أول من استعمل مصطلح الأغلبية الصامته كان الرئيس الأمريكي الراحل رتشارد نيكسون وذلك على ادعاء أن أغلبية الشعب الأمريكي يؤيد حربه وعدوانه في فيتنام، ولكن وبعد أن أصبحت جثامين الجنود الأمريكيين ترجع إلى موطنها بمعدل خمسمائة جندي أمريكي كل شهر تبين حينها أن تلك الأغلبيه وقفت ضده وقامت بإجباره على إنهاء العدوان. كما يقول المثل: “الطريق إلى جهنم عادة ما يكون ملبطا بالنوايا الحسنة”. من منظور مجتمعي وإعلامي وسياسي، لا شك أن هواة اللعب في الكلمات والمصطلحات لا تحمد نواياهم، وامتهان ذلك يشكل خطورة على الحوار الفكري والخطاب السياسي والإعلامي على حد سواء. لايهمني من يحكم بل يهمني كيف يتم حكمي، هذا لسان حال الأغلبية، لاشك أن لذلك أسباب وأهمها الأمية، صعوبة الظروف المعيشية مما يحيد انتباه وتفكير الشعوب عن قضايا كبرى بينما هم مشغولون في توفير أقل متطلباتهم الحياتية، وأخيراً فقدانهم للأمل وعدم العبئ حتى بالمحاولة من البداية، ليتم احتسابها أغلبية صامته عن سبق الإصرار والترصد.
تأتي نتائج صمت الأغلبية مدمرة أحياناً، فكما شهدنا في السنوات السابقة من ثورات عربية وانهيار الأنظمة الحاكمة، حيث يعتبر صدى صمت هذه الأغلبية التي اختارت من البداية السكوت والسكوت والانشغال عن التعبير عن أبسط حقوقهم بسبب قناعاتهم واعتقاداتهم بأن كل ذلك بلا جدوى، وبعد سنوات تتراكم الضغوطات على فئة الثلثين من الشعب والفئات الأكثر معاناة والتي ليس لديها الكثير أو القليل لتخسره، فتقوم قيامة تلك الدول ويعم الخراب والفوضى. يكمن هنا دور الأغلبيه الصامته في إذكاء وتعزيز خطابات الكراهية والعنف، حيث تتوارث الأغلبيه الصامته الأفكار المشوهة والوساوس الآباء عن الأجداد والأبناء عن آبائهم، غير آبهين بالبحث أو التقصي وما يزيد الطين بلة دور الإعلام في بث ما يريد وفق مصالح أفراد أو جهات على حساب تلك الأغلبية التي اختارت الصمت عن فهم و عن إكراه في آن معا.
إن لجوء الأغلبية الصامته للعنف يعود بشكل رئيسي إلى شعورها بالتهميش، عندما يلجئ مجتمع ليس بأقليه إلى العنف والمظاهرات والتخريب، يكون بذلك تعبيراً عن حالة الإحباط المستفحل التي وصل إليها، هو لايلجئ للعنف من أجل العنف بحد ذاته، حيث يدوي صمت الأغلبية ولكن بالخراب. هنا يأتي دور الإعلام في كسب رأي الأغلبية الصامته وتوجيههم نحو الطريق الأسلم، حيث للأسف تبحث الأغلبية الصامته دائما عن مقولات جاهزة وقوالب معدة مسبقا لتعليب أفكارهم وتوجهاتهم ومطالبهم. لكن tفي النهاية يكمن الحل في محاربة الأمية بالوعي، والبحث وإعمال العقل، أن يقف كل منا قليلاً قبل أن يقرر اتباع المتبعين، العلم ورسالة الحق، الصمت أحق من ترديد بلا تفكير خلف صوت واحد أحيانا. إن دفع الأغلبية الصامته إلى المشاركة الديمقراطية وجذبها إلى دائرة الفعل وتكريس نهج المشاركة والتأثير لديهم يحتاج إلى أكثر من مجرد شعارات وخطابات ومقالات، لأن الأغلبية الصامته هي الفئة الأكثر تأثرا والفئة المطلوب منها المشاركة لأنهم جيل الشباب من إناث وذكور، لأنهم عن اعتقاد خاطئ يعتقدون أن صوتهم غير مسموع وأن جهودهم ستتبخر ولديهم حالة إحباط مسبق، فهم يستثقلون حتى المحاولة. لذلك، على الحكومات والأحزاب وجهات الإعلام استمالة هذه الفئة مجدداً وبث شعلة الأمل لديها وتحفيزها على العمل والخروج عن الصمت وإقناعم بثقل كلمتهم وبأهمية صوتهم وقدرته على التغيير الجذري لحيواتهم. في النهاية، إن لعب دور الضحية والمغلوب على أمرهم لن يقدم ولن يؤخر، ونجاح المشاركة المجتمعية من شأنه نجاح جميع مؤسسات المجتمع وتطورها والإرتقاء معا بمستوي المعيشه ونوعية الحياة.
الأغلبية الصامتة والمجتمع المدني
يعتبر الإختلاف الأكبر بين الطائفة الدينية وبين منظمة المجتمع المدني في أن منظمات المجتمع المدني تتمركز في الساحة المدنية حيث يجتمع الأفراد في منظمات المجتمع المدني تبعا لتوجهات مشتركة هذه الممارسات ليست دينية بل تكون القواسم المشتركة التي تجمعهم هي قضايا واهتمامات واحدة تخص حياتهم وقوانينهم. يشمل ذلك القوانين التي ترعاها منظمات مثل حقوق الإنسان، وبالطبع ذلك لا ينفي وجود مؤسسات مجتمع مدنية دينية في آن معاً. الآن لا يوجد بديل عن دور وحصيلة المعرفة التي تمتلكها منظمات المجتمع المدني للقيام بالدور التقييمي للحالة التي تعبر عنها حقوق الانسان في أيّامنا هذه. تعمل منظمات المجتمع المدني دور ذو حدين حيث يشكل اطمئنان الناس إلى أن هذه المنظمات تعمل على تقويم الأوضاع وتبلغ السلطات والجهات المعنية عند الضرورة؛ عاملاً مخمداً لأي حراك أو مبادرات مجتمعية او اقتراحات فردية، حيث تكون الإتكالية على هذه المنظمات لتقوم بأعمالها الروتينية وخدماتها اللوجستية بشكل اوتوماتيكي كما تمت جدولتها. حيث يجب أن تفهم أي منظمة مجتمع مدني أو أي جهة مجتمعية تتجاهل رأي فردي أو اقراح أقلية أن هذا ليس إلا انذار مبكر على ظروف عدم استقرار تهدد الأمن المجتمعي.
فوق كل ذلك، يعمل المجتمع المدني بشكل مباشر على محاربة الصمت المجتمعي ضد العنف والإعتدات أيمنا كانت. الآن ومن الأهمية بمكان أن نفهم وندرك بخطورة الإستمرار في الصمت وثقافة الّلا رأي، أو الحياد المنافق. هناك من يتحدثون باسم الأغلبية الصامتة من جماعات الأعتداء المتطرف واللذين يخلقون منابر للتحدث باسم الغالبية من جانب ديني وجانب عقائدي!. من هنا تدعو الحاجة إلى وجود منظمات مجتمع مدني حقيقية تتحدث باسم الحقوق المدنية لكل فرد والحرية الديموقراطية لتقوم بالتحدث باسم المجتمع من خلال خطاب غير عنيف، يدعو للمحبة والتضامن المجتمعي والتكافل والنمو والتعاضدد معا في وجه الجماعات المتطرفة، لأن الحديث علنا وبشكل فردي ضد هذه الجماعات يشكل خطورة كبيرة. هنا تبرز الحاجة لوجود منظمات دولية معنية في حال تعرض أي فرد أو مجموعة للتهديد.
إن كنتم أغلبية صامتة فالصمت ليس هو الحل، لو أن شخص واحد فقط يملك القدرة على التعبير عن ما يود أن يقوله القلب والفكر، ربما كنا سنجد حلاً، الآن نحن نستجدي الإهتمام أكثر من أي وقت. نطلب أشياء ونتمنى أن تكون من نصيبنا بكل ما نمتلك من قوة و طاقة، اليوم نريد من الحكومات أن يهتمو بنا يحسو بنا يعيروننا أي اعتبار، نحتاج أن نتأكد بأننا على بالهم وأنهم لا ينسون أي شي له علاقه بنا و ولكنه لا يكفي، نبقى ننتظر ولكن الإنتظار ليس هو الحل سواء كان انتظار دورنا في التعيين، انتظار صدور قانون، انتظار أن تأتي غيمة من السماء لتمطر فرصا غيمة تمطر تغسل الشوارع التي لوثناها بأنفسنا. الغيمة التي ستكون مستقبلنا من أكوام الطين، الغيمة التي تملك الحلول السحرية لكل شيء، لا يا أصدقائي، نحن من نملك القدرة على تغيير كل ذلك، أنت من تملك القرار لتنفض كل غبار التواكل وتبدأ بنفسك وتستعد للفرصة لأن الفرصة دائما خلف الباب، فقط تنتظرك أن تفتح الباب.
كفانا اتكالا على الآخرين وكأننا لا نمتلك إرادة، كفانا استجداء لمشاعر الإهتمام، يكفينا استسلام وكفانا دموع وكفانا انتظارا من الدعم الخارجي، هناك دعم أهم وأكبر، دعم مستدام، دعم دائم، دعم لايمكن أن يعطيه أي شخص آخر لك، دعم مصدره داخلك أنت، عليك التوقف الآن، والبدء بما يسمى مبادرة فردية. أعظم الحركات الإنسانية، بدأت من مبادرة شخص واحد، فكرة شخص واحد، هذا التطور الرهيب لن يأتي فجأة، سوف يأتي من خلال؛ بداية فكرة تغيير داخلي يبدأ بك أنت، ثم من نفسك يتوسع التغير ليشمل دائرة عائلتك وأصدقائك المقربون، ثم يتوسع ليشمل بيئتك المحيطة، ثم مجتمعك، ثم تصبح ثقافة تغيير، تصبح ثابتة، تصبح نهجا و تعم على البلاد، تعم العالم!
روان العمد