أقرّت الجمعية العامة للأمم المتحدة اليوم الدولي للسلام في عام 1981، ليكون متزامناً مع موعد الجلسة الإفتتاحية لدورة الجمعية العامة، التي تُعقد كل سنة في ثالث أسبوع من شهر أيلول/ سبتمبر يوم الثلاثاء. في العام 2001، تم التصويت بالإجماع على قرار 8282/55 وحدّد على أن تاريخ 21 أيلول/ سبتمبر هو اليوم العالمي للسلام، ومن نصوص هذا القرار.
- إن الجمعية العامة تعلن أنه سيحتفل باليوم الدّولي للسلام من الآن فصاعداً بوصفه يوماً لوقف إطلاق النار وعدم العنف في العالم، وهي دعوة لجميع البلدان والشعوب إلى التزام وقف الأعمال العدائية خلال ذلك اليوم.
- إن الجمعية العامة تدعو جميع الدول الأعضاء والمؤسسات التابعة لمنظومة الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية وغير الحكومية والأفراد إلى الإحتفال باليوم الدولي للسلام بصورة مناسبة، بما في ذلك عن طريق التعليم ونشر الوعي، والتعاون مع الأمم المتحدة في تحقيق وقف إطلاق النار على النطاق العالمي.
سؤالي الآن هو: هل يوجد أي محاسبة أو إجراء قانوني لمن يخالف هذا القرار (8282/55) في ذاك اليوم (21/9)؟ وهل هو فعّال ومجدِ بأن يكون يوم واحد فقط كافٍ للإمتناع عن العنف ووقف إطلاق النار ليتحقق مفهوم السلام لجميع البلدان والشعوب؟. دعت الأمم المتحدة جميع الدول الأعضاء والمؤسسات التابعة والمنظمات الإقليمية وغير الحكومية والافراد إلى وقف إطلاق النار واللاعنف وتحقيق هذا بنشر الثقافة والتوعية من خلال التعليم والمبادرات، وتعاون الجميع مع الأمم المتحدة في تحقيق وقف إطلاق النار وممارسات العنف في أنحاء العالم. وهنا نشيد دور منظمات المجتمع المدني في مهام التوعية وعمل برامج لنشر ثقافة السّلام.
لعامنا هذا 2018 اختارت الجمعية العامة للأمم المتحدة الإحتفاء بالإعلان العالمي لحقوق الانسان من ضمن احتفالات اليوم العالمي للسلام “الحق في السلام ــــ 70 عاماً منذ إقرار الإعلان العالمي لحقوق الإنسان”. الإعلان العالمي لحقوق الانسان الذي يعد وثيقة تاريخية صاغه عدد من الممثلون من مختلف الخلفيات القانونية والثقافية من جميع أنحاء العالم. احتوى هذا الميثاق على ثلاثين مادة، تضمن للإنسان أيّاً كان عمره، جنسه، عرقه، لونه، طائفته، وبأي موضع آخر أن يتمتع بكافة الحقوق مع صون كرامته وبذلك يكون جميع الحقوق التي نصت في هذا الميثاق هي حقوق مشتركة لجميع الأفراد في كافة الدول والأمم. لقد اعتمدت الجمعية العامة الإعلان العالمي لحقوق الانسان في باريس في 10 كانون الأول/ ديسيمبر 1948، وقد ترجم هذا الإعلان إلى 501 لغة عالمية وتعتبر هذه الوثيقة الأكثر ترجمةً في العالم.
جاء هذا الميثاق لتعزيز ديمقراطية الدول وتوفير المعيشة الكريمة للفرد وحصوله على كافة الحقوق سواء كانت حقوق شخصية كحق الإنسان في الحياة بسلامة وأمان، والتمتع بكامل الحرية في اختيار الدين وممارسات الدينية، والحريات المدنية التي تضمن حقوق المشاركة الديمقراطية دون أي تمييز أو تحيز. بالإضافة إلى الحقوق الإجتماعية والإقتصادية التي تكفل للفرد حصوله على حاجته الأساسية من ضمنها حق العمل بتوفير الفرص المتكافئة والحق في مستوى معيشي لائق بأعلى المستويات يمكن بلوغها من الرفاه الجسدي والعقلي، وأخيراً الحق في التعليم. حيث أن الأمم المتحدة سعت أيضاً لسن حقوق يشمل على معايير محددة تحمي النساء والأطفال والأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة والفئات المستضعفة الأخرى من التمييز في عدد من المجتمعات من مختلف أنحاء العالم.
منذ إقرار اليوم العالمي للسلام والاعلان ميثاق حقوق الإنسان لم يتجلّى للعالم المعنى الحقيقي للسلام. إذ أنه شهدت منطقتنا العربية خصوصا الكثير من ضياع الحقوق وتدني مستوى المعيشي والكراهية والعنف وانتهاك كرامة الانسان بلا وزع وبكل برود وقساوة، وهذا مما خلّفته الحروب والنزاعات في منطقتنا العربية والضّربات الإرهابية التي تحدث في المنطقة من الحين والآخر. أصبح الهم الأكبر للفرد هو أن يبقى على قيد الحياة مع عائلته وأولاده من دون أن يفقد أي أحد منهم، والرضى بأقل السبل؛ أي أنه يعيش فاقداً التمتع بالعيش الكريم وعدم الحصول على أبسط الحقوق من التعليم والعمل والتعبير وحرية الرأي مع تقبل واحترام الرأي الآخر دون فرض أو إغرام، على أن يتقبل ما يدور بحياته دون شكوى.
الوضع الحالي الحرج التي تشهده المنطقة العربية يتطلب منا التكاتف يداً بيد، وأن نكون وحدة واحدة مهما اختلفت آرائنا وخلفياتنا الثقافية لكل فرد منا يمكن أن يساهم ولو جزء بسيط في تكريس معاني السلام ومفهومه في مجتمع المحيط به. بإمكانك القيام بأي مبادرة في مدرستك، أو جامعتك، أو مكان عملك، أو حتى في عائلتك، أن يكون لها دور كبير جدا ومساهمة فعّالة في تعزيز قيم السلام وتحقيقه على أرض الواقع. لو نتخيل الآن أنّ كل فرد منا أخذ على عاتقه المسؤولية، بالقيام بأمر ما حتى لو كان صغيراً لتحقيق السلام سواء بالفعل أو القول والحد من أي نزاع أو كراهية من حوله ونبذه، كم من الممكن أن يتحقق هذا السلام في البلد التي تقطن فيه. حقوقنا كبشر والعيش بسلام وأمان، لا يقتصر فقط على الدولة توفير الأمن والأمان لأفرادها، والقوانين التي تشرعها الحكومات من توطيد سيادة القانون فلنا أيضاً المساهمة الأكبر بحكم أننا أفراد نعيش مع بعضنا البعض. يجب أن نحترم ونعطي كل ذي حق حقه، ولا نظلم أحداً حتى لو كان أخاك الصغير في البيت، والنّبذ التام لجميع أنواع خطابات التّحريض على الكراهية والتّطرف التي هي أصبحت ظاهرة جداً شائعة نشاهدها شبه يومياً من خلال شبكات التواصل الاجتماعي، للأسف!. وترسيخ ليس فقط التسامح وبل أيضاً من خلال مقابلتك لأي إساءة بالود والقول سموح والإحسان وتقبل الآخرين كما هم واحترام التنوع الموجود، لقول الله عزّ وجل: “يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ”.
من أبرز أحداث في احتفالات باليوم العالمي للسلام في السنوات الماضية؛ في عام 2013: الأمين العام للأمم المتحدة بان-كي مون في كلمة ألقاها في حفل قرع جرس السلام في نيويورك، منبهًا لدور التعليم الذي سيمكّننا من أن نحدّ من الفقر، ونقضي على الجوع، ونضع نهاية لهدر الطاقات، ونبني مجتمعات أقوى وأفضل للجميع. وأيضا، في عام 2017: رسالة المديرة العامة لليونسكو السيدة إيرينا بوكوفا وجاء فيها: “يجب علينا جميعاً، في هذا اليوم الدولي للسلام، أن نجدد التزامنا بالتضامن العالمي. فتحقيق السلام الدائم يقتضي منا بناء السلام كل يوم وفي كل المجتمعات، بمشاركة جميع الرجال والنساء، وبالعمل معاً من أجل بناء مستقبل مشترك أفضل للجميع.
جمان الحديد