الثقة بالنفس هي نوعٌ من الأمان الداخلي المُمَنهج والمَدروس يَعتمد على ثقة الفرد باستِعداداته وإمكاناته ومَهاراته، ومدى تَمكُّنه من تنفيذ أهدافه وثقته الذاتيّة بإمكانية تحقيقها وبالتالي تَحقيق التوافق النفسي والإجتماعي. من المُمكن تَعريفها أيضا على أنها إدراك الفرد لقُدراته ومؤهّلاته وثقته في إمكانيّة تَوظيفها في مواجهة المشكلات والعوائق التي يُصادفها بشكل فعّال وبنَّاء، بالإضافة إلى الاستجابات المُتوازِنة والتوافقيّة خلال تَعرُّضه للمُثيرات المختلفة، كما أنّ الثقة بالنّفس تُعبّر عن الرضا والتقبل الذاتي والمجتمعي للفرد وإدراك الآخرين لقُدراته وكفاءاته. تعد الثقة بالنفس من أهمّ السمات الشخصيّة التي تُحدّد حياة الفرد وتوافقه مع ذاته ومع مجتمعه، وتعني تَقبُّل القُدرات التي منحها الله للفَرد والرضا بها، والتكيُّف معها، والقدرة على مُواجهة الظّروف اليوميّة بكافّة أنواعها بفاعليه أكثر. الثقة بالنّفس تُضيف للفرد إحساساً بالإعتزاز، والإفتخار بمهاراته وكفاءاته.
انعدام الثقة بالنفس له أثر سلبي على صحة الإنسان النفسية، ناهيك عن الآثار والنتائج السلبية على تطور الإنسان الوظيفي وتفاعله الإجتماعي. انعدام الثقة له أسبابه ومنها ما: التنشئة الإجتماعية، الطباع العامة والجينات، عدم التقدير والعوامل الخارجية العديدة مثل الإحباط عند توجيه الكلام القاسي والتعرض للتنمر. هذه العوامل الخارجية من أكثر الأسباب التي يعاني بسببها أبناء الجيل الحالي لسهولة إصدار الأحكام عليهم والتنمر أو حتى المقارنة التي تؤدي لعدم الشعور بالرضى وذلك من خلال مواقع التواصل الاجتماعية غالبا. تعتبر وسائل التواصل الإجتماعي بأنواعها المختلفة أكثر الأماكن شيوعا لممارسة ظاهرة التنمّر الإلكتروني على سبيل المثال، وهذا التنمر يُسيئ للآخرين ويُسبب لهم مشاكل نفسيّة أحدها ضعف الثقة بالنفس وهو ما سنتناوله في مقالنا اليوم.
لكثرة انتشار العقبات التي تواجه الصحة النفسية لدى رواد مواقع التواصل الإجتماعي و وجوب الحد من هذه الظاهرة أو حتى إفنائها كان لابد من التعامل مع الموضوع من قبل مختصين ملمين بحيثيات الموضوع سواء على صعيد الصحة النفسية أو على الصعيد الإلكتروني. المتنمر يقدم على أفعاله لشعوره بالنقص مثلًا أو لتفريغ التنمر المنقول من شخص آخر وقلة الثقة بالنفس. عندما نريد أن نربط بين الصحة النفسية والمنصات أو الأدوات التكنلوجية فأكثر مثال مناسب من وجهة نظري هو الحديث عن علم نفس الانترنت، علم نفس الانترنت أو “سايكولوجية السايبر”، هو مجال يشمل جميع الظواهر النفسية المرتبطة أو التي تنشأ عن التكنولوجيا، وكلمة “سابير” مأخوذة من الفضاء الإلكتروني وهي دراسة عملية التحكم والإتصال، أما علم النفس فتعني دراسة العقل والسلوك، وعلم نفس الإنترنت هو مجال آخذ بالاتساع.
لفهم أشمل، سنتطرق لمفهوم أعمق قليلا لعلم النفس تحديدا ومن ثم سنوضّح العلاقة بينه وبين الإنترنت وتطبيقاته في معالجة وتحسين مستوى الثقة بالنفس. سنتحدث أيضا عن الوظيفة التي سيشغرها من سيقدم للعمل في مجال علم نفس الانترنت وما طبيعة عمله وما التخصص الأكاديمي الذي سيؤهلك للعمل بهذا المجال. متوسط الأجور وغيرها من المعلومات اللازمة لفهم هذه “الصنعة”. يُعرف علم النفس العام بأنه العلم الذي يدرس السلوك الإنساني على أنّه استجابة لمُثير، وتختلف الاستجابات باختلاف المثيرات، بالإضافة إلى دراسة أثر الوراثة والبيئة الداخلية والخارجية للفرد على اتجاهاته وتفاعلاته مع ذاته ومع مجتمعه، يدرس هذا العلم التفاعلات السلوكية للفرد بأنواعها اللفظية، الحركية، والعقلية، والعاطفية أو الوجدانية، والعلاقات المتلازمة فيما بينها لغرض فهم هذا السلوك وإيجاد الطرق المناسبة لتحليله وفهمه، والتنبؤ بالمشكلات والعوائق التي من الممكن أن تتعارض مع الفرد في موقف معين وردود فعله المتوقعة تجاهها. كما ويساعد علم النفس بصفة عامة على فهم أنماط الشخصيات المختلفة وتوقّع انطباعاتها وتصوراتها والمواقف المتباينة لها. لذلك تكثر الفروع العملية لعلم النفس في العصر الحديث كعلم نفس الصناعة، وعلم النفس الجنائي، وعلم النفس الإجتماعي، وغيرها الكثير من الفروع والتصنيفات التي يُعالج كل منها مجال معين.
علم نفس الإنترنت هو دراسة العقل والسلوك البشري في سياق التفاعل البشري والإتصال بين الإنسان والآلة، وتوسع المجال ليشمل ثقافة التفاعل مع الحواسيب والواقع الإفتراضي في الإنترنت. أكثر الدراسات البحثية تركز على تأثير الإنترنت والفضاء الإلكتروني على سيكولوجية الأفراد والمجموعات. من المواضيع الأكثر طرحا: الهوية في الإنترنت، العلاقات في الإنترنت، أنواع الشخصيات في الفضاء الإلكتروني، الانتقال إلى الحواسيب، إدمان الكومبيوترات والإنترنت، السلوك الارتدادي في الفضاء الإلكتروني، تغيير الجنس في الإنترنت والعديد من العنواين الأخرى. التعرض للتواصل مع الأشخاص العديدين والمجهولي الهوية يحمل احتمالات كثير وكثرة استخدام مواقع التواصل الإجتماعي يهدد الصحة العقلية للمستخدمين، لأنه يُحتمل حدوث اكتئاب، تدني احترام الذات، الشعور بالوحدة والعلاقات السلبية جراء كثرة الستخدام، وهذا كله يصب بشكل أو بآخر في ثقة الشخص بذاته.
ومن السمات الشخصية المهمة للراغبين في دخول مجال علم النفس: حب الإستماع والإنصات للآخرين من أجل استيعاب مشاكلهم، مهارات التفكير الجيد من أجل القدرة على حل تلك المشاكل، امتلاك القدرة على الاستنتاج والتحليل، القدرة على ضبط النفس ومعالجة المشاعر الذاتية الكتمان واحترام خصوصية المعلومات و طبعا وجود الحس الإنساني والعديد من السمات الأخرى التي لابد من وجودها. لعلم النفس فروع عديدة مثل علم النفس الرياضي، علم النفس الحيواني، علم النفس السريري، علم النفس الإجتماعي وهو ما يتمحور حوله ما نتطرق له اليوم غالبا. يتنوع المحتوى الدراسي لتخصص علم النفس وذلك بسبب احتوائه على العديد من الفروع، ولكن سنقوم بذكر المواد الأساسية التي يتناولها علم النفس: مبادئ علم النفس، علم النفس اللغوي، علم النفس الاجتماعي، علم نفس النمو، سيكولوجيا الجرائم، التعلم والمعرفة وغيرها من المواد التي يشملها المحتوى الدراسي وتستغرق دراسة التخصص من ثلاث الى اربع سنوات في حال كان في علم النفس أما اذا كان السلك الأكاديمي يُعنى بالطب النفسي سيستغرق سبع سنوات دراسية. من ايجابيات التخصص، فهم السلوك الإنساني، التفكير الناقدن قراءة لغة الجسد، تعلم اتخاذ القرارات السليمة، الوقاية من الأمراض النفسية والتوسع لمجالات أخرى. بحسب موقع (عربي 22) إن هذه “الصنعة” تقع ضمن قائمة الوظائف الأعلى أجرًا في عام 2019 بواقع متوسط 300 ألف دولار سنويًا. ويتوقع زيادة الطلب على هذه المهنة بنسبة 14% أكثر مما هي عليه الآن وذلم في الفترة الممتدة بين عام 2016 وعام 2026 للعمل غالبًا في المدارس والمستشفيات والعيادات النفسية.
للقدرة على الربط بين علم النفس والسيبرانية لابد من الإلمام بمعلومات كافية عن كيفية التعامل مع مواقع التواصل الإجتماعي والمنصات على الشبكة العنكبوتية والقدرة على تحليل البيانات. تحليل البانات من مواقع التواصل الإجتماعي على سبيل المثال يتم من خلال: أولا تحليل المحتوى من خلال: التحليل الإستنتاجي، التحليل الإستقرائي، ثانيا تحليل المشاعر، ثالثا تحليل الشبكات الإجتماعية. الخطوات لعمل ذلك تحدث عن طريق تجميع وتجهيز البيانات، تنظيف وفلترة البيانات، التعرف على البيانات، تحديد الوحدات الرئيسية، بناء مخطط الوحدات، تجربة عينة من البيانات على مخطط الوحدات، تحليل كافة البيانات، التحقق من تناسق التحليل، استخلاص الإستنتاجات من التحليل و كتابة التقرير النهائي. يعد العلاج النفسي في الفضاء الإلكتروني أو العلاج الإلكتروني أمرا مثيرا للجدل بسبب قضايا متعلقة بفعاليته وتأثيره، ولك عندما يكون العلاج النفسي عن الفضاء النفسي ذاته فهو أمر مهم الوجود.
يوسف النسور