الأخبار الكاذبة

الأخبار الكاذبة

“لا تصدق كل ما تسمعه، ولا تصف ما تراه”. هل كان للتقنيات الرقمية ووسائل التواصل الإجتماعي “فيسبوك، تويت” وغيرها دور بازدياد الأخبار المزيفة؟. جميعنا لدينا القدرة على التفاعل مع هذه الوسائل ويميل الأغلب إلى البحث عن الأخبار من خلالها بدلاً من الجرائد والتلفاز. نؤمن بأنه اسخدامنا لهذه الوسائل بسب سهولة المشاركة أو النقاش مع الأصدقاء والقراء الآخرين، وأنها تفوقت اليوم أيضا على الوسائل التقليدية. لنشبه هذا النوع من الأخبار بالتفاحة التي قد تبدو لذيذة وجذابة في المتجر لكن قد تكتشف بأنها فاسده، بالطريقة نفسها قد تبدو الأخبار المزيفة، ماذا يمكننا أن نفعل؟

لنسأل أنفسنا من؟ ماذا؟ متى؟ لماذا؟ من قدم التفاحة؟ وهل بإمكانك الوثوق بالمصدر؟. افحص الموقع على الإنترنت، هل لديه سجل حافل بالمراوغة؟ ما تأكله؟ قد يبدو جيداً من الخارج ولكن ماذا قدموا لك؟ “باعوك” التفاحة؟ هل لديهم دوافع حتى يقدموا لك التفاحة؟ هل هي طازجة أو قطفت منذ فترة طويلة؟. لا تدع الأخبار المزيفة تأخذك لبعيد، استكشف، ابحث لأنك لا ترغب أن تأكل تفاحة فاسدة وتمرض. كذلك الأخبار المزيفة من المؤكد انك لاترغب بمشاركة هذه الأخبار المفبركة التي  تمرر مراراً وتكراراً. تحقق من الدوافع وانتبه منها ومن تأثيرها على صحتك النفسيةحيث قد تجعلك غير قادر على معرفة الحقيقة وحينها ستصبح ما بين وبين. لذلك لتقوم بقطف التفاحة من الشجرة نفسها وبناءاً على ذلك لنطبق هذا التشبيه على الأخبار المزيفة.

الدافع خلف الأخبار المزيفة وتأثيرها على المجتمع قد يكون بسبب دوافع سياسية،  اقتصادية، اجتماعية، او فنية.

  • الدافع  السياسي: أصبحت هذه الأخبار سلاحاً يستخدمه المستفدين للتضليل والتأثير على الرأي العام أو لتصدير الأقوال وزعزعزة الأمن. نعرف جميعنا ما يحدث خلال الحملات الإنتخابية التي باتت أغلبها إلكترونية عبر البيئة الرقمية. هنا يبدأ دور هذه البيئة بغربلة المرشح من خلال تفاصيل حياته الشخصية أو التدقيق على برنامجة الإنتخابي. يأتي هنا دور ناشروا هذا النوع من المحتوى بهدف التخريب، التشويش و التأثير على المجتمع بقرار الإنتخاب. يقلل هذا النوع من الأخبار من مصداقية المرشح ومن برنامجه الإنتخابي أيضاً وتجعل المنافسة أقوى بين المرشحين. لنأخذ أثرها على المرشحين من خلال  أثرها النفسي عليهم والتقليص من ثقتهم، قدراتهم ومن برامجهم الإنتخابية. تحصر المنتخبين  بعد قراءه هذه الاخبار على اتخاذ قرار من يستحق التوصيت له. في عالم التكنولوجيا يمكن تكسير اللغه في المؤتمرات عبر الفيديو وفبركته من خلال ترجمة الكلام وتغير حركات الوجه والفم في الوقت نفسه بحيث يبدو أن الجميع يتحدثون لغة واحده. أو فبركة صورة ما خلال اجتماع وزرع السلبية بالصورة.
  • الدافع الإقتصادي: مثل “يعني وإنت بتتصفح صفحتك على الفيسبوك، بتقرأ منشور بحكي عن النشرة الجوية وإنه في منخفض جوي مخيف “ثلوج،سيول”، إذا كنت فضولي شوي بتقرأ التعليقات أغلبها منها “الله يستر ، كيف بدنا نشتغل”، وبتنزل على المحلات بتشوف الأغلب بحضر حاله  للمنخفض بيشتروا معلبات ومونة، أو الطوابير يلي عند المخابز”. لنسأل أنفسننا من خلف نشر هذه الأخبار ومن المستفيد؟ ستجد أن أغلب المستفدين هم أصحاب المحلات التجارية لزياده المرابح المادية والتسويق لأنفسها.
  • الدافع الإجتماعي: أثرت على المجتمع اجتماعيا فقد زاددت من قلة التكافل الإجتماعي وخوض النقاشات المثيرة. كان في السابق اذا اجتمعت النساء لإحتساء فنجاناً من القهوة، كان يتمحور الحوار عن “شو بدك تتطبخي اليوم؟ شو كيف كان نهارك امبارح؟… إلخ”. أما في ضل الحالة السائلة للبيئة الرقمية، أصبحت النقاشات تدور حول ما قد يصلهن من رسائل عبر تطبيق “الواتساب، الماسنجر”، مثل: بالأمس تم اغتصاب طفلة بعمر 15 عام من قبل رجل بعمر 48 عام، كان هذا الرجل أحد أفراد عائلتها. هنا، أصبح النقاش يدور حول هذه الطفلة وكيف لرجل بهذا العمر ان يفعل ذلك. هذا النوع من الأخبار  قد  يزرع مشاعر القلق والخوف في قلوب العائلات والأمهات تحديداً. نجد أن هذه الأخبار يعزز من قلة الضوابط الإجتماعية للحوار .
  • دافع فني: نشاهد الكثير من الأخبار عن فنانين مشاهير. يتم نشرها بشكل سريع لمتابعة الناس لهم وترقب أخبارهم، نرى أن بعض الفناين ينشر اقوايل كاذبة فقط لزياده الشهرة وعدد المتابعين أو تعود الفائده لناشري هذه الاخبار. مثال خبر وفاة الفنانة المغربية سعاد صابر ، فقد أشارت في تصريحات خاصة بأنها لم تظهر بأعمال جديدة لانها لا تتلقى عروض. أشارت الأخبار التي تتحدث كل فترة عن أزمة صحية تصيبها تارة وعن وفاتها تارة أخرى تزعجها، مشيرة أن تنتشر أخبار زائفة دون التأكد منها. أثر هذه الاخبار من الممكن أن يؤثر على صحتهم النفسيه عليها وعلى أفراد عائلتها بشكل مباشر أو غير مباشر عند سماعهم مثل هذا الخبر.  سمعنا عن خبر وفاة عبد الحليم حافظ وكيف كانت ردود الفعل للمحبين. اذا اجتاحت الشوارع المصرية الحزن حيث سجلت جنازته واحدة من اكبر الجنازات الشعبية في تاريخ مصر بعد سماع خبر وفاته وكان انتحار الفتيات حزنا عليه، وتعرض الكثير من عاشقيه لنوبات الإكتئاب الحاده والتي لم يقدروا على تجاوزها لفترة طويلة.

أسهمت البيئة  الرقمية الجديدة بمنصاتها ووسائطها المختلفة في تغير نمط إنتاج وتوزيع المحتوى الذي بات ينتقل “من الجميع إلى الجميع”. أصبحت البيئة الرقمية ملاذاً ومحضناً لصنع الأخبار المزيفة والمفبركة. لم يعد هناك سلطة تحدد مدخلات ومخرجات هذا النوع من الأخبار وتبت فيما ينشر أو ما لاينشر عبر منصات الإعلام الفردية و المجتمعية خاصة الإعلام الإجتماعي والوصول إلى المتلقي. المستخدم نفسه الذي أصبح منتجاً ومرسلاً في الآن ذاته ومالكاُ لإتخاذ القرار في جميع الحلقات التي يحددها هو لإنتاج هذا المحتوى المزيف. الأخبار المزيفة يمكننا تعريفها على أنها وسيلة مثالية للتضليل وماده ملائمة لشحن المجتمع وتعبئته وإذكاء العنصرية والكراهية. ومن أهم أسباب انتشارها:

  • قلة الثقه في وسائط الأخبار التقليدية لأنها ليست متعددة ومتنوعة لذلك يلجأ المتلقي إلى وسائل التواصل الإجتماعي رغم انها تهدف إلى الإنتشار أكثر من تداول معلومات مووثوقة.
  • محاولة التضليل والتشويش أو قيام بعض الأفراد بفبركة الأخبار لتكون أكثر انتشارا أو كسب عدد أكبر من المتابعين وإعادة نشرها من قبل الآخرين.
  • ممكن أن تكون تتناسب مع معتقدات ومبادىء القارىء حتى لو كنت كاذبة.

لذلك يميل الناس لمشاركتها، تكون مدهشة مقارنة بالأخبار التقليدية. الأخبار التقليدية نادرا ما يشاركها اكثر من 1000 شخص بينما قد يشارك البعض الأخبار المزيفة اكثر من 100 ألف شخص. هذا النوع من الأخبار عاده ما تكون غير مألوفة وتنتشر بوتيرة قوية. إحراز مشاهدات مليونية خلال ساعات تحقق مكاسب مالية أو سياسية لا يتعلق بالمحتوى المنشور بقدر ما يتعلق بالقارىء المستهلك لهذا المحتوى. القارىء في كلا الحالتين، ببساطة، ضحية لعملية خداع.

رنا أبو هيظ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *