ربما عند سماعك اسم هذه النظرية ستشعر بالغرابه، ولكن يقصد بهذه النظرية بأنه كيف من الممكن أن نؤثر على الآخرين، وهي بإتباع سياسة النفس الطويل وهي نظرية يتبعها الكثير من الاشخاص والجماعات وحتى بعض الدول. مصدر نظرية الضفدع، عالم يعيش في بلاط أحد الملوك ويعمل على تدريب الأمراء وتجهيزهم لتولي مهام ومناصب في الحكم. ذات مرة طلب العالم من أحد الأمراء أن يقوم بسلق ضفدع حي، ورغم دهشة الأمير من الطلب بل واقتناعه أن الأمر سهل، جهز الأمير القدر وملأه بالماء المغلي، ثم صاد أحد الضفادع ووضعه فيه. ما أن شعر الضفدع بحرارة الماء حتى قفز هارباً إلا أن الأمير أسرع بإمساكه مرة أخرى وألقاه في الماء فـقفز الضفدع مرة أخرى.
عندها شعر الأمير بصعوبة الأمر وذهب يطلب المشورة من معلمه. هنا أخبره العالم أن الأمر في غاية البساطة، أحضر العالم القدر ووضع فيه ماء بارداً، ووضع الضفدع في الماء. ظل الضفدع هادئاً مستمتعاً ببرودة الماء، ثم قام العالم بإشعال نار هادئة جداً لا تكاد تدفئ ما حولها وجلس ينظر إلى القدر بهدوء وصبر. الماء يسخن شيئاً فشيئاً حتى ارتفعت درجة حرارة الماء من 10 إلى 15 في دقائق ثم بدأ يزيد الحرارة درجة واحدة كل دقيقة. ببطء شديد بدأت عضلات الضفدع تسترخي مع دفء الماء حتى وصلت درجة الحرارة إلى درجة الغليان لم يستطع الضفدع القفز لينجو وفقد الأمل تماماً في النجاة فمات المسكين. نستنتج مما سبق بأن “الضفدع لا يحس بالتغيير التدريجي من حوله حتى لو كانت به نهايته”.
نظرية الضفدع المغلي هي نظرية تصف عملية غلي الضفدع وردة فعله على هذه العملية وهي تستعمل لتفسير ردود أفعال الناس والأشخاص على التغيرات الهامة التى تحصل لهم أو لمن حولهم؛ بأن الضفدع سوف يقفز فوراً عندما يوضع في ماء حار. أما إذا وضعنا الضفدع في الماء في درجة حرارة معتدلة او باردة ثم نقوم بغلي الماء ببطء فإنه لن يقفز وسوف يبقى في الماء حتى يصير حاراً لأنه لن يشعر بالخطر التدريجي الحاصل وبعد ذلك سوف يموت الضفدع عندما تصبح درجة حرارة الماء عالية جدا لدرجة الموت.
في الحقيقة كلنا مثل هذا الضفدع المستسلم، الذي يرقص بسعادة وهو لا يدري أنه يقدم على الإنتحار. في حين لا نراقب ما يحدث فينا وفي محيطنا، حين نستسلم للظروف من حولنا، تقل حركتنا ونغتال طموحنا ولا تستشعر بالخطر المحدق بنا، سوف نبذل ونموت في بطء بدون حتى أن ندري أننا نحتضر!. كلنا تلك الضحية النائمة التى لا تدري ماذا يحدث من حولها، في رحلة الشك واليقين، وهي الإستسلام لعوائق العمل، أو الرضوخ لمسكنات المجتمع، لا نجاة من الخطر ونركن للسلم ظنّ منا أننا ملكنا الدنيا وما فيها. أو ربما شعورنا بالعجز وأننا فقدنا الأمل بقدوم غدا نحقق فيه ذاتنا، ربما نغيب عن الوعى العمر بأكمله، ونستيقظ إذ بقطار الزمن قد مضى بعيدا يحمل أعمارنا وأحلامنا وشبابنا، والنتيجة النهائية المأساوية كما حصل مع الضفدع المسكين.
يقولون من خاف سلم، لكنها أصبحت قديمة في جيل يعرف أكثر مما يعرفه الآخرين، حتى أننا يمكن أن نصوب العبارة إلى من ” تأمل سلم” أو من تفكر أردك، أو من أعطى أنجز وعمل وصنع، ومن خاف مات. الفرق واضح بين الخوف والسكون والإستسلام وما بين الشعور بالخطر. ربما قراءة الواقع فية تحدي وذكاء وعلينا التحرك قبل أن يداهمنا الضياع، قبل أن نفقد القدرة على الوعى بما يحصل في الواقع ثم نغلى وتستسلم في سلام. لعلنا أدركنا لماذا نبقى نحن الشباب في بلادنا مغيبين ومقيدين عن الواقع، نحلم بأحلام غير واقعية، عرفنا سر احباطنا ويأسنا وتشتتنا. لنقرر بأن لا نكون مثل الضفدع يسلخ ويموت حيا وهو يضحك ولا يدري ما يحصل من حوله. وأن لا نكون فاقدين الوعى وتسرق منا أحلامنا في وضح النهار، لنحافظ على طموحاتنا لا نكترث لسلبيات والضغوطات ونبقى يقظين ولا نخشى التحديات. السكون هي سمة الأموات والخوف صفة الضفدع المغلي التى ستكون نهايته مأساوية ربما في سلة المهملات. علينا أن نكون حذرين من التغيرات السلبية التي تحصل من حولنا حتى لا نعاني من خسائر قد تكون مفجعة بعد فوات الأوان، “يجب أن نقرر متى نقفز قبل أن تخور قوانا”. هل من الممكن إستخدام ” إسلوب الضفدع” ضد الشعوب والدول.
النظرية تم استعمالها في السياسة بحيث تم تدمير الدول والشعوب بنفس أسلوب قتل الضفدع المغلي، وأهم وسيلة هنا إن الضفدع لا يشعر بالخطر، لأنه لو شعر لن تكتمل الخطة. حيث أنه تم استخدام نفس الأسلوب من واشنطن في تسخين الأوضاع داخل إيران من خلال فرض عقوبات اقتصادية متتالية على ايران لتفجير الوضع بالداخل وخلق فجوة بين الشعب والحكومة، ومع وصول دونالد ترامب إلى الحكم، استمر بنفس نهج ما قبله ولكن بتشدد أكبر، وبدأ سياسته مع ايران بفرض عقوبات جديدة على مؤسسات وشركات إيرانية والسعي في محاولة لإنهاء الاتفاق النووي والالتفاف عليه. مثال آخر تم استخدام هذا الأسلوب في سوريا حيث شنوا الحرب عليها ولكن ليعطوا الثقة للحكومة لم تتدخل الجيوش الكبرى خلال أول ثلاثة سنوات بهدف عدم إشعار الحكومة بالخطر، واكتفوا وقتها بدعم المتطرفين العنيفين فقط بالمال والسلاح، مع بعض التهديدات بالتدخل العسكري. كل هذه الخطوات مقصوده تأتي ضمن الخطة الموضوعة وهي (إبقاء حالة اللانصر واللاهزيمة) وهي محاولة إنجاح نظرية الضفدع على المدى الطويل. استخدم هذا الإسلوب أيضا في العراق وفي معظم الدولة العربية، إلا أن هناك بعض الدول هي الآن في القدر أو في هذا الوعاء.
أحمد أبو حميد