وكالة الشباب/توكيل نَفْسَك بِنَفسَك!

وكالة الشباب/توكيل نَفْسَك بِنَفسَك!

الإستثمار في الشباب هو الإستثمار في الحاضر والمستقبل معا. حين تمثل فئه الشباب مورد مهم  ولكنه للأسف كامن. إن الشباب أكثر تقبلا للأشياء الجديدة وذلك بسبب التغيرات العالميه المتسارعة وثورة المعلومات وتكنولوجيا الإتصالات والعولمة وزيادة الإنفتاح على العالم الخارجي، كما أن الشباب لديهم الرغبة والطاقة للعمل من أجل التغيير وهم يشكلون القوة الفعالة للتغير الأيجابي في المجتمع عن طريق التعليم والقدرة على الإختيار وتعزيز الفرص المكافئة وتنمية المهارات الشخصية والخدمة المجتمعية. إن وجود مناخ إيجابي يمكن الشباب من الإستفادة من قدراتهم لتحقيق تطلعاتهم وإسهامهم في التنمية الشاملة.

التمكين هو زيادة القدرة الروحية والسياسية والإجتماعية والإقتصادية للأفراد والمجتمعات وزيادة قدرة الأفراد على اتخاذ القرارات وزيادة درجة الإستقلال الذاتي ورفع القدرة التي تمكنهم من تمثيل مصالحهم بطريقة مسؤولة ومحدده ذاتيا بناء على سلطتهم الخاصة. التمكين كمفهوم يتميز بأنه بعيد عن الشعور بالعجز بل هو أكثر توجها نحو القوه والتغلب على شعور العجز وتعزيز المشاركة المدنية وزيادة مسؤولية المواطن. تركز نظرية التمكين على العمليات التي تمكن المشاركة وتعزيز السيطرة من خلال اتخاذ القرارات المشتركة وتعزيز أنشطة المجتمع الذي يقوده الشباب أنفسهم. أما تمكين الشباب، هي عملية تتم فيها تشجيع الشباب والأخذ بزمام الأمور في حياتهم وإتاحة الفرصة لهم بشكل عادل أن يوظفو قدراتهم لتحقيق التقدم في كافه مناحي الحياة من خلال توسيع الفرصة وإتاحه المناخ الايجابي والإسهام في التنمية الشاملة.

تختلف عملية تمكين الشباب عن تنمية الشباب لأن عملية التنمية تركز على تنمية الأفراد بينما التمكين يركز على خلق مجتمع قادر على المسك بزمام الأمور. إن مسؤولية تمكين الشباب تقع على عاتق الجميع، لأنها قضية إنسانية يجب أن يساهم فيها كل من له علاقة بشكل أو بآخر بالشباب. من أجل إرشادهم وتمكينهم من تحقيق ذواتهم لا بد من الإطلاع الكافي على مشاكل الشباب وظروفهم. سوف أستعرض هنا بعض المناهج والخطط التي يجب اتباعها من أجل تنمية طاقاتهم من أجل إتاحة المواطنة الفاعلة لديهم. إن أحد أسباب الغير داعمه للشباب والتي قد تعيق من تمكينهم هي عدم توظيف طاقات الشباب واستثمارها. من ناحية أخرى‘ فإن أحد المعيقات هو استلام الشباب مسؤوليات كبيرة لم يؤهلو لاستلامها في غياب البرامج التمهيدية مما يلقي بحل ثقيل على عاتق الشباب ومسؤولية كبيرة. ويشترط في ذلك أمران أساسيان: الإحاطة بمعرفة قدراتهم وقابليتهم الحالية والمستقبلية وإعدادهم وتأهيلهم لاستلام المناصب الحساسة، والتزكية الأخلاقية، حيث لايمكن للحياة الإجتماعية أن تدوم من دون الإهتمام بالموازين الأخلاقية والعمل بها ورعاية الأعراف الإجتماعية.

إن إحدى الوظائف الكبيرة التي يسعى الآباء والمربون إلى إنجازها هي إيجاد التطابق بين الحياة الفردية للشباب والحياة الإجتماعية. إن مجالات تمكين الشباب عديده ومنها:

  • التعليم: يتمّ ذلك من خلال إقرار برامج تعليميّة عالية الجودة، وملائمة لحاجات السوق الوظيفي.
  • الصحة:حيث يعد رفع مستوى التثقيف الصحي بين الشباب خاصّة فيما يتعلق بتنظيم الأسرة، من أبرز الآليات التنمويّة في قطاع الصحة.
  • التوظيف: يتحقق تمكين الشباب في قطاع التوظيف بتقديم تسهيلات للمتطلعين إلى إنشاء مشاريع خاصة وإلى توفير فرص عمل تتلائم مع قدراتهم.
  • الثقافة: تتمثّل آليات التمكين للشباب في المجالات الثقافية بتوسيع نطاق الحريات في الوصول إلى المصادر المعرفية ولا يتوقف الأمر على الإطلاع فقط بل يشمل المشاركة في الأنشطة الثقافيّة المختلفة.

