السلام الإيجابي

السلام الإيجابي

شهدت الأعوام الماضية الكثير من الحروب والعديد من الصراعات الإقليمية والدولية، واتسمت معظمها بالعنف، وأحيانا بالقسوة والوحشية، وفقا للمنظمات المحلية والعالمية والصحف أيضا”، ورغم رغبتنا بالسلام، لكننا نستمر في التعامل مع الاخرين وبقية العالم- والكائنات الحية الاخرى وحتى البيئة نفسها- بطرق سيئة جدا، جميع الأديان تنادي وتسعى الى رسالة السلام، ومع ذلك، يتواصل العنف في كل أنحاء العالم يإسم الأديان. الأفراد والحكومات يدعون بأن أعمال العنف ليست خاطئة لانها تصب في مصالحهم، دائما نقول ” هم بدأوا العنف ونحن نريد انهائه” ومع   انتشار وسائل التواصل الاجتماعي نسعى دائما لتحقيق هذه العبارة.

منذ القرن الماضي، حاول العديد من العلماء والمؤلفين بإيجاد الفرق والتمييز بين السلام الإيجابي والسلام السلبي،  حيث عرف السلام السلبي في بدايات الستينيات، وتم تعريفه على أنه غياب العنف المباشر( الحروب). بينما السلام الايجابي هو غياب العنف اللامباشر. إلا أن السلام الإيجابي تطور ليكتسب مفهوم جديد وهو الإنسجام. حيث تم النظر للسلام الإيجابي والسلام السلبي، على أن السلام يسمى”سلبيا” عندما يعرف بما ليس فيه، لذلك فإن السلام السلبي هو غياب الحروب و الصراعات و العنف ويقصد بالعنف (المادي، السيكولوجي، المعنوي والثقافي)، والاضطهاد والشر أيضا، فإن التعريف يركز على ما هو غائب، أي في حال انه لم يكن هناك حرب أو صراعات أو عنف لكن في المقابل كان هناك فقر وتهجير وبيئة صحية غير آمنة للعيش، فهذا سلام سلبي، فالبعض يرى بأن السلام غير محسوس. أما السلام الإيجابي يُعرف بما ينطوي عليه من صفات، لذلك فإن السلام الإيجابي بإن يتوفر هدوء البال والخير والانسجام والتعددية والروابط الانسانية والقيم الانسانية المشتركة مثل (الاحترام، تقبل الآخرين، المساواة) وحياة كريمة خالية من الأمراض والتلوث والعديد من الصفات التى يحتاجها كل فرد ليصل لحالة السلام الايجابي، فإننا نلاحظ بأن السلام الايجابي هو حقيقي وملموس، يستطيع الفرد الشعور به بكل وضوح والتأكد من وجوده بكل يسر.

إذا كيف من الممكن أن نستشعر السلام؟ إن الشعور بالسلام يختلف وفقا لوجهات نظرنا وطبقا لرؤيتنا وتوجهها وما تنطوى عليه أفكارنا من تعريف للسلام. ولعلنا أدركنا ما هو السلام الإيجابي والسلام السلبي، لنتعرف الآن كيف من الممكن أن نستشعرها. في حالة لاحظت الأعراض التالية، فأنت تعيش السلام السلبي لنتعرف على هذه الأعراض:

  • وجود نقص في هرمون الأدرينالين ( وهو المسؤول عن الإنفعالات وضغط الدم).
  • شعورك بأنك ضائع وخاضع لسلطة او فرد ما.
  • شعورك بالضعف وانك محاصر.
  • الإحساس بالضيق والملل والضجر.
  • عدم الشعور بالثقة.
  • فقدان الشعور بالإنجاز.
  • عدم الانتماء.

أما الشعور بالسلام الإيجابي فتظهر أعراض مختلفة وهي الشعور:

  • بالخير.
  • أن هناك قوة محفزة لحل الصراعات.
  • الشعور بالإنتماء.
  • الإحساس بالقيمة والإثارة.
  • الشعور بالتكريم.

إن البعض يتصور بأن السلام غياب للحرب أو العنف، ويتعاملون مع العنف باعتباره مفهوم جوهري وأساسي، ويبقى السلام ثانويا. ومع غياب النزعات الحقيقة هي بالطبع هامة للسلام، لكنها تعكس فقط ما يسمية الفلاسفة” السلام السلبي”. غير أن مفهوم السلام الإيجابي يتبع بشروط ضرورية وهي أن نكون أحرار في الكفاح السلمي وبلوغ طاقتنا القصوى ليكتسب الجوهر الأساسي. ربما الحياة في ضل الفقر، والاساءات، والخوف والذل في الواقع هي أمور  ليست سلمية، بغض النظر عن غياب العنف المادي، وهذا يعني أن القتل هو عنف، والموت بسبب الجوع عنف، والاستغلال السايكولوجي والعاطفي والاقتصادي كلها تمارس كعنف تماما كـالعنف المادي أو المحسوس الملموس. وهذا كله يرجعنا الى السلام. وأن اي محاولة لتعزيز وترسيخ السلام يتطلب معالجة القضايا الفردية والاجتماعية. لا بد أيضا من النظر بين السلام مع الغير والسلام مع الذات، بالاحرى من الصعب الشعور بسلام داخلي إذا كنا نعيش في أجواء من التهديد، التعصب أو التمييز. كذلك من الصعب تقبل الآخرين والاستجابة للصراع بطريقة حضارية وسلمية إذا كنا نعيش حالة داخلية من الاضطراب والقهر وعدم الانتماء.

العنف والصراع: علينا أن نميز بين الصراع والعنف، فـ الصراع يعني التصادم بين الرغبات المتعارضة، عندما يجلس لاعبي الشطرنج وجها لوجه، فكلاهما يريد أن يربح اللعبة، ولكن واحد منهما سيربح، كلاهما لديهم رغبات متصارعة، هذا يسمى صراع. وليس عنف، العنف هو استجابة للصراع وهو شكل من أشكال السلوكيات، هناك استجابات اخرى غير عنيفة، مثل المفاوضات، التعاون، وحتى الإقناع اللاعنفي. إننا نجد نقصا في التركيز على الجوانب الأساسية في حياتنا، ربما علينا إتخاذ خطوات هامة لسد النقص في معالجة هذه المشاكل المتصلة لترسيخ السلام، مثل التركيز على أساليب الاستجابة للصراع والعنف، و خطوات للتغلب على العنف اليومي مع الآخرين، وأيضا بعض الارتباطات بالسلام والقيم.

بناء السلام: لتحقيق السلام الايجابي والسلبي، يجب علينا السعى لبناء السلام ويعتبر بناء السلام هو إحدى أهم المعضلات التي تواجه الدول المتأزمة بالصراعات وخاصة ما بعد الحرب، وذلك لان السلام يستهدف الأمن والاطمئنان وسكنية المجتمع، وكل هذا يتطلب عمل تغييرات كبيرة في سلوك الأطراف المتنازعة. وأفكارهم المنتجة للعنف، وذلك بهدف التعايش والتفاعل السلمي مع الآخرين. قد قامت العديد من مؤسسات المجتمع المدني ومنها منظمة أنا-أتجرأ التى تسعى دائما لبناء السلام عبر تمكين الشباب بإعطاء القوة والمهارات لأولئك الذين قد لا يدركون أنهم يملكونها، وذلك من خلال تنفيذ الأنشطة التي تبني المهارات الحياتية لدى الشباب الذين يجدون أنفسهم محاصرين في النزاع نظرا للنفوذ او الوضع الاقتصادي، او بسبب ضعف محدد، وكل هذه الامور التي تعمل لكسر الصراع والنزاعات في وذلك أجل بناء السلام.

   بعض المقولات التي تعزز مفهوم السلام:

 ” المحافظة على السلام أصعب من صنعه “

“السلام شيء سريع العطب تماما مثل الصحة، فهو بحاجة إلى كثير من الظروف الملائمة و الإرادات الحسنة المتضافر.”

“حاربنا من أجل السلام الوحيد الذى يستحق وقفة سلام”

“لقد جئت حاملا غصن الزيتون في يد واحدة، وبندقية المقاتل من أجل الحرية في الأخرى.. لا تسقطوا غصن الزيتون من يدي”

 أحمد أبو حميد 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *