الرسالة (الهدف من الحياة)، طريق طويل أم محطة قصيرة

الرسالة (الهدف من الحياة)، طريق طويل أم محطة قصيرة

قُبيل الحديث المفصل عن مفهوم الرسالة (الهدف من الحياة) بشكل عام، اسأل نفسك بصدق، ما هي رسالتك في الحياة، ثم تمعّن في جوابك وانظر إليه من فوق بطريقة محايدة. هل ترى أن رسالتك هي فتح مشروع كبير وادرار مالك الخاص، أم كانت رسالتك ببساطة أن تترك قيمة في قلوب من حولك، حتى لو كانت تلك القيمة هي إبتسامتك في وجوههم، حتى يذكرونك بعد رحيلك. لرسالة باختصار هي ما ننوي على السير اتجاهه في هذه الدنيا، ساعين إليه بكل كياننا، نآمل أن نفيق كل يوم بفرصة حياة جديدة حتى نضع قيمة جديدة على هذه الرسالة، كأن تكون مشروع، أو إسعاد الناس بشتى الطرق، أو محاولة إيصال النفع للناس عن طريق خلق فكرة جديدة. للعوده للحديث عن رسائلنا في الحياة عموماً، حيث نرى أنه من المنطقي جداً وجودنا مختلفين عن بعضنا البعض. لا ينبغي للبشر أن يكونوا جميعاً بفكر واحد، وإلا تشابهت العقول واختلت الأرض، ولا ينبغي أيضاً بأن يكونوا متشابهين على مستوى القيم مثلا، أو المِهن، كأن يكونوا جميعاً أطباء أو مهندسين أو معلمين. لكل منّا ميزة وُجدنا عليها، وبها نستطيع أن نَشُقّ طريقنا، باحثين عن رسالة تناسب قدراتنا ومبادئنا وما نحب. وللإختصار أكثر، وجودك على هذه الحياة له قيمة كبيرة، وجودك بحد ذاته رسالة عظيمة ستكتشفها مع الزمن، أي أنه لا مكان للعبثية هنا، لم نُخلق دون هدف.

لكن للإنسان حاجات وغرائز مختلفة يحتاج إلى إشباعها وتحقيقها، وضّح ذلك ابرهام ماسلو في هرم ماسلو للحاجات الأنسانية، حيث قسم حاجات الإنسان الى أربع مرتبات. المرتبة الأولى، هي الحاجات الفيسيولوجية أو الحاجات الجسدية التي يحتاجها الإنسان لبقائه على قيد الحياة وهي الغذاء والمسكن والتنفس والنوم. في المرتبة الثانية هي حاجة الإنسان الى الأمن والأمان المادي والمعنوي للحفاظ على وجوده، وفي المرتبة الثالثة الإحتياجات الأجتماعية مثل تكوين الأسرة والصداقات والعمل الجماعي وأن يكون عضوًا فعالًا في هذه الحياة. في المرتبة الرابعة، هي حاجته الى التقدير والشعور بالقيمة الذاتية داخليًا وأحترام الناس وتقديرهم، بالإضافة إلى السمعة الحسنة خارجيًا.

لكن بماذا يرتبط هذا الكلام بمفهوم الغاية أو الرسالة؟ أي أن الرسائل لا تعني الأرقام، قد تكون رسالتك هي الحصول على المأكل دون الحاجة للإستناد لشخص ما والشعور بالمذلة مثلاً. هذا يعني ارتباط الرسائل ارتباطاً وثيقاً “بهرم ماسلو” أي أنك لا تستطيع القول لمن ما زال يبحث عن لقمة عيشه يسدّ بها جوعه، أن يكون طبيباً ناجحاً. أو أن تطلب منه التركيز على تحسين شخصيته كي يكون إنسانا ناجحاً ذي سيطٍ رائع وهو للآن يسكن في خيمته وهمّه الوحيد هو عدم الشعور بالبرد. يمكننا القول تلخيصاً لهذا الحديث، أن رسالة الإنسان التي يتوقعها المجتمع من الشخص تعتمد على بيئته، ظروفه، ما يملكه وما لا يملكه، رسالة البحث عن مسكن آمن بالنسبة لإنسان لا يملكها، لا تقل أهمية عن رسالة السعي وراء فكرة ستفيد البشر أجمع.

هل وجود القيم في حياتنا من الممكن مساعدتنا على معرفة رسالتنا أو التسهيل لمعرفة الرسالة في الحياة والتعبير عن انفسنا عن طريق معرفت قيمنا الحقيقية مثل الحريه، الإنجاز والمحافظة، والرعاية، والاحترام، والتقاليد، والتمتع، والاستقرار، والمساواة والعدالة هل القيم التي ذكرتهم في السابق تساعدنا بوجود رسالتنا في الحياه. لذا تعتبر القيم الشخصية عنصرًا مهمًا في القيادة والتنمية الشخصية. إنها تجعلك على التفكير بعمق في حياتك، وتوضيح الغرض منها، وتحديد ما هو مهم حقًا بالنسبة لك. تساعدك على ايجاد المهمة الشخصية أيضًا على التوضيح والتعبير بإيجاز قدرالإمكان عن أعمق قيمك وتطلعاتك. إنه يطبع قيمك واساليبك في عقلك حتى تصبح جزءًا منك. يعد دمج بيان مهمتك الشخصية في التخطيط الأسبوعي أيضًا طريقة للحفاظ على رؤيتك أمامك باستمرار. كيف يمكنك إنشاء بيان مهمتك الشخصية ولماذا هو مهم؟. حدد بعض النجاحات السابقة؛ يمكن أن تكون هذه النجاحات شخصية أو مهنية، يعد تحديد أولوية  قيمك لأنه يساعدك على تحديد ما هو مهم بالنسبة لك. حدد قيمك الأساسية؛ يجب أن يحدد تطوير هذه القائمة قائمة بالسمات التي تعتقد أنها تحدد بشكل أفضل من أنت وكذلك أولوياتك. بمجرد الانتهاء من هذه الخطوة، حدد القيمة الأكثر أهمية بالنسبة لك.

قد يرغب البعض في تضييق القائمة إلى عدد قليل من القيم قبل اختيار واحدة فقط. حدد مساهماتك. ضع قائمة بالطرق التي تشعر أنك يمكن أن تحدث فرقا. كيف تعتقد أنه يمكنك المساهمة في العالم؟ عائلتك؟ رب العمل الخاص بك؟ مجتمعك؟ أصدقائك؟ يمكن أن تساعدك رؤية مساهماتك بالتفصيل في فهم أفضل للطرق التي تريد أن تحدث فرقًا بها.حدد أهدافك. ضع في اعتبارك أولوياتك في الحياة والأهداف التي لديك لنفسك. يعد سرد أهدافك الشخصية قصيرة المدى وطويلة المدى أمرًا ذا قيمة في هذه الخطوة، التغير من طريقة التفكير تساعدنا علي ايجاد الطريقة المناسبه التي تساعدنا باختيار القيم الانساب لنا والوصول لتحسين انفسنا  ثم المجتمع. وهل  تعطيني الدافع لنكمل في هذه الرحلة.

هل تعلم أن كثيراً من الناس لا يدركون قيمتهم الحقيقية التي يستطيعون عن طريقها خلق رسالة تستمر حتى بعد رحيلهم. للرجوع إلى السؤال الذي تم طرحه في بداية المقال، ما هي رسالتك؟ هل استطعت حقاً وضع يدك على رسالتك بالتحديد؟ البعض منا لا يستطيع ذلك. حاول أن تكتشف رسالتك عن طريق أحب الأشياء التي تقدر عليها، وتستطيع إنجازها. على سبيل المثال أنت تحب التقاط الصور، هل فكرت مليّاً كيف تجعل التقاط الصور هي رسالتك في الحياة؟. حاول أن تلتقط صوراً عفوية للأشخاص في أكثر اللحظات التي كانوا بها يبتسمون، حاول إظهار تفاصيل ضحكاتهم ووجوههم التي كانوا يقسمون أنهم لا يحبونها، هل تجد أن رسالتك هنا تكمن في جعلهم يحبون وجوههم؟ يحبون ضحكاتهم أكثر؟. وفي كل مرة يعودون إلى صورهم يمر في أذهانهم الشريط كاملاً، تفاصيل ذاك اليوم بالتفصيل، ولماذا كانوا يضحكون، سيتذكرون اللحظات الأكثر صدقاً التي كانت بدون تكليف وتصنع.

البحث عن رسالتك في الحياة أمر شاق، هل هي رحلة قصيرة أم طويلة، مريحة أم مليئة بالعوائق والتحديات؟ هل هي مجرد محطة أم الطريق بأكمله؟. قد تكون ذلك ويحدث أن تكون ذاك. لا تفكر بالوقت الذي ستمضيه فيها لأن ذلك سيكون حملاً ثقيلاً عليك. فكر برسالتك وكأنها ستكمل معك حتى بعد رحيلك، ركّز على اتقانها، فكّر في أكثر الأشياء التي تحبها، وكيف تخلق منها رسالة أبدية، اجعل منها قيمة عظيمة تخدم من حولك، قيمة بالشعور وليست بالأرقام فقط. وأخيراً وليس اخراً، لن أقول لك حب ما تعمل حتى تعمل ما تحب، لأنه كلام ثقيل ولربما صعب التطبيق، لكن سأقول، إبدأ بالأشياء التي تحب، اصنع منها عالمك وابدأ بها رسالتك، ولا تتوقف عند محطة ما وتُنهي الرحلة، هنالك الالآف من الناس. ينتظرونك في أخر محطة.

رنا ضمرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *