هل نحصل على السلام في المجتمع والعائلة وأماكن العمل إذا فهم كل من الرجل والمرأة عقلية الآخر؟
إذا فهم كل من الرجل والمرأة عقلية الآخر ودينامكيته النفسية سنصل إلى عدد أقل من الخلافات وبالنتيجة أقل عنف في الحياة اليومية ذلك لأن المجتمع يتكون من نوعين إجتماعيين(الرجل والمرأة) وجدا ليتشاركا الإ أننا ولعدة أسباب نقع في فخ العنف والمشكلات التي تعيق تحيقق السلم والوصول إلى حالة السلام المبتغاة. العنف، إصدار الأحكام المسبقة، فقدان لغة الحوار، عدم تفهم الإحتياجات وأسقف التوقعات العالية، جمعيها مشاكل تحول دون الوصول إلى حالة السلام ويتعذر بوجودها تحقيق السلم في المجتمع والمنزل وأماكن العمل والتعليم ويضطرب معها أيضا، السلام الداخلي للإنسان، فالمجتمع يتكون من أفراد يتبادلون فيما بينهم الخبرات ويبنون ويأسسون العلاقات الإجتماعية التي يؤثرون ويتأثرون بها والتي غالبا ما تواجهه مشاكل جمة ولعل أحد مسببات هذه المشكلات هو عدم فهم عقلية كل طرف للآخر إلى جانب إساءة الفهم وعدم المعرفة بكيفية تقدير إحتياجات الطرف المقابل.
جزء من حل المشكلات الآنف ذكرها يتأتى من خلال رفع مستوى الوعي والعلم فقد محى العلم الغموض حول طريقة التفكير لكل نوع إجتماعي وأتيح لنا اليوم الفهم لعقلية كل منهما وتوظيف هذا الفهم في صنع علاقات إيجابية صحية آمنة مستقرة خالية من كل عنف مليئة بالسلام والمحبة والمودة والتناغم. طريقة عمل عقل كل من الرجل والمرأة: كنظام كلي يعد نظام عقل الرجل “صندوقي” بمعنى أن مهماته في الحياة لديه مقسمة على صناديق مثل صندوق الأسرة وصندوق العمل والسيارة والأصدقاء.. مثلا عندما يكون بصحبة أسرته فإنه يُخرج صندوق الأسرة إلى حيز التفكير ويكون مع الأسرة في كل مواقفها ولحظاتها ويعيد الصندوق إلى مكانه وينتقل إلى صندوق آخر كصندوق العمل أو غيره حسب ما يتطلب الوضع أو الموقف الراهن. كثرة الصناديق تجعل الرجل أبطئ في التنقل بين المواضيع المختلفة، فهو يأتي بالصندوق ويفتحه ويخرج ما فيه ويعيش اللحظة ثم يعيده، هذه العملية تأخذ وقتا نوعا ما ويتميز هذا النمط من التفكير بالقدرة العالية على التركيز والإبداع. بالنسبة للرجل تعد تقنية مربكة أن يضحك ثم يبكي بعد لحظات لأن الرجل يحتاج لوقت مستقطع للإنتقال من شيء إلى آخر.
تكمن الإشكالية في كون المرأة تريد من الرجل الإنتقال من صندوق إلى صندوق بمعنى من موضوع إلى موضوع بلمح البصر ليحاكي قدرتها العالية في التنقل بين المواضيع والأفكاروتواجه المرأة مشكلة أخرى مع الرجل وهي مشكلتها مع الصندوق المحير وهو صندوق فارغ يستمتع به الرجل جدا ،فتجده يجلس صامتا لساعات أمام التلفاز دون أن ينبس بكلمة وهنا يكون قد وصل لأدنى مستويات النشاط العقلي وهذا ما يشكل للمرأة قلقا وتوترا حقيقيا وتقترب هنا المرأة من الرجل وتسأله سؤالا صعبا جدا بالنسة له ( بماذا تفكر!) وبصيغة هجومية غالبا، يُباغت الرجل هنا ويعيد الصندوق المحير إلى مكانه ويحاول إيجاد صندوق فيه مبرر مقنع للمرأة وقد يمضي وقتا طويلا محاولا إقناعها بأنه لم يفكر بشيء، بيد أن الرجل بحاجة لهذا الصنوق فعليا لأن نشاط عقل الرجل نشاط دفعي ويفكر كثيرا بتركيزعالي في أوقات معينة ويحتاج إلى أن يريح عقله فترات طويلة وهذا الصندوق يشحن الرجل بطاقة فعالة جدا.
يحاول الرجل دائما تطوير تفكيره الصندوقي ويحاول التخفيف من هذا الجمود في شخصيته وإذا أرادت المرأة أن تُطبق فهمها لطريقة عمل عقل الرجل فعليها أن تتعاطى مع الرجل تعاطي صندوقي. مشكلة المرأة والرجل ليست فقط في عدم الفهم الدقيق لآلية عمل وتفكير عقولهم إنما أيضا يعزى سبب المشكلة إلى وجود خلايا مرآتية تجعلنا نتعامل مع الآخرين على أنهم يشبهوننا بطريقة ما فيقوم العقل اللاواعي بالتعامل على هذا الأساس ومثال ذلك معاملة الرجل للطفل حيث يقول الرجل للطفل “لا تبكي فالرجال لايبكون” بيد أنه طفل فقط وليس رجل وهكذا يقوم العقل بالتعامل مع الآخرين كأنهم نسخ منا أو عنا. ولننتقل الآن إلى نظام عقل المرأة آلا وهو النظام الشبكي؛ حيث تعتبر تصرفات المرأة غير متوقعة وهذا ما يصعب على الرجل فهمه والتعامل معه كما يصعب عليه أن يفهم أن في عقل المرأة نقاط تفصيلية مرتبطة ببعضها ومتشابكة،كما أن المرأة أكثر تعقيدا في طريقة التفكير. تستطيع المرأة الإنتقال من حالة إلى أخرى سريعا ويمكن أن تمارس مجموعة من المهام المتعددة في آن واحد.
ولكي تكون العلاقة صحية بين الرجل والمرأة على الرجل أن يستمع للمرأة لأن هذا ما يتطلبه نمط تفكيرها كما عليه أن يعير إنتباهه لكلام المرأة ففي كلامها تذكر إحتياجاتها وهذا ما يحصل غالبا بطريقة غير واضحة فمثلا لو جاعت المرأة فإنها ستلجأ لسؤال شريكها إذا كان يرغب هو في تناول الطعام أما الرجل فهو كلي ويعبر بشكل مباشر ومختصر فهو يعطي جوابا محددا فيجيب عن سؤالها مثلا “بلا لست جائعا شكرا لإهتمامك عزيزتي” لو إفترضنا أنهما كانا في نزهة أو في طريق سفر وتجاوز الرجل عن آخر مطعم ويحتاجان لقطع مسافة 100 كيلو للمطعم التالي، ستبدأ المرأة بتضخيم الأمر وإعتبار الرجل مهمل لحاجتها للطعام وأناني وما إلى ذلك وهذا ما قد ينشب عنه شجار لا يعلم سببه الرجل بينما لو عكسنا الأدوار وجاع الرجل فإنه سيتوقف عند أقرب مطعم وسيسألها بشكل مباشر فيما إذا كانت جائعة، تهدف المرأة غالبا للتعبير عن الأشياء لا طلبها مباشرة،كما تملك المرأة مساحة أوسع لتخزين المشاعر الحزينة بثمان أضعاف عن الرجل ولهذا قد نجد المرأة تبكي بدون سبب آني في كثير من الأحيان ويتميزعقل المرأة بالتحليل ذو الكفاءة العالية حيث تقوم بوضع سيناريوهات متعددة في عقلها للحدث الواحد وتفرح عندما تصيب إحدى توقعاتها.
تريد المرأة من الرجل الرعاية والإحتضان والرجل يريد منها أن تتقبله كما هو تماما وأن تثني عليه وتمدحه وتشكره وإذا قمنا بإهانة الرجل بغية تحفيزه للقيام بأمر ما أو تعديل سلوك فإنه لن يقبل بالإهانة، بالأساس لن يأبه لها ويصبح أكثر مقاومة بعكس المرأة التي تتخذ موقفا بإتجاه هذا الشيء وعند نشوب الإختلافات يتأمل الرجل من المرأة أن تفهمه ولكن المرأة تريده أن يشعر بها فقط.
متوسط عدد الكلمات التي ينبس بها الرجل في اليوم الواحد يقدر ب 10.000 كلمة فيما تنبس المرأة بمعدل 25.000 كلمة إلى 35.000 كلمة في اليوم الواحد فالمرأة تعبر عن مشاعرها بكلمات وجمل كثيرة بينما يعد تعبير الرجل مختلف تماما في العواطف فهو قد ينبس بكلمة واحدة فقط ويعبر تعبيرا سلوكيا كجلب هدية مثلا، في حال أنهى الرجل 10.000 كلمة في اليوم فإنه يقوم بجهد للتحدث بشكل إضافي. نستطيع القول أن الحياة الناجحة التي يسأل كل طرف فيها نفسه ماذا يريد الطرف الآخر مني لكي أحظى بعلاقة جيدة معه. إن من أنجع الأدوات للوصول إلى السلام العلم فبالعلم سنفهم ونُفهم و به ستقل فجوات الإختلافات لتزداد خطوط الإلتقاء وهو دائما يفتح آفاقا جديدة أمامنا!
نور هاني