وصفة النجاح بخطوات صغيرة

وصفة النجاح بخطوات صغيرة

هل سبق لك أن كنت في امتحان وبعد انتهائك منه بدأت الإجابات الصَّحيحة في الظُّهور  في عقلك؟، هل سبق لك أن كنت تريد إنقاص بعض الكيلوات من وزنك وبدأت باتباع رجيم معيَن ثم بعد فترة قصيرة تخلَيت عن الحمية الغذائية؟. كثير مثل هذه المواقف المشابهة حدثت لكل شخص منّا في حياته لكن، هل فكرت يوماً أن تسأل نفسك لماذا يحدث هذا لك؟ لماذا تنسى الإجابات الصحيحة مع أنك على علم بها وتبدأ تذكّرها بعد انتهاء الإمتحان؟ لماذا نتوقف عن الأمور التي نريد أن نفعلها بعد فترة قصيرة من البدء بها؟. عندما طرحت بعض الأسئلة على زملائي في العمل، ما هي العادة التي يتمنُون الإقلاع عنها أو تغييرها؟ كانت الإجابات لممارسات مختلفة كالدُخان، قضم الأظافر إلى أمور أكثر شخصية داخليَة كالأفكار السَلبيَة أو التَشاؤميَة عن النَفس والأحداث و وجود كثير من وقت الفراغ دون الإستفادة منه. عندما تابعت في الأسئلة عمّا هي الأسباب التي تحول دون ترك مثل هذه العادات أو تغيير السُلوكيَات، كانت بعض الردود أشارت على أنها عادة يوميَة روتينيَة أي أصبحت أتوماتكيَة، والبعض الأخر أجاب انها بدافع الكسل، التأجيل، الحالة النفسيَة من ضغوطات نفسيَة مثل الإحباط والإكتئاب. ثم سألت إذا كان هنالك أهداف تحاول الوصول إليها ولكن توجد صعوبات في تحقيقها، وما هي طبيعة هذه الصعوبات؟. بعد ذلك دار نقاش بيننا لنضع استنتاجات لهذا الموضوع، وهو أنّ العوائق التي تمنعنا من تحقيق غاية نريد أن نصل إليها سواء كانت صغيرة أم كبيرة مثل الإقلاع عن التَدخين إلى أمور أضخم كالوصول إلى مركز مهني مهم هو أنفسنا، نعم أنفسنا. نحن من نضع العوائق في طريقنا نحن من نحبط أنفسنا مبكراً أمام أول صعوبة نواجهها في طريقنا فنتخلّى عن الغاية أو الهدف الذي نريد أن نصل إليه.

لو نظرنا للحلول الممكنة وما نستطيع فعله لتغيير أمرِ ما أو ترك عادة سيئة ومضرّة، يمكن لطريقة الكايزن  أن تساعدك في ذلك. الكايزن وهي كلمة يابانيَة مركبة من جزأين وتعني التَغيير للأفضل التي ابتكرها تاييشي أوهونو، تبنيت أول مرة عشية دخول أمريكا في الحرب العالمية الثانية. كان الهدف تعزيز جودة التَصنيع في ذلك الوقت عندما كانت الصِناعة في الولايات المتحدة منهارة، ولكنَها تحوَلت تحوُل جذري نحو منتجات أعلى جودة وبسرعة مثالية من خلال تحرِي مئات الأشياء الصَغيرة التي بوسعهم تحسينها، دون اللُجوء إلى تصميم منظومة جديدة كاملة لتحسين العمل، وتمَ تشجيع الجميع من الموظَف في أصغر مرتبة إلى شاغلي المواقع القياديَة العليا لإيجاد طرق صغيرة لرفع جودة المنتجات والارتقاء بكفاءة تحقيق هذه الجودة. رفعت هذه الخطوات الصغيرة من قدرة التَصنيع الأمريكي بسرعة رهيبة، وكانت كل من جودة المعدَات الأمريكيَة وسرعة إنتاجها عاملين أساسيَين في انتصار قوَات الحلفاء. طبِقت هذه الطَريقة فيما بعد  في شتَى المجالات الإقتصاديَة والسياسيَة من ثمَ نقلت هذه الطريقة لتصبح على المستوى الشخصي.

“إذا كنت تميل إلى الشُعور بالتَشاؤم أو السَلبيَة، حاول أن تطرح على نفسك هذا السُؤال: ما الأمر المتميز لديّ أو لدى شريك حياتي أو الشركة التي أعمل بها، إذا تابعت طرح هذا السُؤال على نفسك مع الوقت، سوف تبرمج عقلك على أن يبحث عما هو خيِر وطيِب، وقد تقرِر في النِهاية استثمار تلك الجوانب المضيئة ليعود عليك وعلى حياتك لما هو أفضل ومريح”.

يعد التَجديد وسيلة أساسيَة يستخدمها الناس من أجل التَغيير وفي حين يتطلب التَجديد إصلاحاً جذري وصارم فإنَ طريقة الكايزن الأنسب في تسهيل تلك المهمَة الصَعبة ويكمن ذلك من خلال اتِخاذ خطوات صغيرة ومريحة باتجاه التحسين أو التغيير الإيجابي. من الأمثلة التي توضِح ما هي طبيعة الخطوات الصغيرة؟، التي تؤدي إلى نتيجة التغيير والتحسين التي نقصد بها:

  • التَدبُر في أفكار صغيرة لاكتساب عادات ومهارات جديدة.
  • منح المكافآت الصَغيرة لنفسك وللآخرين لإحراز أفضل النَتائج.
  • حل المشكلات الصَغيرة، حتى عند مواجهة أزمة طاحنة.
  • إدراك وتقدير اللَحظات الصَغيرة الحاسمة والمؤثِرة.
  • التَأمل لفترة صغيرة وقصيرة حتى تسمح لنافذة التَخيل والتَفكّر بالدخول للعقل.
  • طرح الأسئلة الصَغيرة لإزالة الخوف واستلهام الإبداع.

الخوف والقلق من الأسباب التي تكبح جماح التَفكير بالشَكل الصَحيح، والإبداع، وتغيير الروتين أو نمط حياة تقليدي، الخوف من الفشل، وغيرها الكثير من الأمور يمنعنا الخوف من التَقدم والمضي بالتحدِيات التي ترميها الحياة أمامنا. الكثير من الأشخاص يعتقد أنّ الخوف لا يمكن التَغلُب عليها ولكن أقول لكم أن اعتقادكم خاطئ. التحرر من الخوف هو إحدى المفاتيح لنجاحك وإطلاق العنان لنفسك لأنه إن لم تخفق وتفشل في تجربة ما فأنت بذلك لم تبدأ رحلة النجاح وإنجاز الأهداف بعد. أمر طبيعي الخوف لأنه إحدى المشاعر التي وجدت في الإنسان منذ التكوين ولكن ما هو غير طبيعي أن يكون الخوف والقلق مسيطران على الموقف أي عندما نسمح لهذه المشاعر بالتحكم بنا، ويعيق طريق التقدم والتردد في مواجهة التحديات. التوقعات السيئة هي في العادة مرتبطة بمشاعر الخوف والقلق “الإمتحان يحتوي على أسئلة صعبة لن أتمكن الإجابة عليها”، “سأفشل في المقابلة”، “لن أتمكن من إدارة الوقت لأوفق بين دراستي والعمل”، كل هذا يعمل على الإحباط ويوقف عجلة قدراتنا الذَكية والإبداعية وبالتالي الفشل هي النتيجة الحتمية في معظم هذه المواقف. عوضاً عن التفكير السلبي والتوقعات السَيِئة التشاؤمية، استبدلها بأفكار وتخيُلات بسيطة ومفيدة أكثر من خلال التَحدُث إلى الذات “Monologue” بطريقة إيجابية، وتحفيز نفسك والإيمان بها أولاً قبل أي أحد يؤمن بها وبالطبع النتيجة ستختلف كليّاً عمّا كان مسيطر عليك من قبل من قلق وخوف وتشاؤم.

“يتمثل النجاح في الطريقة التي تجمع بها دقائق حياتك إلى بعضها البعض. إنك تقضي ملايين الدقائق حتى تصل إلى نصر واحد، أي لحظة واحدة، ثم إنك قد تقضي آلاف الدقائق مستمتعاً بهذا النصر. فإنك لم تكن سعيداً خلال ملايين الدقائق تلك من العمل، فما جدوى آلاف الدقائق من متعة الفوز؟ إنهما غير متعادلين…كم صنعت الحياة من مباهج صغيرة؟ مثل التواصل بالعينين بين زوج وزوجة على مائدة الإفطار، أو لحظة الالتقاء بصديق، ومادة السعادة هي تلك النجاحات صغيرة الحجم؛ فالنجاحات الضخمة تأتي على فترات متباعدة للغاية، وإذا لم تحظ بملايين الملايين من النجاحات صغيرة الحجم، فلن يكون لتلك النجاحات الضخمة أي معنى”، نورمان لير – كاتب ومنتج تلفزيوني أمريكي

جمان الحديد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *