بداية النهاية

بداية النهاية

قبل أن نبدأ إريد منك الجلوس في مكان مريح وهادئ، ونتخيل معا أنها الساعه الحادية عشر مساءا ووضعت رأسك على الوسادة لكي تنام وبالفعل نمت بهدوء وسكون مرتاح البال والخاطر ثم حلمت بسيارة إسعاف وصوتها يعلو شيئا فشيئا لدرجة أنك إستيقطت مفزوعا من صوتها، فكان الصوت حقيقيا وكان هناك سيارة إسعاف بالفعل تجوب المكان حول منزلك، فذهبت مسرعا الى النافذه لترى ماذا يحدث وماذا يحدث خارجا، فتفاجأت بالناس تركض بالشارع و صوت سيارات الشرطة والإسعاف تجوب المكان في كل زاوية في المنطقة والوضع غريب والدخان يتصاعد من كل مكان وأصوات صراخ النساء والأطفال، فـ ارتديت قميصا ونزلت لـشارع مسرعا لترى ماذا يحدث وكلك غرابة وإندهاش، ومن بين الضجيج والازدحام الحاصل الحاصل في المكان والحرائق التي كانت تعم المكان إصطدم بك ذلك الرجل الراكض وكأنه لا يعرف أين يذهب والضام بك الى صدره وقد مسكته من يدية فسألته مسرعا ماذا يحدث يا هذا؟ وسط الدخان والصراخ والأزعاج الحاصل، لم يلتفت اليك من شدة الخوف والفزع فاستمر بالركض بعيدا، وهذا الحال مع كل من سألت فالكل يركض بهلع وخوف وبشكل عشوائي ولا أحد يلتفت لغيره، وأنت هناك في الشارع تقف مستغربا حائرا لا تدري ماذا يحصل بالفعل، لكنك لمحت على جانب الشارع عجوزا يتكىء على عصا وكأنه لا يكترث ولا يأبه بالوضع الغريب الحاصل، فذهبت مسرعا اليه وسألته يا عم! ماذا يحدث ماذا يحصل للناس ولماذا كل هذا الصراخ والإستغراب؟ نظر اليك بطمأنينة غريبة وقال:” سوف ينتهى العالم يا بنى، لا داعي للهرب”! فقلت متعجبا: “ماذا لم أفهم؟ ماذا تعني بقولك بـ أنه سينتهي العالم؟!” فعاد لصمته ولم يجب.

هنا وفي هذه اللحظة تحركة مشاعرك وازداد الخوف والهلع وازدادت دقات قلبك بشكل متسارع ومتـفاجىء، خوف لم تشعر به أبدا في حياتك كلها، ومع غرابة شديده بأن العالم سوف ينتهي العالم اليوم ولا تدري ماذا تريد أن تفعل! بدأت الإتصال مع كل من تعرفهم  لتعرف ماذا يحدث ولكن الخطوط كلها لا تعمل ولم تجد إلا التلفاز لـيخبرك بالحقيقة وماذا يحصل بالفعل،   وإذ مذيع الأخبار يقول ” أن هناك نيزك ضخم سوف يضرب الأرض بعد نص ساعه  وسوف تمحى الأرض عن بكرة أبيها وتمحي البشرية عن الوجود”.

نعم إنها فقط نص ساعه بقية في حياتك بل في حياة كل من تعرفهم، نصف ساعة سوف نمحي عن الوجود، ماذا أعمل؟! بنص ساعه أصابك إحباط شديد وهلع، من شدة الصدمة والهلع أصبحت غير قادر على التحرك من مكانك وغير قادر على التفكير بالاحرى، لكن فكرت للحظة أنك تستطيع الهرب فلم تجد وسيلة للهرب الى أين ستهرب لا يوجد مهرب ولكن تحاول أن تجد مخبأ لكن لا جدوى فالعالم كله سينتهي فأصابك يأس وإحباط شديدين. رجعت إلى منزلك وجلست سارحا في ساعة الجدار المقابلة لك كأنك تنتظر النهاية والموت استيأست، وكانت الدقيقة تمر في ساعة الحائط كأنها أجزاء من الثانية  وأنت هناك جالس كانك متصنم مكانك لا تدري ماذا تريد أن تفعل وأصوات الصراخ ورائحة الدخان في كل مكان وبكاء وهلع في كل مكان وأنت متصنم مكانك، فكرت أنك تريد الذهاب لعائلتك والبقاء بجانبهم. لكنك لم ترغب برؤية نظرات الموت في عينهم ولا ترغب في رؤية أبيك عاجز عن مساعدتك وحمايتك وأمك تبكى كالأطفال خوفا من الموت، أردت أن تبقى صورهم كما إعتدتها ربما لم تحتمل الموقف، الوقت يمر سريعا وبقى عشر دقائق على نهاية العالم.

سألت نفسك هل أكتب وصية! من سيقرأها ومن سـيكثرت بها، هل أبكي أو  أضحك ما سيفيد، كنت في قمت يأسك و إحباطك كما حالك هو الان وانت تقرأ هذه القصة، ثم ساد الصمت في أرجاء المكان وانت مستلقي على السرير ولم تعد تسمع ضجيج وصراخ الاطفال والنساء، فقط تسمع ضنين في أذنيك وكأن الموت إقترب، فجأة فتح باب منزلك إذ بنور غريب يأتي من الغرفة ويخرج من وسط النور رجل ذو قامة كبيرة بلباس أنيق وسط الفوضى وتقدم اليك ومعه مجموعة من الرجال المسلحين، وأنت هناك وكأن القوة سحبت من جسدك لا تدري ماذا يحصل ولم تعد قادرا حتى على سؤالهم من شدة الهلع حتى انك لم تسألهم من أنتم!.

تنظر اليهم باستغراب وينظرون إليك إلا أن دخل من بينهم رجل بزي طبيب فأخذ يدك وحقنها بإبرة لم ترى مثلها من قبل ثم حملت خارجا وأنت مغمى عليك لا تدري ماذا يحصل! ثم أيقضوك على سؤال “ما هو إسمك؟” فتحت جزء من عينيك وأجبت   بصعوبة شديدة، وعندما أفقت جيدا ونظرت من حولك، علمت أنك نقلت بمركبة فضائية الى خارج الأرض وقد إختاروك لان لديك جينات مميزة وذلك ليحافظوا على الجنس البشري وأنت شخص من اّلف الأشخاص الذين تم نقلهم بمركبة فضائية الى الخارج لانهم يحملون صفات جينية مميزة وأنت واحد منهم فنجوت. سألت نفسك هل نجا  جميع من أعرفهم!؟

كان في بالك هذا السؤال طوال الوقت وبدأت تبحث عن من تعرفهم في تلك المركبة الفضائية لعلهم نجو، فوجدت جارك فذهبت اليه مسرعا لتسأله عن الآخرين فـ لم يعرف. فنظرت من النافذة تتمعن الفضاء والكواكب والمركبات الاخرى وقد أصابك اليأس وكانت المركبة الفضائية كبيرة جدا وإذ بك لمحت والديك في مركبة اخرى وبدأت تصرخ بصوت عالِ وتضرب النافذة بيديك الإثنتين وكأن اليأس قد تلاشى في هذه اللحظة لم تستطع ماذا تريد أن تفعل وقد خارت قواك، هبطت المركبة بقوة شديدة على كوكب خارج درب التبانه سمعت صوت صفارت الإنذار لفتح البوابات، ذهبت مسرعاَ الى أقرب بوابه للبحث عنهم بعدها بدقائق وجدتهم وسألتهم عن حالهم: ” هل أنتم بخير؟” لقد كانوا بأحسن حال وقد تلاشى كل الحزن واليأس بعد ذلك، بعدها ظهر شخص غريب على شاشة عملاقة كان غريب الشكل وكان الكل ينظر اليه باستغراب لم نفهم ماذا يقول بعدها كان هناك رجال مسلحين بدأو بدفعنا بقوة الى لأخذك لمكان آخر، ألبسوك لباس أبيض واعطوك وجبة طعام بعدها أخذوك إلى مكان لتأخذ قسط من الراحة وغفوة مرة اخرى.

أحمد أبو حميد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *