التحيز في وسائل الإعلام

التحيز في وسائل الإعلام

ماهو مفهوم التحيز الإعلامي؟ اشكال التحيز الاعلامي، ما هو التحيز المعرفي، كيف يمكننا تجنبه؟ دعونا  نتعرف بداية على مفهوم التحيز بشكل مجرد حيث يعرف التحيز بأنه اعتقاد مسبق طاغي على فكر الشخص يجعله يرفض اي وجهة نظر أو رأي مخالف لما يعتقد. ليس بسبب عدم صحة الرأي أو الفكر الآخر ولكن بسبب عدم موافقة الرأي الآخر للصورة الثابتة والإعتقاد المسبق المزروع في ذهن الشخص المتحيز حيث يكون بثابة حكم ثابت عن فكرة معينة يجعل الشخص متعصب لما كونة مسبقا من صور واحكام واعتقادات مسبقة. وينطبق ذلك على التحيز الإعلامي، حيث أن التحيز الإعلامي يقسم هذا المفهوم إلى قسمين:

الأول: عدم توازن وجهات النظر التي تغطي وسائل الإعلام.
ثانيا: ما يؤدي إليه الحكم المسبق عن تأييد إعلامي أو مخالفة وإضراب إعلامي لجهة اعلامية أو رأي معين.

إن عدم تساوي معاملة الأصوات الإعلامية والإنصياع لجهة بحد ذاتها وعدم القبول بالاضطلاع على أي جهة اخرى أو رأي اخر أو مصدر مغاير لمصادر معينه يحصر الشخص نفسه بقبول فقط ما يصدر منها سواء من اخبار أو معلومات أو اعلانات أو أي محتوى اعلامي. من أشكال التحيز الإعلامي:

  • المحاباة بالإنحياز: حيث يقوم طرف بالإنحياز لصالح طرف آخر ضد اطراف اخرى، سواء كان انحياز صحفي لرأي صحفي اخر أو صحيفة ضد أخرى أو قناة ضد اخرى.
  • الإنحياز في اختيار المواضيع التي يقوم الصحفي أو الإعلامي بتغطيتها: حيث يقوم الصحفي مثلا بالإحتكار على تغطية مواضيع معينة وعدم التطرق لأي مواضيع اخرى مغايرة او ذات مواضيع مختلفة.
  • الإنحياز في نوع المراجع لتوثيق الاخبار والمعلومات: حيث يقوم الباحث أو الصحفي باختيار مصادر معينة ومكررة وثابته في الرجوع للمعلومات وتوثيقها، أو اللجوء لنفس مصادر المعلومات في كل مرة يحتاج فيها الصحفي لمحتوى اعلامي عن اي مادة اعلامية يريد تقديمها.
  • الإنحياز بالقبول والرفض للمحتوى: حيث ينحاز الصحفي برأيه سواء بقبول آراء ومنتاجات واخبار اعلامية من جهة أو قناة ما أو رفضها بالمطلق بدون حتى الإطلاع على محتواها، فلا يتكلف عناء حتى تقييم جودته.
  • الإنحياز بطريقة تقديم الخبر: متبعا اسلوب الرجوع الى مجرد آراء واستنتاجات وملاحظات، بدون الرجوع إلى مراجع ومصادر معتمدة أو صور أو وثائق أو تسجيلات صوتية او فيديو، بل تبني اراء ووجهات نظر وتقديما على شكل اخبار اعلامية تعكس وجهة نظر من جهة واحدة ومنظور واحد وفق افكار مسبقة لصاحب هذا الرأي عن الجهة المكتوب عنها او الموضوع المستهدف.
  • الإنحياز بعدم تقديم الحقيقة كاملة: حيث يكون ذلك التحيز في وسائل الإعلام.
  • الانحياز لنوع معين من الأخبار: يكون ذلك بالانحياز لتقديم الأخبار أو المحتوى الذي يجذب مشاهدات أكثر أو المواضيع الجدلية فقط أو تقديم أخبار مختصة بالأخبار المثيرة للجدل سواء كانت اخبار عن قوانين تضر بالمصالح العامة فقط أو عن الضرائب فقط أو عن المواضيع السيئة فقط لجذب انتباه القارئ وترغيبه في قراءة المحتوى والنقر على الخبر لمجرد تجميع اكبر عدد من المتابعة للقاة واكبر عدد مشاهدات وتسجيل الإعجاب.
  • الإنحياز بأسلوب المواقع الإخبارية: تتبع القنوات والمراقع الإخبارية سواء كانت رقمية أو تلفزيونية أو حتى الصحف الإخبارية على اسلوب اضافة كلمات مفتاحية تجذب انتباه القارئ وصب انتباه القارئ على عناوين معينة من خلال اضافه كلمة تسبق الخبر مثل كلمة عاجل أولأول مرة في الوطن العربي، أو اخيرا، أو اعلان، أو نتائج جديدة، وغيرها من الكلمات التي تجذب انتباه القارئ لخبر معين يراد الإضاءة عليه وبنفس الوقت يمكنهم تمويه واخفاء اخبار اخرى وتعتيمها بشكل عكسي واسلوب ضد الاسلوب الأول.
  • الإنحياز في قطاع القنوات التلفزيونية: حيث يكون الانحياز هنا من خلال اتباع اسلوب التركيز على برامج تلفزيونية دون اخرى ووضع فواصل دعائية في برامج دون اخرى، ايضا من خلال اختيار الأوقات الاستراتيجية لعرض برامج معينة، حسب رغبة القناه وتوجهاتها، مثلا عرض برنامج يدعم توجهات القناة في وقت يعتاد الناس في الجلوس ومشاهدة التلفاز فيه بصورة عامة، وقت المساء او وقت السهر لدى العائلات.

