ماهي الأخبار المزيفة، ماهو تاريخ الأخبار المزيفة، ماهي مصادرها وفئاتها، كيف يمكن لمواقع التواصل الإجتماعي أن تساعد في نشر وتعزيز الأخبار المزيفة، هل يمكننا الإعتماد على محرك البحث جوجل في الحصول على معلومات أكيدة وموثوقة؟ العلاقة بين فقاعة الترشيح وغرفة الصدى وبين الأخبار المزيفة، كيف نخرج من تأثير فقاعة الترشيح وغرفة الصدى، ماهو طعم النقر كليكبيت؟ كيف نكتشف فيما اذا كانت الاخبار مزيفة أم لا؟ بداية سأبدأ بتعريف الأخبار المزيفة، حيث أن الأخبار المزيفة هي عبارة عن معلومات خاطئة تقوم بتمويه القراء واقناعهم بأنها معلومات صحيحة ولكنها في الحقيقة أخبار عارية عن الصحة وعن الحقيقة تنتشر لغايات معينة منها تضليل القارئ أو الباحث وتوجيه فكره باتجاه اخر بعيدا عن الحقيقة أو مركز الوعي.
تاريخ الأخبار المزيفة: يقترن قدم وتاريخ الأخبار المزيفة بقدم وتاريخ الأخبار نفسها وعملية صناعة الأخبار بحد ذاتها. مثلا، في نهاية القرن التاسع عشر انتشر مصطلح الصحافة الصفراء وهو تمثيل لمفهوم الأخبار المزيفة حيث يمثل هذا المصطلح الطريقة التي تستخدمها الصحف والنشر. من أبرز اللذين استخدمو اسلوب الصحافة الصفراء وليم راندولف هيرست وجوزيف بوليتزر. تقوم الصحافة الصفراء على مبدأ تضخيم الحقائق والمبالغة فيها ومحاولة تشويهها وفقا لمصالح معينة تكون إما ضد أشخاص معينين أو في سبيل مصالح سياسية أو اقتصادية أو حتى مجتمعية. المخيف أكثر أن ما تغير في يومنا هذا هو عدم إمكانية الصحف فقط أن تهيمن على مبدأ الصحافة الصفراء وتسيطر علي الأخبار الصادرة منها. بل أصبح الأمر أسهل أكثر مما نتخيل، أصبح بإمكان أي شخص أن يقوم بإنشاء منصة خاصة به والبدء حيث يكون هو نفسه مسؤول عن نشر أخبار مختلفة كما يشاء، عن أي شخص أو أي موضوع يرغب به. يمكن لأي شخص أن ينشر صورة ما لشخصية معروفة وبعلق عليها كما يريد أو أن ينشر خبر إشاعة عن مرض أو زواج أو طلاق أو حتى وفاة أي شخصية يريدها. الكثيرون سيصدقون والكثيرون سيشكون والقليل من سيحاول التحقق من الأمر والتقصي والتأكد من الأمر فعليا مجرد إشاعة ليس لها أدنى علاقة بالحقيقة ولا بالواقع.
لماذا تقوم بعض الصحف بعمل ذلك واتباع نهج الصحافة الصفراء؟ بالطبع الهدف أوضح من الشمس حيث يكون الدافع الأساسي هو الكسب المادي وحصاد كمية انتباه ومشتريات لأخبار صممت لتكون مغرية للقراءه ولتجذب اهتمام القراء وياحبذا لو أن تكون عن شخصية مهمة أو عن موضوع يمس المجتمع أو عن مرض ماأو قانون سيعمم أو أي فكرة يتم التفكير فيها بشكل تكتيكي واستراتيجي وعملياتي بحيث تؤثر على المجتمع وعلي كل بيت فيه وكل فرد فيه. هذا شيء جدا مخيف، حيث لكم حرية التفكير بعواقب الأخبار الكاذبة وتوابع تصديق قرار ما ربما يضر مصالح فئة من المجتمع. هنا ممكن أن تعم المظاهرات وتنتشر الإعتراضات وتتأهب الإضرابات في وجه الحكومات والإعلام. في هذا الوقت ستكون مفاهيم الأمن المجتمعي والسلام الإعلامي والصدق الإخباري ضربت في عرض الحائط وتركت شرخا في نفوس القراء والمجتمع والمشاهدين وجمهور المتأثرين في هذه المسرحية الإخبارية. سأنتقل الآن للتحدث عن مصادر الأخبار المزيفة، حيث أن هناك أنواع مختلفة وتنوع لهذه المصادر، ومن أبرز الأمثلة لمصادر الأخبار المزيفة:
- أولا: الأخبار المزيفة في مبدأ التضليل والتمويه: يكون الهدف الأساسي لها هو تضليل القارئ ونشر الفكرة من دون ترك فرصة للقارئ للتحقق من صحة هذه الأخبار أو عدمها.
- ثانيا: زيف المصادر المعتمد عليها: حيث يتبع هذا الأسلوب من قبل الصحف أو مواقع الإعلانات والأخبار التي تهدف إلى نشر صور ومواقف لأشخاص أو جهات والتعليق عليها بشكل مختلف كليا عن المقصد الحقيقي للصورة أو الموقف أو الرأي للشخص المعلن عنه أو الجهة التي تتعلق هذه الأخبار بها. يكون الهدف معظم الأحيان هدف كيدي أو رد بطريقة إثارة شائعة أو فضيحة عن شخص ما. بالطبع هنا تكون الأمور عبارة عن تصفية حسابات ولكن بشكل مختلف تبعا لسياسات المواقع الإخبارية وانتمائاتها ومواقف الأشخاص أو الجهات الذين يقفون تحت مجهر الصحفيين وتحت أرصدة الراصدين.
- ثالثا: التلاعب في العناوين: يكون هذا العنصر من أهم وأبرز مصادر التي تعتمد عليها الأخبار الزائفة في الإنتشار، كما يقول المثل المحلي المعروف: “المكتوب مبين من عنوانه”، بالواقع كم من قارئ يكمل قراءته لخبر ما بأدق التفاصيل لغاية الكلمة الأخيرة؟ كم قارئ يتفحص ويدقق في محتوى الخبر ويقرأ ما بين السطور؟ كم قارئ فعليا لديه الوقت الكافي ليقرأ اكثر من مجرد العنوان الرئيسي لخبر ما؟. في الحقيقة، يستغل المعلنون واصحاب المنصات الاخبارية هذا الأمر في بث افكار مشوهة في محتوى العنوان ومن ثم ذكر التفاصيل للخبر في نص الخبر نفسه، حيث أن ما يجب أن يكون هو أن يصف العنوان ما يشكله الخبر بأصدق وأدق طريقة، فكما نرى وكما ينتشر هذه الأيام هو أبعد ما يكون عن الحقيقة. تبعثر مفهوم الشفافية في نقل الخبر بين عجلة الإعلانات وعجلة الكسب المادي، وما بينهما من المصالح العامة والخاصة للمعلنين والسياسات المتبعة.
- رابعاً: اخبار الإنترنت: تشكل الأخبار التي تستهدفها مواقع التواصل الاجتماعي هي أخبار الهدف الرئيسي منها هو ابداء الاعجاب أو تجميع الإعجاب وتجميع اكثر نسبة مشاهدات لكي يصبح الخبر ترند أو تسجل القناة المعلنة اكبر نسبة متابعة وتجميع قاعدة شعبية لها لتضمن بذلك دخل مالي. هنالك مواقع مثل يوتيوب تعطي دخل مالي علي عدد الإعجاب الذي تحصل عليه. هناك فيديوهات تحصل علي ملايين المشاهدات وبالتالي الكثير من المبالغ المالية يمكن حسابها بطريقة معينة تتبع سياسة موقع اليوتيوب نفسه.
- خامسا: مصدر غير معتمد عليه: يمكن انتشار الأخبار المزيفة من خلال تتبع مواقع متخصصة في نشر الإشاعات والكلام المتداول عن الأوساط الفنية أو الأوساط السياسية، حيث تعتمد هذه المواقع على المشاهدات غير الدقيقة والصور الملتقطة بشكل عفوي للمشاهير من قبل الصحافيين المتتبعين للمشاهير واصدارها كسبق صحفي أو صور حصرية تعتمد على التعليق على الصورة. بمجرد التكهن بما توحي به صورة ما وعمل سبق ما مبني على شهرة صاحب الصورة فقط لاغير، فيمثل ذلك أسوأ مصادر الأخبار المزيفة وبالأخص عندما نلجأ لهذه المواقع للرجوع إليها كمرجع ومصدر لبناء ملف مثلا عن نجم ما او ممثل ما او شخصية سياسية ما، او اعداد تقرير عن مؤسسة ما بناء على اخبار إحدى المواقع التي تعتمد هذا النهج. من ابرز الأمثلة عليها موقع بريتات وموقع ايكيوباي وديموكراتس وغيرها الكثير.
لننتقل الأن للسؤال الأهم، وهو كيف يمكن لمواقع التواصل الإجتماعي أن تساهم في نشر الأخبار المزيفة وتعزيزها في المجتمع؟ في الحقيقة تشكل مواقع التواصل الإجتماعي العملة الأقوى في تكوين الصور الإخبارية وتلميع الرديء منها بالأقاويل والأكاذيب كيفما تشاء. بالأخص في يومنا هذا وفي عصر تكنولوجيا المعلومات، حيث أصبح الغزو الإلكتروني يستحوذ على جل اهتمام الشباب والباحثين، حتى على الصعيد الدراسي والتعليمي. باتت مواقع التواصل الإجتماعي ومحركات البحث من اولى الخيارات التي يلجئ لها الباحث أو الدارس من خلال العديد من المواقع المتخصصة في التعلم الالكتروني على سبيل المثال. ما نجهله أن غالبية المواقع على اختلاف اختصاصاتها سواء كان تطبيق لحساب السعرات الحرارية أو تطبيق لحجز الرحلات، هنالك في غالبية البرامج والتطبيقات مساحة اعلانية محددة يستغلها المعلنون سواء لأغراض اعلانية أو اخبارية أو دعائية. كل ما كان البرنامج ذو استخدام وتداول أكبر، كل ما كان الإعلان فيه أغلى ومكلف اكثر. هنالك العديد من فرص الأعمال اتيحت فقط من أجل هذه الغاية وهي نشر الإعلانات على البرامج والتطبيقات الأكثر تداولا ليضمن المعلنون أن تتم مشاهدتها من قبل المستخدمين.
الآن هل يمكننا الإعتماد على المتصفح جوجل لتوفير معلومات دقيقة وموثوقة؟ للأسف لا يمكننا فقط الإعتماد على محرك البحث جوجل في تجميع بيانات ومعلومات موثوقه، حيث يجب علينا الرجوع لمصادر موثوقه ومرجعية لتوثيق اي معلومة أو دراسة أو خبر إلى غير ذلك من أشكال المحتوى المطلوب. لكن بنفس الوقت فإن محرك البحث جوجل مفيد في الكشف عن الأخبار الكاذبة وتحديد الأخبار المزورة من خلال برامج معينة أيضا، يمكن أن يقدم لنا روابط لمواقع مضلله عن الحقيقة في ذات الوقت.
ما هي علاقة غرفة الترشيح وفقاعة الصدى في الأخبار المزيفة؟ تشكل خوارزميات موقع ويب خيارات محددك وفقا لمدخلات المستخدم واهتمامته قاعدة من محتوى يضم جميع المعلومات والخيارات والإقتراحات التي تضم وتشبه المحتوى الذي يهتم به المستخدم. تشكل ما يشبه الغرفة التي تحتوي أشكال ومعلومات وصور متشابهة، فهي كما الصدى، انت تنادي باسمك ويرد صوت يكرر نفس الاسم. اذن هذه الخوارزميات ستحدد ما يعرض لك من محتوى، حيث تبدأ خياراتك بالتصفح بالإنحسار ويصبح توجهك واضح وخيارات بحثك محصورة بما تم جمعه سابقا عنك من معلومات عن اهتماماتك والمواضيع التي تبحث عنها بشكل عام أغلب الوقت وبشكل متكرر. هي تحصر رؤيتك وتحصر ما يقدم إليك من محتوى اخباري ومعلوماتي وثقافي، وحتى سياسي. وهذا ليس خبرا سارا! أولى خطوات التخلص من فقاعة الترشيح وغرفة الصدى هو حل عملي يتم بأن ننقر على (الإعدادات) من الجزء المخصص من شاشة محرك البحث، ثم نقوم باختيار ( سجل البحث) ثم النقر على (عناصر التحكم بالنشاط) من القائمة واخيرا الغاء تحديد المربع ل ( تضمين سجل تصفح كروم).
ماهو طعم النقر كلكبيت؟ هو ما تلجأ إليه أغلب المواقع للحصول على انتباه المستخدم والإستحواذ على تركيزه لإجباره على النقر على الخبر والإطلاع عليه، وهذا ما تنصبه شباك معظم مواقع التواصل الإجتماعي لضمان جذب المشاهدات وقراءه اخبارهم ومحتوى منصاتهم. لتجنب الأخبار الكاذبة يجب أن يكون لدينا القدرة على تميزها وعلى امتلاك ما يسمى بمحو الأمية الإعلامي. هو ما يجعلنا نسأل انفسنا من الجهة التي يصدر عنها الخبر وما غاياتها وما هي اهدافها وما هي استراتيجيتها ورسالتها؟. لتتمكن من حصر الحقيقة في أي خبر يعرض امامك كمشاهد وقارئ، عليك ملاحظة عدة امور عن الخبر مثل تاريخ نشر الخبر، اسم المؤلف والناشر، هل هناك مصادر موثوقة في الخبر، هل هناك توثيق فيديو أو صور أو تسجلات صوتية، هل الخبر يصف وجهة رأي ام يمثل حقيقة فعلية، هل هناك رعاة لجهة اصدار الخبر، حيث يكون الخبر في تلك الحالة بهدف مكاسب مادية بحتة، وهل يتم دفع مال للكاتب ام انها مدونة غير ربحية، كل ذلك والكثير على القارئ او مستخدم مواقع التواصل الاجتماعي أو المتلقي للمحتوى بشكل عام أن يتحلي بالوعي الكافي وملكة التمييز والفلترة لما يقدم من اخبار ليتمكن من تقصي الحقيقة في كل ما يعرض عليه.
روان العمد