إن التعاطف هو القدرة على تخيل نفسك في موقف شخص اخر، والاحساس بمشاعرة، هي القدرة على وضع نفسك مكان الاخرين، والرؤية بعيونهم، والاحساس بقلوبهم. وهو شىء نفعلة كثير ولكن بشكل عفوي غريزي، وليس عن عمد. ولكن التعاطف يخالف عن العطف، وهو الشعور بالاسف تجاة شخص اخر، أما التعاطف فهو الشعور مع الشخص الاخر والاحساس بما سيبدو علية الحال لو أصبحت مكانه، ان التعاطف عمل تخيلي رهيب ومذهل، قمة الواقع الافتراضي، حيث انك تقوم بالقفز الى ذهن شخص اخر لترى العالم من مكانه او من منظورة، ولأن التعاطف يتطلب بعض التناغم بينك وبين الشخص الاخر، فهو بالعادة يكون كالتقليد والمحاكاة، مثل التثاءب، علماء الاعصاب يقولون ان عدوى التثاؤب بالغالب هي ” اّلية تعاطف” وقد وجدوا أن الاشخاص الذين يتثاؤبون مع من تثاؤب دائما يحققون نتائج مرتفعة في اختبارات التعاطف، وهؤلاء الناس يتوحدون بشدة مع الاخرين ويستشعرون بمشاعرهم تماما لدرجة أنهم لا يستطيعون منع أنفسهم من محاكاة سلوكهم هذا.
أن التعاطف سلوك مهم جدا، فهو يتحيح لنا رؤية الجانب الاخر من الموضوع، ومواساة شخص في محنته، وهو يبني الوعي بالذات، ويربط الاباء بأبنائهم، ويسمح لنا بالعمل معا، ويدعم أخلاقياتنا، وأيضا يقلل من من التطرف العنيف لذا الاشخاص ويعزز مفهوم الصمود الفردي والمجتمعي عند الافراد. لكن التعاطف كغيرة لم يحظى دائما بمكانته المستحقة في عصر المعلومات، كان غالبا ما يعد ورقة في عالم يتطلب القسوة والانفصال المتعنت عن الاخرين، فلكي ترفض فكرة ما فقط عليك ان تصفها بأنها ” عاطفية” ، عندما قال الرئيس السابق للولايات المتحدة بيل كلينتون للأمريكين ” أشعر باّلامكم” ظن البعض بأنه كان ينافقهم، ولكن الانتقاد الاقوى للذين اعتبروا تعليقة لا يليق برئيس، ولاحتى رجل ان الامريكيون يريدون من رؤسائهم أن يفكروا ولا أن يشعور بهم أن يخططوا، ولا يتعاطفوا. ولكن التعاطف مسألة أكبر من كونها مهارة، فهي قيمة أخلاقية في الحياة، ووسيلة لفهم الغير، هي لغة عالمية تربط بين البشر في كل مكان في العالم متجاوزة الحدود والثقافات، التعاطف يجعلنا بشر ويجلب المتعة والسعادة الينا، فهو جانب لا غنى عنه في حياتنا.
كثير منا يستطيعون زيادة قدرتهم على التعاطف ونحن جميع لدينا القدرة على قراءة الوجوه والتعاطف مع الاخرين، وقد قام العالم إكمان على مر السنوات بوضع قاموس للتعابير الوجه، وهو يضم أكثر التعابير المنتشرة بين البشر في كل أنحاء العالم لتوصيل مشاعرهم، وقد وجد أن هناك سبع عواطف انسانية مثل الغضب، والحزن، والخوف، والاندهاش، والاشمئزاز، والاحتقار، والسعادة. حيث قام إكمان بتعليم مهارت قراءة الوجوه لظباط الشرطة والمحامين ومكاتب مكافحة الجرائم. حيث يعتبر إسلوب مهم في التعرف على الاشخاص والتعاطف معهم من أجل مكافة التطرف العنيف.
حيث يعد التعاطف قوة فعالة في تغير أفكار البعض واحيانا منعهم من التطرف وزيادة قوة الصمود عند الاشخاص الذين هم عرضة للتطرف العنيف، حتى أن التعاطف يستخدم في مجال الطب. على سبيل المثال: ذهب اثنان من العمال كل منهما على مركز صحي مختلف يشكوان من اعراض الجمرة الخبيثة. إلا أن العامل الاولى في المركز الصحي الاول إتصل طبيبة بكل أقسام الصحة وإتبع القواعد واخبروه بأن الجمرة الخبيثة ليست بخطيرة، وأنه يجب أن يصف له الطبيب فقط مضاد حيوي وطلب من المريض الراحه في البيت، وبعد أيام قليلة مات المريض بالجمرة الخبيثة، في نفس الوقت كان العامل الثاني توجه الى طوارىء مركز صحى اخر، فحصته الطبيبه ولم تكن تعرف شيئا عن المريض الاول، ولكن عندما اخبرها الرجل بان صديقه تعرض للجمرة الخبيثة، فطلبت منه اجراء بعض التحاليل رغم انها لم تكن تعتقد انه مصاب بالجمرة الخبيثة، فقد صرفت له مضاد حيوي يستخدم مع الجمرة الخبيثة، ولم تجعله يغادر المستشفى فقط من باب الاحتياط، وأبقته تحت المراقبة، ثم إتضح بعد ذلك أن الرجل كان مصاب بالجمرة الخبيثة فعلا، وكان من المذهل أن ما شكل فارق بين حياتة وموته كان هو إصغاء الطبيبه المتعاطفة معه، وحدسها، واستعدادها للانحراف عن القواعد، هي فقط كانت تقول أنها استمعت للمريض وتعاطفت معه وكان لديها القدرة على الاحساس بما يحس.
الرجال والنساء والتعاطف.
من الاكثر تعاطفا ، الرجال أم النساء؟ الاجابة المحايدة على السؤال أن نقول لا أحد منهما، على أساس ان التعاطف لا يعتمد على الشخص ذاته سواء كان رجلا أم امرأة، لكن بدأت الابحاث بتزايد بهذا الشأن والتى أظهرت أن النساء أفضل من الرجال في قراءة تعابير الوجوه واكتشاف الكذب. يقول الاستاذ في علم النفس ديفيد جي ملخص بحثه في استطلاعات الرأي، بأن النساء يوصفن أنفسهم أكثر تعاطفا من الرجال، أي ان بقدرتهن على الفرح مع من يفرح، والبكاء مع من يبكي، وهنا تمتد الفجوة بين الجنسين في القدرة على التعاطف الى السلوك الظاهر، فالنساء أكثر احتمالا الى حد ما في أن يعبرن عن شعورهن بالألم اتجاه محنه شخص اخر. ولكن لكي تتعاطف مع شخص ما تحتاج الى درجة كبيرة من الارتباط والمودة لكي تدرك أنك تتعامل مع شخص وليس جماد، مع شخص لدية مشاعر وأحاسيس.
هل لتعاطف دور في مكافحة التطرف.
بتأكيد التعاطف له دور مهم في مكافحة التطرف كما له دور مهم في الطب، يمكن إستخدام اسلوب التعاطف مع الاشخاص الذين لديهم إمكانية او الميول للتطرف، بأن لديه أهله وعائلته ويجب أن يبقى بقربهم وأنهم بحاجه له، وماذا سيحصل بهم بعد رحيله وأن يتخيل نفسه مكانهم وما كمية الألم التى سيعانوها عند رحيله عنهم، ويمكن استخدام وتعليم التعاطف لضباط الشرطة ومكافحة التطرف، لاقناع الاشخاص برجوع عما يجول في خاطرهم من معتقدات خاطئه والتعاطف معهم لإيجاد حلول إيجابية تغنيهم عن التطرف.
كيف من الممكن أن نتعاطف مع الاخرين.
ربما اذا رأيت شخص عليه ملاحم الحزن أو الضيق أو التوتر أو حتى الفرح ربما عليك أن تتعاطف معه وتسأله أو أن تقول له ” أنا ارى أن هناك شىء ما يضايقك” وتجنب قول ” لماذا تشعر بضيق أو الحزن” لانه لن يستطيع الاجابة على هذا السؤال أو ان يعبر عما في داخلة وأيضا تجنب قول ” أنا اشعر بما تشعر” لان في الحقيقة لا أحد يشعر بما يشعر فيه الاخرين. التعاطف مسألة أكبر من كونها مهارة، فهي قيمة أخلاقية في الحياة، ووسيلة لفهم الغير، هي لغة عالمية تربط بين البشر في كل مكان في العالم متجاوزة الحدود والثقافات، التعاطف يجعلنا بشر ويجلب المتعة والسعادة الينا، فهو جانب لا غنى عنه في حياتنا.
أحمد أبو حميد