دوائر الحوار

دوائر الحوار

الحوار يكون لتقريب المسافات وغض النظر عن الإختلافات لا لكسب المواقف وأدانة الآخرين. الحوار وسليه للتفاهم بين الأفراد والشعوب من أجل تبادل المصالح كما أن الحوار يحقق الإزدهار والتقدم في المجتمع. الحوار مراجعة الكلام وتداوله بين طرفين لمعالجة قضية من قضايا الفكر، والعلم، والمعرفة، بأسلوب متكافئ  يغلب عليه طابع الهدوء، والبعد عن الخصومة. الحوار ينطوي على مناقشة الكلام بين الأشخاص دون التعصب لرأي معين، ويساعد الحوار على التعرف على الثقافات الأفكار المختلفة والوصول إلى الحلول المرضية لجميع الأطراف ويعد من أحد أهم وسائل الإتصال الفعالة. الحوار من أهم وسائل الإتصال بين الأفراد لأنه الطريق الذي يتم من خلاله إقناع الطرف الآخر المخالف بالرأي وهو أسلوب للتفاهم بين الناس ومنهج للإصلاح.

الحوار أيضا، وسيلة للتربية، والتعليم، ونقطة الإلتقاء والتقرب بين الأفراد. للحوار دور مهم لإنهاء الحروب والصراعات والإحتجاجات وهو بعيد عن إهانة الآخرين أو التقليل منهم أو من آرائهم. نقصد هنا الحوار الإيجابي الذي يهدف إلى بناء العلاقات والإبتعاد عن التعصب في الرأي، والحوار البناء القائم على مبدأ التعدديه والمساواة. الحوار لا يدعو الطرف المختلف لمغادرة موقعه الثقافي أو السياسي وإنما يدعو لإكتشاف مساحة مشتركة. الحوار يحفز روح البحث والتقصي والإنعتاق من الأنغلاق، لأن الإنغماس في فكر منغلق والتشبث بالرأي الواحد قد يؤدى إلى حدوث أزمات، وإضطرابات، وتصادم، وتغوّل. تكمن الأهمية في الحوار في المجتمع من خلال خلق مساحة مشتركة متفق عليها مرضية لجميع الأطراف. تقول العرب أن رأس الأدب كله الفهم، والتفهم، والإصغاء للمتكلم. للحوار آداب كثيرة يجب أن يمتلكها جميع الأطراف حتى لا يتحول الكلام إلى جدال؛

  1. العلم بموضوع الحوار من جميع الأطراف.
  2. أن يمتلك المحاور الجرأه والشجاعة على الأعتراف بالخطأ في حال خالف الصواب وتعديل موقفة.
  3. أختيار الألفاظ المناسبه وعدم التجريح بالأخر.
  4. احترام الإختلاف سواء على مستوى الدين أو المبدأ أو المعتقد.
  5. أن يكون المبتغى في الحوار الوصول لأرضية مشتركة.
  6. الإعتدال والبعد عن الغضب.
  7. القدرة على التعبير والمرونه وعدم التطرف والتصلب بالرأي.
  8. الإصغاء إلى الطرف الآخر والإستفادة من طرحه.
  9. أن يبنى الحوار على الأدلة والبراهين والإبتعاد عن الأدلة الضمنية غير الموجوده في الواقع.
  10. أن يكون المحاور ذا علم حتى لا يصبح الحوار ضعيفاً.

كما أن للحوار فوائد عديده حيث يتم تبادل الأفكار والخبرات ويساعد على تنميه التفكير، تنشيط الذهن، وبالتالي توليد أفكار جديده للوصول إلى الحقيقة، والتخلص من الأفكار الخاطئه. بعض الأمور من الممكن ان تحدث مما يجعل الحوار غير سلس أو به بعض التحديات وبعض هذه المعوقات هي:

  • اختلاف اللغة أو المصطلحات أو النطق غير السليم.
  • الصوت غير الواضح أو أن اللهجة غير مفهمومة.
  • الصمت لوقت طويل.
  • عدم مراعاة أداب الحوار التي سوف اذكرها بعد قليل.
  • عدم التركيز والإصغاء.
  • عدم الإستعداد النفسي.
  • التسرع والإستنتاج الخاطئ.
  • عدم تحديد الهدف وتشعب الموضوع.
  • الجهل أو نقص التحصيل.

هل يستطيع أي أنسان أن يقيم حوار مع طرف أخر دون أن يستخدم الحوار؟ إن فطرة الإنسان قائمة على الإختلاف وهذا لا يعني أن يتحول الحوار إلى صراع ولإقامة حوار جيد هناك بعض المبادئ الواجب مراعاتها ومنها:

  • لا تكن انت البادئ بالحوار.
  • كن اذناً صاغية.
  • حاول عدم المقاطعة.
  • تبن أستراتيجية حيادية المشاعر.
  • حاول إمتصاص مشاعر الهجوم للطرف الأخر.
  • احترام الاخر.
  • كن مرن حسب مقتضى الموقف الحواري.
  • كن دبلوماسياً.
  • استخدم أسلوب الإقناع، أذكر القصة، المقارنة والبدائل، المزايا والعيوب، البدأ مباشرة والبدأ بالأهم، الإقناع بالصورة الذهنيه والإسلوب المجازي.
  • التخلي عن التعصب بالرأي والغرور والكبر.

لدينا شخصان على أرض الواقع، لكن الموجودين حقيقة هم ستة أشخاص؛ فهناك كل شخص كما يرى نفسه وكل شخص كما يراه الآخر، وكل شخص كما هوه فعلا!. للحوار دوائر متعدده، تبدأ من دائرة حوار الشخص مع نفسه وهذا الحوار لا يتوقف أبدا ويتجلى قبل اتخاذ القرارات وبعدها، وهو المستوى الواقعي المترتب عليه نتائج عملية في الحياة. الدائرة الثانية هي حوار الإنسان مع أفراد أسرته وما يميز هذا النوع، المودة والحرص على المصلحة. الدائرة الثالثة هي حوار الشخص مع زملاء العمل وتنطوي هذه الدائرة على حب المنافسة. الدائرة الأكثر أتساعاً و تنوعا هي حوار الإنسان مع المجتمع  وفي هذا النوع من الحوار عليك أن تستخدم كل ثقافتك حتى تكون على مستوى الحدث وأن تقبل الآراء وتحافظ على استمرارية الحدث وذلك يعني أننا لم نعد أمام حوار أو جدل بل أمام حوارات متعددة. الحوار يساعد على بناء العلاقات وترسيخ قيم التواصل بين الأفراد وخلق مجتمعات متفاهمة والتعرف على العادات والتقاليد وتعزيز التماسك الأجتماعي. أيضا، توفير منصه لتبادل الآراء وتقارب الثقافات واحترام الغير، التألف ونشر المحبة وإمكانيه التعبير عن المشاعر والآراء ضمن بيئة آمنه. وهو لغة تفاهم تهدف إلى حل النازعات وإيجاد حلول ايجابيه. يجب علينا التفريق بين عدة مصطلحات يتم الخلط بينها و بين مصطلح الحوار، لأن المعنى يختلف كليا وهذه المصطلحات هي:

  • الحوار: الذي اصطلح على أنه محادثة عقلانية هادئة بين شخصين أو فريقين، حول موضوع محدد، ويكون لكل منهما وجهة نظر خاصة به، ولكن هدفهما المشترك، هو الوصول إلى الحقيقة، أو إلى أكبر قدر ممكن من تطابق وجهات النظر، بعيداً عن الخصومة والتعصب، وبطرق تعتمد على العلم والعقل، مع استعداد كلا الطرفين لدمج المفيد من أفكارهم برأي الطرف الآخر، والقبول بالحقيقة، حتى ولو ظهرت على لسان الطرف الآخر.
  • المناظرة: وهي، التي يسبقها عمليات بحث وتقصي، وتعتمد على البيان والبلاغة، والقدرة على الإقناع، ويقوم فيها المتحاوران بالتحاور أمام جمع من الناس، أو الحكام، لإثبات حجة كل خصم بشكل واضح، مزود بالإحصاءات والصور، والوسائل الدلالية، حتى يظهر الحق بينهما جليا لا غموض فيه.
  • المناقشة: وهي قيام جماعة متعاونة فيما بينها على اختيار مشكلة معينة، وتحديد أبعادها، وتحليل جوانبها، وطرحها للنقاش، واقتراح الحلول لها، واختيار الحل المناسب بعد ذلك عن طريق الإجماع، أو عن طريق رأي الأغلبية.
  • الحوار البيزنطي: وهو عملية الجدل، التي تتم بين طرفين متنافرين لا يستمع أحدهما لحجج الآخر، ولا يتفهم مقاصده، ويحاول أن يتصيد للآخر.
  • الجدل: عملية منطقيّة للوصول، إلى الحقيقة عن طريق وضع التساؤلات والاقتراحات المعاكسة متجاورة لبعضها، بشكل مسموع مدرك، بينما يسمح للعقل اختيار التوجه الأقرب للحقيقة. لم يكن الجدل بجديد على الحضارات القديمة، فقد نشأ كطريقة مدروسة في البداية في الحضارات الصينية، قبل ثلاثة آلاف سنة ثم عزز ذلك رئيس المعتقدات الصينية الطاوية (لاو توزو) بنظريته التي تعتقد أن الكون مصنوع من الشيء، وضده، وأنه بمعرفة الشيء والتحاور حوله يمكن الاستدلال على الضد. كما أن الفلسفة الطاوية تقول بأنّ التغير التدريجيّ ينتج من تغير فجائيّ، بمعنى أنك لن تستطيع تغيير المعتاد تدريجياً بدون القيام بعمل فجائي لفهمه، كعمليات الجدل. وما زالت المعتقدات الصينية الطاوية تحتفظ حتى اليوم بثباتها في هذا الشأن.

“أن كنت تريد أموراً تسع الجميع… التسامح والحرية ومنطق الحوار”  وأن أصعب ما في الحوار، ليس الدفاع عن وجهه نظرك بل معرفتها!

يارا النسور

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *