هل الذكاء العاطفي قابل للقياس؟

هل الذكاء العاطفي قابل للقياس؟

الإجابة على هذا السؤال ربما تحتاج إلى مزيد من البحث ولو أن البعض يرون أن الطبيعة المعقدة للذكاء العاطفي تمثل عاملا يتعارض مع إمكانية قياسه قياسا فعالا وموضوعيا. يذكر جولمان أنه على عكس تعدد اختبارات الذكاء العقلي، لا يوجد اختبارات مكتوبة للذكاء العاطفي يمكن عن طريقها قياسه. بالرغم من ذلك، لم يمنع من ظهور العديد من اختبارات ومقاييس الذكاء العاطفي والتي تنوعت بتنوع نماذج التفسير سواء تلك التي تركز على الذكاء العاطفي كقدرة أو تلك التي تركز عليه كسمة. ظهر اتجاهان في قياس الذكاء العاطفي؛ الأول يتمثل في الإختبارات الأدائية والتي تقيس الذكاء العاطفي كقدرة، والثانية تتمثل في اختبارات التقرير الذاتي والتي تقيس الذكاء العاطفي كسمة.

الذكاء العاطفي (أو الوجداني أو الإنفعالي) من المجالات المهمة على الصعيد الشخصي (في ذاتك وفي حياتك مع من تحب) والعملي (في مجال وظيفتك أو عملك أياً ما يكون). الذكاء العاطفي هو المقدرة على الوعي بالذات والقدرة على فهم مشاعرنا والتحكم بها. أيضا، هو القدرة على أخذ القرارت التي ترضينا والتي لاندم عليها لاحقا. باحثون كثر منهم بيتر سالوفي وجون ماير خرجوا بفكرة أن هناك ما يسمى بالذكاء العاطفي. وهو في الحقيقة يغطي نوعين سابقين من الذكاءات: الذاتي والاجتماعي. الذكاء الذاتي هو الذكاء على المستوى الشخصي وهو القدرة على معرفة وفهم المشاعر والعواطف والإنفعلات ومايحفزنا. أما الذكاء الإجتماعي، هو القدرة على فهم مشاعر الآخرين، وعواطفهم وانفعلاتهم، ومزاجاتهم ورغباتهم واحتياجاتهم.

الذكاء العاطفي هو جزء مخفي من الشخصية مثل جزء من جبل جليدي تحت الماء. أمر قد لانفكر به باستمرار، لكنه أساسي لحياتنا. إن معدل الذكاء الخاص بك هو في الواقع أكثر أهمية لرفاهيتك وفعاليتك من معدل ذكائك. إن الشيء العظيم في الذكاء العاطفي هو أنه يمكن تحسينه إذا عملنا عليه. يقيس اختبار الذكاء العاطفي عادةً مجموعة واسعة من جوانب الذكاء العاطفي لتكون قادرا على التنبؤ بقدرتك على فهم وإدارة عواطفك بالإضافة إلى توقع الاستجابات العاطفية للآخرين. تقيس معظم اختبارات الذكاء العاطفي المكونات التالية:

  • القدرة على فهم استخدام العواطف لتسهيل السلوك لدى الآخرين
  • القدرة على التعرف على مشاعر الناس بناء على سلوكهم
  • القدرة على فهم كيف تسهل الأفعال المشاعر في الآخرين وفينا
  • القدرة على تحديد أنواع المشاعر عند النظر إلى الأشياء
  • القدرة على فهم كيفية استخدام العواطف لتسهيل التفاعلات/العلاقات مع الآخرين

بفضل مجموعة واسعة من القدرات، يميل الأشخاص ذو الذكاء العاطفي العالي إلى أن يكونو أكثر نجاحا في الحياة من أولئك الذين لديهم ذكاء عاطفي أقل حتى لو كان معدل الذكاء الكلاسيكي لديهم متوسطا. سيقيم اختبار الذكاء العاطفي هذا عدة جوانب من ذكائك العاطفي، يرجى التحلي بالصدق والإجابة وفقا لما تفعله بالفعل أو تشعر به أو تفكر فيه، لا أحد هناك ليحكم عليك، أنت فقط سوف تحكم على نفسك وإلى جانب ذلك، هناك العديد من الأسئلة الخادعة. اقرأ كل بيان بعناية وحدد الخيار الأفضل لك، قد تكون هناك بعض الأسئلة التي تصف المواقف التي قد تشعر أنها ليست ذات صلة بحياتك. في مثل هذه الحالات، حدد الإجابة التي من المرجح أن تختارها إذا وجدت نفسك في مثل هذا الموقف. وسوف اقوم بعرض الاختبارات واعرض نتيجتي بكل اختبار.

الإختبار الأول: يعد هذا اختبارا للذكاء العاطفي عالميا ويتكون من 40 سؤالا مشتقا من أداة تقييم قدرة الذكاء العاطفي العالمي، كانت نتيجتي عبارة عن الوعي الذاتي: 6، ادارة العلاقات: 4، الوعي الإجتماعي: 9، الادراة الذاتيه: 7، نتيجتي كانت متوقعة بالنسبة لشخصتي واعلى درجة عندي كانت الوعي الإجتماعي.

الإختبار الثاني: هذا اختبار نسبة الذكاء العاطفي لعام 2015، اجب عن الاسئلة بكل صدق وصراحة للحصول على أفضل نتيجة. نتيجتي كانت، يبدو أنك شخص تعاني من ضياع المشاعر، أنت تفتقد الكثير من مشاعرك الأساسية التي تجعلك سعيدا لهذا فأنت دائما ما تشعر بالحزن والضياع، ونسبة ذكائك العاطفي هي 33.5% فقط. فعلا، هذي الاختبارات ما هي إلا كشف للذات.

الإختبار الثالث: هذا الاختبار المكون من 40 سؤال سيساعدك على قياس درجة الذكاء العاطفي لديك في هذه الجوانب الأربعة. تأكد بأن تقرأ الأسئلة جيدا وأن تجيب عليها بكل صراحة ودقة قدر الإمكان. نتيجتي كانت أني حصلت في درجة الوعي بالذات: 40 أي أنه مجال فعّال يحتاج لتقويته أكثر، وفي إدارة الذات: 30 وتحتاج الإهتمام والتطوير، ودرجة الوعي الاجتماعي: 20 وتحتاج مني الاهتمام والتطوير، أما في إدارة العلاقات الاجتماعية كانت 33 درجة.

الإختبار الرابع: الاختبار الذكاء العاطفي مفهوم مهم جدا في حياتنا اليومية، هو يشير إلى مدى قدرتنا للتعرف على المشاعر التي نحسّ بها وطريقة تعاملنا معها بالإضافة لإمكانية التحكم بها بحسب ما يمليه علينا العقل لا القلب فقط. نتيجتي كانت، انت تعيشين في حيرة دائمة بين القلب والعقل، كما انك تشعرين في اوقات كثيرة بالتلبك والحيرة حول الاحساس الذي يجب ان تتبعيه وما يجب ان تتجاهليه. وربما يعود ذلك الى انّك لم تتعرفي الى نفسك بعد بالشكل الكافي لتعرفي ما هو الافضل لك ومستوى ذكائي العاطفي كانت 60%.

قد يتبادر الى اذهاننا عندما نقول شخص عاطفي بأنه سريع الإنفعال، ضعيف السيطرة، يسهل استفزازه، منقاد خلف الرغبات، يفقد اعصابه بلحظه. جميع ما ذكر صحيح لكن هناك العديد من المحاسن التي يمتلكها الشخص الذي يمتلك الذكاء العاطفي مثل حب المشاركة والإهتمام. هناك مقولة شائعة نسمعها دائماً “تحكم بعواطفك حتى لا تتحكم بك”، وما اكثر المقولات التي تتطرق بشكل أو بآخر لنفس المضمون. هل علينا أن نتجنب العاطفة ونركز على القدرات العقلية أم علينا فهم الذكاء العاطفي ليتسنى لنا القول بأننا أذكياء؟.  

الذكاء العاطفيّ بالنسبة للرجل والمرأة؛ أظهر عدد كبير من الدراسات وجود فروقات تظهر بتغيُّر جنس الشخص فيما يتعلّق بنسبة الذكاء العاطفيّ لديه؛ حيث يُرجَّح أنَّ الذكاء العاطفيّ لدى النساء أعلى من الرجال. سبب هذا أنّ مناطق الذكاء العاطفيّ في الدماغ لدى النساء تنمو بشكل أكبر من الرجال، كما أنّ الرجال يتميّزون بأنّهم أفضل فيما يتعلَّق بمُراقَبة الذات، والتفاؤل، والإستقلاليّة، ومُقاوَمة الضغوط، وحلّ المشكلات. كما وُجِد أنّ النساء يتفوّقْنَ على الرجال فيما يتعلّق بالتعاطُف، والمَسؤوليّات الاجتماعيّة، والمهارات الشخصيّة، وإدارة الانفعالات.

اما الذكاء العاطفي عند الأطفال؛ لا يقتصر الذكاء العاطفي فقط على الكبار، بل يمكن وجود الذكاء العاطفي عند الأطفال، معظم الأنظمة التعليمية تركز في المراحل الأساسية على المواد النظرية وزيادة التحصيل الدراسي وتتجاهل المهارات الوجدانية التي يجب أن يكتسبها الطفل أو تعزز تلك المهارات عنده. إن أهم استراتيجيات الذكاء العاطفي التي يجب أن يمتلكها الطفل هي الوعي بالمشاعر والقدرة على فهمها والتعبير عنها وإدارتها. يختلف الطفل عن إنسان البالغ في التعبير عن تلك المشاعر، ومن أهم الوسائل التي يعبر الطفل بها عن حبه هي التلامس الجسدي. الطفل يحتاج للكثير من لمسات الحب وهو أيضا يحتاج للمس الآخرين. يحتاج الأولاد والفتيات على حدٍ سواء إلى العاطفة الجسدية، يعبر الطفل عن مشاعره بطريقة اللمس أكثر، لأن الأطفال يميلون إلى التفكير بشكل ملموس أكثر، ولهذا يجب على الأهل أن يساعدو الطفل على الفهم والتعبير عما يقصده عندما يعبر عن الحب أو الغضب أو أي مشاعر أخرى. قد يكون الذكاء العاطفي عند الأطفال أعلى من الذكاء العاطفي عن الشخص البالغ. هل الذكاء العاطفي أمر يولد مع الإنسان أو يتعلمه؟ بعضه يولد مع الإنسان ولكن معظمه يتعلمه. على سبيل المثال، الإنسان لا يولد مع لغة للتعبير عن المشاعر، يجب أن يتم تعليمك الكلمات التي تساعد على شرح مشاعرك. ينطبق الأمر على تنظيم المشاعر. لا يمكن للإنسان أن يولَد مع استراتيجيات فعالة لتنظيم المشاعر. إن ولِدت في منزل يقوم الأهل به بالصراخ، الضرب والإهمال فهذا ما سوف تتعلمه. أما إن ولِدت في منزل يسألك الوالدين عن مشاعرك، يبحثون عن أسباب هذه المشاعر ويعلمونك استراتيجيات التعامل مع مشاعرك، سوف تتعلم الذكاء العاطفي.

ما هي المفاهيم الخاطئة المنتشرة التي تخص الذكاء العاطفي؟ يرى العديد من الاشخاص أن الذكاء العاطفي مهارة غير مهمة أو لا يمكن قياسها. نحن نرى الذكاء العاطفي على أنه مجموعة من المهارات الهامّة. قمنا بالعديد من الدراسات التي قسنا بها الذكاء العاطفي للأطفال والبالغين ووجدنا أن الأشخاص ذوي الذكاء العاطفي أفضل صحة وأكثر سعادة، لديهم علاقات اجتماعية أفضل ولديهم مشاكل أقل في عملهم. كما تم تقييمهم كقياديين فاعلين. مختصر الحديث أننا وجدنا أن هذه المشاعر تحدث فرقاً.

كيف يساعد تطبيق الذكاء العاطفي على تجهيز المراهقين لحياتهم لاحقا؟ نحن نحتاج إلى مهارات الذكاء العاطفي للقدرة على تحمل التغييرات بشكل فعال. إن لم يحدث ذلك، ستسيطر عواطفنا علينا عند الشعور بالغضب والإحباط. كما أن الذكاء العاطفي مهم للتنقلات الجامعية حيث أن رفقائك الجامعيين يؤثرون عليك بشكل أكبر من والديك وستتعرض لمواقف تحتاج بها لاتخاذ قرارات صعبة واحتمالية اتخاذ القرار الأقل فعالية عالية إلا إن كانت لديك مهارات متطورة للذكاء العاطفي. بينّا في بحثنا أن طلاب الجامعة الذين لديهم مهارات ذكاء عاطفي غير متطورة أكثر عرضة للشرب، المخدرات والقيام بسلوكيات خطرة. نحن نرى الذكاء العاطفي كعازل للطلاب من هذه النتائج السلبية.

روان عبدالهادي 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *