كلمة الإكتئاب تشير لعدة أشياء مختلفة ولهذا كان من الصعب فهم هذه الظاهرة، لأن كلمة اكتئاب تستخدم لوصف عاطفة أو وصف اضطراب عقلي. كما تشير إلى الشعور السيء المؤقت كتعبير عن خيبة الأمل، التعب، الكآبه، والحزن كمشاعر تصادفنا في الحياة العادية تبعا للمواقف التي نتعرض لها. يشير الإكتئاب كمصطلح لحالة الإكتئاب العقلية. قد يتراود السؤال هنا عن السبب وراء حدوث الإكتئاب؟ وجد العلماء صعوبة في الأجابه عن هذا السؤال، ولأن الإكتئاب نادرا ما يكون له سبب واضح ومحدد، ولكن كانت الإجابة أن الإكتئاب يكون نتيجة مزيج من العوامل البيولوجية والنفسية والإجتماعية. كما أن الجينات البيئية والمواقف المعيشية، وأحداث الحياة، والطفولة الصعبة كالتعرض للإيذاء الجنسي أو الجسدي والإهمال قد تؤثر على مدى إمكانية تعرض المرء للإصابة بالإكتئاب. ويمكن أن يكون الإكتئاب نتيجة لمواجهه المرء لهم ثقيل أو أمر مؤلم أو صعب.
يعد الإكتئاب من أحد أكثر الإضطرابات النفسية شيوعا وتقدر منظمة الصحة العالمية عدد المصابين بالاكتئاب حول العالم بقرابة 300 مليون شخص وهو يصيب النساء بشكل أكبر من الرجال. يصنف الإكتئاب ضمن الإضطرابات النفسية التي تتسم بخلل في المزاج. الإكتئاب هو اضطراب مزاجي يعاني منه الشخص من الشعور الدائم بالحزن والمشاعر السلبية وفقدان الإهتمام بالأنشطة التي يستمتع بها الشخص عادة، ويؤثر الإكتئاب على أفكار الشخص وسلوكه ودوافعه. الإنخفاض الحاد والمتسارع في المزاج، النفور من الأنشطة، مشاعر القلق والتشاؤم الذي يجعل الفرد يفقد هدفه في هذه الحياة,، وهذا من أهم ما يميز الإكتئاب وهو ليس مجرد نوبه من الحالة المزاجية السيئة وليس نقطه ضعف ولا يمكن الخروج منه ببساطة وربما يأخذ الموضوع وقتا طويلا، لذا على الشخص المصاب أن يكون صبورا ذا نفس طويل.
توصل العلماء الى أعراض الإكتئاب ومحاولة لتشخيص المرض لأنه وكما ذكرنا سابقا، يواجه الأطباء صعوبة في تحديد السبب الحقيقي وراء الإصابة بالإكتئاب وقد حددوا ثلاثة أعراض رئيسية وسبعة أعراض أخرى. المزاج المكتئب والتفكير السلبي هو أول الأعراض، بمعنى أن يشعر الشخص بعدم الإحساس أو الفراغ الداخلي والتقلب المزاجي المستمر. وثاني هذه الأعراض الرئيسية انعدام الإراده حيث يصل المريض لمرحلة انخفاض الحافز ولا يقوم بفعل حتى الأنشطة الروتينية المعتادة مثل النظافة الشخصية. أما الاعراض الأخرى تتمثل بصعوبة التركيز واتخاذ القرارات، وانخفاض احترام الذات والثقة بالنفس، والشعور بالذنب والنقص، والمخاوف المبالغ فيها نحو المستقبل والشعور باليأس، الأذى، الأفكار الانتحارية والرغبة في الموت، واضطرابات النوم، وفقدان الشهية والصداع والتعب لأقل مجهود.
تختلف الأعراض عند النساء والرجال ويكون الإختلاف في الأعراض الأساسية صغيرا وبسيطا، لكن الإحباط والتفكير من أكثر الأعراض شيوعا لدى النساء. عند الرجال يمكن أن ينعكس الإكتئاب على شكل سلوك عدواني ويعزى هذا الإختلاف نظرا للإختلاف في النظم البيوليجية لدى النساء والرجال. وفقا للمراجعة العاشرة للتصنيف الدولي للامراض، قد تم تصنيف شدة الاكتئاب وفقا لعدد الأعراض وذلك على النحو التالي:
- الإكتئاب الخفيف: إثنين من الأعراض الرئيسية واثنين من الأعراض الإضافية.
- الإكتئاب المعتدل: إثنين من الأعراض الرئيسية وثلاثة الى أربعة من الأعراض الإضافية.
- الإكتئاب الحاد: ثلاثة أعراض رئيسية وخمس أعراض إضافية أو أكثر.
اليوم، يتعامل غالبية العاملين في مجال الصحة مع الإكتئاب على أنه مرض يتطلب علاج طويل المدى وبعض المصابين يتعرضون لفترة واحده من الاكتئاب. لكن غالبية المرضى تتكرر أعراض الإكتئاب لديهم وتستمر مدى الحياة. قد تظهر أعراض الإكتئاب لدى شخص عمره 25 سنه، كما وتتفاوت أعراض الإكتئاب لدى المصابين به. قال الكاتب مارك كاستر أن الإكتئاب هو اضطراب عاطفي يتم من خلاله التعبير عن الألم النفسي والإنزعاج وتشمل حالة الإكتئاب أعراض نفسية وجسدية، ولهذا من الضروري تقييم محيط المريض بما في ذلك الأسرة أو العمل، الحالة العاطفية أو الزوجية من أجل تشخيص وتطبيق العلاج المناسب. لا يعرف بالضبط سبب الإكتئاب ولكن مثل العديد من الإضطرابات العقلية، قد يحدث الأمر بسبب مجموعة من العوامل، ومن هذه العوامل ما يلي:
- مضاعفات الحزن: حيث يتجاوز الإكتئاب الشعور بالحزن إذا استمر الحزن وأصبح مزمنا سوف يؤثر على النشاط الطبيعي للمريض في حياته وهنا يصبح الأمر اكتئابا.
- عوامل وراثية: توصل العلماء إلى أنه إذا عانى أحد أعضاء المحيط الأسري المباشر من الإكتئاب فذلك سيزيد من خطر الإصابة بهذا المرض بنسبة 25% إلى 30%، مع تقدم العلم في مجال علم الوراثة حيث أشارت التقديرات إلى أن ما يصل الى 214 جيناً قد يكون مسؤولا عن خطر الإصابة بالاكتئاب.
- عوامل فسيولوجية: يرتبط الإكتئاب في انخفاض ناقلة عصبية تدعى السيروتونين، لهذا السبب يستخدم الأطباء النفسيون أحيانا مجموعة من الأدوية التي تعمل على زيادة الإستعداد لتقبل هرمون السيروتونين لدى المصابين بالإكتئاب.
- عوامل بيئية: تعتبر البيئة من أحد المسببات لظهور الإكتئاب والعوامل البيئية هي أوضاع وظروف تواجه الشخص من الصعب مواجهتها والتغلب عليها والتعايش معها.
- الإختلافات البيولوجية: الأشخاص المصابون بالإكتئاب يعانون من تغيرات فيزيائية في ادمغتهم مما قد يساعد هذه العامل على الإصابة بالاكتئاب.
- كيمياء المخ: الناقلات العصبية هي مواد كيميائية توجد بشكل طبيعي في الدماغ وهي على الأرجح تلعب دورا في الإكتئاب عندما يختل توازن هذه المواد الكيميائية، قد يؤدي ذلك للاكتئاب.
يصنف العلماء الإكتئاب حاد الشدة لكي يسهل تشخيص المريض حيث هنالك:
الإكتئاب الخفيف: قد يعاني المصاب من تعكر في المزاج، وقد يحدث هذه النوع بعد تعرض الشخص لحدث مرهق، يسيطر القلق والإحباط على المريض، وتغيرات الحياة قد تكون كفيله بالإصابة بهذه النوع.
الإكتئاب الحاد: هو الشعور بالحزن وألم نفسي شديد وهو مرض خطير قد يهدد حياة الانسان ويصيبه بالأمراض، قد يعاني المكتئب من الهلوسة ومن الممكن أن يؤدي هذه النوع للإنتحار ولذلك قد يحتاج إلى التدخل الطبي السريع.
الإكتئاب عدة انواع ومنها:
- الإكتئاب المرضي: هو أخطر الأنواع لأن الإنسان لا يتمكن من الخروج من هذه الحالة الا باللجوء للأدوية العلاجية. يحدث هذه الاكتئاب عادة بسبب عدم التوازن في كيمياء الجسم وأكثر من يتعرض إلى هذا النوع المبدعين والمتميزين من الذين ترتفع لديهم مستويات هرمون الدوبامين المسؤول عن الإبداع على حساب الهرمون السيروتونين المسؤول عن السعادة والحالة المزاجية. قد أعطى العلماء توصيفا لونيا بناء على النوع وهذه النوع يأخذ اللون الأسود.
- الإكتئاب العادي أو العرضي: بسبب الضغوط الحياتية والأزمات يكون هناك سبب حقيقي ملموس ساهم في ظهور الأعراض مثل فقدان شخص عزيز وعدم القدرة على الحصول على الوظيفة. تتعرض المرأة لهذا النوع أكثر من الرجال نظرا للتغير الهرموني والضغوط الحياتية. أعطى العلماء هذا النوع اللون الأزرق وتختلف أعراض الإكتئاب العرضي عن المرضي من ناحية مده الإستمرارية. العرضي لا يستمر أكثر من عدة أسابيع ثم يعود الإنسان إلى حالته الطبيعية ولا يتطلب علاج دوائي أو كيميائي، فقط يحتاج للدعم النفسي من محيطه بينما المرضي تستمر فيه الأعراض لأكثر من ستة أشهر.
- الإكتئاب الصباحي: أصحاب هذا الإكتئاب يصابون بالضيق والقلق في ساعات الصباح الأولى، ويكون الشخص في أشد حالات الكسل وضعف الهمه، وتختفي الأعراض مع انقضاء ساعات الصباح الأولى والسبب هو نقص هرمون الميلاتونين وهو المسؤول عن إعطاء شعور الحيوية والشباب.
- الإكتئاب الموسمي: يتجلى في فصل الخريف والشتاء حيث يصاب الإنسان بحزن عميق والغريب أن العلاج هنا يركز على فكره الضوء أي من خلال رفع إضاءات البيت لتعطي إحساس قوى بضوء النهار.
- الإكتئاب الذهاني: يعاني المصاب من الهلوسات والأوهام.
- اضطرابات ثنائي القطب: يمر المصاب بفترات من الابتهاج وارتفاع المزاج المفرط.
أوجد العلماء بعض المعايير التي يتم الإعتماد عليها لتشخيص الإكتئاب بدءا من تاريخ ظهور الأعراض من الأعراض النفسية والشخصية التي يعاني منها إذا عانى من تغيرات خلال الفترة الماضية. ويؤخذ بعين الإعتبار التاريخ العائلي للمصاب بالاكتئاب. الاكتئاب مرتبط بعوامل جينية وقد يوصي الطبيب بإجراء بعض الفحوصات لهدف استبعاد بعض الأمراض والحالات الصحية التي من الممكن أن تكون مشابهه للحزن مثل الكآبة. يوجه الطبيب الأسئلة حول الأعراض والأفكار والمشاعر والسلوك للشخص المصاب. هناك فرق بين الحزن والقلق والإكتئاب، الحزن يعرف أنه شعور يصيب الإنسان عند التعرض لأزمه وهو شعور مؤقت يختفي مع مرور الوقت ولا يستمر لأكثر من أسبوعين. أما القلق، هو شعور بالضغط والخوف المستمر من احتمالية حدوث شيء ما. يعتبر القلق والإكتئاب وجهان لعمله واحده اذ يعتقد العلماء أن الإكتئاب والقلق ينبعان من نفس الضعف البيولوجي مما قد يفسر سبب استمرارهم معا. بحسب منظمة الصحة العالمية، يعتبر الاكتئاب من الإضطرابات النفسية الشائعة، اذ يعاني على الصعيد العالمي اكثر من ٣٠٠ مليون شخص من جميع الأعمار من الإكتئاب. يعد السبب الرئيس العجز والمساهم الأساسي في العبء العالمي الكلي للمرض، وترتفع نسبة الإصابة في الاكتئاب لدى الشباب، ونصح الأطباء في بعض الأمور التي تساعد على رفع معدل الشعور بالسعادة مثل؛ الانتظام في النوم، التنزه، الاستيقاظ مبكراً، الشعور بالرضى، التعامل مع أشخاص ايجابيين وممارسة التأمل.
يارا النسور