إن الإهتمام بالأَبعاد الإجتماعية للشباب هي ليست بالمهمة السهلة التي يسعى الآباء والمربون إلى إنجازها. حيث أن التربية السليمة للفرد سوف تجعل حياته الإجتماعية أسهل من حيث تعامله مع الآخرين وأن لا يجد صعوبة في تحقيق استقلاليته، لذا يجب على الأهل والمربون والمجتمع ككل توحيد الجهود لإنشاء جيل مستقل قادر على اتخاذ القرار القائم على الفهم والمنطق والوعي على الذات وعدم الإنجراف وراء المفاهيم المختطفة والإقتناع بها لمجرد أنها رائجة أو أن المجتمع هكذا. للتمكين أنواع عده وهي ستة أبعاد مرتبطة لتمكين الشباب من جوانب النفسية والمجتمعية والتنظيمية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية.

  • التمكين النفسي يعزز من وعي الفرد وكفاءته الداخلية ويدعم الثقة بالنفس وإيجاد المهارات اللازمة لاكتساب المعرفة،
  • التمكين المجتمعي يعزز المجتمع من خلال تنمية المهارات وتحسين التواصل،
  • التمكين التنظيمي يهدف لخلق قاعدة من الموارد للمجتمع،
  • التمكين الإقتصادي تعلم كيفية الحصول على دخل آمن و مهارات تنظيم المشاريع،
  • التمكين الإجتماعي يعلم الشباب على الإندماج في المجتمع ومحو الأمية،
  • أما التمكين الثقافي يهدف لإعادة الممارسات الثقافية وإعادة تعريف القواعد والمعايير الثقافية للشباب.

تهدف برامج التمكين الشبابي لخلق نوعية حياه للشباب وهناك كفاءات يمتلكها الشباب الأصحاء وهي روح التعامل الإيجابي مع الذات وضبط النفس وصنع القراروالترابط المجتمعي. كما وتبرز أهمية تمكين الشباب في بناء قدراتهم لتحقيق تطلعاتهم من خلال:

  1. توفير تعليم ذو جودة عالية يتناسب مع احتياجات سوق العمل ويرفع من مستوى تنافسية الخريجين.
  2. إيجاد فرص للتدريب وتنمية القدرات.
  3. ضمان الحق في عمل لائق بأجر مناسب وتشجيع المبادرات الشخصية والإبداع والتعاون.
  4. المساعدة في تكوين علاقات اجتماعية صحية وأعدادهم لتكوين اسرهم.
  5. دعم قدرتهم على الإختيار الحر والمسؤول.
  6. بناء استراتيجيه تنموية شاملة تركز على المساواة والحق في المعرفة وضمان حرية الفكر.
  7. دعم المشاركة السياسية للشباب وتشجيع المشاركة في العمل التطوعي وصنع القرار.
  8. بناء سياسات تروج لعمليات تمكين الشباب وتنمية الموارد البشرية.

أيضا، توجد ثلاث مدارس (اتجاهات) حول تمكين الشباب:

  • المدرسة المثالية: مؤيدو هذه المدرسة يعتقدون أن مشاكل الشباب هي نتائج لمشاكل أكبر موجودة في المنظومة المجتمعية، لذا إذا أردت مشاركة الشباب بشكل فعال في صناعة القرار يجب أولا تطوير المؤسسات السياسية وإصلاح البيئة المحيطة.
  • المدرسة النفعية: يقوم مبدأ هذه المدرسة على الفصل بين مشاكل الشباب والمشاركة السياسية الفعالة حيث أنه يوجد نوع من التضييق في نظام الحريات فلا يتدخل الشباب في صناعة القرار السياسي إنما فقط ينتفعون من تبعات القرار وهذا يعني أنه إجراء تحصيلي للتقدم الخدماتي.
  • المدرسة النخبوية: تتبنى هذه المدرسة نهج التغير والتقدم، أنه إذا لم يتغير الشعب أنفسهم للأفضل أولا فلن يحصل تمكين وتطوير للشباب.

بعض الانتقادات طالت موضوع تمكين الشباب، إن هذه البرامج أخذت نهج التركيز على المخاطر وما يسير بشكل خاطئ بدلا من التركيز على ما هو جديد وهذا يعطي إنطباع إن الشباب مشكله تحتاج لإصلاح. المهم حقا هو الإيمان بقدرات الشباب واعطائهم  مساحة من الحرية ودعمهم وتحفيزهم وتشجيعهم لمناقشة أفكارهم ومعتقداتهم خارج الإطار التقليدي وعدم مطالبتهم بالولاء لأفكار معينه أو معتقدات معينه. حيث أنه للوصول لما يسمى بوكالة الشباب أي أن يكون الشباب قادة و ليس تابعين، قادة لأنفسهم و لما يريدون تحقيقه في حياتهم. وعلى الشباب أن يحررو أنفسهم من القيود كما على المجتمع تزويد الشباب بالسبل الكفيلة لتمكينهم واعطائهم وكالة انفسهم. إن الشباب هو شباب الدماغ وحيويته ونشاطه واستمرار عطائه، وهذا مرتبط بالنشاط فإذا توقف النشاط أو ضعف، شاخ الدماغ.

يارا النسور

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *