العار كشعور سلبي في وجه الفخر

العار كشعور سلبي في وجه الفخر

جميعهم يُكافحون مشاعر “العار”. الشعور بالعار هو شعور مؤلم بالإهانة أو الكرب الناجم عن الشعور بارتكاب سلوك خاطئ أو أحمق. الإذلال يمكن أن يجعلنا نشعر بالسوء، وقد يؤدي إلى انعزالنا تماما. الشعور بالذنب أو الندم أو الحزن ينتابك لأنك تعلم أنك فعلت شيئًا خاطئًا. معظمنا قد يفعل أشياء كان قد أخفاها عمن حوله لأنه يشعر بالحرج مما فعل. في حال كان شخص ما يشعرك بالخزي أو “الخجل”، فإنّه يعمد إلى التأثير على توازنك العاطفي والذهني. لذلك، إن الثبات والتكيف وإفراغ الدماغ من الأفكار كلها أمور تجعلك قويّاً أمامهم، ويمكن لهذا أن يحدث فرقاً كبيرا.  حاول أن تتخيّل وجه شخص يقدّرك كما أنت. شعورك بالخجل قد يؤدي إلى تدمير الأمر، لكن اسعَ إلى التفكير بما قد يقولونه لك في حال أخبرتهم عن شعورك. يجب أن يكون شخصاً تعرفه ويدعمك خلال اللحظات الصعبة، وتحديداً شخص لا يحكم عليك إذا ما فعلت أمراً خاطئاً، بل سيسعى إلى مساعدتك في كلا الحالتين.

هل أنت قادر على تعلّم أي شيء من التجربة؟ وهذا ليس مثل القول: “لن أفعل ذلك مرة أخرى أبداً”، على الرغم من أن ذلك جزء من التعلم. لكن هل يمكنك أن تفهم بعض الأمور عن نفسك والآخرين وبعض المواقف التي قد تساعدك في المستقبل؟. تذكّر أن العار يعدّ ضمن مجموعة كبيرة من المشاعر التي تشكّل جزءاً من تجربة كل إنسان. أنت لست سيئاً في حال كان شخص ما يخدعك، وأنت لست سيئاً في حال أدى تصرفك إلى شعورك بالخجل. أنت ببساطة إنسان. والآن، حان الوقت للمضي قدماً. تذكّر ما تعلمته من التجربة من دون أن تقسو على نفسك.

يعتبر “النقد اللاذع للذات”، مشكلة لا يعرف معظم الناس كيفية التعامل معها، مشاعر الخزي والعار من أصعب المشاعر ومع ذلك يتصور البعض أن أفضل تعامل معها هو ازاحتها، والتشويش عليها، بينما وبحسب المعالجين النفسيين علاجها يكمن في محاولة استكشافها، باهتمام وفضول، حيث يمكن للشخص الجلوس مع مشاعره غير المريحة، وبمرور الوقت سوف تتطور مرونته النفسية، ومعرفته الذاتية، والثقة بنفسه. الأفكار والمشاعر أكبر وأكثر إثارة عندما يتم تركها غير مكتشفة، ومركونة في الظل، وسواء كنت تعاني من مشاعر العار في الوقت الحالي، أو كنت قد دفنتها لتتجنبها وتهرب منها.

كم من الأشخاص نتخيّلهم سعداء، غير أنّهم في الواقع يصارعون أفكاراً اكتئابيّة بوتيرة يوميّة؟ إنّ الأشخاص المكتئبين يُصوَّرون عادة كأنّهم غير قادرين على العمل والإنتاج ويبقون طريحي الفراش. لكنّ الجميع لا يختبر الاكتئاب بالطريقة نفسها. بعض الأشخاص قد لا يدركون أنّهم مصابون به، خصوصاً في حال كانوا يديرون حياتهم اليوميّة “كما يجب”، كذلك لا يبدو ممكناً أن يبتسم أحدهم ويمرح ويؤدّي عمله وفي الوقت نفسه يكون مكتئباً. أكثر الأشخاص الذين فوجئوا من كونهم مصابين بالاكتئاب هم الذين يعانون الإكتئاب الباسم. معظمهم لم يسمع بهذا المصطلح. وتعريف الإكتئاب الباسم هو الظهور أمام الناس كأنّك سعيد، فتبتسم، في حين أنّك في داخلك تعاني أعراضاً اكتئابيّة. وهذا الشكل من الإكتئاب لا يمكن كشفه في غالب الأحيان. ومن يعانيه يستخفّ على الدوام بمشاعره الخاصة ويهملها، كأنّه يُلقيها جانباً. هو قد لا يعي اكتئابه أو لا يرغب في الإقرار بأعراضه خوفاً من أن يُعَدّ “ضعيفاً”.

يأتي فعل الإبتسام، كآليّة دفاع، في محاولة لطمس المشاعر الحقيقيّة… الحزن. من الممكن أن يختبر الشخص المعنيّ حزناً على خلفيّة علاقة فاشلة أو تحدّيات مهنيّة أو لأنّه يفتقر إلى هدف حقيقيّ في الحياة. وذلك الحزن قد يُترجَم بشعور دائم بأنّ “كلّ شيء ليس على ما يرام”. إلى جانب الحزن، هناك أعراض عامة أخرى للإكتئاب الباسم، من قبيل القلق والغضب والخوف والإعياء والحساسيّة المفرطة والإنفعال السريع والإحباط واليأس. من يعاني الإكتئاب الباسم وأشكالاً أخرى من الإكتئاب قد يختبر كذلك مشكلات في النوم، وقلّة استمتاع بالنشاطات الترفيهيّة، وفقداناً للرغبة الجنسيّة. لكنّ “لابون” تشدّد على أنّ كلّ واحد يعيش ذلك بطريقته الخاصة. من المحتمل أن يشعر المرء بعارض واحد أو عارضَين اثنَين فقط من تلك الأعراض.

بإمكاننا التفكير في الإكتئاب الباسم كقناع على وجوهنا. من يعانيه قد لا يقدّم لمن حوله أيّ إشارة إلى مشكلته، ويخفي تحت ذلك القناع حزناً ونوبات هلع ودونيّة وأرقاً…. وفي بعض الحالات أفكاراً انتحاريّة. الإنتحار يُعَدّ تهديداً حقيقيّاً للأشخاص الذي يعانون اكتئاباً باسماً. في الإجمال، من يعاني اكتئاباً كلاسيكيّاً حادّاً قد يحمل أفكاراً انتحاريّة، لكنّه يفتقر إلى الطاقة لتحقيق ذلك. أمّا الأشخاص موضوع مقال “لابون”، فهم يتمتّعون بالقدر الكافي من القدرة والنشاط للتخطيط والتنفيذ. لذا، فإنّ الاكتئاب الباسم قد يكون أشدّ خطورة من شكل كلاسيكيّ لاكتئاب حادّ. مسؤوليتك التامة تجاه مشاعرك، هي أول خطوة في طريق الحرية لذا كن واضحًا مع نفسك والآخرين، ولا تحمّل نفسك فوق طاقتك من أجل الحصول على رضا الآخرين. عندما يُشعرك أحدهم بالعار احرق عليه ورقته الرابحة، احمل ميكرفون وقف أمام من تشعر بالخوف أو الحرج منهم ووقول لهم أنا عندي سر ولقد فعلت كذا وكذا بعدها ستشعر بالراحة التامة.

الأشخاص الذين يتعاملون بأسلوب الشماتة، غالبا هم لا يعرفون أن الشماتة والاستبداد طاقة ارتدادها سريع، كيف تتشمت بشخص وتحاول تستخدم سره ضده أو تحاول تخلليه يشعر بالخزي والحرج أمام نفسه والآخرين وأنت لا تضمن نفسك إنه من الممكن أن تكون بنفس مكانه وتنكسر وتسمع نفس الشماتة وأشد. علينا ألا نظهر الشماتة حتى لا نبتلى بنفس الإبتلاء. حتى نتفادى الأشخاص الذين قد يشمتون عليك أن لا تخبئ أي شيء من البداية.                     

اليوم مثل أي يوم عادي يوم مثل الأمس، وقد يكون مثل غد، يوم ستوقظنا فيه أصوات الشارع والأذان وصياح الأمهات، علينا أن نصحو لنكرر يومًا مماثلًا ليوم كنّا فيه قبل دقائق. قصتي لليوم تدور حول فتاة حصل معها موقف منذ الصغر تخجل منه وتشعر بالعار منه جعلها تشعر بالاكتئاب الشديد، ولا تعرف من تُخبر وهي تعرف أن أهلها لن يتقبلوا سماعها وسيظنون أنها كاذبة، حتى أنها فكرت بالإنتحار ظنا منها أن ألمها النفسي سيزول، لكنها توقفت قليلا وفكرت بمن قد تثق به خطرت صديقتها في الجامعة على بالها كلمتها وقالت لها أن تأتي إليها مسرعة، وعندما أتت صديقتها سألتها إن كانت جاهزة لسماعها أجابتها بالقبول. عندها قالت لها موقفها ألا وهو إنه في الصغر تعرضت لتحرش جنسي وكان قد أثر عليها تماما ولم تعرف لمن تقوله وكانت منحرجة جدا وتشعر بالخزي عندها قاطعتها صديقتها لتقول لهالا تخافي وهدّئي من روعك. قالت لها ليس هناك ما تخجلين منه أنت بالنهاية لم تفعلي ذلك بنفسك، والذي عليه أن يشعر بالعار هو المتحرش بك. وقالت لها عليك دائما قبل أن تحكمي على الموقف إن كان خوف أو قلق أو عار عليكي أن تجلسي مع نفسك أولا وأن تلجئي لمن قد يدعمك ثانيا.

لذا أقول لكم ان الشيء الذي تشعر انه يجلب إليك عارا أو خزيا عليك أن تخبره لاحد تحس أنك قد تثق به وإن لم تجد فاذهب عند طبيب مختص وتحرر من العار والخزي والشعور بالحرج. تذكر دائما أن وجودك ليس لعنة بل هدية لذا حرر نفسك من العار وكن أنت. أخرج من عقلك فكرة أن الشيء الذي أحتفظ به لا يجوز لأحد أن يعرفه إذا كان هذا الشيء يسبب لك عائقا في حياتك. عليك أن تكون واعي لأفكارك وتختار أفكار تدعمك وتخدم سعادتك.

نوال مسعود