المحبة هي تلك المظلمة التي يندرج تحتها صفات الأنسان الحسن، مثل الخير والتضحية والتواضع والكثير من الصفات التى من الممكن أن تميز الأشخاص الأنقياء، فالمحبة خلقت في قلوبنا وهي محبة فطرية، مثل بأن تحب الأم طفلها، ومحبة الأوطان، وأيضا محبة الخير التى تجعلنا نطرد الشر بشكل فطري، فتحدث الكثير من العلماء و العظماء والحكماء عن المحبة. وأهميتها في حياتنا وحياة الأفراد وهي كلمة السر الحقيقية التى تساعدنا على بناء مجتمعات صحية تعيش في حالة من السلام.
أصل كلمة المحبة، من حب هو جذر المحبة، والميم هنا تدل على الشخص الذى يقوم بعمل المحبة. فالمحبة هي نوع من أنواع الحب الغير مشروط، وتستخدم كلمة المحبة من قبل الحكماء وفي الفلسفة للتعبير عن الحب الخالص، وأول من شرح كلمة المحبة هو أفلاطون بما يسمى ” الحب الأفلاطوني” وهو الحب الخالص الذي لا تدخله أي علاقة جنسية، وقد ذكر سقراط معلم أفلاطون بأن المحبة هي أساس العلاقة بين البشر والإله. فقد صنف أفلاطون بأن المحبة هي (الحب الطاهر) الذى يخلو من أي علاقة بشرية جسدية.
المحبة والكراهية
أحيانا يقودنا العقل في التفكير بعاطفة ” المحبة والكراهية ” وكيف نشأت، ولو رجعنا اليهما فكلاهما ناتج عن العاطفة من الممكن أن تكون العاطفة سلكت الاتجاه الإيجابي وظهرت المحبة، او انها سلكت الاتجاه السلبي فظهرت الكراهية، ولكن ما هو محير ان كلاهما خراجا من مكان واحد. والسؤال الفلسفي! الذي تسأله البشرية منذ الأزل هو على ماذا تأسست البشرية على المحبة أو الكراهية؟؟!! هل الإنسان خلق ليبحث عن المحبة أو أنه عدوانيا بما يسمى الكراهية. هل هي فطرة الإنسان التي تتبع ذلك أم اننا نملك قرار الحب والكراهية او سببها خفي ويأتي دون استئذان؟! فالمحبة والكراهية هي مثل الليل والنهار قد من الممكن أن تميل لأحدهم، وهذا هو قانون الكون.
فـكلا الشعورين المحبة والكراهية تغرس بذورها في أعماقنا بحكم الفطرة، فباتت تلك الغرائز( الباعث لعواطف الحب وأحاسيس الكرة) فأصبحت جزء من تركيبتنا النفسية التى لا نملك نزعها منا، ولا نستطيع أن نستغنى عنها، حتى أن كلاهما يعتبر محركات أساسية ودوافع لكثير من الأعمال والأنشطة التي نقوم بها. إلا أن فلسفة المحبة والكراهية تتجه الى علاقة الانسان بالاخر إما لأشخاص او لي الإله، إلا أن المحبة تعتبر عكس الكراهية وهي رغبة النفس إما بزيادة المحبة والأمل والرغبة في الحياة، أو أن تتحول لكراهية بزيادة الشر والظلام. لكن مشاعر المحبة والكره هي مخزنة لدى الطفل والناتجة من الوالدين، لكن من الممكن أن تكون بعض الجينات لها علاقة بذلك والتي يدافع عنها علماء الأحياء، ولكن الإنسان هو الذي لا يزال يؤثر في تكوين مشاعر المحبة والكره عند الطفل، فالمشاعر لا تخرج من القلب مباشر بل هي توجيهات من العقل، ربما “المحبة والكراهية” هي التى تدفع الانسان نحو الحياة او أن يتراجع عنها.
لذلك قدم لنا الخالق العديد من الوصايا لإعادة محبة الناس بين بعضهم البعض، وأيضا لمعالجة الأسباب التى أوصلت البشر الى العداوة والحروب والقتل، وأيضا قاموا علماء الاجتماع بعمل مجهود كبير على ترميم وإعادة المحبة المنهدمة كما وضع الخالق الأسس للتعامل بين الناس، فالأساس الإيجابي هي مشاعر الود والتعاطف والتعاون وهي مشاعر المحبة، أما الاساس السلبي هي الاعتداء والكراهية، فالكراهية هي مشاعر داخل القلب، أما الاعتداء هو تعبير طاهر عن مشاعر الكراهية، إذا علينا الارتقاء بكل تلك المشاعر حتى نصل الى مستويات المحبة، فالمحبة هي القمة التي من الممكن أن تصل إليها كل المشاعر البشرية.
من شروط المحبة أن تكون طاهرة، وأيضا أن تكون المحبة صادقة، اي ان تكون بلا رياء أو نفاق، وخالي من كلام المديح الكاذب، فلا تكون المحبة بهلاك غيره، أو مساعدته على ارتكاب الخطايا، فــ المحبة الحقيقية هي محبة روحانية، بأن تساعد شخص ما للوصول لبر الأمان، ولا نشارك في إرتكاب الأخطاء، والقلب الممتلئ بمشاعر المحبة لا يعرف شىء عن الحقد والكراهية، ولا ينتقم لنفسه، ولا يرد الإساءة بالإساءة، لان الانتقام يعتبر لون من ألوان الكراهية والعداوة. المحبة للجميع، ولا تكون المحبة متحيزة لجنس أو لون أو دين، فلمحبة لها أنواع كمحبة: الأب لأبنائه، ومحبة الاصدقاء، ومحبة الازواج لبعضهم، وأسمى أنواع المحبة هي محبة الأعداء لذلك فلنحاول نشر المحبة حتى للأعداء. المحبة هي من أهم سمات الوجود والحياة والتواصل والبناء أيضا، فالإنسان إذا أحب شيئا سيهتم به ويرعاه، فمن يحب منطقة ما في بلد ما سيقوم بسفر لها من وقت لاخر، ومن يحب علما ما سوف يبحر ويتعمق فيه، ومن يحب الطبيعة يهتم بها ويتواجد بها طول الوقت، ومن يكمن مشاعر المحبة ويحب الناس سوف يتواجد بينهم ويعيش معهم، تخيل الحياة بدون محبة!! يقول جون كيتس عن المحبة والكراهية ” بأن الحب استمرارية ونقاء، والكراهية موت وشقاء”.
إذا لماذا نحب ونكره؟
يقول الدكتور ” مصطفى محمود” أنه لا يوجد فرق بين الحب والكراهية، كلاهما نار ، إما اهتمام شديد او ارتباط، ويضيف ايضا بأن الكراهية تكلف الإنسان أكثر من الحب، لأنه بالفعل هو احساس غير طبيعي او انه إحساس عكسي مثل حركة الجسم ضد جاذبية الأرض. والكراهية تستنزف طاقة وقوة الشخص، فالكراهية هي نمو الى تحت عكس المحب فالمحبة نمو الى فوق، فالكراهية تنمو وتتغذى على الشخص نفسه حتى يأكل بعضه. لا يكمن التناقض في وجدو المحبة أو الكراهية في جسد واحد، ولكن التناقض يكون حين نغض من الكراهية في الواقع الافتراضي و نحاربها بكل جيوشنا ونبحث عنها في واقع حياتنا نجدها بكثرة، هذا هو أصل التناقض، قد تكون المحبة والكراهية يعيشان داخل مكان واحد داخل قلب وعقل الإنسان، لكن لماذا لا تكون المحبة له الغلبة دوما، كما في القصص والحكايات!؟ فلنبحث عن الحب قبل الكراهية وللننشر ثقافة الحب و لنحارب ثقافة الكراهية، فالحياة أقصر مما نتوقع.
أحمد أبو حميد