 

التحيز المعرفي والفرق بينه وبين التحيز الإعلامي 
مفهوم التحيز المعرفي، حيث يكون الإنحياز هنا في الإنحراف عن الصواب والتمسك بوجهة نظر غير موضوعية وغير منطقية أحيانا ويمكن أن تشمل جميع جوانب الحياة حيث يكون التحيز المعرفي شاملا للتحيز على صعيد الأفكار وعلى صعيد التعاملات المالية والإنحياز السياسي والقانوني والإنحياز الذاتي. يكون الانحياز بصورة خاصة بكل جانب من جوانب الحياة بينما الانحياز الاعلامي يختص بالإعلام. الأخبار أو المحتوى الذي يجذب مشاهدات أكثر أو المواضيع الجدلية فقط أو تقديم أخبار مختصة بالأخبار المثيرة للجدل سواء كانت أخبار عن قوانين تضر بالمصالح العامة فقط أو عن الضرائب فقط أو عن المواضيع السيئة فقط لجذب انتباه القارئ وترغيبه في قراءة المحتوى والنقر على الخبر لمجرد تجميع أكبر عدد من المتابعة للقاة وأكبر عدد مشاهدات وتسجيل الإعجاب.

اساليب مكافحة التحيز الإعلامي: يمكننا مكافحة التحيز الإعلامي من خلال عدة نقاط حيث على مقدم المحتوى أن يتحلى بها ويتبعها منهجا خلال تجميع وإعداد أي محتوى اعلامي أو سبق صحفي.

  • أولها: اتباع منهج الدقة، وأقصد هنا الدقة التي تكون مصاحبة لكل خطوة من خطوات تجميع وتكوين الخبر الإعلامي أو السبق الصحفي أو البرنامج التلفزيوني. حيث تكون كل الصور على سبيل المثال مأخوذة بشكل واضح ودقيق مع مراعاة ان تكون جديدة ومواكبة للحدث وليست صور قديمة تصف واقع اخر عن موضوع الخبر. أن تكون المراجع المستخدمة في الإعداد موثوقة ومبنية على مراجع كاملة وغير ممنتجة سواء كانت مقاطع فيديو أو مجموعة مقابلات سابقة لشخصية ما يراد تحضير مونتاج فيلم قصير عنها. غير ذلك أن تكون المراجع المتمثلة في عناوين صحف سابقة واخبار من مواقع ومجلات سابقة موثقة بالتاريخ وبدقة مع نسخ عن أي محتوى مرفقة مع الإعداد، حينها يكون الخبر أقرب ما يكون إلى معايير الموضوعية إلا أنه وبرأيي الخاص، لا يمكن للإنسان عدم إسقاط أفكارة الخاصة ولو بشكل غير مباشر على ما يقدمه من محتوى حتى بعد اتباع كل وسائل التوثيق وسبل الدقة الموجودة.
  • ثانيا: أن يكون المعد للمحتوى الإعلامي مختص في مجال معين بحد ذاته ويكون ذلك من خلال اتباع منهج التخصص الإعلامي. يكون هناك أشخاص متخصصين بتقديم المحتوى السياسي على حدة، وآخرين متخصصين في المحتوى الفني ومتابعة أخبار المشاهير والفنانين، وآخرين متابعين للأخبار الإقتصادية ومتخصصون في دراسة الأوضاع الإقتصادية والتحليل الإستراتيجي الإقتصادي والتخمين لأسعار البورصة وغيرها من متابعة أسعار العملات والنفط.
  • ثالثاً: مبدأ الشمولية؛ حيث يمثل اتباع مبدأ الشمولية العامل الأهم في التغطية الموضوعية للخبر الصحفي والمحتوى الإعلامي بشكل عام، يكون ذلك من خلال توزيع الإهتمام وتغطية جميع جوانب خبر ما، بمناقشة جميع وجهات النظر والأخذ بجميع الجوانب المؤثرة والمتأثرة على قضية ما، لأن ذلك يضمن تجميع نقاط شاملة ومغطية لجميع جوانب الخبر ومن شأن ذلك تكوين صورة واضحة لدى المتلقي وعرض اي قضية بشكل حيادي وبالتالي الحكم بالنهاية للمشاهد وللمتلقي سيكون منصفا و عادل قدر الإمكان.
  • رابعا: التوجه الإخباري والصحفي بدافع حب العمل الصحفي البحت وليس بدافع خدمة مصالح المجلة أو الصحيفة أو القناة الشخصية وسياساتها الخاصة. يكون العمل الصحفي والإعلامي بكل مافيه من بحث وإعداد وتغطية وأحيانا مخاطرة في الحياة مبني على اساس نشر الحقيقة ونقلها بكل أمانة وشفافية للمشاهد في كل انحاء العالم.
  • خامسا: الأخذ بجميع وجهات النظر المتعلقة بقضية ما او تغطية موضوع ما والحرص على تسجيل وملاحظة الرأي الآخر للجهة الأخرى لأي قضية ونقله بدون زيادة أو نقصان أو تحريف ولكن تبني وتجميع جميع الآراء ووجهات النظر وتكوين منظور شمولي لما يراه ويلاحظه جميع الأطراف المشتركين في شرح وتمثيل قضية ما أو خبر ما يؤثر على المجتمع.

يمثل كل ما سبق اشكال التصدي الداخلي للإنحياز الإعلامي ولكن التصدي الخارجي للتحيز الإعلامي والذي لايقل أهمية عن الداخلي هو امتلاك المتلقي مهارات الذكاء الإعلامي التحليلي والوعي والفلترة لأي خبر يمر. عدم التركيز على الأخبار المزيفة من خلال امتلاك القدرة على التمييز والكشف عن طرق وأشكال الإعلام الصادق والأسس الواجب موجودها في الخبر من توثيق صحيح وعرض موضوعي.

روان العمد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *