تضخيم الخيال ليصبح خوفا

تضخيم الخيال ليصبح خوفا

أن تكون قادرا على الإحساس هو جزء من كونك إنساناً، والكثير يعانون لفهم مشاعرهم أو السبب الحقيقي وراء إحساسهم بهذا العمق وهذه المشاعر. لذلك يجب أولا أن ندرك معنى كلمة المشاعر، هي كلمة مشتقة من مصطلح لاتيني يعني التجاوز وهو تعبير يوضح أن الحياة في حركة دائمة، حيث أننا نشعر بالعديد من المشاعر وباستمرار. عندما يحدث أمر ما يتطلب استجابه معينة مثل موقف أو تجربة أو ذكرى تساعدنا العاطفة على فهم ما نتعرض له وتحديد مشاعرنا سواء سلبية أم ايجابيه. المشاعر الإيجابية تعزز من متعة التجربة التي نسعى إليها مره أخرى كما انها تجعلنا نشعر بالأمان من خلال تنشيط نظام المكافئة في ادمغتنا. أما المشاعر السلبية فهي تحذرنا من المواقف الخطيرة وتجعلنا أكثر وعيا من خلال رفع غريزة البقاء داخلنا. لكي يسهل تصنيف المشاعر بشكل أولي تم تصنيف المشاعر، لمشاعر أولية ومشاعر ثانوية، حيث أن المشاعر الأولية هي استجابه الجسد الأولى وأكثر هذه المشاعر شيوعا هي الخوف والحزن والسعادة والغضب. المشاعر الأولية هي مشاعر غريزية أولية ولهذا هي أقل تعقيدا وأسهل للفهم، وإن ردة الفعل الأولى هي عادة أحد تلك المشاعر، فإذا ابلغك أحدهم أنك قد نجحت في الامتحان فأنت وبشكل تلقائي سوف تشعر بالسعادة. تعد المشاعر الثانوية أكثر تعقيدا لأنها تشير إلى شعورك تجاه المشاعر الأولية وهي المشاعر التي نكتسبها من الآباء والبيئة المحيطة، حيث أنك تتعلم هذا النوع من المشاعر منذ الصغر كنوع من أنواع التكيف، وللتوضيح، فمثلا، الغضب يؤدي للكراهية والكراهية تؤدي للمعاناة.

إن أحد أهم أسباب معرفة نوع المشاعر وتحديدها هو أنه بدلا من تقبل الشعور دون تفكير، ستعرف نشأة تلك الأحاسيس، والأحداث التي تسببت بحدوثها، وتحليل المشاعر الأولية، لأن المشاعر الثانوية قد تساعد على فهم كيف يتعامل الشخص ولماذا يشعر شخص ما بهذه الطريقة، ومن المهم أيضا من خلال تحديد نوع المشاعر، القدرة على الاستجابة للمشاعر بالشكل الصحيح وفهم النفس بدلا من التصرف بلا وعي. عالم النفس روبرت بلوتشك أسس ما يسمى بعجلة المشاعر، التي تم اعتبارها كخارطة للمشاعر، واعتقد أن هنالك ثمانية مشاعر اولية (أساسية)، وهي، الفرح ويقابلها الحزن،. الغضب ضد الخوف، الثقة ضد الاشمئزاز والمفاجئة مقابل الترقب. اعتمد بلوتشك في تصنيفه على عجلة الألوان، حيث أن شدة اللون تدل على شدة الشعور، الألوان الصافية تدل على شعور قوي، والألوان المختلطة بالأبيض دلالتها شعور ضعيف. أما الألوان المتقابلة تدل على مشاعر متقابلة. مثلا: شعور الخوف لو صار أضعف سيكون شعور قلق، ولو صار أقوى سيكون شعور رعب. أما المشاعر المتضادة مثل الخوف عكس الغضب، وهكذا يتم القياس في كل المشاعر. قال بلوتشك أنه إذا تم مزج شعورين أساسيين معا في نفس الوقت سيصبح لدينا شعور ثانوي، مثلا، الحب هو شعور ثانوي نتج عن مزج القبول و الفرح معا. كل عاطفة هي تجربة فريدة من نوعها تختلف في شدتها وحدتها وأبعاد أخرى من شخص لآخر. تلعب العواطف دورا كبيرا في التأثير في السلوك البشري سواء بوعي أو بدون وعي منك، ترتبط العاطفة بمجموعة من الظواهر، منها: النفسية، الشخصية، الطبع، المزاج والتحفيزات. عادة ما تكون المشاعر متداخلة ومختلطة تبعا لاختلاف المواقف والحالات التي نتعرض لها. إن النظريات التي تتعلق بالعواطف والانفعالات تصنف لثلاث أنواع: فسيولوجية، عصبية ومعرفية.

الخوف هو أحد المشاعر التي صنفها عالم النفس بلو تشك على أنه أحد المشاعر الأساسية. يعرف الخوف على أنه شعور قوي بالرهبة تجاه أمر نواجهه وقد يكون هذا الشعور واقعيا وحقيقي، وقد يكون عبارة عن تهيؤات وخيال. علميا إن الخوف يحدث نتيجة تنبه منطقة معينه في الدماغ  إسمها اللوزة الدماغية لوجود حاله خوف، وتعمل على إفراز هرمون الادرينالين والنورادرينالين اللذان يعملان على تجديد استجابه الجسم للمحفز والذي هو الخوف، إما بالمواجهة أو الهرب. العديد من المخاوف مكتسبه من البيئة المحيطة، ولكن القدرة على الخوف هي جزء من الطبيعة البشرية، كما أن الخوف يمكن أن يتعلم من خلال تجربة أو مشاهدة حادث مخيف، بعض الدراسات اقترحت أن الشخص يتعلم الخوف سواء اذا كان قد تعرض لصدمه نفسية او أنه لاحظ الخوف في نفوس الآخرين، قد أوجدت الدراسات ان اللوزة تتأثر بنفس المقدار إذا لاحظ شخص شخصا آخر يمر بحادث مخيف، وكذلك عند مرور الشخص نفسه في وقت لاحق بنفس الحدث. هذا يعني أن الخوف يتطور في كلتا الحالتين، وليس فقط في التجربة الذاتية.

أوجدت العديد من الدراسات انواع المخاوف (الخوف) الأكثر شيوعا، وأطلقت عليها أسماء علمية، وسأذكر هنا بعض من تلك المخاوف الشائعة، مثل، الخوف من الأماكن الواسعة، الخوف من المرتفعات، الخوف من القطط، الخوف من الماء، الخوف من الأوساخ، الخوف من الأماكن المغلقة، الخوف من الألم، الخوف من الأرقام، الخوف من التعرض للفشل، الخوف من الوحدة، الخوف من الشيخوخة، الخوف من الفشل، الخوف من ركوب الطائرة، والكثير غيرها من المخاوف الشائعة. الخوف له أعراض تظهر على الجسم عند الشعور بالخوف، ومنها: الحركة الزائدة، الغضب السريع والإنفعالات القوية، تسارع نبضات القلب، كثرة الافرازات العرقية في الجسم، القشعريرة وبرودة الأطراف، عدم القدرة على التركيز، الشعور بوخزات ألم في منطقة الصدر، الشعور بالغثيان والدوار وصعوبة التنفس، جفاف الفم والشعور بالعطش، العجز عن تناول الطعام والشراب وفقدان الشهية. 

الخوف ليس مرض، لأنه شعور موجود في بنية الإنسان ويزول الشعور مع زوال المسبب. بعض المخاوف تنشأ في مرحله من العمر وتزول مع نمو الثقافة والمعرفة، وبعضها يتأثر بالمحيط والبيئة. لكن، هناك مجموعة من مظاهر الخوف تعتبر مرضا، ليتحول لرهاب من الخوف، مبالغ فيه لأنه يضخم حجم الخطر، ويلعب الخيال دورا في تكوين مخاوف لا وجود لها وفي بعض الأحيان مخاوف لايمكن حصولها. بعض المخاوف مبرره ومفيدة، ولكن أي خوف ينشط دون وقوع الحادث يعتبر خوفا ساما، مثلا، استجابة الخوف في موقف مثل ان يطاردك دب ما فهي استجابه مبرره، ولكن تكمن المشكلة الحقيقية عندما تكون خائف من شيء بشكل استباقي ولم يسبق لك تجربته مثل شعور القلق، أو عندما تواجه ردة فعل خوف على شيء حدث لك في السابق بنفس المقدار كما في أول مره.

هناك ما يسمى بالإجهاد السام، وهي عندما تكون آمنا ولكن تعيش في حاله من الخوف، وهذا الإجهاد السام يؤثر على النظام المناعي في الجسم والذي من الممكن أن يتسبب في التعب والمرض. يدرس العلماء تأثير الإجهاد، للتوصل لنتائج حقيقية حول ذلك. اعترفت منظمة الصحة العالمية بأن حالات التوتر في العمل تعتبر مشكلة صحية في العصر الحديث. يندرج تحت الإجهاد السام، سوء المعاملة والعنف ومشاكل العلاقات أو الجدول الزمني المفرط وحركة المرور السيئة، وغيرها، التي تضع حالة الخوف والقلق والتوتر، تندفع عند الاستجابة لذلك الإجهاد إلى مستويات عالية وتستمر بإغراق أجسامنا بهرمونات التوتر، وهذه الهرمونات تكون مفيدة ومهمه عند التعرض لخطر حقيقي الاستجابة الفورية، ولكنها في نفس الوقت ممكن لهذه الهرمونات ان تفتك بالإنسان إذا استمرت على مدى فتره طويلة من الزمن. الرهاب أو الفوبيا، هو خوف غير عقلاني في شدته وماهيته يرتبط هذا الخوف بجسم، فعالية، حاله معينة، أو موقف معين، ويسبب التعرض لمسبب الخوف القلق فورا. يسيطر الرهاب على التفكير ولا يمكن المصاب من التفكير بشكل عقلاني بالموضوع الذي يخاف منه. يعتبر الرهاب اضطرابا نفسيا عندما يتسبب بتشويش كبير في سير الحياة اليومية والأداء الوظيفي والاجتماعي أو أن يسبب شعور توتر ذاتي كبير.

أما عن الفرق بين الفوبيا والخوف، وظيفة الخوف حماية الإنسان من المخاطر المحسوسة والمنطقية، أما الفوبيا تؤدي لتخوفنا من أمر عميق بداخلنا نعرف أن لا سبب محسوس للخوف منه ولكننا نبقى أمام هذا الخوف ضعيفين. للفوبيا أسباب، منها: وراثية، (إصابة احد افراد العائلة)، بيئية (التعرض لمواقف محدده) مرضية (حالات ومخاوف صحية دائمه) اجتماعية (تناول مضادات الاكتئاب). القلق المرضي وهو الشعور الدائم بالخوف إلى الحد الذي لا يعطي الشخص أي نتائج إيجابية ويعيقه بشكل كبير عن أدائه لوظائفه ويكبله عم القيام بمهامه. من أنواع القلق: المخاوف الخاصة: الأشخاص المصابون بهذه المخاوف يعلمون بأن خوفهم يتزايد ولكنهم لا يستطيعون السيطرة عليه. أما المخاوف الاجتماعية: معظم الناس الذين لديهم مخاوف اجتماعية يحاولون تجنب المواقف التي تثير الإحساس هذا.

أما الهلع والتي تسمى بنوبات الفزع هي حاله مرضيه تحدث عند بعض الأفراد على شكل نوبات شديدة من التوتر والخوف يشعر الفرد خلالها بأن نهايته قد اقتربت ومن أبرز اعراض هذا الاضطراب عدم الاتزان والشعور بالإغماء وجفاف الفم وارتعاش الأطراف وزيادة التعرق وضيق النفس. إن من أسباب الشعور بالقلق والخوف هي، المشاكل الطفولية والضغوط الحياتية والصدمات النفسية والتفكير الزائد والتفكك الاسري، ومن الأمور التي تساهم في التحقيق من حدة التوتر والقلق والخوف: المشاركة في الحياة الاجتماعية، وضع أهداف والسعي لتحقيقها، الإبتعاد عن تناول الاطعمة غير الصحية، وممارسة الرياضة. يمكن أن يتعلم الإنسان مهارة التعبير عن الخوف بطرق صحية، من حيث تحديد الأسباب الحقيقية و وضع استراتيجيات معينة للتعامل مع الموقف، التنفس بعمق و محاولة الاسترخاء التحدث مع شخص مقرب عم مخاوفك، و ربما في الحالات المستعصية اللجوء للعلاج.

يارا النسور

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *