الخمية مزعجة في اللية الأولى

الخمية مزعجة في اللية الأولى

النزوح واللجوء والهجرة، كلها ارتبطت جميعها بالحراك السكاني. الإنسان بشكل عام عرف الإنتقال والتحرك من مكان إلى آخر منذ القدم، أنا كفتاة ولدت وأنا أعلم فقط أنني لاجئة ولكني لم أفهم معناها جيداً وأسمع الأغلب يردد دائماً نريد الهجرة!. لكن، عندما أتحيت لي لفرصة بالكتابة عن هذه المصطلحات (اللجوء والهجرة والنزوح)، وجدت نفسي فقرة للمعرفة حول تلك المصطلحات. لكن، عندما بدأت بالبحث والقراءة وكان أسبه بعمل دراسة حول تلك الكلمات.

الهجرة: عملية توطينية تتم من خلال السفارات والقنصليات وتهدف الدول من خلال الهجرة إلى توفير عمالة ماهرة تشغل وظائف موجودة على أرضها لا يوجد من يشتغلها من مواطنيها أو يوجد من يشتغلها ولكن ليس بالعدد الكافي. كما إنها الإنتقال من الريف إلى المدينة أم هجرة مضادة من الحضر إلى الريف تحمل معها في الحالتين آثاراً اجماعية واقتصادية وثقافية وسياسية إلى المجتمع الجديد وتترك آثراً واضح على المجتمع الذي هاجرت منه المجموعات والأفراد.

وللهجرة أنواع وهي: إختيارية وإجبارية. تكون الإختيارية بالمبادرة الفردية والرغبة في الإنتقال إلى وطن جديد للبحث عن الأفضل، أما الإجبارية تتم بواسطة قوة خارجية تفرض على غير إرادة الأفراد أو المجموعة. كما يمكننا تصنيف الهجرة إلى هجرة دائمة وهجرة مؤقتة وهجرة داخلية وخارجية. المقصود بالهجرة الدائمة، الهجرة بدون عودة وهي أكثر خطورة. والهجرة المؤقتة وهي تحسين الوضع المعيشي أو للدراسة وأسباب سياسية ولكنه في نهاية المطاف يعود إلى وطنه الأصلي. الهجرة الدخلية هي عبارة عن هجرة الأفراد من مطقة معينة لى أخرى في نفس البلد. أخيراً الهجرة الخارجية وهي تعرف نفسها فقط الهجرة إلى دول أخرى دون العودة.

الجفاف والتصحر وفقدان المرعى والغطاء النباتي هي من صنع الطبيعة. الحروب والإضطرابات الأمنية والقهر السياسي وتردي الأحوال الإقتصادية والمعيشية والإضطهاد العرقي والديني هي من صنع الإنسان. كل هذا يعد جزء كبير من أسباب واتجاهات الهجرة. الهجرة بجميع أصنافها وأنواعها تتم عن سابق تفكير وتمعن ويمكن للإنسان أن يختار ما يحمله معه من مستلزمات أو ما لا يحمله فليس هناك مهدد لحياته.

أما مصطلح النزوح، هو ترك الشخصص لمنطقته ويتوجه إلى منطقة أخرى ضمن البلد نفسه ولديه عوامل دفع وجذب للنزوح. العومل التي تدفع الشخص إلى النزوح كثيرة ومنها الحرب والمجاعة والفقر والضرائب المالية والأمراض وسوء الأحوال الجوية التي تنتج الكوارث عنها. أما عوامل الجذب للنازح فهي عكس  عوامل الدفع ومنها الأمان وتوفر فرص العمل والتعليم الجيد. في الغالب يعود النازح إلى منطقته الأصلية في حالة إختفاء عوامل الدفع والإكتفاء من عوامل الجذب بسب قرب المسافة التي قطعها للنزوح. النزوح يكون داخل البلد، نلاحظ أن النزوح لا يندرج تحت مفهوم الهجرة الإختيارية للمواطن بالرغم من تشابههما في عدم العبور لحدود دول أخرى. النزح يختلف عن الهجرة لأنه يتم قسراً بلا رغبة والنزوح أيضاً يكون شاملاً وذلك بأن تنزح قبائل بأكلمها دون أن يحمل هؤلاء النازحون ما يكفيهم من احتياجتهم المادية أو العينية.

المصطلح الثالث وهو الذي منذ طفولتي وأنا أسمعه لاجئة. وهو ترك الشخص لبلده إلى بلد آخر خوفاً على حياته أي يكون هناك تهديد حتمي للشخص المغادر لبلده ولا يتم إلا بموافقة الدول المستقبلة له حيث يتم منحة صفة لاجىء ضمن قوانين متعارف عليها دولياً بما يعرف باتفاقية جنيف التي وقعت عليها أكثر من 140 دولة في العالم. كلمة لاجىء تشمل كل شخص ترك بلاده ويبدأ بالإنتماء للبلد الذي لجأ إليه ويكون اللاجىء تحت يد الدولة التي لجأ إليها، يمكن لتك الدولة إرجاعة أو تسليمه لبلده الأصلي بأي وقت. للجوء أنواع حسب نوع التهديد: اللجووء الديني والسياسي والإنساني والإقتصادي والغذائي. أكثر أنواع اللجوء استعمالاً هو السياسي والديني.

متى ينتهي الفرق بين اللجوء الهجرة؟ في النهاية يحصل الإثنين على الجنسية في الدول التي يقمون بها سواء اللاجىء أو المهاجر وبذلك  ينتهي الفرق بين اللجوء والهجرة إلا بالعرف بين الناس!. 

رساله من لاجىء فلسطيني إلى لاجىء سوري في المخيمات الجديدة في الأردن: ستكون الخمية مزعجة في اللية الأولى،ثم في السنة الأولى بعد ذلك ستصير ودودةً كواحد من العائلة، لكن حاذر أن تقع في حبها كما فعلنا. لا تبتهج إن رأيتهم يقمون لكم مركزاً صحياً أو مدرسة إبتدائية هذا خبر غير سار أبداً إياك أن تتورط بمطالبات غبية مثل بناء بيوت بسيطة بدل الخيام أو بخطوط مياه وكهرباء ذلك يعني أنك بدأت تتعايش وهنا مقتل اللاجىء وهنا أيضاً مقبرته!. لا تدرب أولادك على الصبر، الصبر حيلة العاجز وذريعه من تخلى واللاجىء يموت إن لم ينظر خلفه مرتين في اللحظة الواحدة.

أنت لست ابن “هناك” تذكر هذا دائماً أنت لك “هنا” جميل ولا يخان. لاتنم ليلة دون أن تعدد محاسنه للأطفالك وأقرأ عليهم كيف مات الناس وكيف ذبحوا على شاشات التلفزيون  لأنهم لم يصفقوا للخطاب وقل لهم أنك تنام بين أشججار غريبة لأنك لم تنشأ أن تلدغ من “أسد” واحد مرتين!. سيبيعك الناس، تلك هواية السياسين وسوف يحبك كل المتاضمنون من كل البلاد. ستصير أنت شعارهم الإنتخابي ويتقربون بك إلى الله وستزداد همة الناس في تفقدك في رمضان وفي الأعياد والمناسبات الدينية والبعض سيصور زوجتك النائمة الآن في الظل لتكون موضوعاً لصورة تفوزز بجائزة دولية!. 

ستتعلمون لغات جديدة ومشاعر جديدة وستنشأ علاقة ملتبسة مع المنفى وقد تشعر في ليلة ماكرة بأنه لا ينقصه شيء ليكون كافياً  كوطن لكنك سرعان ما ستنتبه: الأشجار هنا لا تخضر كما يجب والملح ليس مالحاً والذين ماتوا لن يغفروا لي وتعود تنظر للوراء مرتين!. هنا سيتقدم ابنك الذي صار رجلاً دون أن تنتبه ليحمل عنك الذاكرة ويحمل حلمك الذي أنقض ظهرك!. ربما يا صديقي أن الأمر سيبدو معقداً في البداية؛ لكنه واضح جداً أنت “هناك” لأن “ال هنا” متعوكة، وقد يطول غابك ليلتين لكنك لست في رحلة للبحث عن هوية جديدة ولن تفكر حتماً في مد سلك كهرباء إلى الخيمة!. تلك خطيئتنا نحن حين قلنا: الخيمة ضيقة ونحتاج إلى خيمتين إضافتين!. اسمعني فأنا أفوقك خبرة 63 عام في هذه المهنة، لا تلتقط الصور التذكارية مع سفراء النوايا الحسنة ولا تشكو لهم حرارة الطقس أو من الحصى ف الخبز وحاذر أن تطالب بخيمة أفضل ليس ثمة خيمة أفضل من خيمة!.

رنا أبو هيظ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *