بنيان واحد

بنيان واحد

التكافل هي كلمه تعني ” كفالة الأشخاص لبعضهم البعض”، هو نفس التأمين المتعارف عليه، أن التكافل يعبر عن مفهوم التأمين المبني على التعاون والتآزر المشترك بين الأشخاص. مفهوم التكافل اصطلاحاً: تكافل = فعل، تكافل = يتكافل بمعنى التعايش وتضامن. في حياتنا طوارىء وفيمن نعاشر نرى كوارث وهؤلاء كلهم بحاجة لي ولك وينتظرون وقفتك ومساعدتك ويتلهفون لإغاثتك ونجدتك ويزداد الأمر أهمية اذا كان من أولي القرى الذين رابطتهم أقوى. المجتمع بنيان واحد يجب أن يلتفت كل واحد فيه إلى أخيه ويلتمس حاجته بقدر ما يستطيع. الغريب حقا أن منا من يتجاهل هذا المبدأ ويغمض عينيه وكأنه لا علاقة له به، ونسي أنه واحد من المجتمع الذي قد تمر به صروف الدهر وقد تؤلمه نؤائب الزمان ليبحث عن منجد فلا يجد وكما تدين تدان والجزاء من حنين العمل. أساس التكافل هو كرامة الإنسان والتكافل يتدرج ليشمل الإنسانية. 

مفهوم التكافل الإجتماعي: اجتماع أفراد المجتمع على المصالح المشتركة فيما بينهم و أن يكونوا يد واحدة ضد المعوقات الفردية أو الجماعية التي تواجههم ويتحدوا على دفع الضرر والفساد عن جميع أفراده والوقوف بجانب كل فرد يحتاج الى المساعدة واغاثة للملهوف وحماية للضعيف وتكريم من يستحق التقدير والنظر إلى كل من لديه حاجة خاصة وفع لمظالم وتسوية الخلافات وتقريب وجهات النظر بين أفراد المجتمع الواحد. أن يشعر الفرد أنه إلى جانب الحقوق التي له، هو أيضا عليه واجبات تجاه الاخرين.

ما هي أنواع التكافل الإجتماعي: التكافل المعيشي، التكافل العملي، التكافل السياسي، التكافل العبادي، التكافل الأخلاقي، التكافل الإقتصادي، التكافل في الحياة العامة، والتكافل الحضاري. اذا قمت بسؤال البعض حول ما هو آثر التكافل الإجتماعي؟، كانت الإجابات متشابهه، قيل سينتشر الحب والتعاون بين الناس وداخل الاسرة الواحدة وازاله الفوارق بين الطبقات الاجتماعية والتقارب بما بينهم كما أن التعاون يؤدي إلى نجاح المجتمع وزيادة قوة الترابط ويواكب الركب الحضاري. إنه يصون نفس الفرد وتجعله يشعر بالراحة والطمأنينية وتزيد من ثقته بنفسه لأنه يجد التقدير ووالدعم من الاخرين والذي يدفعه بدوره إلى التقدير الذاتي وهذا ما يزيد العطاء والتميز. أيضا، ينعكس على زيادة الإنتاجية الفردية والجماعية ويعزز المواهب ويطورها في المجتمع ويفجر الطاقات في أوجهها السليمة. لا يمكن للتكافل الإجتماعي أن يأتي بصورة واحدة فهناك عدة صور للتكافل الإجتماعي منها ما هو مادي مثل مساعدة المحتاج وقضاء الدين وكفالة من لا معيل له والوقوف من تعرض لإصابة مادية كحريق أو ما شابه. قد يكون معنويا مثل تحفيز أفراد المجتمع لبعضهم البعض وتطوير بعضهم بعضا والإفاده من خبرات بعضهم لخدمة الأفراد الأخرين. من أهم خصائص المجتمع أنه يحتوي على تنوع كبير وبالتالي تعدد فيه الخبرات في تدعيم قدرة المجتمع ككل وجعله اكثر قدرة على مواجهة المشكلات الإجتماعية. 

نطاق التكافل الإجتماعي: اهتم الإسلام ببناء المجتمع متكافل وحشد في سبيل ذلك جملة من النصوص والأحكام لاخراج الصورة التي وصف بها الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك المجتمع بقوله (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد اذا اشكتى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمة والسهر ). التكافل في الإسلام ليس مقصودا على النفع المادي وان كان ذلك ركن اساسي فيه بل يتجاوزه إلى جميع حاجات المجتمع افرادا وجماعات مادية كانت تلك الحاجة أو المعنوية أو فكرية على أوسع مدى لهذه المفاهيم فهي بذلك تتضمن جميع الحقوق الاساسية للجميع. يتدرج التكافل ليشمل الإنسانية جمعاء حيث يبدأ الإنسان بدائرته الذاتية ثم دائرته الأسرية ثم محيطه الإجتماعي ثم إلى تكافل المجتمعات الأخرى.

  • التكافل بين الإنسان وذاته: الإنسان مسؤول عن نفسه أولا، هو مسؤول عن تزكيتها وتهذيبها وإصلاحها ودفعها إلى الخير وحجزها عن الشر كما انه مسؤول عن حفظها ورعايتها الصحية وتمتعها  في حدود المباح، ثم انه منهي عن إتلاف نفسه إضعافها وتعذيبها.
  • التكافل داخل الأسرة : كلنا على معرفة بأن التكافل بين افراد الأسرة وجعله الرابط المحكم الذي يحفظ الاسره من التفكك والإنهيار. يبدأ التكافل في محيط الأسرة من الزوجين يتحمل مسؤوليه المشتركة في القيام بالواجبات الاسرية ومتطلباتهم كل بحسب وظيفته.
  • التكافل داخل جماعة: كما ذكرنا سابقا أن هناك واجبات على كل شخص اتجاه الشخص الآخر ومزج بين المصلحة الفردية والمصلحة العامة بحيث يكون تحقق المصلحة الخاصة مكملاً للمصلحة العامة متضمناً لمصلحة الفرد. الفرد في المجتمع مسؤول عن حفظ النظام العام وعن التصرف الذي يمكن أن يسيء للمجتمع أو يعطل مصالحه كما أن الفرد مأمور بإيجادة أدائه الإجتماعي بأن يكون وجوده فعالاً ومؤثراً  في المجتمع الذي يعيش فيه. رعاية الفقراء هي صور من صور التكافل الاجتماعي، هي تشعر أفراد المجتمع الواحد زيادة المحبة والمودة بين الناس ذلك أن المحتاج لضرورات الحياة عندما يشعر بأن الغني قد سد له حاجته وقدم له ما يغنيه عن السؤال تزداد محبته لهذا الإنسان الغني ويتولد بينهما شعور الثقة والمحبة والمودة وينعدم الشعور بالحقد والكراهية.

الإنسان لم يكسب المال بجهده وحده، بل شاركت فيه جهود وأفكار وأيد كثيرة بعضها عن قصد، وبعضها عن غير قصد. بعضها ساهم من قريب، وبعضها ساهم من بعيد، وكلها أسباب عاونت في وصول المال إلى ذي المال. إذا نظرنا إلى التاجر مثلا كيف جمع ماله وحقق مكسبه؟ رأينا للمجتمع عليه فضلاً كبيراً . فممن يشتري؟ ولمن يبيع؟ ومع من يعمل؟ وبمن يسير إذا لم يكن المجتمع؟ وهكذا الزارع والصانع وكل ذي مال . من حق المجتمع ممثلاً في الدولة التي تشرف عليه وترعى مصالحه، وتسد خلات أفراده أن يكون له نصيب من مال ذي المال . لو لم يكن في المجتمع  أفراد فقراء أو مساكين لوجب على صاحبو الأموال مساعده الفقراء لتكون رصيداً للجماعة، تنفق منها عند المقتضيات، وهو مصرف عام دائم ما دام في الأرض سلام وتكافل اجتماعي.

رنا أبو هيظ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *