الصوره النمطيه اسبابها واشكالها وكيف طرق معالجتها

الصوره النمطيه اسبابها واشكالها وكيف طرق معالجتها

في عالم سريع التطور كعالمنا، تنتشر الصور المختلفة والآراء حول الأشخاص والجماعات بسرعة هائلة، وذلك عبر وسائل الإعلام والتواصل الإجتماعي. رغم السرعة الكبيرة في إيصال هذه المعلومات إلا أن مخاطرها عديدة، من ضمن هذه المخاطر الصورة النمطية. باتت الصور النمطية مشكلة كبيرة في مجتمعاتنا في الوقت الحاضر، والمشكلة الأكثر خطورة هو تضخمها وانتشارها في المستقبل إذا لم يتم الحد منها. هذه المنظومات بتمثيلاتها المختلفة هي المسؤولة عن تحديد ما نتصوره عن الآخرين، ومسؤولة عما يمثل رؤيتنا للعالم. لها تأثير كبير على مسار حياتنا اليومية من خلال علاقتنا بمحيطنا الاجتماعي، وما يمكن أن يتحقق من الإدراك والفهم والتفاهم والعاطفة والتوقع، ومراقبة الموقف.

تمثل الصور النمطية أهم أنواع المنظومات المعرفية التي تستخدم في مخاطبة البيئة الإجتماعية. إذ إنها تمثل آراء مشتركة بين أعضاء جماعة معينة تجاه غيرها من الجماعات. تنغرس الصور النمطية في ذواتنا منذ نعومة أظفارنا من خلال التنشئة الاجتماعية وتتشكل نتيجة لتجاربنا ولملاحظاتنا الخاصة أو تعتمد على الصور التي نحصل عليها من السياق الاجتماعي الذي يشمل الأسرة والأصدقاء والمدرسة ووسائل الإعلام. يتم ذلك بطريقة تتسم بالتبسيط والتعميم التي تنتج الصور النمطية الذاتية لدينا، والتي قد تكون صورة غير مكتملة، وأحيانا تكون صورا مشوهة عن الواقع وغالبا ما تصبح قوالب جامدة تقاوم التغيير. على الرغم من أننا نمتلك بعض الصور النمطية الإيجابية عن الآخرين إلا أن الصور السلبية، هي الأكثر شيوعاً. حتى لو كان هناك من الحجج ما يسمح بدحض سلبيات تلك الصور. على سبيل المثال يمكننا تتبع ما لوسائل الإعلام من قوة التأثير في استخدام الصور النمطية من خلال ما تقدمه الإعلانات التجارية من صور نمطية كأسلوب للإقناع.

تستخدم الإعلانات التجارية الصور النمطية باعتبارها واحدة من تقنيات الإقناع الأكثر شعبية، لأنها تصف الجماعات متجاهلة بذلك الفروق الفردية. تعتمد الرسالة الإعلانية على الخصائص المعروفة المهيمنة في المجتمع. تقوم بتبسيط رسائلها لكي يتم فهمها من قبل المتلقين لخلق وتشكيل آراء الناس والتأثير في رغباتهم واحتياجاتهم وهكذا من المفترض أن تكون مسؤولة عن توفير الخطاب الذي يكون ملائماً «للمجتمع بكل أطيافه» للحصول على أكبر عدد ممكن من المتلقين. مع ذلك، وبسبب الطريقة النمطية لتصوير الواقع وتفسيره، فإنه يتم تجاهل بعض الجماعات أو الفئات في المجتمع، وينتج عن ذلك صور غير مكتملة عن المجتمع. على الرغم من أن الناس يدركون أخطار التعميم التي تشكلها الصور النمطية، يميلون إلى أن يكونوا ممتثلين لما اعتادوا عليه، ويفضلون الخضوع للصور النمطية المسيطرة أكثر من الصور النمطية المعارضة لها وتسهيلا للأمر نجمع الناس الأكثر اختلافا تحت الاسم ذاته. تسهيلا للأمر نعزو لهم أيضا جرائم وأفعالا جماعية وآراء جماعية: “لقد ذبح الصرب…”، “لقد هدم الإنكليز…”، “يرفض العرب…”، “ودون أي اضطراب نطلق الأحكام على هذا الشعب أو ذلك فهو “شغيل”، أو “ماهر”، أو “كسول”، أو “”حساس”، أو “ماكر”، أو “متكبر”، أو “عنيد”، وهذا ما يؤدي أحيانا إلي إراقة الدم ويوجد اتجاه إلى بناء صورة اجتماعية عامة لوصف وتعريف مجموعة ما تنتمي إلي دين ما، أو عرق ما، أو جنسية معينة، وبالتالي يتم عزو سلوك هذه المجموعة بناء على ما تم إطلاقه من أحكام مسبقة.

في حقيقة الأمر، بعض الصور الإجتماعية يكون مبالغا فيها، والبعض الآخر يأخذ طابع الوصم، الأمر الذي ينتج عنه فيما بعد ظهور العداءات، التي قد تمتد إلى نزاعات بين المجموعات الإجتماعية المختلفة داخل الدولة الواحدة، أو بين المجتمعات العابرة للحدود. يزخر التاريخ الإنساني بالعديد من أمثلة النزاعات التي نشأت بين مجموعتين اجتماعيتين أو أكثر كنتيجة لسيادة صورة نمطية معينة تصم الطرف محل النزاع. حيث تسعي مجموعة اجتماعية ما إلي تهميش واستبعاد المجموعة الأخرى، من خلال وصمها بمجموعة من الافتراضات التي تعمل على ترسيخ عملية التنميط، وقولبة المجموعة محل الوصم. ذلك لا ينفي أن هذه الصورة النمطية تعتمد أيضا على الكيفية التي تقوم هذه المجموعات بتعريف ذاتها أمام الآخر. هذا يعني بصيغة آخرى أن هناك مسئولية مشتركة تجاه وجود صورة نمطية معينة. إلا أن هذا لا يمنع وجود عوامل خارجية تعمل على ترسيخ الصورة النمطية في الوعي الجمعي، كالدور الذي تلعبه وسائل الإعلام، والفن، فضلا عن سياسات بعض الدول التي تؤجج عملية التمييز العنصري ومن هنا جاء هذا المقال ليوضح لنا مفهوم كل من الصوره النمطيه، الوصم، اسبابها، اشكالها، وطرق معالجتها.

استخدم “فيرمين ديدوت” المصطلح لأول مرة عام 1798، لوصف طلي طباعة يمكنه نسخ وطباعة الحروف. هذا الطلي الطباعي، أو الصورة النمطية ، يمكن استخدامه لطباعة النسخ، بدلًا من الأصل. واستُخدم هذا المصطلح لفترة طويلة للتعبير عن “الصورة التي يمكن الحفاظ عليها بدون تغيير”. في عام 1922 استخدم الصحفي الأمريكي “والتر ليبمان” مصطلح “الصورة النمطية” لأول مرة للتعبير عن معناها السيكولوجي. في كتابه (الرأي العام) للإشارة إلى معتقدات الناس عن الفئات الاجتماعية المختلفة.

  • النمطيه لغويا: اتباع طريقة أو أسلوب أو شكل أو مظهر مكرر ومتناقل.
  • النمطيه اصطلاحا: التعميم والحكم وبناء الآراء حول فرد أو جماعة اعتمادا على أفكار تقليدية خاطئة، وتمتاز هذه الصور بالثبات النسبي والإستدامة النسبية وفي الغالب ما تكون هذه الصور سطحية لا تعكس الواقع البحت لهؤلاء الأفراد والجماعات.
  • الوصم: اطلاق المسميات والصاق اختلاف غير مرغوب فيه بالفرد من جانب الاخرين يحرمه من التقبل الاجتماعى أوتأييد المجتمع له، لانه شخص مختلف عن بقية الأشخاص فى المجتمع. هذا الاختلاف يكمن فى خاصية من خصائصه الجسمية أوالعقلية أوالنفسية أوالاجتماعية تجعله مغتربا عن المجتمع الذى يعيش فيه نظرا لحالة الرفض الذى يعانى منه من جراء اتسامه باحدى الخصائص سالفة الذكر، ممّا يجعله فى احساس دائم بعدم التوازن النفسى والإجتماعى.

يعود تكون الصورة النمطية لعدة أسباب، أولها تصنيف الأفراد ضمن جماعات، فكل فرد من المجتمع يصنف باقي الأفراد وفقا لخبرته أو لتعامله مع أحدهم، أن الصورة النمطية تتكون بسبب سطحية التعامل وعدم التعمق في الفئة المجتمعية. الأفكار والآراء المتكونة لا تعكس جوهر الحضارة والثقافة، وإنما تبنى على أسس تعامل مع أشخاص قد يحسنون وقد يسيئون تمثيل بلادهم، دينهم، ثقافتهم، أو حتى نفسهم.

من أبرز الأسباب التي تدعو لتكوين الصور النمطية هو خطاب الكراهية، والذي يعد أي كلمة أو تصور أو فكرة تدعو لنشر الكره والبغضاء نحو أشخاص أو فئة معينة من الناس بسبب وجود أفكار وتأملات خاطئة حول هذه الفئة. تبين أن لخطاب الكراهية الدور الأكبر والأخطر في تكوين الصور النمطية ونشرها وترسيخها في عقول الناس، وهذا يعد الأخطر لأن الصور النمطية المتكونة تبنى على مشاعر البغضاء والكراهية، تشكل صورا لا تمت للواقع بصلة. تتعدد الصور النمطية في أشكالها، أول أنواعها هي الصور النمطية العرقية، والتي تتشكل حول عرق معين، ومن هذه الصور الإعتقاد بأن كل العرق الأبيض عنصري وكاره لغيره. أما ثاني أشكال الصور النمطية هي الصور النمطية الدينية، يتم فيها تكون صورة عامة عن دين معين. وانتقالا لشكل آخر، إن الصور النمطية المبنية على الدور الإجتماعي وتعتبر من الصور الأكثر انتشارا؛ قد يقال أن الرجل هو المسؤول عن نفقة العائلة وأن المرأة هي المسؤولة عن تربية الأطفال والعناية بالمنزل ومرافقه. تكونت هذه الصور بسبب أفكار ومعتقدات تقليدية تكونت في الزمان البعيد وتناقلتها الأجيال حتى وصلت لما هي عليه الآن. أما النوع الرابع، فهي الصور النمطية الثقافية، والتي تتعلق بثقافة أو بلد أو موقع جغرافي، مثل تعميم أن جميع ساكني إفريقيا هم من أصحاب البشرة السوداء، أو أن جميع من يسكن في دول الغنية هم من الطبقة البرجوازية. وهنا يتبين أن الصور النمطية موجودة في كل مكان في العالم، وأنها تتعدد في أشكالها تبعا لتفكير منشئها وأهدافه.

من الطرق التي من الممكن استخدامها لمعالجه الصوره النمطيه:

  • من الممكن تشكيل مؤسسات فكرية، ومراكز بحوث ودراسات متخصصة، تقدم الوصايا إلى صانع القرار، وتساعده على التحرر من التفكير النمطي، فضلًا عن التركيز على المؤسسات الجامعية التعليمية والمدارس بجميع مراحلها، وتزوديها بمناهج علمية، وكوادر تدريسية قادرة على تنمية عقول الدارسين، لتجعل منها أدوات لوأد التفكير النمطي.
  • كما أنه من الهام إدخال المناهج المتطورة في رياض الأطفال بشكل تدريجي لتنظيف تلك العقليات الصغيرة وتزويدها بالأفكار الصالحة، وكل ما هو جيد ومستحدث من السلوكيات والقيم. وإقامة حملات تثقيفية للأسرة تتعهد بها جهود مدنية.
  • الإعلام بوسائله وأنواعه حتى المغمورة منها، عليه البدء بحملات لنقض الفكر النمطي وتشجيع العقول على الولوج في العوالم الفكرية الجديدة. لا يصح استنساخ الأفكار التي لا تنبع من الثقافة الأصيلة والقيم الأم دون تفكير. لا يمكن الاستفادة من الطرق التقليدية المستهلَكة، التفكير النوعي الحديث، لا ينتجه السائد أو المستهلَك. بالإضافة إلى تخصيص جرعات مناسبة لدعم الجرأة الفكرية لدى الأفراد ومن ثم المجتمع بأكمله. عليك بعدم التوقف عن تحديث الخطط الفكرية التعليمية، وتجديدها بما يواكب المستجدات الحديثة في هذا المجال.

على الرغم من أن هناك العديد من الطرق الأخرى التي يمكن للناس في كل مكان أن يصبحوا من خلالها أكثر إدراكًا للصور النمطية، فهي تعتبر قلة قليلة بشكل عام، والطريقة المثالية هي أن تأخذ وقتك في التفكير. من وجهه نظري، أجد أن علينا ان نبدا بالتغيير الفعلي نحو مستقبل اكثر ابداعا  وانتاجيه وذلك من خلال تغيير الصوره النمطيه بداية عن ذواتنا ومن ثم عائلاتنا لنبنى مجتمع متصالح متكاتف بعيدا عن القوالب والروتين واطلاق الاحكام من أجل أن يعم الخير والسلام على الجميع وننهض بأنفسنا و أوطاننا.

سراء القضاة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *