يحصل العديد من الأشخاص الآن على الأخبار من مواقع وشبكات التواصل الإجتماعي. غالبًا ما يكون من الصعب معرفة ما إذا كانت القصص ذات مصداقية أم لا. ساهم التحميل الزائد للمعلومات والإفتقار العام في فهم كيفية عمل الإنترنت في زيادة الأخبار المزيفة أو القصص الخادعة. لاسيما أن مواقع التواصل الإجتماعي تلعب دوراً كبيرًا لزيادة وصول هذا النوع من الأخبار وجعلت أيضا، من السهل جدًا على أي شخص نشر المحتوى على المواقع والمدونات الإلكترونية أو على شكل ملف تعريف على وسائل التواصل الإجتماعي وذلك يزيد من احتمالية وصول المحتوى لجماهير كبيرة. وتم استغلال ذلك، فلما أصبح الكثير يحصل على الأخبار من مواقع التواصل الاجتماعي، استخدم العديد من منشئي وناشري المحتوى هذا لمصلحتهم لزيادة الربح وعدد النقرات على الويب.
يمكن أن يكون نشر هذه الأخبار والمعلومات الخاطئة عملاً مربحًا وتدر مبالغ كبيرة من عائدات الإعلانات للناشرين الذين ينشئون وينشرون قصصًا تنتشر بسرعة. حيث أن كلما زاد عدد النقرات التي تحصل عليها القصة، زادت الأموال التي يحققها الناشرون عبر الإنترنت من خلال عائدات الإعلانات، وبالنسبة للعديد من الناشرين، تعد الوسائط الاجتماعية منصة مثالية لمشاركة المحتوى وزيادة حركة المرور على الويب. عندما نتصل بالإنترنت أو نسجل الدخول إلى شبكة اجتماعية، إننا نعرض عمومًا الأخبار والمقالات والمحتوى بناءً على عمليات البحث الخاصة بنا على الإنترنت. يميل هذا النوع من المحتوى إلى عكس إبداء الإعجاب ووجهات النظر والمعتقدات الخاصة بنا وبالتالي عزلنا عن وجهات النظر والآراء المختلفة، ويُشار إلى هذا غالبًا باسم فقاعة التصفية أو فقاعة الترشيح.
هناك أنواع مختلفة من الأخبار الكاذبة أو المضللة التي نحتاج إلى معرفتها، وتشمل هذه:
- الأخبار الكاذبة على طريقة النقر (Click bait): وهذه القصص تم اختلاقها عمداً لاكتساب المزيد من الزوار على الموقع وزيادة عائدات الإعلانات لمواقع الويب. كمثال على ذلك ما حصل في فترة جائحة كورونا حيث الاحتباس والفكري والعزلة التي فُرضت على الناس من تبعات المرض، أصبحت الأخبار الكاذبة تتسرب في العديد من بلدان العالم بشكل مخيف، لنشر جو من الهلع والخوف من المرض أو لخلط الحقائق حول جائحة كورونا. بل إن مروجي الأخبار الكاذبة يحاولون استغلال الانشغال الاعلامي الدولي بكورونا، من أجل نشر الأوهام ووضع المتلقي بتيه جديد.
- الدعاية (Propaganda): هي أحد أشكال الاتصالات التي تهدف إلى التأثير على موقف المجتمع تجاه بعض الموقف أو قضية معينة. هي القصص التي يتم إنشاؤها لتضليل الجماهير عمدًا، أو الترويج لوجهة نظر متحيزة أو قضية سياسية وتعطي معلومات ناقصة لذلك تكون معلومات كاذبة لأنها غير كاملة وتؤثر على الأشخاص عاطفياً عوضاً عن الرد بعقلانية والهدف من هذا هو التغيير المعرفي لبعض الأشخاص المستهدفين لأغراض سياسية. وهو مصطلح رائج في السياسة، مثلاً اللوحة الإعلانية التي تدعو الناس للتصويت لمرشح معين يمكن أن تكون من الدعاية السياسية حسب الطريقة التي صيغت بها.
- الهجاء/ المحاكاة الساخرة: تنشر الكثير من مواقع الويب وحسابات وسائل التواصل الإجتماعي قصصًا إخبارية مزيفة للترفيه والمحاكاة الساخرة. وقبل أن تكون لداعي السخرية، تكون بدافع الإحتجاج على ما يجري من مواقف وأحداث وذلك بسبب زخم الأخبار السلبية التي تحصل وغضب الناس المستمر. هي عبارة عن رد فعل عكسي للأشخاص لعدم استطاعتهم التحكم بما يحصل من أحداث للتخفيف عن تبعات هذه الأزمات. قد لا تكون سيئة، ولكن بعض الناس ربما يصدقون هذه الأخبار الساخرة.
- الصحافة المخادعة: في بعض الأحيان، قد ينشر الصحفيون قصة بمعلومات غير موثوقة أو دون التحقق من جميع الحقائق التي يمكن أن تضلل الجمهور، وذلك يكون تسرعاً من الصحفي ذاته أو بدعوى وأغراض أخرى إما سياسية أو من المؤسسة التي يعمل بها.
- عناوين مضللة: يمكن تشويه القصص غير الخاطئة تمامًا باستخدام عناوين مضللة أو مثيرة. يمكن أن تنتشر هذه الأنواع من الأخبار بسرعة على مواقع التواصل الإجتماعي حيث يتم عرض العناوين الرئيسية والمقتطفات الصغيرة فقط من المقالة الكاملة في ملفات أخبار الجمهور. تستخدم العناوين المثيرة لجذب الانتباه وجذب النقرات الى موقع، وعادة ما يكون ذلك على حساب الحقيقة أو الدقة.
- الأخبار المنحازة: ينجذب الكثير من الناس إلى الأخبار أو القصص التي تؤكد معتقداتهم أو تحيزاتهم، ويمكن للأخبار المزيفة أن تفترس هذه التحيزات. تميل خلاصات أخبار وسائل التواصل الاجتماعي إلى عرض الأخبار والمقالات التي يعتقدون أنها ستنال إعجابنا بناءً على عمليات البحث المخصصة لدينا، وهذا يؤدي لعدم وصولنا للأخبار الحقيقة الفعلية ورؤية الصورة الكاملة.
- نظرية المؤامرة: هناك مصادر معروفة من المروجين لنظريات المؤامرة حيث “يُصمِّم منظروا المؤامرة النظريات لتكون قابلة للتصديق ويمكن الإعتماد عليها” حسب كلام الدكتور شادي شاهسفاري من جامعة كاليفورنيا الأميركية. مثلاً، نظرية “بيتزا جيت” نشأت وازدهرت في الفضاء الإلكتروني، ثم بدأت تؤثر على قرارات الناس في العالم الواقعي من ناحية ميولهم السياسية والاجتماعية. بالإضافة لما حصل من شائعات عن مرض كورونا وأصبح الناس لا يتبعون تعليمات السلامة لحماية أنفسهم، إلى آخره من الأمثلة العديدة التي توضح نظرية المؤامرة. هناك أشخاص مهووسين بتصديق هذه النظريات والخروج باستنتاجات وارتباطات عجيبة ليستطيعوا الإقتناع بها واقناع غيرهم.
- الشائعات (Rumor Mills): المصادر التي تتداول في الشائعات والقيل والقال والتلميحات والإدعاءات التي لم يتم التحقق منها. غالباً تكون الشائعات شيقة ومثيرة لفضول المجتمع والباحثين وتفتقر بالعادة إلى المصدر الموثوق الذي يحمل أدلة على صحة الأخبار، ويتداولها الناس ظنا منهم أنها حقيقية. تتنوع أهداف نشر الشائعات تبعا لناشريها قد يكون هدفها مادي بحت وقد تكون لأهداف سياسية كما يحصل في الحروب أو في الحالات الأمنية غير الإعتيادية.
- أخبار ترعاها الدولة: مصادر في دول قمعية تعمل بموجب عقوبات حكومية وتجبر الإعلام على رواية الخبر حسب سياستها وحسب ما تراه مناسبا لها حتى لو كان على حساب الحقيقة الفعلية لما يجري، وتعاقب من لا ينشر وفقا لذلك.
- أخبار الكراهية: المصادر التي تروج بنشاط للعنصرية وكراهية وأشكال متعددة من التمييز. خطاب الكراهية يعد رائجا على مواقع التواصل الإجتماعي ويستطيع أي أحد النشر والتحريض على الكراهية بسهولة. يجب التوعية بالمحتوى المنشور على مواقع التواصل الإجتماعي والإنتباه اذا ما كان يحمل الخبر والقصة رسائل مبطنة أو خفية على التحريض على العنف والكراهية أم لا.
- العلوم غير المرغوب فيها: المصادر التي تروج للعلم الزائف، والمغالطات الطبيعية، وغيرها من الإدعاءات المشكوك فيها علميًا.
نظراً لكثرة المثيرات التي نتعرض لها يومياً من أخبار وإعلانات وإشعارات وصور وفيديوهات، يصعب علينا التمييز عن ما هو حقيقي أو مزيف. أصبحت الأخبار الزائفة تشكل خطرا حقيقيا على المجتمع بما تشكله من خطراً على عقل ونفسية الإنسان خصوصاً مع الانتشار غير المتحكم فيه، لا سيما أن انتشارها يعتمد على التضليل والتمويه، والتصدي لمثل هذه الأخبار ذلك يعني التحقق من الأخبار والمعلومات.
نظمية سعد