الأخذ بزمام الأمور

الأخذ بزمام الأمور

 الأخذ بزمام الأمور اصطلاحًا تعني التحكّم بها أو السيطرة عليها بحسب المعجم الوسيط. قد تؤخذ عند البعض على أنها صفة نابعة فقط من حس المبادرة، لكنها ميزة مهمة لابد من وجودها عند القائد فهي جزء لا يتجزأ من عملية القيادة والإدارة، والإمساك أو الأخذ بزمام الأمور تعطي القوة أو السُلطة وتتطلبها في آن واحد. قام “روبرت غرين” في كتابه (كيف تمسك بزمام القوة)، بكتابة ثمانية وأربعين قاعدة إرشادية فيما يتعلق بتلك المسألة، ولربما أكثر القواعد التي أعجبتني: لا تبنِ قِلاعًا حولك فالعزلة خطرة وهذه من أهم القواعد حيث أن التواصل الفعّال والأنفتاح للآراء والتعرض للفريق يساعد في فهم الأمور ووجهات النظر التي تلزم للأحاطة بجوانب الأمور جميعها مما يعني القدرة على الأخذ بزمام الأمور بشكل صحيح وفعّال. خطط طوال الطريق حتى النهاية وهذه القاعدة تعد منطقًا أساسيًا للقدرة على التحكّم بزمام الأمور على جميع المراتب أي سواء على الصعيد الشخصي، العمل، الحياتي أو حتى الإداري. من الطبيعي لا بل من الأساسي أن تكون الخطط مرنة وتصلح على المدى الطويل مع وجود خطط بديلة. أيضًا، أعد تشكيل نفسك وهذا ضروري جدًا عند الوجود في موقع حساس يعتمد عليك في إدارة ويتطلب منك ان تكون تكون ملم بالمسائل المتعلقة به وإمكانية إعادة الهيكلة.

الأخذ بزمام الأمور شيء مرتبط ارتباط وثيق بالمسؤولية، هي إلتزام الشخص بما يصدر عنه ويتعلق به. تنقسم المسؤوليات لإجتماعية، جماعية، قانونية وأخلاقية، وتحمّل نتائج الأفعال والوضع المعيشي أو الإجتماعي، وكما يقال أنت مسؤول عن ذاتك وحياتك. من أهم الأمور المترتبة على تحمل المسؤولية والقيام بالأخذ بزمام الأمور: امتلاك السيطرة، حيث أن على الفرد أن يكون قائدا لحياته الخاصة أو لدوره في العمل مثلا وأخذ القرارات بحرية دون الخوف من آراء الآخرين، احترام وتقدير الذات عندما يصبح الفرد مسؤولاً عن القرارات والخيارات المتعددة في شؤون الحياة سيؤدي ذلك إلى بناء الثقة بالنفس، التحلي بالشجاعة. كثيرا ما يعزف الإنسان عن أمر يرغب به بشدة؛ نتيجة للتردد وسماع ذاك الصوت الداخلي ولكن أخذ القرارات تساعد على تخطي الأمر. اكتساب مهارة القدرة على التغيير انطلاقًا من معرفة الشخص انه يتحمل عواقب قراراته كونه مسؤول عنها فإنه سيطور من قدرته في التمييز الجيد من السيء وتغيير حياته للأفضل.

المسؤولية قيمة من قيم الانسان التي تتجلّى في تصرفاته في عدة مظاهر والأخذ بزمام الأمور تعد أحدها ويترتب على الشخص الآخذ بزمام الأمور أن يكون ذا شخصية قوية ليتسنى له السيطرة على ردات أفعاله وأفعال غيره حيث أنها تتمثل بالجديّة والثقة بالنفس، الإيجابية وحب المبادرة، العقلانية والمنطقية، المرونة والتحدث بصراحة، عدم اتساع دائرة الأشخاص الذين يثقون بهم وغيرها من الصفات. من المهم أيضا التطرق لنقطة التفرد بالأسلوب، حيث أنه من الضروري أن يسير الشخص في انجازاته بطريقته الخاصة ووضع بصمته عوضا عن التفكير الزائد بآراء الآخرين وتقليدهم. هذا لا يعني أن لا يستقي النتاجات من تجاربهم ولكن بيت القصيد أن يأخذ بزمام الأمور بطريقته الخاصة، في النهاية لسنا جميعًا نحمل نفس التفكير.

بعض النقاط التي تساعد في تقوية الشخصية التي لا شك تعتمد عليها خطوة الأخذ بزمام الأمور، التمسك بالهوية الشخصية والإستقلال الفكري ومعرفة أو ايجاد ال “أنا” لأن الهوية أساس البوصلة التي يعتمد عليها الشخص في حياته فلو أضاعت الطريق شعر بالضياع وعد التأكد من القرارات التي يقوم بأخذها أو حتى تبريرها لذاته. تقوية المفردات اللغوية، ذلك يدعم بشكل كبير القدرة على التعبير عن النفس عند وجود حصيلة جيدة من المفردات أو ما يسمى بال “الثروة اللغوية”. مواجهة الفشل، ليس من المعيب للشخص فشله بل أنه عدم نهوضه ومحاولته مرة أخرى هو ما يفعل وكما يقول المثل “أنت حتمًا ستفقد 100% من الفرص التي لا تحاول اقتناصها”. الصبر، هذه الصفة أجدها العامل الخفي أو الكامن حيث أنه ليس من السهل أن يكون الشخص صبورا خلال المسيرة كاملةً وانتظار النتائج لتأخذ وقتها فذلك يشعر وكأنه يستغرق وقتًا الى اللانهائية. لكن، أعلم حتمًا أن الانتظار يستحق النتيجة مهما كانت، التعلم خلال العملية أثر أهمية من العملية ذاتها. 

بما أن القيادة والأخذ بزمام الأمور شيئان يتقاطعان كثيرا في الكيفية، أود التطرق إلى شمول المصطلحين، المعلم والمستشار والقاضي وغيرها من المهن والرموز يشكلون مثالًا وأنموذجًا مهما على أشخاص يقومون بالأخذ بزمام الأمور وكذلك هم قادة في أدوارهم. من الأمثلة على القيادة الآخذة بزمام الأمور، دولة اليابان أو كما تم تسميتها كوكب اليابان لتطورها في التكنولوجيا واستباقها لعصرنا. اليابان كانت قد سقطت في واقعة التفجير النووي لمدينتي هيروشيما وناغازاكي الذي أسفر عن ضحايا وخسائر مؤلمة جعلها تستسلم بعد ستة أيام، لذا نرى أنموذجا رائعة في الأخذ بزمام الأمور وتحمل المسؤولية التي تمثلت بتوقيع وثيقة استسلام والتركيز على النهوض بالدولة ولم تكن سبّاقة في الاقتصاد فقط بل هي متطورة علميًا ودبلوماسيا. الأخذ بزمام الأمور يكون عبر الإنخراط في مرحلة العمل والخروج من دور الضحية إذا صح التعبير فهو تحمل المسؤولية والقيام باستجماع حياتك أوعملك والبدء في التنفيذ والتطوير واعتنام الفرص والتعرف عليها.

يوسف النسور 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *