مستشار في الجرائم الالكترونية

مستشار في الجرائم الالكترونية

لعل من إحدى دوافع الجرائم الالكترونية الكراهية، والكراهية هي العداوة أو عدم التعاطف مع شخص ما أو شيء ما أو حتى ظاهرة معينة، والتي تؤول غالبا الى تجنّب، نقل أو إيذاء الشيء المكروه. يمكن للكره أن يبنى على الخوف من غرض معين أو تجارب سابقة. أما الجرائم الالكترونية فهي أي جريمة تتضمن الحاسوب أو الشبكات الحاسوبية وهي أي مخالفة يتم ارتكابها ضد أفراد أو جماعات بدافع جرمي ونية الإسائة للضحية أو سمعتها أو عقليتها. أيضا، من آثار الكُره خطاب الكراهية، والذي يمكن تعريفه على أنه كل قول أو فعل من شأنه أثارة الفتنة أو النعرات الدينية أو الطائفية أو العرقية أو الاقليمية أو الدعوة للعنف أو التحريض عليه أو تبريره أو نشر الاشاعات بحق أي شخص من شأنها الحاق الضرر بجسده أو ماله أو سمعته.

رغم اتساع معنى خطاب الكراهية الا أن الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي اول من طرح هذا المصطلح في مشروع القانون الذي تقدم به الى البرلمان الفرنسي، وفي الأردن تم ادراج مفهوم “خطاب الكراهية” تحت قانون الجرائم الالكترونية حيث فرضت عقوبة على ناشر خطاب الكراھیة عبر الوسائل الإلكترونیة بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزید على ثلاث سنوات وبغرامة لا تقل عن خمسة الآف ولا تزید عن عشرة الآف دینار على كل من نشر او أعاد نشر ما یعد خطاب كراھیة عبر الشبكة الملعوماتیة او الموقع الالكتروني أو أنظمة المعلومات. قد يكون مرتكب الجرائم الالكترونية ما دون ال 18 سنة (القصّر)، وهم في المفهوم القانوني، هو الشخص الذي لم يتم الثامنة عشرة من عمره إذا ارتكب جرماً معاقباً عليه في القانون، أو كان معرضاً للخطر، بينما لم تختفِ العادات أو الاشياء والادوات التي قد تسحب القُصّر لما هو خطر ومضر بهم. ظهرت مؤخرا مع التطور الإكتروني أساليب وسلوكيات أخرى قد تضر بهذه الفئة العمرية، حيث أن الطريقة التي قد تبدو سهلة وبلا ضحايا للجرائم السيبرانية (الإلكترونية) تغري عدد متزايد من الشباب.

بعد أن قمنا بتعريف المفاهيم الأساسية المتعلقة بموضوع المقال، لا بد لنا من الحديث عن مهنة مرتبطة ارتباطا وثيقا بالمذكور أعلاه وهي (مستشار إعادة تأهيل القُصّر مرتكبي الجرائم الالكترونية)، فمن هو؟ وما عمله؟ وما مدى أهمية الوظيفة؟ وما هي مهامه؟ وأين يتم تعيينه؟ وما اسم التخصص الذي يجب دراسته للعمل بهكذا وظيفة؟. أسئلة عدة يمكن أن نتسائلها حول مهنة اليوم، ولكن بداية نتجه للإجابة على سؤال من هو مستشار إعادة التأهيل؟. هو نوع جديد من المستشارين لإعادة تأهيل المجرمين المدانين في سن المدرسة والمساعدة في تدريبهم على استخدام مواهبهم بشكل أخلاقي. أما بالنسبة لسؤال ما عمله؟ الاجابة واسعة ولكن بشكل أساسي سيعمل مستشارو إعادة تأهيل الأحداث بشكل وثيق مع المجرمين الشبان لإعادة تأهيلهم ومساعدتهم على فهم مواهبهم وتمكينهم من الإستفادة القصوى من مهاراتهم بدلاً من إستغلال الآخرين.

أيضا لا ننسى أن وظيفة كهذه أهميتها كبيرة على الصعيد النفسي الإجتماعي والصحة والرفاه المجتمعي. هو مستشار يقدم خدمات التوجيه والإرشاد للأفراد بغرض مساعدتهم على الإستقلالية والتعايش مع المشكلات الشخصية والإجتماعية والمهنية. أما بالنسبه للمهام التي سيقوم بها المستشار؛ تحليل البيانات التييحصل عليها من المقابلات والسجلات التعليمية والطبية والتقييمات الشخصية، إعداد تقييمات الجسدية والعقلية والأكاديمية لمعرفة حاجات المعني بالأمر، التحدث معهم لمناقشة خياراتهم وأهدافهم بما يساعد على تطوير خطط وبرامج إعادة تأهيل، تطوير علاقات جيدة مع مؤسسات المجتمع ذات الصلة، الحفاظ على علاقة جيدة مع الذين يتم إرشادهم أثناء البرنامج التأهيلي وما بعده، حفظ سجلات تتضمن البيانات وخطط التطوير ومدى التقدم، تحديد العوامل التي قد تعيق المعاد تأهيلهم عن تحقيق الأهداف، والكثير من المهمات الأخرى التي تتطلب الإلتزام والمتابعة.

من المهم أن يكون العامل بوظيفة المستشار هذه أن تكون لديه قدرات معينة تساعده على التمكن من الإرشاد مثل: مهارات الإتصال والقدرة على التفاعل مع الآخرين، مهارات الاستماع والدعم والتحفيز، التعاطف والصبر، المثابرة والمرونة، اتقان تقنيات الإرشاد، القدرة على بناء العلاقات والوعي الإجتماعي، ضبط النفس وتحمل الضغوط، ومثلها العديد من المهارات الحياتية التفاعلية التي تساعد في اتقان هكذا وظيفة. أما بالنسبة للتخصصات التي تؤهلك للعمل بتلك الوظيفة فهي: درجة البكالوريوس على الأقل في إعادة التأهيل، علم النفس، علم الإجتماع، العلوم السلوكية وغيرها من التخصصات ذات الصلة مع معرفة كبيرة طبعا في الجوانب البرمجية والإلكترونية. أيضا، ستكون الأماكن التي ستشغر بها هكذا وظيفة: المستشفيات، مراكز إعادة التأهيل، المؤسسات الإستشارية او حتى عمل خاص بك عند مرور الوقت وتراكم الخبرات التي تمكنك من العمل كمستشار مستقل.

جرائم كتلك و وظيفة كهذه توضح لنا أن العالم الذي يخضع تحت تطور دائم قد توسع من فكرة الجرائم الواقعية فقط وأصبحت تطول الحياة الإفتراضية لا وبل وصلت إلى شريحة وفئة عمرية أكبر. من المهم أن نبقى على وعي تام و حذر على أحداث كهذه وخصوصًا الشباب من هم دون ال 18 حيث أنهم لم يصلوا للنضج الكافي الذي يمكنهم من الوعي لمخاطر الجرائم الالكترونية أو حتى الوقوع فيها. لذا كما ذكرنا آنفا أن الجرائم الالكترونية قد يقع ضحيتها أي أحد وأن خطاب الكراهية هو شكل من أشكال الجرائم الالكترونية، وخطاب الكراهية قد يساء فهمه أحيانًا على أنه حرية تعبير عن الرأي لكن لابد من الأخذ بعين الاعتبار أن حريتك تنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين، وأن خطاب الكراهية يشكل تحريض على التمييز والعنف. قال ويليام شكسبير: “نحن مع مرور الوقت نكره ما نخاف”، ولربما هذه أحد أسباب الكراهية في المجتمع فإن الكراهية تضيع الكثير من الوقت والطاقة التي لو تم توجيهها في الخير لكانت ساعدت في إعمار المجتمعات في جميع النواحي حتى فكريًا وثقافيًا، وفعليًا من وجهة نظري من السهل أن تكره ولكن ليس من السهل أن تحب وتتسامح وتتقبل، فالحب يشيح نظرنا ويصرفه عن الأخطاء، أما الكراهية فتعمينا عن الكثير من الحقائق.

وقال مراتن لوثر كنج: ” لا يمكن للكراهية أن تطرد الكراهية، فقط الحب هو ما يفعل”، وفي كثير من الأحيان نقوم أيضًا بكره الأشياء التي لا نفهمها من باب عدم التقبل، وليست الكراهية مبرر للأفعال المسيئة للآخرين أو الأشياء أبدا ف عودة بنا لفعل الكره هو خاطئ قبل حدوث الإساءة، لكل مشكلة حل و لكل عقدة مخرج، وفي مجتمعنا الرقمي كثرت المخاطر التقنية آثارها وانتشرت الإساءات خصوصًا لسهولة ارتكابها وعدم تقدير مدى الضرر الذي من تؤول إليه الأمور بسبب تلك الأفعال. ختاما، أريد أن أنوّه لأهمية المهنة التي تحمل على عاتقها توجيه وتأهيل شباب ذوي قدرات رائعة نحو الأفضل والذين بهم يمكننا أن نسمو ونعلى على الكره ونحقق إنجازات كبيرة.

يوسف النسور

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *