تحديد الأهداف

تحديد الأهداف

 لنتخيل أنفسنا بدون أهداف، بدون مقصد أو غاية في هذه الحياة، بدون شيء ننشغل به في حياتنا، بدون شيء نحققه، بدون انجازات او حتى طموح، بما سنشعر يا ترى؟ من المؤكد أننا سنشعر بحالة من الضياع، حالة من العشوائية، حالة من عدم الامان  وعدم الإستقرار. الأنسان بطبيعته يحتاج إلى تحقيق الذات وإلى تحقيق انجازات، وهذا ما يؤكده “ابراهام ماسلو” في هرم الحاجات الذي يوضح فيه أن من ضمن الحاجات التي يجب أن يشبعها ويحققها الإنسان هي الحاجة إلى تحقيق الذات. يعرف ماسلو تحقيق الذات على أنه: “الرغبة بالإشباع الذاتي، أي نزعة الفرد الى تحقيق كينونته الكامنة”، وهي بالفعل تتمثل في ايمان الفرد بنفسه وبقدراته الشخصية. 

وضع الفرد لأهدافه شيء مهم يساعده للوصول إلى حالة من الإتزان؛ يحافظ على استقرار حالته النفسية ويشعر الفرد عند انجاز اي شيء بحالة من البهجة والسرور وبمشاعر الاعتزاز بنفسه وحتى تحميه من أي مشاعر سلبية مثل مشاعر الوحدة والإكتئاب من عدم وجود أي شيء مفيد ننشغل فيه. شعور الفرد بالأسى على نفسه لعدم انجازه اي شيء وشعوره بخوفه من المستقبل اذ هو لم يضع خطة أو أهداف يواجه فيها مستقبله. شعوره بالعار أو بالخجل من نفسه لعدم تقديم اثبات لنفسه  على أنه قادر على تحقيق أي شيء مهما كان، شعوره بفقدان السيطرة على نفسه وغير قادر على استجماع أمره ومشتت. للأسف سيهجرك الناس ويبتعدون عنك في أغلب الأحيان، ذلك أن في طبيعة الحال الانسان الذي يحقق الكثير من الإنجازات هو الذي يحب الناس مصادقته، بينما الإنسان الذي ليس لديه طموح أو انجازات، ترى الناس يهجروه ويبتعدون عنه. في الجانب الآخر المضيء من سعي الفرد لأهدافه وتحقيقها هو احساس الفرد وشعوره بمشاعر ايجابية تريحه مثل شعوره بالرضا عن نفسه، سروره من نفسه، حبه لنفسه أكثر، ثقته بنفسه.

إن الهدف الشخصي يمر بعدة مراحل جوهرية مهمة؛ مرحلة التخطيط لهذا الهدف، تخطيط كيف سيطبق هذا الهدف ومتى. ذلك يتم من خلال وضع خطة فيها: الهدف، الزمن المقرر لإنجازه، الإجراءات والأدوات المستخدمة اللازمة لتحقيق هذا الهدف. بعد ذلك، تأتي مرحلة تطبيق الهدف والقيام بإنجازه بالطريقة المخطط لها.  يجب التأكد من تطبيق الهدف كما خطط له في عملية المراقبة لسير تحقيق هذا الهدف. كما من المهم أن يدرج الفرد خطط احتياطية في حالة لم تسير الأمور على ما خطط له وذلك ما يقترحه “شوهان” في أن الخطة الاحتياطية مهمة لتجنب حدوث أزمة أو انتكاسة أثناء تحقيقنا لأهدافنا. من أجل ضمان نجاح تحقيق أهدافنا، لابد من الحديث عن مفاتيح الهدف الذكي الخمسة، المجموعة في كلمة”SMART”؛ حيث يشير حرف”S”  إلى (Specific)؛ اي يجب على الفرد أن تكون أهدافه واضحة ودقيقة. ويشير حرف”M” إلى (Measurable)؛ أي نستطيع متابعة التقدم في تحقيقه، أو قياس أثره. حرف”A” إلى (Achievable)؛ أي هدف بالفعل يحقق أو قابل للإنجاز، ذلك أن إذا وضعنا شيء لا نستطيع تطبيقه نصاب بخيبة أمل. كما يشير حرف”R” إلى (Reality)؛ أي واقعية الهدف. كما يشير آخر حرف”T” إلى (Timely)؛ ارتباط تحقيق الهدف بوقت بداية ونهاية.

تعد عملية تحديد الأهداف مهمة، وهذا بالضبط ما يشير اليه العالم” ايدوين لاك”؛ ذلك أن الأشخاص الذين يعرفون أهدافهم جيدا وقاموا بتحديد تلك الأهداف، هم يستطيعون تحقيق أهدافهم بنسبة أكبر من اولئك الذين يعرفون أهدافهم ولكن لم يحددها. كما اقترح “لاك” خمس مبادئ لتحديد أهدافنا كأفراد بصورة فعالة. المبدأ الأول: الوضوح؛ اذ يجب أن تكون أهدافنا واضحة وسهلة الفهم لكي تطبق وتنفذ بنجاح. المبدأ الثاني: التحدي؛ يجب عند وضعك أو تحديدك لهدفك بأن يكون فيه نوع من الصعوبة أو التحدي حيث تحفز لتحقيقها. المبدأ الثالث: الإلتزام؛ يجب على الفرد إلزام واجبار نفسه على تحقيق هدفه. المبدأ الرابع: التغذية الراجعة؛ يحتاج الفرد باستمرار الى معرفة آراء الآخرين حول ما تقوم به؛ وذلك لتقيس التقدم الذي يحصل اثناء تنفيذ وتحقيق الهدف. المبدأ الخامس: تعقيد المهمة؛ علينا أن نحرص على أن يكون هدفنا معقد قليلا نوعا ما؛ ذلك أن التوقعات المرتفعة تؤدي الى مستويات أعلى من الأداء. نظرية تحديد الهداف مهمة أيضا في العمل؛ إذ تستخدم في تحفيز الموظفين ودفعهم لإكمال العمل بسرعة وفعالية، زيادة مشاركة الموظفين، وتحسين ادائهم ومستوى انتاجياتهم، كما يساعد عنصر التغذية الراجعة على تحقيق أداء أفضل من خلال زيادة الحافز والدافع لإنجاز الأهداف. كما يوفر تحقيق الأهداف إلى شعور الفرد بالإنجاز وبالفخر  كما يعزز روحهم المعنوية ورضاهم الوظيفي في مكان العمل، بالإضافة الى زيادة الكفاءة الذاتية لديهم، وزيادة الوعي و مستوى التزامه بإنجاز ما هو مطلوب منه.

كما أن الفرد يستطيع الإستفادة من تطبيقات التكنولوجيا في تحقيق أهدافه، منها:”Goal-Buddy” أو رفيق الهدف؛ أداة لوضع الأهداف على الإنترنت تساعد على تحديد ومعرفة ما الذي حققته، بدعم من الأصدقاء الذين يشتركون معك في أهداف مماثلة، لتحفيزك وإبقاءك في المسار. تشمل الأداة على ميزات أخرى مثل إدارة المهام، ومنظم القائمة، وغيرها. برنامج”Goal Enforcer”؛ برنامج لتخطيط الأهداف بشكل مرئي، يساعد على التخطيط والتركيز، يشمل ميزات كثيرة مثل القدرة على السحب والتحريك لإعادة ترتيب الأهداف بسهولة،  إضافة إلى تقارير عن وضعية العمل  وعرض التقويم. أيضا برنامج “Goals cape”؛ هو برنامج لوضع الأهداف يساعد على تحديدها، العمل عليها وتحقيق أكثرها أهمية ويتضمن عرضا مرئيا لتحديد وتطوير العناصر الرئيسية لأي مشروع معقد. أيضا، يعتبر”Joe’s Goals”؛ أداة قوية تساعد أصحاب الأهداف الطموحة على تتبع أهدافهم وإدارتها، بواجهتها البسيطة، تجعل من السهل عليك أن تضع أهدافا يومية، وتتبعها بنقرة واحدة فقط، لتقيس نجاحك وتتخلص من العادات السلبية.

في الحقيقة، تحقيق الإنسان أهداف كثيرة في حياته وانجازات يؤهله لسوق العمل بصورة أكبر من غيره، وحتى يملأ ملف سيرته الذاتية بالإنجازات التي قام بها. هي وثيقة تحتوي على ملخص لإنجازات الفرد، خبراته، مؤهلاته، وظائفه السابقة، مستواه التعليمي، وحتى اهتماماته الشخصية. اذ أن تكمن أهمية سرية السيرة الذاتية في أنها وسيلة يسوق بها الفرد لنفسه، كما تعطي انطباع عن شخصية الفرد. لذلك، يوصى بمجموعة من النصائح لكتابة السيرة الذاتية، منها: الإيجاز والإسهاب عند ذكر اجازات الفرد. مراجعة السيرة الذاتية قبل ارسالها وتحديث المعلومات التي فيها. البدء بذكر الإنجازات الأحدث، فالأقدم والأقدم. كما على الفرد تجنب التزييف والكذب اثناء سرده لإنجازاته في السيرة الذاتية.

من وجهة نظري، على الفرد أن لا يقف عن تطوير نفسه، على العكس عليه أن يطور نفسه بإستمرار، وأن يدير وقته ويستثمره في دورات أو ورشات عمل تعمل على تطوير الفرد. كما على الفرد أن يتقبل أراء الآخرين (التغذية الراجعة) ويأخذها على محمل الجد و أن ينظر اليها كفرصة لتحين والتطوير من ما يقوم به. صحيح أننا أحيانا يكون لدينا العديد من الامور نريد انجازها، ولا نعرف من أين نبدأ، والجواب هو أن الفرد يجب أن يكون لديه أولوية في تحقيق أهدافه وانجازاته.

سلام عثمان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *