في الواقع، نعيش اغلبنا حالة صراع داخلية، بل وربما حالة ضياع. تلك الحالة تقيدنا، تربكنا، توترنا، وربما تمنعنا من الإستمتاع بالحياة أو التقدم. لذا علينا التخلص من تلك القيود، كونه يقع على عاتقنا التحكم بأنفسنا أكثر وضبط أفعالنا وتصرفاتنا. الأمر الجيد في الموضوع، أننا نستطيع الخروج من هذا الصراع إلى سلام داخلي مع أنفسنا بعدة طرق واستراتيجيات. من هذه الإستراتيجيات، تطوير حصيلة المعرفة والعلم لدى الفرد. إن حرص الفرد على تطوير معرفته من شأنه زيادة ثقته بنفسه، النظر إلى الأمور من زوايا اخرى، ونصج ووعي ذاتي أكثر. بالتالي، يتخلص من دائرة الصراع التي هو فيها ويتحكم بنفسه أكثر. أيضا، تحديد الفرد لأهدافه ومعرفتها، يشكل نقطة مهمة في حل مشكلة الصراع الداخلي؛ إذ أن الفرد الذي يعرف أهدافه جيدا ويخطط لها، هو هنا يتجنب حالة المتاهة والصراع التي يدخل فيها الكثيرون لعدم كفاية وعيهم بأهمية تحديد الأهداف والتخطيط لها. في الكثير من الأحيان، تكون عملية التخطيط للأهداف جيدة ولكن، نخجل من أن نطلب المساعدة من الآخرين.
ذلك يعيقنا ويشعرنا بحالة من الضيق والصراع، لذا علينا أن نتقبل المساعدة من الآخرين. العامل المهم في تكوين صراع الذات لدى البعض، هو أننا لا نقبل بالبدايات الصغيرة، بل نريد الوصول إلى ما نريده بسرعة، بقفزة كبيرة وبدون تعب. ذلك ما يحبط الفرد ويدخله في حالة من الإكتئاب ويدخله في حالة صراع مع نفسه. على الفرد أن يقبل بالبداية الصغيرة كدرجة أولى وأساسية من درجات النجاح والوصول إلى الهدف. علينا أيضا ضبط أنفسنا عن ملهيات الحياة وما قد يشوشنا ويشتتنا ذلك أن الفرد المشوش تقل كفآته في حياته العملية والعلمية وتقل انتاجيته. على الفرد عند بدأ قيامه بشيء ما أن يركز ويبعد جميع ما يشتته ويربكه لكي يحصل على نتاج عمل كفؤ وحتى لا يقع في صراع الذات.
نأتي إلى موضوع إدارة الفرد لمشاعره، أو ما يسمى بالذكاء العاطفي؛ هو عبارة عن ذكائك المتمثل في فهم مشاعرك ومعرفتها جيدا وهو قدرة الفرد على ضبط وتوجيه انفعالاته اثناء تعامله مع الناس. فهم الفرد لنفسه ومشاعره يخرجه من حالة الضياع والصراع الداخلي الذي من الممكن أن يعانيه أي فرد. كما يعاني العديد منا من صراع الخجل الاجتماعي، الخجل من التعبير عن انفسنا سواء بالقول أو بالفعل. ذلك يخلق للفرد حالة مترافقة من الضعف والصراع. يمكن التخلص من الخجل بتكوين صداقات وفتح معهم حوارات مختلفة. أو أن نجلس مع أنفسنا ونسأل انفسنا هذا السؤال؛ من ما أشعر به بالخجل؟، لماذا أشعر بالخجل؟، كيف لي التخلص من هذا الشعور المؤلم كي لايتفاقم؟. يجب أن نأخذ خطوة جادة بهذا الموضوع، لكي لا يتفاقم، ولكي لا يزداد ثقب الصراع لدى الفرد، كما أن على الفرد أن يحفز ويكافىء نفسه على انجازاته القيمة سواء كانت كبيرة أو صغيرة. تلبية الحاجات كما أشار لها ماسلو في هرم ماسلو للحاجات الأساسية والذي يناقش فيه ترتيب حاجات الإنسان ووصف الدوافع التي تُحرّكه. تتلخص هذه الإحتياجات في: الإحتياجات الفسيولوجية التي تمثل قاعدة الهرم، أي أول الإحتياجات التي يجب تحقيقها والتي تشمل المأكل، المشرب، الملبس. تأتي بعد ذلك حاجات الأمان، والتي تتمثل في الأمان الأسري والوظيفي، ثم الإحتياجات الإجتماعية والتي هي حاجة الإنسان إلى تكوين علاقات وصداقات مع الناس. أوضحت الدراسات أن جو العمل الذي لا يستطيع اشباع هذه الحاجة يؤدي إلى اختلاف التوازن النفسي لدى العاملين ومنها إلى مشكلات عمالية، كما يؤدي إلى نقص الإنتاج وإلى ارتفاع معدلات الغياب وترك العمل. ثم تأتي الحاجة للتقدير، يحتاج الفرد إلى كسب الإحترام والتقدير من قبل من حوله من الناس. ثم الحاجة إلى تحقيق الذات والتي يحتاجها الفرد إلى تحقيق انجازات لنفسه. تأتي هذه الحاجة في قمة الهرم، أي بعد اشباعنا لجميع الأحتياجات السابقة، لاننا عندما نشبع حاجة قبل الأخرى، او نتجاهل اشباع حاجة ما، نحن هنا ندخل في حالة اضطراب وصراع نفسي.
وناك استراتيجية مهمة في ضبط الذات والتحكم بها، وهي أن على الفرد أن يتوقف قليلا ثم يفكر لماذا يفعل هذا الشيء؟، وكيف سيفعل هذا الشيء؟، وبعد ذلك كله يفعل هذا الشيء. لذا، على الفرد أن يتروى قبل أن يفعل شيء، لكي يخطط له بطريقة صحيحة وينفذه بالطريقة الصحيحة. كما أن حديث الفرد مع نفسه يجب أن يكون حديثا ايجابيا وليس قائما على حديث كله سلبية وتشاؤم، ذلك أن هناك ما يدعى بالسبليمنال او قانون الجذب. قانون الجذب هو الإدراك الخفي الذي يتم من خلال اللاوعي، حيث أن العقل الباطن يمكن أن يؤثر على سلوك الإنسان. هنا يجب علينا الحذر من أن يكون قولنا سلبيا، بل ويجب علينا انتقاء واستعمال الكلمات الإيجابية حيث أن تكرار الفرد قول شيء ما وتكراره يوم بعد يوم، يؤدي بنا إلى جذب هذا الشيء وتحققه. لذا يجب علينا الحذر عند الحديث مع انفسنا وانتقاء كلمات ايجابية عند الحديث. اضافة إلى ذلك، يعتبر التفكير الإيجابي من الإستراتيجيات المهمة في التحكم بالذات والتخلص من صراع الذات. يقوم على تركيز تفكير الإنسان على الإيجابية في حياته قدر المستطاع وهو مهم جدا للتعامل مع ضغوطات الحياة ويقلل من مخاطر الإصابة بالإكتئاب. كما ويقوي الجهاز المناعي بشكل عام ويساعد الإنسان على الإرتقاء في حياتيه العملية والعلمية وبالصحة النفسية.
كما يقوم قانون الجذب في اساسه على فكرة أنه كل ما يحتفظ به العقل قابل للتحقيق، وجميع الأفكار في نهاية المطاف سوف تتحول إلى حقيقة على أرض الواقع. إذا ركز الإنسان في تفكيره ومشاعره على الأمور سوف تتحقق، وهذا بالضبط ما يؤكده ماسارو ايموتو، العالم الياباني والكاتب والباحث، والحاصل على درجة الدكتوراة في الطب البديل، ومؤسس نظرية أثر الأفكار على تبلور ذرات الماء. تتمحور نظريته حول أن للوعي الإنساني تأثير على تشكيل بلورات الماء، وأن الماء يتفاعل مع الأفكار والكلمات الإيجابية. كما يؤكد ان اذا تكلم الانسان مع الماء بمصطلحات سيئة، نحصل على بلورات ماء شكلها غير جميل، واذا تكلم الفرد مع جزيئات الماء بطريقة ايجابية، يحصل على بلورات مائية بشكل جميل. هذا بالضبط يطبق على الإنسان؛ حديث الفرد الإيجابي مع نفسه، وفي حياته اليومية، ينعكس ايجابيا على حياته، وهذا ما حاول ايموتو توصيله لنا.
ومن أشهر مؤلفات ايموتو رسائل من الماء و كتاب الرسائل المخبئة في الماء وفيها يوضح أثر الكلمات والأفكار والمشاعر على الماء وعلى حياة الإنسان. على الأنسان أن يتحدث ويقكر بإيجابية، لكي يحصل على الإيجابية في حياته. في النهاية، يجب علينا ان نحاول ان نتعامل مع الأمور بإيجابية، وأن ننظر الى الأمور بعين إيجابية، لكي نستطيع التحكم بحياتنا بالشكل الصحيح.
سلام عثمان