تزوّر مواقع إلكترونية بشكل كامل وتنتحل بالأسلوب والعرض لتصبح سهلة الخلط والتداخل مع الموقع الإعلامي الأصلي.
  • المحتوى التي يتم التلاعب به، يستخدم أحياناً مضامين سليمة يتم التلاعب ببعض عناصرها وتغييرها. يشيع بشكل كبير في الصور المفبركة  التي يتم استعمالها لتزييف بعض المشاهد، أو الصور المركبة التي يتم استخدامها لإنشاء صورة تأليفية جديدة لاسيما مقاطع الفيديو التي لا تخلو من الأمر ذاته مع شيوع برامج التعديل والتزييف مؤخراُ.

إن معرفة هذه الأنواع مهمة جداً لنستطيع تمييز مكامن التحيز التي نتعرض لها يومياً والتي تجعل البعض يتبنى أو يكوّن وجهات نظر ومعلومات خاطئة عن الأحداث حول العالم، والخداع وعدم القدرة على تمييز الحقيقة غالباُ. علينا أن نعي ذلك لعدم استخدامها وتبنيها ونشرها للآخرين، وعلينا انتقادها وتوعية المحيطين بنا بهذه المواد الإعلامية المتحيزة والتي ينتج عنها الكراهية والبغض للجهات الأخرى المتحيز ضدها والتي قد تكون مظلومة بالقصة التي تم التطرق إليها. ولربما ينتج عنها أحداث أسوأ من التي ذكرت، وإقامة حملات إلكترونية أو عمل موقع إلكتروني يكافح مواقع التضليل والكذب والتحيز، ويمحص عن مصداقية الخبر، والتوعية بهذه الوسائل المخادعة. كل ظاهرة تولد يكون لها دوافع وأسباب سواء أكانت إعلامية أو غير إعلامية ، فيا ترى ما الدوافع وراء هذه المواد الإعلامية المتحيزة؟

أسباب التحيز بشكل أساسي يمكننا حصرها بأربعة أسباب:

  • التشريعات الحكومية وضغوط السياسيين: يكون هناك اجبار أو ضغط من قبل السلطات في الدول غير الديمقراطية أو ربما التي تدعي ذلك ،على وسائل الاعلام لتبني الرواية الرسمية وإفراد المساحة الأكبر لها على حساب باقي الأطراف.
  • الأجندات التي يفرضها الممول على المؤسسة الإعلامية: ربما تعد الأكثر انتشارًا في هذا الوقت حيث تسعى الجهات الممولة إلى فرض أجندتها في التغطية الإعلامية، بهدف خدمة مصالحها وعادة ما يكون لديها أجندات سياسية تسعى لتنفيذها فتوظف بذلك مؤسساتها والعاملين بها على ترجمة ذلك واقعيًا.
  • تفضيلات الجمهور: اهتمامات الجمهور وتفضيلاته وكذلك مواقفه تجاه قضايا محددة أو مواقف الرأي العام في أغلب الأحيان يجعل المحتوى له طابع متحيز، لذا تجبر وسائل الاعلام أن ترضي جمهورها.
  • المواقف الشخصية للصحفيين: وهي من أخطر الاسباب التي تدفع الصحفيين إلى التحيز، فقد يكون للصحفي مواقف ما تنعكس بشكل أو بآخر على طريقة معالجته للمادة.

ذكرنا للأسباب لا يعني التبرير، لا يوجد شيء يبرر التحيز بجميع أشكاله. لكن يمكن القول  إنّ هناك نسبة عالية من الصحفيين وغير الصحفيين تقع في هذه الأخطاء دون وعي منهم ولجهلهم لبعض الأمور وهذا شيء طبيعي في غالب الأحيان لعدم استطاعة الإنسان الإلمام بكافة المعلومات والقصص والأخبار التي تحدث. إضفاء الموضوعية والأخلاق أو التقييم الأخلاقي لكل ما يتم نشره على وسائل التواصل الاجتماعي، والتأكد من مصادر الأحداث والمعلومات، ومحاولة  للنظر للأمور بحيادية وسماع رواية جميع الأطراف، وفهم السياق، كل ذلك قد يساعدنا لنكون أكثر إنصافاُ برأيينا ونظرتنا للعالم.

نظمية السعد 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *