عادة ما يعرف الخوف على انه شعور داخلي يمنعنا من التقدم، يقيدنا ويسلط الضوء على عثراتنا بدلا من المضي قدماً. ذلك يمنعنا من عيش حياتنا بشكل سليم ويخلق لنا الكثير من المبررات، الذي نراه عائق. وبالطبع لا يأتي الخوف من فراغ،هو مبني على واقعٍ قد عشناه ويستمر معنا في مراحل حياتنا المختلفة في كل مرحلة نعيشها يكبر خوفنا أكثر فأكثر من الأشياء التي تحيط بنا ومن القادم الذي ينتظرنا.
كيف يوثر علينا الخوف سلبا؟
في هذه الآيام أي أحد منا يريد أن يفعل شيء في حياته، أو يخطي خطوة للأمام يضع قيود وعثرات وتخيلات سلبية تمنعه من المضي قدماً وتمنعنا أيضاً من تجربة الأشياء خوفاً من الفشل والانهزام أمام الذات؛ كل شخص منا يعرض عليه عمل ما، أو شيء ما يستسلم لمخاوفه، ويجعل الخوف والأمور السلبية ان تتملكه وتتخلل داخله وتسيطر على قراراته الخوف يولد معنا وكلما نكبر يكبر معنا حتى نشيخ مثلاً يربي الأب ابنه على الترهيب يخاف الابن من عقاب بدلاً من احترامه عندما يزرع الخوف داخلنا ويسيطر علينا ننسى ان نتعامل بالقيم والأخلاق التي بداخلنا يؤدي إلى كثرة المشاكل وإلى الجنون ويلجأ الانسان بسببه إلى الاكتئاب والانعزال، عندما يتملك الخوف الانسان يولد كرهه للحياة وللآخرين ويسيطر عليه فكرة أن يقدم على إنهاء حياته هو تائه وحيد كأنه عالق بين خيارين أولهما لا يمكن تجاوزه والآخر لا يمكن الخروج منه كأنك عالق في متاهة لا يمكنك الخروج منها يستسلم لمخاوفه وشكوكه بالحياة، إما أن يسيطر الانسان على مخاوفه او يسيطر هو عليه، الخوف أشبه بوحش يكون داخل رأسنا يوسوس لنا بهواجس وأشياء تودي بنا إلى التهلكة، ثم يبدأ بالسيطرة علينا ويتوغل بنا يدمرنا داخليا ونفسيا لا نشعر بطعم الحياة حتى يخرج منا.
كما أن الخوف أحد المشاعر السلبية فلا بد لنا أولا أن نفهم ما هي المشاعر حتى يتسنى لنا فهم الخوف، ف المشاعر هي تجربة واعية تتميز بالنشاط العقلي الشديد، أو بدرجة معينة من المتعة، أو المعاناة، المشاعر معقدة بطبيعتها، ووفقاً لبعض النظريات إن المشاعر هي حالات من الشعور الذي يؤدي إلى التغيرات الجسدية والنفسية التي تؤثر على السّلوك، ترتبط فيزيولوجياً بالمشاعر ارتباطاً وثيقاً بإثارة الجهاز العصبي مع اختلاف حالات وقوة الإثارة المرتبطة بعواطف معينة. غالباً ما تكون المشاعر هي القوة المحركة وراء الدافع، سواء كان إيجابياً، أو سلبياً.
ما هو الخوف؟ هو شعورناجم عن الخطر أو التهديد ويعتبرانفعال فطري يتجلى في الهروب من الأخطار والابتعاد عنها، والمبالغة بمشاعر الخوف تؤثر كثيرا وبشكل سلبي على صحة الانسان الجسدية والنفسية. الخوف الزائد عن حده الطبيعي يصبح اضطراب نفسي يسيطر على أفكار الشخص ومشاعره وقراراته وتصرفاته بشكل كامل يتحكم بحياته و يجعله يضع القيود امامه. عندما يريد الشخص التغلب على خوفه عادة ما يوجه لنفسه هذا السؤال لنفسه، لما انا متورط بالخوف؟ وكيف أتخلص منه؟ بعض الأشخاص يخافون إما لانهم احدثوا قفزة كبيرة في حياتهم وبعضهم يخافون لأن روحهم روح طفل، وهناك من عنده أسرار كثيرة لا يريد احد ان يكشفها لانه عند كشفها سيخاف.
التعامل مع الخوف ومواجهته
لا يمكننا حل الخوف بسرعة تامة حله، يكون بالتدريج وبعد وعينا بما يتسببه لنا الخوف نرى أن إعارة اهتمامنا لأمر بالغ الآهمية كالخوف أصبح ضرورة، هكذا أمر علينا أن لا نسمح له أن يسيطر على حياتنا ويعيق وحياة تستحق أن تعاش علينا أن لا نوقفها بسبب الخوف . تجربة نفسية أدت إلى نوبة الخوف الشديدة، وما تبعها من سلوكيات وتجارب نفسية، هي نوبة فزع أو نوبة هلع، ويعرف أن هذه الحالات تكون مفاجئة، وتكون مخيفة جدًّا لصاحبها، والنوبات قد تتكرر أو قد لا يحدث ذلك، لكن كل من يمر بتجربة الفزع تأتيه مشاعر قلقية حول ما سيحدث في المستقبل، وتكون المخاوف والتوترات وشيء من الوساوس موجودة لدى الإنسان.
كثرة الخوف يوصلنا لمرحلة الكسل والاكتئاب وهذا ما حصل مع جميل الذي عانى من رهاب الموت منذ الصغر، بدأت رحلته مع الخوف من الموت عندما كان مع أبيه في السيارة في الطريق الى المنتجع وهما بالطريق واجهتما شاحنة كبيرة وحتى يتفاداها أبا جميل فضل ان يصطدم بأحد الاعمدة نتج عن هذا الاصطدام حادثا كبيرا وبهذا الحادث عاش جميل حالة هلع وخوف على اباه الذي كان فاقدا للوعي ولا يدري ماذا يفعل له لانه كان ينزف وغير قادر على انقاذ اباه. ظل الأب وابنه عالقين حتى الليل الى ان رآهم أحد المارة وطلب الاسعاف وعند وصولهم الى المستشفى بدأ الممرضين بالعمل على إيقاظ الأب بلا نتيجة بقي الأب طوال شهرفي حالة نوم سريري قال الأطباء لعائلته بأن حالته سوف تستقر تحت الإشراف الطبي وبعد مدة، استيقظ الأب لكنه غير قادر على الكلام والحركة بشكل طبيعي وأنه بحاجة لعلاج طبيعي حتى يعود إلى حياته الطبيعية شعرت عائلته بالسعادة والرضى.
هنا تذكر جميل شكل الحادث محاولا تخطي ما حدث، وعند خروج الاب من المستشفى بدا بتلقي العلاج الفيزيائي وأصبح قادرا على إكمال حياته بشكل طبيعي، لكن جميل بقي عالقا في المجهول، كبر جميل وانهى دراسته الابتدائية والاعدادية حتى أنه اختص في المرحلة الجامعية في الطب، وعندما بدأ العمل بمهنة الطب جاءته حالة كحالة أباه وقت الحادث وعندها مرَ شريط الحادث أمامه اكمل جميل يومه وكأن شيئا لم يكن، رجع جميل إلى بيته وهو منشغل التفكيرأكمل بقية يومه اليوم التالي وبعد أيام أصبح متكاسلا عن النزول إلى العمل خائفا النزول من البيت وبدأ يحسب ألف حساب للنزول وحتى عند اتصال اصدقاءه به حتى يذهبوا ويقضوا يوما رائعا كان جميل يعتذر، حتى انه فقد عمله لكنه لم يكترث لهذا لأنه يعتقد انه بهذا الشكل يأخذ حذره وهوغير منتبه أنه شديد الحذر وأن طريقه هالكة وفي أحد الايام اضطر جميل إلى النزول لأن أبا صديقه توفي، ذهب جميل مليئا بالحزن وهو خائف على ان يحصل له مكروه وفي العزاء التقى بشخص اسمه احمد ساله عن حاله فروى جميل ما حصل له وهو لا يعلم بأنه يحدث شخصا يعمل بالطب النفسي، إذ بأحمد يسأله بعد ان ادرك بانه يعاني اضطراب نفسي هل تخاف الموت يا جميل؟ أجابه جميل بالرفض، ولكن الشخص قال له انه علينا ان نتحدث في وقت لاحق حتى اساعدك على تخطي حالتك دون ان يخبره عن مهنته واعطاه رقمه حتى يتصل به بعد التفكير بكلامه، عاد جميل الى منزله يفكر بالكلام الذي دار بينه وبين أحمد.
بعد أيام اتصل جميل باحمد واخبره انه سيكون سعيدا عند رؤيته في المساء، وعند حلول المساء التقيا، وعند اللقاء والتعرف على أحوال بعضهم عاود أحمد سؤال جميل إن كان يخشى الموت وان هذا ما يعيقه عن النزول واخذه الحذر الشديد ظل جميل ينكر لانه لا يعلم ما به الا ان قاطعه أحمد بأن لا يمكنك مواجهة مخاوفك إلا إذا اعترفت به.بدأ جميل يخبر أحمد عن الحادث الذي حصل معه ومع والده فأخبره أحمد ان اضطراب الخوف من الموت هو أحد أخطر المخاوف التي تسيطر على تفكير الانسان لا يتركه الا بعد نزال وصراع طويل وأن الخوف من الموت اضطراب يشل الحياة، وبعد هذا الحوار أخذ جميل بسؤال نفسه مرارا وتكرارا، عن سبب تورطه بالخوف من الموت واكتشف انه متورط بالخوف لانه جعل الخوف من الموت اكبر مخاوفه ولم يقف أمامها مرة ليحلها وبعد معرفة ماهية مشكلته استنتج ان عليه ان يواجه مشاكله وليس تخطيها.
في عجلة المشاعر يندرج ستة مصطلحات تحت مظلة الخوف وهي: الصدمة، العدائية، الغضب، الأنانية، الكراهية، الإنتقاد. سوف أتحدث عن الغضب والأنانية لأننا نواجهم بحياتنا بشكل يومي، وهي تنتج عن ردود فعل يطلقها محفز خارجي أو داخلي.الغضب الذي قد يتحول في الغالب الى العنف ثم الإحباط، والأنانية التي تتحول الى الغيرة والجشع.
الغضب: هو إحساس أو عاطفة شعورية ويعتبرمن أشكال رد الفعل والاستجابة التي تطورت، يعتبر الغضب من المشاعر القوية التي تؤدي إلى بعض الآثار على جسم الإنسان؛ حيث تفرز الغدد الكظرية في الجسم في حالة الغضب الكثير من هرمونات التوتر؛ مثل الكورتيزول والأدرينالين، كما ينقل الدماغ الدم من القناة الهضمية إلى عضلات الجسم ليجعل الجسم مستعداً للقتال، كما يزداد عدد ضربات القلب، وسرعة التنفس، وضغط الدم، والتعرق، وترتفع حرارة الجسم. التعبير عن الغضب قد يكون له نتائج سلبية على الأفراد والمنظمات أيضا، مثل انخفاض الإنتاجية وزيادة التوتر المهني، ولكن من الممكن أيضا أن يكون له نتائج إيجابية، مثل زيادة الحافز في العمل، وتحسين العلاقات، وزيادة التفاهم المتبادل.
حلول للسيطرة على الغضب
- فكر قبل التحدث: أثناء نوبة الغضب، من السهل قول شيء ما قد تندم عليه لاحقًا. انتظر لحظات قليلة لتجميع أفكارك قبل البوح بأي شيء — واجعل المشاركين الآخرين في الموقف نفسه يفعلوا الأمر نفسه.
- بمجرد أن تهدأ قليلا عبر عن غضبك: بمجرد أن تفكر بوضوح، عبّر عن إحباطك بطريقة حازمة ولكن غير تصادمية. اذكر مخاوفك واحتياجاتك بشكل مباشر دون جرح الآخرين أو محاولة السيطرة عليهم.
- ممارسة بعض التمارين الرياضية: يمكن للنشاط البدني المساعدة في تقليل الضغط العصبي الذي قد يسبب لك الشعور بالغضب. إذا شعرت بأن غضبك يزداد حدة، فمارس المشي السريع أو الجري، أو اقض بعض الوقت في ممارسة أنشطة بدنية ممتعة أخرى.
- عليك بأخذ فترة استراحة: فترات الاستراحة ليست مخصصة للأطفال فقط. أعط نفسك استراحات قصيرة خلال أوقات اليوم التي تبدو مرهقة. قد تساعدك الدقائق القليلة الهادئة على الشعور بالتحسن وتحضرك للتعامل مع القادم دون الشعور بالإزعاج أو الغضب.
- حدد الحلول الممكنة: بدلاً من التركيز على ما جعلك غاضبًا، اعمل على حل المشكلة التي تواجهها. هل غرفة طفلك الفوضوية تثير غضبك؟ اغلق الباب. هل تتأخر الزوجة عن العشاء كل ليلة؟ حدد مواعيد متأخرة للوجبات ليلاً — أو تقبل تناول الطعام بمفردك في بعض الأوقات خلال الأسبوع. ذكر نفسك أن الغضب لن يحل شيئًا وربما فقط يزيد الأمر سوءًا.
- التزم بالعبارات التي تحتوي على”أنا”: لتجنب النقد أو إلقاء اللوم — الأمر الذي لا يفعل سوى زيادة التوتر — استخدم العبارات التي تحتوي على “أنا” لوصف المشكلة. تحلَّ بالاحترام وكن محددًا. على سبيل المثال، قل “أشعر بالاستياء لأنك تركت المائدة دون عرض المساعدة فيما يخص الأطباق” بدلاُ من “أنت لا تفعل مطلقًا أي من الأعمال المنزلية.”
- لا تحمل الضغينة: التسامح أداة قوية. إذا سمحت للغضب والمشاعر السلبية الأخرى أن تطرد المشاعر الإيجابية، فقد تجد نفسك مبتلعًا بمراراتك أو حس الظلم لديك. لكن إذا كنت قادرًا على مسامحة شخص أغضبك، فقد يتعلم كلاكما من الموقف ويعزز من علاقتكما.
- استخدم الفكاهة لتخفيف حدة التوتر: أخذ الأمور ببساطة من شأنه نزع فتيل التوتر. استخدم الفكاهة لمساعدتك في مواجهة ما يثير غضبك ومن وربما أي توقعات غير واقعية لديك بشأن الكيفية التي يجب أن تكون عليها الأمور. ومع ذلك تجنب السخرية — لأنها من الممكن أن تؤذي المشاعر وتزيد الأمور سوءًا.
- ممارسة مهارات الإسترخاء: عندما تشتعل غضبًا، استخدم مهارات الاسترخاء. مارس تمارين التنفس العميق، أو تخيل مشهد الاسترخاء أو كرر كلمات أو عبارات مهدئة مثل “هون عليك”. يُمكنكِ أيضًا الاستماع إلى الموسيقى أو كتابة يومياتك أو أداء بعض أوضاع اليوجا — أو كل ما يمكن القيام به للتشجيع على الاسترخاء.
- اعرف متى تطلب المساعدة: يُشكّل تعلم السيطرة على الغضب تحديًا بالنسبة إلى جميع الأشخاص في بعض الأحيان. اطلب المساعدة في مشكلات الغضب إذا كان غضبك يبدو خارج نطاق السيطرة، مما يجعلك تفعل أشياء تندم عليها أو تؤذي من حولك.
الأنانية: هي حب التملك والغيرة الجنونية التي تدفع الإنسان إلى إرادة السيطرة على أملاك الغير بدون حق فيدرج من الأنانية أشياء كثيرة منها حب الإتكالية والاعتماد على الغير وإراحة النفس والصعود على أكتاف وظهور الآخرين بضمير ميت وبدون مبالاة والأنانية أيضا هي رغبة ذاتية للإستحواذ على حاجات الغير وتريده فقط لنفسها وتحرمه على غيرها و يندرج من الأنانية الغرور والتكبر فالشخص الأناني يرى كل من حوله خدم وعبيد عنده وحُبه لذاته لا يفوقه حب أي شيء قال الإمام علي عليه السلام (عجبت للمُتكبر الذي كان بالأمس نطفة ويكون غدا جيفة) والأنانية أيضا هي إتباع الأهواء الشيطانية بضرر الآخرين والانتفاع الشخصى والأنانية هي حب النفس لدرجة جنونية التي تصطحبها الشهوات واللذات والخيلاء وقلة الإيمان وعدم الشعور بالآخرين والأنانية تجر الإنسان إلى الفساد ونحن نجد الفساد في العالم كيف توسعت آفاقه؟
كل ذلك بسبب الأنانية فصار القوي يأكل الضعيف بل يريد القضاء عليه والسبب الأنانية هي حب المال والجاه والسلطة والصعود على الكراسي بأعلى المراكز بغير حق وكل هذا يعود لحب النفس والأنانية هي أيضا ملء للبطون وجمع الثروات الطائلة بدون عناء وترك العناء للغير ويندرج من الأنانية أيضا الحسد قال الإمام علي عليه السلام (رأس الرذائل الحَسد) وحُب التسلط الشخصي فالأناني إنسان لا يقبل النصيحة والإرشاد من أحد لأنهُ يجد نفسه أفضل من كل الناس ولا أحد مثله في الكون فكيف يستمع للنصح؟الأنانية أيضا هي تمتع وترفه النفس على حساب الآخرين وعدم حب الخير لأحد ويندرج من الأنانية أيضا الكره مثلا الإنسان الفاشل في الدراسة والأناني في نفس الوقت ومفطورٌ على هذه الصفة وعندما يرى غيره ناجح في دراسته يحاول وضع العقبات في طريقه وفي بعض الأحيان يتصرف المرء بأنانيه دون وعي رغم انه يتجنب هذه الصفة السيئة.
الأنانية ليست بالأمر السيئ إذا ما كانت إحدى العلاقات الإنسانية مضرة بصاحبها، ولكنها ستكون فتاكة ومهدّمة إذا ما نبعت من أنانية جاحدة في حق من يقدم ويعطي ولا يتوقع إلا أن يعامل بالمثل. يجب علينا محاولة أن نكون أكثر لطفاً في أنانيتنا واهتمامنا بأنفسنا ومصالحنا، لا بأس أن تفكر في نفسك وأن تختار الأفضل لها، ولكن حاول دائماً أن تضع في حسبانك الأشخاص المتضررين منه، ولنتذكر أن حب الذات من أجل تعلّم حب الآخرين يختلف كثيراً عن الأنانية التي تتركز على حب الذات ونبذ الآخرين.
نوال مسعود