مشاعرنا تؤثر علي ذاكرتنا والذاكره تحمل كل الذكرايات السلبيه والإيجابيه و كل المشاعر المحببه المفضله للنفس التي يتذكرها الإنسان. أما الذكريات الأليمه، يبتعد عنها. المشاعر السلبيه تضعف ذاكره الانسان ومع زيادتها تزداد ضعف الذاكره لأن العقل الباطن يعمل جاهدا لتعزيز النسيان لهذه المشاعر السلبيه. نحن كبشر لدينا مشاعر مختلفة ومتنوعة ومتضادة. النفس البشرية عبارة عن منظومة معقّدة للغاية من المشاعر والأحاسيس والأفكار، ومنذ الأزل سعى البشر على اختلاف ثقافاتهم ومستواهم التعليمي على فهم الآخر، وتحليل ما يشعر به، نظرا لما لهذا الأمر من أثر إيجابي في بناء العلاقات الإنسانية وتوطيد أواصر الصداقة والتماسك بينها. ما المقصود بفهم الآخر، وكيف يمكنك كشخص غير متخصص في علم النفس أن تفهم ما يعيشه الآخرون وما يشعرون به؟
يساعدنا فهم مشاعر الآخرين على توقّع ردود أفعالهم حيال موقف معيّن، لكن العملية عكسية أيضًا، حيث تسهم ترجمة ردود الأفعال المختلفة على فهم المشاعر، وتوقّع السبب وراءها. كلّما ارتفع مستوى الذكاء العاطفي، ازدادت القدرة على ترجمة ردود الفعل وفهمها وبالتالي التصرّف مع الغير بشكل أفضل. هناك تأثيرًا كبيرًا لمشاعرك على صحة جسدك؟ قد تؤدي إلى تراجع في صحتك البدنية وتظهر تأثيرها علي شكل أمراض عضويه. المشاعر يستقبلها الجسم بطرق مختلفة، والتي تختلف من شخص لآخر بغض النظر عن السن والجنس. إن الألم الجسدي يكون بمثابة تحذير للشخص بأن هناك مشاعر سلبيه مختزنه داخل جسمك وعقلك. المشاعر هي ردود أفعال على محفزات عاطفية أو بيئية أو نفسيه. تختلف ردود الأفعال من شخص لآخر وفق لخبرته الشخصية ولماضيه وحياته وقدراته الفكرية وحالته النفسية والبدنية. المشاعر هي الوقود الذي يحركنا علي مدار اليوم ويميز علاقتنا مع وعن الآخرين، لكن حين تكون سلبية، قد تضر بالجسم.
مثلا الحزن والخوف والفرح والغضب والإشمئزاز وغيرها هي مشاعر قد نشعر بها ولها تأثير مباشر علينا، بل وقد تضر بأجسامنا. قد يبدو هذا غريبا لكنه حقيقة. من الضروري تحديد أفكارك ومشاعرك للسيطرة عليها، أو على الأقل الحد منها. من المهم أن تكون علي وعي ودراية بتأثير المشاعر ونتائجها على سلوكنا وعلاقاتنا وصحتنا بشكل عام. كيف يمكن أن تضر المشاعر بالجسم؟ مثلا:
- الغضب: مشاعر الغضب تضعف الكبد وقد تكون قاتله.
- الخوف: الخوف قد يكون سيئاً جداً للجسم، فهو يضعف الكلى فاحذر اخافه شخص حتي لو عن طريق الدعابة فهو مدمر.
- القلق: يضر بالمعدة ويسبب آلام في البطن ويؤثر على طاقه وكفاءه الطحال.
- الحزن: الحزن يؤثر على الرئتين ويسبب التعب وضيق التنفس.
نحن نتأثر كثيراً بالمشاعر، اكتشاف مشاعرك السلبية يساعدك على السيطرة عليها بشكل أفضل لكي لا يكون لها تأثير سلبي على الصحة. المشاعر الغير مرغوبة قد تكون غير محتملة أحياناً، إذ تحت تأثيرها يفشل الكثير في الاستمتاع باللحظة الآنية ويعيشون حياتهم ببؤس وكآبة ويفقدون الحافز لتطوير أنفُسهم. السبب في تأثير هذه المشاعر على حياة الناس بتلك الطريقة هو كونهم لا يعرفون كيف يوجّهون مشاعرهم في الإتجاه الصحيح. تلك المشاعر السيِّئة والغير مرغوبة يمكنها أن تزوِّدك بقوّة تحفيزية هائلة بحيث تستطيع الحصول على كلِّ ما تريد في حياتك، في حال قمت بتوظيفيها في المكان المناسب. إليك بعض الأمثلة عن كيفية تغيير المشاعر السلبية إلى إيجابية بذكاء:
من غيرة… إلى حافز: الغيرة هي من أهم المشاعر القوية التي يمر بها البشر. الأشخاص الذين لا يعرفون كيف يتحكمون بغيرتهم ويوجّهونها بالاتجاه الصحيح، عادة يلجأون لنعت من يغارون منهم بالكلام السيء، وينتقدونهم. لكنّك حين تنظر إلى الغيرة من زاوية أُخرى، ستكتشف أنّها يمكن أن تكون مصدرك الأساسي للتحفيز، بدلاً من توظيف تلك القوّة في كراهية الغير، استخدمها كدافع لتكون أكثر نجاحاً من أُولئك الذين أثاروا غيرتك.
من القلق… إلى الطاقة: بعض الناس يشعرون بالقلق حين يعتقدون بأنّهم غير مستعدين لمواجهة تحدٍّ معيّن. قد تشعر بالقلق الشديد قبل تقديم أحد الامتحانات، وهذا الضغط الذي تشعر به إمّا أن يحبطك، أو أن يزوِّدك بالطاقة اللازمة لتجتهد أكثر في الدراسة. لكي تتغلّب على الخوف والقلق من أجل مستقبل أفضل، عليك بتطوير مهارات جديدة لتثبت لعقلك الباطن بأنّك مستعد لمواجهة التحدّيات التي تقابلك. لا شيء يمكنه أن يزوِّدك بالطاقة المطلوبة لاكتساب مثل تلك المهارات أكثر من قوّة القلق.
من الحنين… إلى الماضي… إلى مستقبل باهر: إن ما يجعل البعض يحن لماضيه هو اعتقادهم بأنّ حاضرهم لن يكون جميلاً كما هو الماضي. لكن الحقيقة أن هذا الحنين يمكنه أن يكون دافعاً قويا لتوجيهك نحو بناء مستقبل أفضل بكثير من ذلك الماضي الذي تحن إليه.
من الشعور بعدم الأمان… إلى الرِّضا والإرتياح التام: إن الشعور بعدم الأمان هو أحد المشاعر القوية جدا والتي إن وجهتها بشكل خاطئ ستعيش حياتك كاملة دون أن تحرك ساكنا أي دون الاستفادة من قدراتك، وعلى العكس من ذلك فإنك لو وجهت تلك الطاقة في الإتجاه الصحيح ستشعر بدافع قوي لإنهاء شعورك بعدم الأمان.
الضغط، إما أن يولد الإنفجارات أو أن ينتج عنه الألماس. طالما ردد الناس أن الضغط ينتج الألماس؛ لكن هذا لا يحصل في كل الحالات. إن لم تجد طريقة لتوجيه ذلك الضغط في الإتجاه الصحيح فإنه سيحبطك، أما إن استطعت استخدام تلك الطاقة بشكل صحيح فإنك ستقوم بأمور رائعة في حياتك. المشاعر السيئة والتي تسبب لك ضغطا شديدا قد لا تكون بذلك السوء الذي اعتقدت، بل على العكس يمكنها أن تكون الوسيلة التي ستحملك إلى العظمة. يقول أدلر “تذكر أن أحد الأسباب الأساسية لامتلاكنا مشاعر هو مساعدتنا على تقييم خبراتنا”. لقد فحص أدلر، ومعه هال إي هيرشفيلد، وهو أستاذ للتسويق بجامعة نيويورك، الرابط بين خبرة المشاعر المختلطة والصحة النفسية لدى مجموعة من الأشخاص خلال مرورهم باثنتي عشرة جلسة من جلسات العلاج النفسي. لقد طلب من المشاركين قبل كل جلسة أن يملأوا استبانات هدفها تقييم صحتهم النفسية. كما طُلب منهم أن يكتبوا سردًا لما مرّوا به في حياتهم من أحداث وما جرى معهم في أثناء جلسات العلاج، التي كانت تهدف إلى تحقيق الرضا العاطفي لديهم. كتب أدلر وهيرشفيلد في تقريرهما لعام ٢٠١٢، إن الشعور بالابتهاج والاكتئاب في وقت واحد، كمثل ما كتبه بعض المرضى “أشعر بالحزن أحيانًا بسبب كل شيء أمر به، ولكنني سعيد ولديَّ أمل، لأنني أعمل، بالرغم من مشاكلي”. كان مقدمةً لتحسن الصحة النفسية خلال أسبوع أو أسبوعين، حتى لو كانت المشاعر المختلطة التي خبرها أولئك المرضى في ذلك الوقت سيئة. لقد وجد الباحثان أن “المرور بالجيد والسيئ معًا قد يخفف من الآثار الضارة للخبرات السيئة، على نحو يجعل لكل من الجيد والسيئ دورًا لدعم التحسن في الحالة النفسية”.
بدلا من تجنب المشاعر السلبية أو محاولة الإبتعاد عنها، يجب عليك أن تتقبل مشاعرك قبل أن تندفع بسرعة إلى تغيير حالتك العاطفية. يرى كثير من الناس أن التنفس البطيء والعميق في أثناء محاولة تحمّل المشاعر القاسية، أو تخيل هذه المشاعر كما لو كانت سحابات هائمة، يمكن أن يساعدهم على تجاوزها؛ إذ تكون كتذكِرة لهم بأنهم سوف ينجحون ويتخطَّون محنتهم. إنني أقول لمرضاي إن الفكر هو مجرد فكر والشعور هو مجرد شعور، ولا يصح أن نحمِّل الأمور أكثر مما تحتمل. تقول ساورزافالا: “من المستحيل أن تتجنب المشاعر السلبية بجملتها؛ لأنك لكي تعيش، فهذا معناه أن تمر بعقبات وصراعات”، وتضيف أيضا قائلة “إن تعلُّم كيفية التأقلُم مع هذه المشاعر هو المفتاح”.
يارا النسور