يمكن وصف خطاب الكراهية الرقمي بأنه أي نوع من التواصل، سواء في الكلام أو الكتابة أو السلوك، الذي يهاجم أو يميز ضد هوية شخص أو مجموعة. يشمل ذلك الدين والعرق والجنسية واللون والنسب والإعاقة والعمر والجنس. كما يمكن أن يشمل خطاب الكراهية الرقمي عوامل أخرى مثل اللغة أو الأصل الاقتصادي أو الاجتماعي أو الحالة الصحية. خطاب الكراهية الرقمي ليس مجرد كلمات، بل يمكن أن يتجسد بأشكال متعددة، سواء بوجه مباشر أو عبر الإنترنت، وهو يهدف إلى إثارة ردود فعل عاطفية مثل الخوف والضيق والعزلة والتخويف، بهدف نشر الكراهية وتشجيع العنف. وغالباً ما يستهدف خطاب الكراهية الرقمي الفئات الضعيفة والمهمشة.
من أسباب انتشار خطاب الكراهية الرقمي الجهل والاعتماد على المعلومات الخاطئة حيث يعتمد العديد من الأفراد على مصادر معلومات غير موثوقة أو مضللة، مما يؤدي إلى تشكيل أفكار سلبية ومبنية على الكراهية تجاه مجموعات معينة. بالإضافة إلى أنه في أوقات الأزمات الاقتصادية، السياسية، أو الاجتماعية، قد يلجأ الأفراد إلى خطاب الكراهية الرقمي كوسيلة لتوجيه غضبهم أو قلقهم نحو مجموعة معينة. كما أن يلعب التأثير الاجتماعي والثقافي دورًا هامًا في تشكيل أفكار الفرد وتعزيز خطاب الكراهية الرقمي، خاصة إذا كان الفرد يعيش في بيئة تروج لهذا النوع من الخطاب. في بعض الأحيان، يمكن أن يستغل السياسيون أو القيادات الدينية خطاب الكراهية الرقمي لتحقيق أهداف سياسية أو دينية. أيضا، تتيح وسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت فرصًا أكبر لنشر خطاب الكراهية الرقمي، مما يسهل على الأفراد الوصول إلى جمهور أوسع. يمكن أن يؤدي التنقل والهجرة إلى توترات اجتماعية واقتصادية، مما قد يؤدي إلى زيادة خطاب الكراهية الرقمي. وأخيرا، يمكن أن يؤدي نقص التوعية والتعليم حول القيم الحميدة مثل التسامح، الاحترام، والتعايش السلمي إلى تعزيز خطاب الكراهية الرقمي.
حرية التعبير حق أساسي من حقوق الإنسان، ومع ذلك، يجب أن يتم التصدّي لخطاب الكراهية الرقمي دون المساس بهذا الحق. من الممكن أن يحدث الاختلاف مع شخص أو مجموعة أو انتقادهم دون التهديد بسلامتهم وعافيتهم. تقوم لغة الكراهية بتقييد حرية التعبير، حيث يشعر المستهدفون بها بعدم الأمان في التعبير عن أنفسهم بحرية. تصيّد الاهتمام هي عملية يقوم فيها شخص ما بنشر محتوى على الإنترنت أو التعليق بغرض إثارة ردود فعل من الآخرين، بهدف لفت الانتباه وتشويشه، ويمكن أن يشمل التصيّد سلوكيات مزعجة. عندما يتجه التصيّد إلى الترويج للكراهية والتمييز ضد شخص أو مجموعة معينة بسبب عنصر من عناصر هويتهم مثل العرق، يمكن أن يصبح تصيّد الاهتمام خطاباً للكراهية. غالباً ما يستخدم الأشخاص المتورطون في تصيّد الاهتمام أسماءً مستعارة أو ينشرون بشكل مجهول، مما يجعل من الصعب تحديد هويتهم.
يعتمد الفهم النفسي وراء خطاب الكراهية الرقمي على عدة عوامل نفسية تدفع الأفراد الى تبنيه منها:
- الاسقاط النفسي: يوجه بعض الاشخاص مشاعر الغضب او الاحباط نحو الآخرين من خلال خطاب الكراهية الرقمي، كوسيلة للتخلص من المشاعر السلبية
- الخوف من المجهول: الميل الى كراهية اشخاص مختلفين دينيا، ثقافيا او عرقيا بسبب عدم الفهم أو الخوف، مما يؤدي لنشر الكراهية
- الإحباط والتهميش
- التعويض عن الشعور بالدونية: فقد يستخدم بعض الأفراد خطاب الكراهية الرقمي لتعويض مشاعر الضعف أو النقص من خلال التقليل من شأن الآخرين
- العدوى الاجتماعية: فينتشر الخطاب بشكل سريع داخل المجتمع من خلال تقليد الآخرين، خاصة عندما ينظر اليه على انه طبيعي او مقبول
خطاب الكراهية الرقمي عبر الانترنت من 3 أوجه نظر:
- الكراهية من منظور الضحايا: الناس كائنات اجتماعية، فإن نبذهم هو الخطوة الأولى نحو الموت المبكر. يفقد الأفراد المنبوذين حماية المجموعة. يسبب النبذ عاطفة تسمى الالم الاجتماعي، ووجد العلماء أن الشعور بالألم الاجتماعي ينشط نفس مناطق الدماغ مثل الألم الجسدي.
- الكراهية من منظور المتعدي (القائم بخطاب الكراهية الرقمي): السعي للحصول على مكانة اجتماعية وسلطة على الآخرين. يشتركون في الصور النمطية من أجل تبرير وجهة نظرهم بأنهم مجموعات داخلية تتفوق على المجموعات الأخرى.
- الكراهية من وجهة نظر المتفرجين: الاستجابة الأكثر شيوعا هي التفرج، عدم الاكتراث والسلوك السلبي
تشير إلى كل الأشكال من اضطراب المعلومات والتهديدات الرقمية، وتشمل هذه المصطلحات الطرق المختلفة التي يمكن من خلالها التلاعب بالمعلومات أو استخدامها بشكل ضار في العصر الرقمي، مما يشكل مخاطر على الأفراد والمجتمعات. تشمل التهديدات الرقمية الهجمات الإلكترونية مثل البرامج الضارة، الهندسة الاجتماعية كالاصطياد، اضطراب المعلومات، انتهاكات الخصوصية، التحرش والتنمر عبر الانترنت، التهديدات المالية، التلاعب السياسي والاجتماعي، ووسائط تم التلاعب بها مثل التعديل على الصور ومعالجة الصوت. يؤثر خطاب الكراهية الرقمي بشكل كبير على الأفراد والمجتمعات، فيمتد تأثيره إلى الجوانب النفسية، الاجتماعية والاقتصادية، مما يجعله أحد الظواهر الخطيرة التي تهدد الاستقرار. يؤدي خطاب الكراهية الرقمي الى آثار نفسية خطيرة، حيث يشعر الأفراد المستهدفين بعدم الأمان او الخوف المستمر من التمييز. كما يزيد من معدلات التوتر والقلق والاكتئاب، مما يدفع الأشخاص إلى الشعور بالدونية والعزلة. وفي حالات شديدة، يؤدي إلى أفكار انتحارية، خصوصا إذا لم يجدو الدعم الكافي من محيطهم. تلعب منصات التواصل دورا كبيرا في انتشار خطاب الكراهية الرقمي، فيتم استغلالها لنشر معلومات مضللة وزائفة التي تثير الخلافات بين الفئات المختلفة. أيضا سيؤدي خطاب الكراهية الرقمي إلى انعدام جودة النقاشات، حيث تتحول الى جدالات، مما يعوق عملية التفاهم والحوار بين الأفراد. يؤدي خطاب الكراهية الرقمي في بيئات العمل إلى نزاعات بين الأفراد والتمييز، ما يؤدي الى تقليل الانتاجية وينعكس سلبيا على أداء المؤسسات والشركات.
من الحلول للحد من خطاب الكراهية الرقمي ومنها على سبيل المثال: احتضان التنوع والتثقيف بشأن خطاب الكراهية الرقمي؛ التنوع شيء جيد وضروري، فلو كنا جميعاً متشابهين، لكان العالم مكاناً مملاً للغاية، وهذا يساعد في تعزيز المحادثات والتفاهم والتعاطف مع الأشخاص الذين يختلفون عنا. فكل إنسان له الحق في الشعور بالأمان والكرامة في المجتمع، وأن خطاب الكراهية الرقمي دائماً خاطئ ويجب رفضه والتصدّي له. وأيضا، تشجيع الحوار والتفاعل الإيجابي عن طريق تنظيم برامج تعليمية ومبادرات حوارية تجمع بين الأفراد من خلفيات مختلفة لتعزيز التفاهم، والاحترام المتبادل والتسامح. وربما تعزيز قوانين مكافحة التمييز، وأخيرا، تشجيع وسائل الإعلام على الترويج للقيم الإيجابية وتقديم تغطية متوازنة ومحايدة. السبب الجذري وراء الكراهية هو غالبًا الجهل وقلة الفهم. لذا نحن بحاجة إلى تدابير عديدة كتعليم أفضل ومساحات للنقاش المفتوح والمتين فضلاً عن إعلام يتسم بالتنوع والتعددية ويعطي تمثيلاً أفضل لجميع التيارات في المجتمع ولاسيما هؤلاء الذين يتعرضون للتهميش عادة. علينا أن نقوم بتوعية الناس وتعزيز القدرة على التحمل والاعتراض على هذا الأساليب. بناء مجتمع قائم على التفاهم والعيش المشترك يقود إلى مستقبل يسوده الاحترام والسلام.
أحمد باسم القلقيلي