العار عبارة عن مشاعر توصل الإنسان إلى الإحساس بالنقص والدونية، شعور مؤلم مزعج ناتج عن الوعي بالذنب أو النقص أو سوء التصرف. يمكن أن يكون هذا الشعور موجود في أجسامنا أو في عائلتنا أو وظيفتنا أو عدم إمتلاكنا لوظيفة، أو تدني مستوانا الدراسي. قد يكون نابعا أيضاً من رغبات معينة لا نستطيع الإفصاح عنها أو قدراتنا المحدودة في أحد جوانب الحياة المهمة، كالجانب الإجتماعي مثلاً. تحديداً الأشياء التي نشعر بسببها بالعار أو تقودنا بشكل لا إرادي الى الشعور بالعار أو الدونية. أعتقد بأن العار يتميز بأن الشعور من خلاله يزداد في اللحظة الحاضرة التي نتكلم فيها عن سببه. مثلاً: شخص يشعر بالعار إتجاه مسماه الوظيفي، حينما يُسأل عن وظيفته أو يبدأ بالتكلم عنها يزداد إحساسه بالعار، هل هذا يعني بأن تجنب الحديث عن ما يُشعرني بالعار سوف يمنحني التخلص من هذا الشعور؟ بالطبع الأمر ليس بهذه السهولة. في الواقع الكثير من الأشياء الي نشعر نحوها بالعار تكون مخبأة عن الآخرين و نتجنب الحديث والتفكير بها كالحياة الزوجية، الحياة الأسرية المفلترة أمام الآخرين التجارب بشكل عام مثل تجارب الإسائة، عنف، سلوك غير لائق شعرنا بالندم بسببه. عدم التحدث عن ما يشعرنا بالعار لن يشفي أو يعالج هذا ذلك الكم الهائل من الشعور، بل قد يبقيه. إذاً، الحديث عنه يزيد الإحساس به، ومن ناحية آخرى كبته يبقيه، فهل يوجد حل وسطي بينهم؟
الحديث عن ما يثير شعورنا بالعار قد يشعل هذا الشعور بشكل قوي لكنه لحظي، شعور مزعج يمهد الطريق للراحة. الحديث مع الشخص المناسب لأكثر من مرة قد يساعدك في تخفيف حدة هذا الإحساس. الشخص المناسب هو الذي لا يُحوجك لتبرير تصرفاتك، تُغربل نفسك حوله بشكل كبير، إنسان متفتح فكرياً وغير منحاز لك أو ضدك. (انصح بأن يكون هذا الشخص صديق يفهمك لتحس بالشراكة، القرب وأخصائي، مرشد، معالج نفسي يساعدك في تخطي الشعور)، أعتقد بأن شعور العار يمتلك فلسفات عديدة حول كيفية تخفيفه. يعد شعور العار من أصعب انواع المشاعر التي يتعامل معها الانسان لأن الجزء المتعلق في مرحلة التعافي والتشافي منها يتطلب أنك تواجه مشاعر العار التي لديك أمام الآخرين. مشاعر العار مشاعر تنتعش في كل مره نحاول تغطيتها ومداراتها عن الناس، قد يبدأ تخفيف حدة تلك المشاعر عندما نعلن ونفصح عنها، وهنا تبدأ مرحلة التشافي، وقبل الإفصاح عنها يجب الإعتراف أمام الذات أن ما أمتلكه حاليا وما أنا عليه لا يجب أن يكون محط خزي أو عار. يجب أن أقرّ بوجود تلك المشاعر والتصالح معها ومحاولة إدراك أسباب وجودها في البشرية، ما الذي يقود الناس للإحساس بذلك الكم الهائم من السلبية الذاتية!. يجب أن أقر بأسباب وجودها، ما الذي سبب لي هذا كله، هل بسبب تنمر زملاء الصف بسبب الشكل الخارجي منذ الصغر، أم بسبب زملاء العمل، والبيئة الإجتماعية والمادية التي تقود الجميع لإظهار أفضل ما لديهم حتى يصلح عرضه أمام المجتمع، هل ما لدي الآن من وضع مادي وإجتماعي وثقافي أنا السبب فيه! أم أنها أشياء لم تكن من إختياري.
في لحظات الشعور بالعار نشعر بالإهانة والتعرض والتضليل، غير قادرين على النظر مباشرة في أعين الآخرين، نريد أن نغرق في الأرض ونختفي. يجعلنا الخجل نحول تركيزنا إلى الداخل وننظر إلى أنفسنا بالكامل من منظور سلبي، وعلى العكس من ذلك، فإن الشعور بالذنب ينتج عن عمل ملموس نتحمل مسؤوليته. يجبرنا الشعور بالذنب على تركيز انتباهنا على مشاعر الآخرين. النساء أسرع من الرجال في الشعور بالإذلال، والمراهقون يشعرون بالخجل أكثر من البالغين. نتيجة لذلك، تكون النساء والمراهقات أكثر عرضة للآثار السلبية للعار، مثل تدني إحترام الذات والاكتئاب وتركيز المجتمع على جمال المرأة كمقياس خارجي تضطر إلى اللجوء لعمليات التجميل للتقبل الإجتماعي والتخفيف من حدة العار بسبب الشكل مثلا. لقد شعرنا جميعًا بالخجل في وقت أو آخر، ربما كنا مستاءين من سوء نطق كلمة شائعة، أو ربما رأينا أحد أفراد عائلتنا يكذب واكتشفنا كذبته تلك. العار هو إحساس غير مريح نشعر به في بطوننا عندما يبدو أنه ليس لدينا ملاذ آمن من وجهة نظر الآخرين، نشعر بالسوء اتجاه أنفسنا ونتمنى أن نذهب بعيدًا. على الرغم من أن العار هو عاطفة عالمية، إلا أن كيفية تأثيره على الصحة العقلية والسلوك ليس بديهيًا. حقق الباحثون تقدمًا جيدًا في معالجة هذا السؤال.
في بعض من الأحيان عندما أكون في “وضع المعالج” نذكر أنفسنا بأنه بينما للتخلص من السلوكيات التي لم تعد تخدمنا، فإننا نعمل أيضًا على تعزيز التعاطف مع الذات. إنه عنصر أساسي في العمل في حين أنه قد يكون من السهل على البعض منا الشعور والتعبير عن التعاطف مع الآخرين، إلا أنه غالبًا ما يكون من الصعب توسيع نفس الشعور بالتعاطف اتجاه أنفسنا (بدلاً من ذلك، أرى الكثير من مشاعر العار واللوم والشعور بالذنب جميع الفرص لممارسة التعاطف مع الذات). لكن ماذا يُقصد بالتعاطف مع الذات!. يتعلق التعاطف بشكل عام بالوعي بالضيق الذي يعاني منه الآخرون والرغبة في المساعدة، التعاطف مع الذات هو أخذ نفس الشعور وتطبيقه على الذات. يحتاج الجميع إلى الدعم خلال رحلتهم في الشفاء والنمو، لكن لماذا لا يأتي هذا الدعم أيضًا من الداخل؟ فكر في التعاطف مع الذات، تخيل أنك ترى نفسك من الأعلى، تُلاحظ أنك ما زالت الفرص تفلت من بين يديك بسبب شعور العار الذي تشعر به مقارنة مع أقرانك أو زملائك او البيئة المجتمعية ككل. اجعل رؤية نفسك من الأعلى وتعاطف معها كأنك تتعاطف مع من حولك، ليس كوجهة، ولكن كأداة في رحلتك.
كثير منا ممن يعانون من التعاطف مع الذات، يعانون أيضًا مما أسميه غالبًا وحش العار أو الشك الذاتي، والذي يمكن أن يظهر صوته في أكثر اللحظات غير المتوقعة. مع وضع ذلك في الإعتبار، قمت بتسمية بعض العبارات المشهورة جدًا عن العار: “انا لست جيد بما فيه الكفاية.” “لا ينبغي أن أشعر بهذه الطريقة.” “لماذا لا أستطيع أن أفعل أشياء مثل الآخرين؟ “أنا أكبر من أن أعاني من هذه المشكلات”. تمامًا مثل استعراض العضلات أو ممارسة مهارة جديدة، يتطلب تطوير التعاطف الذاتي منا ممارسة “الاستجابة” لهذا الوحش المخزي. مع مرور الوقت، يصبح صوتك الداخلي أقوى وأعلى من صوت الشك الذاتي. بعض الأمثلة للتجربة. “أنا أستحق” مسموح لي أن أشعر كيف أشعر أن مشاعري صحيحة. أنا فريد من نوعه في طرقي الرائعة بينما ما زلت أشارك العديد من التجارب الإنسانية، لمواصلة غرس فضول حول سلوكيات ومساحات النمو. في هذه اللحظة، (ملء الفراغ)؛ في هذه اللحظة أشعر بالفراغ إذا لم تكن هذه الأشياء طبيعية بالنسبة لك، فلا بأس بذلك. جرب أن تفتح دفتر يوميات وتدون بعض تأكيداتك. العودة إلى الجسم يركز على العلاقة بين العقل والجسد ،نحاول التوازن بينهم.
يمكن أن يكون استخدام الرسم أو الحركة كأدوات للمعالجة مفيدًا جدًا. هذا لأنها تسمح لنا بالتعبير عن أنفسنا من مساحة لا ندركها دائمًا بشكل كامل. مع وضع هذا في الإعتبار، ادع نفسك بلطف لرسم ما تشعر به في التأكيدات ربما التركيز على تلك التي تحدثت بعمق معك. اسمح لنفسك باستخدام أي ألوان يتردد صداها معك وأي وسيلة إبداعية يتردد صداها معك. أثناء قيامك بذلك، اسمح لنفسك أيضًا أن تلاحظ وتشعر بالفضول حيال ما تشعر به في جسدك عند الرسم. هل تلاحظ أي مناطق توتر في جسمك؟ هل يمكنك محاولة إطلاقها بفنك؟ ما مدى قوة أو نعومة الضغط باستخدام أداة التمييز أثناء تكوينك؟ هل يمكنك أن تلاحظ ما تشعر به في جسدك، ثم كيف تشعر عند استدعاء أشكال مختلفة من الضغط على الملاءة؟ كل هذه معلومات يتفضل جسدك بمشاركتها معك، إذا كنت ستستمع إليها. نعم، أعلم أنه يبدو رائعًا بعض الشيء، لكن قد تفاجأ بما تجده. حاول أن تتحرك قليلا بالطبع، إذا لم يكن لإبداع الفن صدى معك، سأدعوك أيضًا للشعور بحركة أو حركات تريدها أو تحتاج إلى التعبير عنها بشكل كامل.
تذكر دائما، نحن لسنا ملزمون بإظهار أفضل ما لدينا. لا يوجد كائن من كان على هذه الأرض إلا وعنده نقص قي جوانب معينة من حياته، الأشخاص الذين تحاول إخفاء خوفك أمامهم مثلا أو إخفاء وضعك المادي. هم أيضاً يحاولون إخفاء حقائق كبيرة عنك تُعتبر بالنسبة لهم عار. جميعنا كاملين بنواقصنا، من الأفضل أن تتذكر بأنك تحاول تحسين عيوبك التي تخاف إظهارها أمام الناس، والإنصاف الوحيد هو مقارنة نفسك الآن بما أنت عليه سابقا، عندما تشعر بأنك تحسنت بعدة جوانب ستجعل العار الذي تخجل منه سبيلاً للفخر، بأنك على الأقل، ما زلت تحاول.
رنا ضمرة