مشاعر الإهمال و كيفية التعامل معها

مشاعر الإهمال و كيفية التعامل معها

المشاعر جزء من التجربة الأنسانية التي بداخلنا والتي  نختبر بها المشاعر والشعور. المشاعر من الممكن أن تكون ايجابية أو سلبية. في خضم هذه التقلبات، تستمر عجلة المشاعر بالدوران من فرح، ألم،  حزن،  قوة، طمئنانية، وخوف. إدارة المشاعر ومعرفة التعامل معها ليس بالأمرالسهل، وكذلك المقدرة على تسمية مشاعرك. معرفة الحالة التي نكون بها، من وسعها أن تحدث فرقًا كبيرًا في الشخصية وفي اسلوب التعامل مع الحياة بشكل عام. في هذا النص، سوف نتطرق لمجموعة مشاعر الإهمال حسب عجلة المشاعر لـروبرت بلوتشك والتي يندرج تحتها، الوحدة، الحزن، الإكتئاب، الإحراج، التعب، والشعور بالذنب. جذور مشاعر الإهمال تأتي من عدّة مسارات نابعة من الداخل منذ الطفولة لـمرحلة المراهقة وصولاً للرشد مثل اليأس والحزن و غيره. هي غالباً ما  تبدأ في المراحل الأولى من الطفولة عندما  يكون الطفل مُهمل من قبل إحدى الوالدين الذين ربما  يقومون بأفضل ما عندهم ولكن الطفل في هذه المرحلة من حياته لا يمتلك الوعي الكافي و يبرمج كل شيء بناءًا على مشاعره فقط التي يحسُّ بها في تلك اللحظة.

تعطي الأمثلة دائمًا صورة أوضح للموضوع، نتخيل مثلاً أم متعبة ومنهكة من مشاغل الحياة، يحسّ الطفل بمشاعر أمه  فيحاول لفت انتباهها له عن طريق طلبه لأي شيء محاولة منه للفت الإنتباه  وربما لتحسين شعور أمه. ربما، تقوم الأم بطريقة ما محاولة تصريف طفلها نظرا لإنشغالها، وبما أن لدى الأطفال المشاعر الجياشة، قد يتأثر بشكل أو بأخر من تصرف “الإهمال” الذي تعرض له من وجهة نظره. الأطفال الذين يعانون من قلة الإهتمام والدفء،تظهر عليهم أعراض الإنسحاب والعزلة والتباطؤ الذهني بشكل أكبر من الأطفال الذين يحصلون على الإهتمام. في مرات أخرى عند في فرض الأوامر على الطفل دون شرح الأسباب، كثيرا ما نسمع كلمات مثل، “لا يعني لا… ما بتحتاج تفهم  خلاص اسكت هذا شي تافهه اصلا”، أو “أنت رجال ما تبكي…الخ”. عقل الطفل بإمكانه أن يبرمج هذه المشاعر على أنها إهمال حتى لو كانوا الأهل لا يقصدون ذلك. يكبر هذا الطفل و يتطور هذا الشعور بداخله و يبدأ يحس بعدم الإنتماء، أو أنه شخص غير كافي وغير مرغوب به، وبعدها تتطور هذه المشاعر ويصبح شخص حزين و مكسور القلب.

المشاعر تحدث بالتدريج، لا يمكن أن تتكون في يوم وليلة. ومن الممكن أن يتطور الأمر وأن يحس الشخص بالإكتئاب والحزن فجأة، وعلى الأغلب أن الشعور يكون متواجد بعمق بداخله منذ الطفولة وعند وجود أول محفز تظهر كل هذه المشاعر للسطح. قد يساهم الوعي، الإدراك والمعرفة بالشعور الذي يعتيرنا جزءا من الحل وحسن إدارة هذه المشاعر. عندما نعي ونعرف جذر الشعور الأساسي ونبدأ ي تغيير فكرتنا عنه، تتفكك عقدة هذا الشعور بشكل تلقائي وهذا التشافي قد يأخذ فترة من الزمن وربما يحتاج إلى الصبر. لنتكلم أكثر عن ماهية الحزن؛ إنه شعور يتميز بمشاعر التعاسة وسوء المزاج، تعتبر هذه المشاعر آلة طبيعية تحدث بناءً على موقف مزعج أو مؤلم يصل الشخص فيها لحالة من فقدان الأمل والخيبة. الحزن مؤقت وعابر ويمكن أن يتحول لـمشاعر أكثر حدة مثل الإكتئاب وقد تستمر على المدى الطويل. لنحاول الاجابة عن الاسئلة المتعلقة بشعور الحزن، ماهو فهمك للحزن؟ كيف يؤثر بك هذه الشعور؟ كيف يمكننا تخطيه؟ 

الهدف من هذه التساؤلات شرح المشاعر بشكل يجعلنا نستخدمها ونتعامل معها بصورة أفضل لمساعدتنا على فهم الشعور وتقييم قدرتنا على التعامل معها. كيف تؤثر بنا هذه المشاعر وكيف تسيطر على سلوكيتنا وعاداتنا وهل فهمنا الشخصي للمشاعر ساعدنا أو إنعكس علينا؟. غالباً ما تكون هذه السلوكيات غير ملائمة كرد فعلً لشعور ما والسبب يعود لما إعتدنا عليه منذ طفولتنا والظروف التي عشناها والتي ربما منحتنا  فرصة لفهم مشاعرنا بشكل أفضل. قد تكون جذورها عميقة بداخلنا بحيث يصبح السلوك الناتج عن الإحساس بها تلقائي لنحاول الوصول إلى الوعي الكافي لحقيقة هذه المشاعر. عندما نستطيع تسمية شعور ما يعترينا بشكل دقيق، فإننا لانقوم بالحكم عليه بالسوء أوالجودة أيهما أفضل، بل إن ذلك قد يعطيك مجالا أوسع للتحكم في مشاعرك وحسن ظبط النفس وإدراة هذه المشاعر. في “كتاب المشاعروالحياة”، أشار الكاتب، طريقة تعبيرنا عما يدور بداخلنا له دور وتأثير، مثلا، أن تقول أنا أشعر بالخوف أو بالحزن، بدلا عن لدي شعور سيء، عندما تحدد شعورك بأنه خوف وحزن  أو غضب، فإنك بكل تأكيد وضعت لشعورك هيئة يمكنك التعامل معها بعكس الحكم على الشعور بالسوء أو الجودة والذي قد يصعب معه تحديد السلوك الملائم ومن ثم يسيطر الشعور علينا بدلا ًمن أن نسيطر عليه. الأفضل أن نستبدل “أنا أشعر بالخجل وأخاف مما سيحدث” بأن نقول “أحس بشعور قاتل”. هكذا تعطي عقلك المعلومات التي يحتاجها لكي يتعامل ويحدد السلوك الملائم، كل شعور له وصف يميزه عن بقية المشاعر. التعامل مع الوحدة يختلف عن التعامل مع شعور الغضب وكلامهما من الممكن أن يحكم عليه بالسوء. الرسالة التي تصل حينها إلى الدماغ تخلط بين شعور الوحدة وشعور الغضب وحينها سيكون السلوك الناتج غير صحيح وقد يتسم بالغرابة أو المبالغة.

فهمنا الخاطىء للمشاعر يؤثر في سلوكياتنا وفي حالتنا النفسية. دائماً ما يكون هناك صعوبة في التعامل مع المشاعر إذا كنا نظن أنها ستبقى كما هي للأبد، أو أننا لن نستطيع تحملها و لن نتخطى المزعج منها. عندما نقول “لن أستطيع تحمل هذا الشعور مثل الحزن، قد يبدو حينها  الأمر مستحيلاً. هل فكرت في وصف الشعور الذي تمر به ومحاولة التعامل معه بشكل جيد وبكل لطف؟ الأشخاص الذين يصفون المشاعر على أنها شيء بسيط مرّ من أمامنا قد يضطرون للهروب وتجنب مواجهتها. كلنا نشعر بالحزن من وقت لآخر بسبب خسارتنا لشخص عزيز علينا أو ربما لعدم قبولنا ورفضنا في وظيفة ما، وتارة لا نفكر بالحزن أبداً. علينا أن ندرك أنها من سنّة الحياة وأنها عبارة عن ألوان متعددة وليست فقط لونين أبيض وأسود أو أنها رمادية. أنت الآن وكلنا سواء كنا نحاول التعافي من خسارة أو ألم أو تغيير أو فشل في تحقيق هدف. الإعتراف بهذا الشيء يمكن أن يساعدنا على قبول وفهم هذا الشعور ومن ثمّ نستطيع التعامل معه بطريقة أفضل. إذا لم تعترف بما تمر به، ربما لن يمكنك تغير حالتك النفسية للأفضل ولكي تعترف فيه أنت بحاجة لمعرفة جذوره. الجميع لديه معتقداته وطريقته الخاصة في التعامل مع المشاعر، لذا إفعل ما تشعر أنه مناسب لك. قد يساعدك التحدث عن الألم الذي تشعر به مع أصدقاؤك المقربين، وقد يساعدك أيضًا أن تجلس مع مشاعرك لفترة من الوقت و أن تعبير عنها بطريقتك الخاصة، مثلاً التفريغ من خلال الكتابة أو الرسم أو ممارسة هواية ما. ستحتاج الى جلسة مصارحة حقيقية مع ذاتك واعتراف حقيقي بهذا الشعور. إن إهمال مشاعر من حولنا وإهمالهم أيضاً لمشاعرنا أمر قد يكون مزعج. نحن نتعرض إلى إنشغالات في الحياة و ظروفها ولكن هناك لحظات في حياتنا نحتاج فيها إلى الإهتمام والشعور بالأمان.

رنا ضمرة 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *