في عالم اليوم، أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي جزءًا أساسيًا من حياة العديد من الناس. تتيح هذه المنصات للناس من جميع أنحاء العالم التواصل مع بعضهم البعض بسهولة، لكن في الوقت ذاته، أصبحت بيئة خصبة لانتشار خطاب الكراهية. فيتم استخدام هذه المنصات لنشر رسائل تمييز ضد جماعات او افراد، مما يؤدي الى زيادة الانقسامات والصراعات داخل المجتمع. فأصبحت مناهضة خطاب الكراهية الرقمي ضرورة ملحة لحماية قيم التسامح والعيش السلمي، خصوصا في ظل تأثير هذه الخطابات على الشباب. لهذا، فإن دور الناشطين الشباب في التصدي لهذا الخطاب من خلال نشر رسائل ايجابية وبناء خطاب بديل، مما يعزز ثقافة الحوار والتفاهم بين جميع أفراد المجتمع. خطاب الكراهية هو أي نوع من التعابير أو التصريحات التي تروج للكراهية أو العنف ضد أفراد أو مجموعات بناءً على خصائصهم الشخصية مثل العرق، الدين، الجنس، أو التوجه الجنسي. يمكن أن يظهر هذا الخطاب في عدة أشكال: منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، تعليقات على المدونات، مقاطع فيديو، أو حتى رسائل خاصة. غالبًا ما يشمل هذا الخطاب الشتائم، التهديدات، والإهانات التي تهدف إلى تشويه سمعة الآخرين أو التحريض ضدهم.
من أبرز أسباب انتشار خطاب الكراهية على الإنترنت هو الطبيعة اللامحدودة لحرية التعبير. فبفضل الإنترنت، يمكن لأي شخص نشر أفكاره دون رقيب أو رقابة، مما يتيح لبعض الأفراد التعبير عن مواقفهم العنصرية أو المتطرفة. في العديد من الأحيان، لا يشعر هؤلاء الأفراد بأن هناك عواقب حقيقية لأفعالهم، مما يشجعهم على الاستمرار في نشر هذا الخطاب. حرية التعبير هي الحق الاساسي للافراد في التعبير عن ارائهم دون تدخل من السلطات مثل الحق في النقاش السياسي والاجتماعي. بينما يتضمن خطاب الكراهية نشر أو ترويج لأفكار تحضر على العنف او التمييز ضد الأفراد أو جماعات بناءا على هويتهم كالعرق والجنس. تظل حرية التعبير حقا ومحمية بموجب القانون الدولي، بينما خطاب الكراهية يتعدى هذا الحق الى تأثير سلبي، ف يهدد السلم والأمن الاجتماعي. فيتم وضع قيود على خطاب الكراهية وحماية الأشخاص من الضرر الناجم عن هذا الخطاب. عندما يصبح خطاب الكراهية منتشراً عبر الإنترنت، فإنه لا يؤثر فقط على الأفراد بل يمتد ليشمل المجتمعات. فقد يؤدي إلى تعميق الانقسامات الاجتماعية والعرقية بين الجماعات المختلفة، ويزيد من التوترات السياسية، بل قد يعزز من النزعات المتطرفة والعنف. قد تؤدي أفعال خطاب الكراهية إلى تداعيات قانونية كبيرة، خاصة إذا تسببت في أضرار للأفراد أو المجتمعات. في بعض الدول، يعتبر خطاب الكراهية جريمة يعاقب عليها القانون، مما يفتح الباب أمام محاكمات قضائية قد تنجم عنها عقوبات بالسجن أو غرامات.
تعتبر التشريعات أحد الوسائل الفعالة لمكافحة خطاب الكراهية عبر الإنترنت. الدول يجب أن تعمل على سن قوانين تمنع التحريض على العنف أو التمييز من خلال الإنترنت. كما أن بعض الدول قد فرضت قوانين تحظر نشر خطاب الكراهية على منصات التواصل الاجتماعي، وتعد هذه الإجراءات خطوة نحو الحد من انتشار هذه الظاهرة. بالإضافة للتشريعات، يمكن التركيز على دور التكنولوجيا في مواجهة خطاب الكراهية، مثل استخدام الذكاء الاصطناعي والكشف عن المحتوى المسيء. كما يمكن ادراج مثال على بعض الانظمة الذكية التي بدأت منصات التواصل في تطبيقها للكشف عن خطابات الكراهية أو إيقاف الحسابات التي تنشر المحتويات المسيئة. تعتبر التوعية والتثقيف من أهم الأساليب لمناهضة خطاب الكراهية. يجب أن يتم تعليم الأفراد في المدارس والمجتمعات أهمية احترام التنوع الثقافي، وتعزيز قيم التسامح والاحترام المتبادل. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن تكون هناك حملات توعية على وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي لتوضيح مخاطر خطاب الكراهية وآثاره السلبية على الأفراد والمجتمعات.
يمكن أن يؤثر هذا الخطاب على نظرة الشباب لأنفسهم وعلاقاتهم مع الآخرين. خطابات الكراهية الرقمية تؤدي إلى مشاعر سيئة مثل القلق والاكتئاب والعزلة الاجتماعية. أما الرسائل الايجابية بعيدا عن الكراهية، فتشجع على التسامح والتفاهم وتعزيز الثقة بالنفس وتطوير مهارات التواصل والتفاعل مع الآخرين. على منصات التواصل الاجتماعي أن تتحمل مسؤوليتها في مكافحة خطاب الكراهية. حيث يجب أن تقوم هذه المنصات بتطبيق سياسات واضحة تضمن عدم نشر المحتويات المسيئة أو التي تحرض على العنف. ويمكن أن يكون هناك تعاون مع الحكومات والهيئات القانونية لضمان التزام المنصات بالقوانين الدولية والمحلية. من خلال تشجيع التفاعل الإيجابي والمناقشات البناءة على الإنترنت، يمكن تقليل المساحة المتاحة لانتشار خطاب الكراهية. الأفراد يمكنهم استخدام الإنترنت لمشاركة الأفكار والمعلومات بشكل أكثر احترامًا وتقديرًا للآخرين، وهو ما يساعد على خلق بيئة أكثر أمانًا على الإنترنت. كما ويجب على الأفراد أن يتحملوا مسؤولية تصرفاتهم على الإنترنت. يمكن لكل شخص أن يكون جزءًا من الحل من خلال الامتناع عن نشر خطاب الكراهية والمشاركة في محاربة هذه الظاهرة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للأفراد أن يقوموا بالإبلاغ عن أي محتوى مسيء أو محرض على العنف عبر الإنترنت.
تعتبر الثقافة الرقمية والتعليم الإعلامي من الأدوات الأساسية لمناهضة خطاب الكراهية الرقمي. فمع تزايد استخدام منصات التواصل، أصبح من الضروري أن يتعامل الأفراد بشكل واعي ومسؤول عند استخدام هذه الوسائل والمنصات. الثقافة الرقمية تساعد الأفراد على فهم كيفية التعامل مع الانترنت بشكل فعال وآمن، وتساعدهم على التمييز بين المعلومات الصحيحة والمغلوطة، وتساعدهم على تطوير مهارات التفكير النقدي لأي محتوى يرونه. أما التعليم الاعلامي ويعزز قدرة الفرد على تحليل الوسائط الإعلامية وفهم تأثيرها على الرأي العام. فبعد تمكن الأفراد من هذه المهارات، يصبح من السهل لديهم التعرف على الخطاب وتجنب نشره او التعرض له، وبالتالي تعزيز بيئة رقمية امنة وصحية للجميع. يمكن القول أن خطاب الكراهية عبر الإنترنت يمثل تهديد حقيقي للسلام والتعايش بين الأفراد والجماعات. ورغم التحديات التي تحصل أثناء محاربته، لكن يوجد حلول فعالية يمكن تبنيها على مختلف الأصعدة. يمكن التخلص من هذه الظاهرة السلبية بسن التشريعات وتوعية الأفراد حول مخاطر هذا الخطاب، وتعزيز ثقافة الحوار عبر الإنترنت. بالاضافة الى تمكين الأفراد من استخدام منصات التواصل والانترنت بشكل آمن وواعي. يجب أن نعمل جميعًا على خلق بيئة رقمية أكثر احترامًا وتسامحًا، لأن الإنترنت يجب أن يكون مكانًا يعزز التواصل الفعّال والمحترم بين الناس بدلاً من كونه وسيلة لانتشار الكراهية والتفرقة
ملاك هاني حسن اسماعيل