الإجهاد، وكيف نتجاوزه في حياتنا اليومية؟

الإجهاد، وكيف نتجاوزه في حياتنا اليومية؟

مع تسارع مجريات الحياة وكل التغييرات التي تحصل لنا ومن حولنا بات الإجهاد أو الضغط الشديد أمرًا يعاني منه أغلبنا وحتى أنه في عام 1994 أضيف إلى قائمة التشخيصات في مركز الصحة العقلية وتلى ذلك تأسيس منظمة باسم  The American institute of stress تسعى لوضع حلول جيدة للتخفيف من الإجهاد لدى الناس. وحسب المنظمة لم يجمع العلماء على تعريف محدد للإجهاد أو الضغط الشديد فكلٌ منا لديه فكرة عن الموضوع حسب ما يعانيه في حياته، ولكن من الممكن أن نعرفه بأنه: حالة أو شعور يمر بها الشخص حين يعلم أو يتهيأ له أن المطلوب منه يفوق قدراته الشخصية والاجتماعية، وبطبيعة الحال سيختلف الأمر ما إن أصبح هذا الإجهاد اضطراب وهنا ينظر للأمر من جانب طبي.

من يعاني من الإجهاد؟ رغم أن الإجهاد قد يطال كلا الجنسين، إلا أن النساء يفصحن عن الإجهاد أكثر من الرجال. كما أنهن يتحدثن أكثر عن الأعراض الجسدية والعاطفية للإجهاد. عند مقارنة النساء ببعضهن البعض، هناك تباين في مستويات الإجهاد التي تتعرض له النساء المتزوجات والعازبات. وحسب استطلاع قامت بها جمعية الصحة النفسية فإن ما نسبته 28% من النساء يفصحن عن الإجهاد في حياتهن بينما نسبة الرجال الذين يقومون بذلك 20%. الإجهاد كذلك في تزايد مستمر مع الزمن وما يقارب نصف النساء 49% اللاتي شملهن الاستطلاع إن إجهادهن قد زاد خلال الخمس سنين الماضية، والنسبة ليست بعيدة بالنسبة للرجال 39% منهم يقول أن الإجهاد زاد في الخمس سنين الأخيرة كثيرًا.

مسببات الإجهاد الشائعة

  • ضغوطات العمل: كأن تشعر بعدم الإرتياح خلال وقت عملك أو تشعر وكأنك لا تستطيع إدارة مسؤولياتك والمهام المطلوبة منك أو لا تستطيع الموازنة بين عملك وحياتك اليومية أو ضعف المهارات التنظيمية لديك كتنظيم الوقت وحل المشكلات أو العمل في بيئة غير مناسبة للعمل. الخوف من فسخ العقد أو التوقف عن العمل أو أن توضع تحت المراقبة، الخوف من التحدث أمام الجمهور، المعاناة من والتمييز في مكان العمل. كل تلك أشكال ضغوطات عمل ومسببات رئيسية للإجهاد.
  • ضغوطات الحياة: كالمشاكل التي لم يتم حلها بعد، الطلاق، الطرد من العمل وأنت المعيل الرئيسي لعائلتك، والشعور بضغوط الإلتزامات المالية، المناسبات القادمة التي تحتاج الكثير من التحضيرات، الإنتقال إلى وظيفة جديدة، المعاناة من مرض مزمن أو إصابة. التعرض للاكتئاب أو القلق أو الغضب، أو أن يقل احترامك لذاتك، أو المعاناة من الصدمة؛ كل تلك من أشكال الإجهاد في حياتنا اليومية والقائمة تطول.

مما ينتج عن الإجهاد:

  • القلق والغضب والإشتياط: ستجد صعوبة في الإسترخاء، وتكون دائمًا تشتاط غضبًا لأي زلة. تغضب بسهولة حتى الأشياء التي لم تزعجك ستبدو الآن مشكلة كبيرة بالنسبة لك.
  • قلة التركيز ضعف في الذاكرة: ستجد صعوبة في التركيز على المهام التي عليك القيام بها فستعاني لتذكر المعلومات على الفور. سيضعف تركيزك كثيرًا، فستجد صعوبة في التركيز على مهمة واحدة عليك القيام بها وستشتت بسهولة.
  • عدم وجود الدافع أو الخوف من الإقدام على عمل شيء: ستجد صعوبة بالغة بالمشاركة في مهام الحياة اليومية. بحيث لا يمكنك جمع الطاقة وتركيزها على عمل ما، أو ممارسة الرياضة، أو التحدث مع من هم في حياتك أو حتى تناول الطعام، حتى أنك قد تمتنع عن الخروج فتخشى أن يحدث لك شيء سيء إذا خرجت.
  • الحزن أو حتى الاكتئاب: قد تبدأ بالشعور بالحزن والإكتئاب. وقد يصل بك الأمر بأن لا تستطيع القيام  بالأشياء التي كنت تستطيع القيام بها من قبل. قد لا تتوقف عن إبعاد الأفكار المجهدة وبذلك لن تعاني في الوصول للراحة.
  • العزلة والابتعاد عن الناس في حياتك: تبتعد عن الناس في حياتك. تتوقف عن الرد على المكالمات والرسائل، وتلغي الخطط، وتشعر أنه لا جدوى من مشاركتهم ما يحصل لك وقد تخشى الخروج لمقابلتهم. ستعتزل المناسبات الاجتماعية لأنها تسبب لك ضغطًا هائلاً حيث أن هناك أناس مجهولون، وقد تحاول الخروج من الأماكن بسرعة.

قد يرافق كل ما سبق بعض التغييرات الجسدية، كالإعياء والغثيان وتغير في الشهية، والنوم الزائد.

 

كيف نتجاوز ذلك؟ نظرًا للأثر البليغ للإجهاد على حياتنا وانتشاره بين الكثير، أصبح واجبًا أن نحاول تخفيف حدته ونتجاوزه وبالتأكيد هناك الكثير من السلوكيات أو العادات الصحية التي ما إن قمنا بها نستطيع أن نتخطى المشكلة التي أصبحت شائعة مؤخرًا ونحظى بحياة سليمة.

  • الكتابة: أصبح من المعروف أن كتابة اليوميات وما سيصحبها تقلل مستويات الضغط بشكل كبير. تساعدنا على وضع مجريات حياتنا في منظورها الصحيح. ما أن ترى بوضوح ما يحدث في موقف معين، ستستطيع تحديد ما إن كانت ردود أفعالك مناسبة أم ناتجة عن الإجهاد. بالطبع يمكن أن تساعدك الكتابة على تحديد الضغوطات في حياتك وبهذا ستكون قادرًا على إزالتها أو معالجتها.
  • خذ قسطًا من الراحة: بعدما تحصل على قسط كافٍ من النوم ستتوازن مستويات الكورتيزول لديك وتشعر بأنك أكثر قدرة على التعامل مع المهام اليومية. (الكورتيزول هو هرمون مرتبط بالقلق). ما إن لم تكن قادرًا على النوم جيدًا في الليل فكر في أخذ قيلولة. قد تكون الراحة الإضافية هي ما يحتاجه جسمك للتعافي من الإجهاد.
  • أنشئ قائمة للمهام المترتبة عليك: التخطيط لأيامك مسبقًا يمكن أن يجعل جداولك المزدحمة أقل إرهاقًا. ستكون قادرًا على التأكد من استمرار إنتاجيتك بدون مبالغة. يمكن أن تساعدك قائمة المهام التي عليك القيام بها أيضًا على موازنة ما بين وقت الواجبات المهنية وحياتك الشخصية لذا عندما تضع خططًا ضع في اعتبارك تخصيص الوقت ليس للإنتاجية فقط بل للراحة والحياة الشخصية أيضًا. الجدولة المسبقة هي أداة رائعة لتجنب أو حتى التخلص من الضغوطات اليومية.
  • اهتم لنظامك الغذائي: يمكن لبعض العناصر الغذائية أن تمد جسمك بالطاقة لمكافحة الإجهاد. ضع في عين الاعتبار أن تضيف الشاي الأخضر وأحماض أوميغا 3 الدهنية إلى نظامك الغذائي. قد ترغب أيضًا في تناول المكملات الغذائية لتقليل مستويات الإجهاد. وبالطبع سيكون تجنبك لشرب الكافيين خيارًا ذكيًا لأنه يمكن أن يؤدي في الواقع إلى تفاقم ما يتسبب به الإجهاد.
  • ممارسة الرياضة: سيؤدي ضخ الدم الناجم عن الحركة إلى زيادة معدل ضربات القلب وخفض ضغط الدم. وبالإضافة لذلك تؤدي الحركة إلى إفراز عقلك للإندورفين الطبيعي الذي يساعد على تقليل مستويات الإجهاد. بعدما تشعر بالتحسن، سترغب في ممارسة المزيد من التمارين، لذا فإن ممارسة القليل من الرياضة يمكن أن يبدأ بإضافة بعض الإيجابية لحياتك.
  • التأمل والتنفس العميق: التنفس العميق يعد حلًا جيدًا يساعدك على أن تفكر بما حولك، بالإضافة إلى ذلك التأمل عادة جيدة تساعدنا على فهم موضعنا.

 

بالتزامن مع كل تلك العادات الجيدة لا بد من إدراك أنك إذا كنت تتعامل مع إجهاد، من المحتمل أن تشعر بثقله في كل تفاصيل حياتك. صحيح أن الإجهاد شائع الحدوث إلا أنه قد يكون منهكًا ما إذا كان شديدًا ومستمرًا. ولحسن الحظ أنه يمكننا التغلب على التوتر والعودة إلى عيش حياة صحية ببعض العادات والفهم السليم لما يجري لنا.

ضحى أبو يحيى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *