لنملأ الفراغ ونحيي السلام

لنملأ الفراغ ونحيي السلام

لقد عانيت قبل فترة من الزّمن، هذه المشكلة (الفراغ) وأدركت الآن كم من الوقت الذي أهدرته على لا شيء. الآن ها أنا أخبرك بأن لا تفعل غلطتي وتكررها، أي منا كان مكانك أو عمرك أو حالتك الاجتماعية، توقف عن إضاعة الوقت بما هو غير مفيد لك في المقام الأول. لا تجعل عدم إيجاد الوظيفة المناسبة هي الحجة وأن البطالة هو أمر متفشي وأنه لا يوجد بين يديك أي حل!. الوقت هو أثمن شيء في حياتنا، فهو لا يعوّض ولا يمكن أن نسترجعه، بالتالي يجب المحافظة عليه من خلال إدارته بحكمة واعتدال حتى لا نقع في مشكلة الوقت الضائع المهدور من دون فائدة. تم تعريف وقت الفراغ على أكثر من معنى وذلك يعود لرؤيته من أكثر من منظور مختلف. لكن، اجتمع تعريف وقت فراغ على بعض الأساسيات المتفق عليها وهي: الوقت الحر، أي أنه الوقت الذي يمكن للإنسان أن يتصرف به كيفما يشاء من غير أي إجبار، وعادة يكون بعد القيام بالأعمال المهمة التي يجب إنجازها مثل الدراسة، العمل الوظيفي، الأعمال المنزلية… إلخ، بحيث يختار الانسان بهذا الوقت القيام بنشاط أو أكثر، ممتع ومفيد حسب رغبته.

ينطبق هذا التعريف على هؤلاء الأشخاص الذين يستغلون الوقت الإضافي الحر في ممارسة نشاطات تعود عليهم بالفائدة بشكل مباشر. للأسف، في مفهومنا الخاطئ أن الوقت الفراغ هو الوقت الذي تجلس فيه دون القيام بأي شيء أو بالتصفح على وسائل التواصل الاجتماعي والجلوس على الهاتف الذكي لساعات أو مشاهدة التلفاز. المشكلة الحقيقية تكمن في وقت الفراغ غير المستثمر بأمور مفيدة، لا ننكر حاجة كل فرد منا إلى الراحة والاستجمام. لكن، هناك فرق كبير بين وقت الفراغ غير مستغل بشكل الصحيح ووقت الراحة. فئة الشباب هي شريحة الأكبر في البلاد العربية وهم القلب النابض في المجتمع فإذا لم تتوجه طاقاتهم في الطريق الصحيح باستغلال وقت فراغهم، سيكون هناك خلل حين إذن وتضارب في مصالح الشباب بالدرجة الاولى ومصالح المجتمع ككل بالدرجة الثانية. خصوصا عندما يسبب كثرة وقت فراغ إلى سير الشباب إلى ما هو مضر واندفاعهم لحب استكشاف الأمور المضرّة إلى ما يؤدي إلى أذيتهم الجسدية والنفسية. عندما يقدم الشاب/أو الفتاة إلى سلوكيات غير مشروعة ويفشي ذلك بنسبة كبيرة بينهم فهذا بالتأكيد سيؤدي حينها إلى فساد مجتمعي حقيقي وضخم. ما نراه اليوم في شبابنا من سلوكيات خاطئة وإقبالهم على العنف والجرائم سواء كانت ملموسة على أرض الواقع أو حتى إلكترونيا بشتّى أشكالها ما هي إلا نتاج الوقت، الذي لم يستثمر والفراغ الذي يعانون منه. معظم الناس وخاصةً الشباب غير راضيين عن حياتهم وواقعهم بسبب عدم إدراكهم ومعرفتهم لأهمية الوقت، وهذا يسبب بعض الأحيان إلى اضطرابات نفسية. علماء النفس يؤكدون أن معظم الأمراض النفسية ناشئة من عدم الرضا الافراد عن حياتهم الواقعية، طبيعة البشرية تشعر بالراحة والسعادة عند الإنجاز والتقدم وعندما يفقد المرء هذا الشيء يدخل في حالة من الضياع والإحباط.

الكسل وفقد العزيمة هما بمنظوري من أسباب الرئيسية والهامة الذي ينتج عنه وقت الفراغ. التهاون بالوقت والاعتقاد بأن هنالك الوفير منه، يجعل الفرد متقاعس عن الكثير من الأمور التي تجعل من وقته لا شيء مهم فيه. نحتاج إلى وعي أكثر لإدراك أهمية الوقت لنا، وحين نستفيد منه جيداً سينعكس إيجابيا على أنفسنا أولاً وعلى المحيط الذي حولنا ثانياً. مهارة إدارة الوقت مهمة جداً في تقديرك للوقت ووصفة ممتازة لنجاحك في الحياة، تجعلك قادراً على التخطيط وتنظيم أمورك بشكل أفضل، من قيامك بعملك الذي أنت ملتزم به حتى وقتك الحر. تدرك حينها أن الإنجاز هو هدفك اليومي وأن تحرص على وقتك ألّا يذهب سدى، وتصبح كل أمور حياتك أولويات وتنجز المهم فالأهم. قد تتساءل في مكانك هذا كيف بإمكاني استثمار وقتي وأن أقضي على وقت فراغي وأنا لا أملك المال أو أملك القليل منه، إليك يا عزيزي بعض الاقتراحات التي أظن يمكنك الانطلاق منها:

  • ممارسة الرياضة سواء في النادي الرياضي أو المشي لنصف ساعة في الحي القريب منك مع أحد الأصدقاء يمكنه أن يكسر من روتين حياتك اليومي، ويساهم بطرد المشاعر السلبية والتوتر.
  • قراءة كتاب شيّق ومفيد له دوراً أيضا في الحصول على الهدوء والسكينة وبنفس الوقت يزيد من ثقافتك وتوسيع مدارك العقل بالمعلومات والمعرفة.
  • المشاركة في عمل تطوعي هادف وخلق المبادرات، كعمل مسرحي للأطفال .
  • تعلّم المتبادل، أي أنك تتعلم لغة جديدة وبنفس الوقت تعلّم لغة التي تتقنها أو لغتك الام مثلاً.
  • اكتساب مهارات جديدة، سيجعلك أقرب بخطوة أو أكثر ربما من تحقيق هدفك وطموحك في الحياة، عن طريق الانترنت مثلاً، هو الوسيلة الأسرع والارخص ثمناً لمساعدتك لاكتساب المعرفة وتعلم من خلال البرامج التدريبية
  • الزّراعة، نفتقد كثيراً للمساحة الخضراء في بيئتنا، فلم لا تكن مهتماً بإنشاء حديقة حتى ولو كانت صغيرة فذلك سيمدك بالطاقة والحيوية بعيداً عن ضوضاء والتلوث الذي نشهده حالياً في زمننا.
  • اكتشاف هواية جديدة، يمكنك الهرب من ضغوطات الحياة بهواية تستطيع خلق الإبداع فيها مثل: التصوير، الرسم، الخياطة… الخ.

 

ما هو قرارك، ماذا ستفعل في وقت فراغك؟

أشيد شخصياً بالعمل التطوعي كثيراً، لأنه يفتح لك أبواب فرص كثيرة لم تتخيل من قبل أنها ستفتح لك. إذا كنت طالب في المدرسة أو في الجامعة أنصحك بإيجاد عمل تطوعي، لن تندم أبداً؛ لأن بذلك سيساعدك على أي وجهة من تخصص ستختار أو تأهيلك إلى سوق العمل من خلال اكتساب مهارات حياتية وعملية، والعمل التطوعي له جانب إنساني أيضاً يهدف لمساعدة الغير وتبادل الخبرات، وهذا له مساهمة كبيرة جداً في تقوية المجتمع وتكاتفه. 

“إن حجم استغلال الوقت، ومدى الإستفادة منه يعتبر من أهم العلامات الفارقة بين الأمم المتقدمة الناجحة والأمم المتخلفة، ما أنه الخط الفاصل بين الأشخاص الناجحين والعاديين. ففي تنظيم الوقت وحسن استغلاله حل لجميع مشاكل المجتمع”، الدكتور عبد الكريم بكار، من أبرز المؤلفين في مجالات التربية والفكر الإسلامي. إن بإمكان الفرد أن يستفيد من وقته في كل دقيقة دون الحاجة إلى دفع المال وبذل جهود عظيمة، لا بالعكس يمكن استغلال وقت فراغك ويعود عليك بناتج مادي، المهم هو اكتشاف نفسك أكثر من خلال المواهب المكمونة لديك… (في الحركة بركة).

جمان الحديد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *