تطوير الذكاء العاطفي

تطوير الذكاء العاطفي

إن الإنفعالات والعواطف التي تؤدي دوراً ممیزاً ومباشراً في الحیاة الیومیة، حیث أن كل الإنفعالات في سجلنا العاطفي هي في جوهرها دوافع لأفعالنا‘ وهي الفعل المباشر والخطط الفوریة للتعامل مع الحیاة . حتى یحقق الفرد النجاح في حیاته ویجد القبول الإیجابي له في المجتمع لا بد أن یخضـــــع عواطفه ومشاعره وانفعالاته إلى التفكیر والتأمل. وأن یعرضها علــى میزان العقل حتى یفهمها ویدركها ویتحكم بها ویدیرها. هذا كله منبعه الأساسي هو الذكاء العاطفي. یتمیز الأشخاص الأذكیاء عاطفیاً غالباً بكونهم یعرفون مشاعرهم الخاصة ویقومون بإدراتها بشكل جید ویتفهمون ویتعاملون مع مشاعر الآخرین بصورة متمیزة. لذا نراهم متمیزین في كل مجالات الحیاة ویتمتعون بالرضا عن أنفسهم. بالمقابل، الأشخاص ذو المستوى المنخفض من الذكاء العاطفي لا یملكون القدرة على مواجهة الأحداث الضاغطة ویشعرون بالیأس وبالاكتئاب والإحباط. إضافة لتدني مستوى إنتاجهم حیث یرتبط الذكاء العاطفي ارتباطاً إیجابیاً بالرضا عن الحیاة وبجودة العلاقات الإجتماعیة للفرد وحجمها.

الأفراد الأكثر ذكاءً عاطفیاً أكثر قدرة على التكیف الإجتماعي والمخالطة الإجتماعیة وهم أفضل في جانب الصحة النفسیة والبدنیة وأكثر اهتماماً بمظهرهم الخارجي وأكثر استعداداً لطلب المساعدة المهنیة وغیر المهنیة للمشكلات الشخصیة العاطفیة.  في ضوء ذلك، تبدو الحاجة ماسة للذكاء العاطفي فــــي جمیع میادین الحیاة لما له من دور كبیر فـــــي مساعدة الفرد على تحقیق النجاح والتقدم ومواجهة المشكلات المختلفة. جاء هذا المقال ليوضح لنا مفهوم الذكاء العاطفي، مفهوم نافذه جوهاري، وأمثلة من نافذه جوهاري للذكاء العاطفي، وبعضا من الطرق لرفع مستوى الذكاء العاطفي لدينا.

یرجع الفضل لمایر وسالوفي 1990، في ظهور مصطلح الذكاء العاطفي بوصفه نوعاً جدیداً جدید من الذكاء وعرفاه على أنه، المقدرة على مراقبة مشاعر وعواطف الفرد نفسه والآخرین للتمییز بینها واستخدام هذه المعلومات لتكون موجهاً لتفكیره وأفعاله. الذكاء العاطفي عرفة جولمان 1995، على أنه القدرة على التعرف على مشاعرنا ومشاعر الآخرین وعلى تحفیز ذواتنا وإدارة انفعالانتا وعلاقتنا مع الآخرین بشكل فعال.

نافذة جوهاري هي نموذج اتصال ويمكن استخدامها لتحسين التفاهم بين الأفراد داخل فريق أو مجموعة.  وضع هذا النظام جوزيف لوفت وهاري، فكلمة “جوهاري” من جوزيف لوفت وهاري. لا يمكن للفرق العمل بفعالية دون التواصل والمعلومات المشتركة. عندما تكون المنظورات والقدرات والمشاعر مفتوحة، تكون علاقات الفريق ديناميكية ومثمرة. يمكن للأفراد تحسين نجاح فريقهم من خلال البحث بنشاط عن طرق مشاركة المعلومات داخل المجموعة  والدفع نحو الشفافية والصراحة والأصالة. جاءت نافذه جوهاري  طريقة للأفراد لتصور وفهم أنفسهم وعلاقاتهم مع الآخرين. تضمنت هذه النافذة أربع نماذج خاصة للتعرف على النفس، هي:

  • المنطقة الحرة المفتوحة: تتضمن المنطقة الحرة كل شيء يعرفه الفرد عن نفسه وكذلك الآخرون، ومنها يعرفون سلوكه وإتجاهاته وتتضمن قيم الفرد، مميزاته، شخصيته، إدراكه.
  • المنطقة العمياء: تتضمن المنطقة العمياء  مواقف الفرد تجاه الآخرين في الوقت الذي يكون الفرد لا يعرف عنها شيئا ومنها تفسيرات الآخرون لسلوكيات الأفراد، أو صعوبة اتصالهم معهم بمسببات لايعرفها هو.
  • المنطقة المخفية أو القناع: المنطقة المخفية يعرف الفرد عن نفسه أشياءا لا يشرك الآخرين في معرفتها لأسباب عديدة منها الآداب الاجتماعية والأخلاقية.
  • المنطقة غير المعروفة أو المجهولة: تتضمن المنطقة غير المعروفة الأشياء التي لايعرفها الفرد عن نفسه، ولا الآخرون يعرفون ذلك وهي ماتفسّر سلوك بعض الأفراد سلوكا لايعرفون مسبباته. هذه النافذة موجودة لدى جميع الأفراد ولكنها بدرجات متفاوتة.

أمثله على بعض الأنشطه جماعيه  تعزز الذكاء العاطفي لدينا:

  • نشاط تمييز المشاعر: هذا النشاط يساعد الأفراد على الإستكشاف الذاتي، وخطوات هذا النشاط: كتابة مجموعه من الجمل على ورقة كبيرة أو لوحة، ثم ضعها في صندوق وتبدا الجملة بماذا تشعر عندما… وتكون الجمل من أحداث حدث في الماضي أو ممكن مواقف يوميه في الحياه العمليه أو الإجتماعية ويتم وصف الشعور بجانب الجمله.
  • نشاط العصف الذهني الجماعي: يمكن أن تقوم بهذا النشاط كطريقة يومية للمناقشة والتفكير مع أفراد عائلتك مثلا حول تفاصيل قراراتكم واختياراتكم اليومية، مثل اماكن للنزهه، الوجبات اليومية، والمشتريات المطلوبه. أهم ما يميز هذا النشاط احترام كل وجهات النظر والأفكار وتسجيلها لتكون بمثابة بنك للأفكار يلجأ إليه الجميع وقت الحاجة.
  • نشاط استرجاع الذكريات الطيبه: اجتمع مع افراد عائلتك أو الموظفين واطلب من كل فرد منهم أن يتذكر عددا من الأشخاص الطيبين المتعاونين الذين عاونوه في شيء ما أو جعلوه يشعر شعورًا جيدًا. سجلوا معا كل الخبرات وناقشوا معا كيف يمكن أن يؤثر التعاون بين الأشخاص على مشاعرنا وعلى تحسين حياتنا.

يمكن تنميه هذا النوع من الذكاء عن طرق عده طرق سنذكر بعضا منها على سبيل المثال والحصر:

  • فهم مدى أهمية الذكاء العاطفي: ستكون قادراً على العيش بحياة أكثر سعادة إذا إمتلكت مستوى عالٍ من الذكاء العاطفي، حيث سيُتاح لك وقتاً مريحاً للتواصل مع الآخرين وفهمهم. كما أنك ستتمكن من التصرف بهدوء وعقلانية عندما تنشأ المواقف الصعبة، إضافة إلى أنه يمكنك الحصول على فرص أفضل من العمل والعلاقات.
  • أدرك بواعث قلقك: الحياة مليئة بالمواقف الصعبة، لذلك عندما تُدرك ماهي مثيرات قلقك وتوترك وكيفية التعامل معها، فإنك ستكون قادراً على زيادة الذكاء العاطفي في نفسك. إن التعامل مع التوتر بشكل مناسب بدلاً من السماح له بالسيطرة عليك يُؤدي بك لحياة مريحة؛ أكثر سهولة و سعادة.
  • إبقى منفتح العقل لطيف المعشر: هذان الأمران يسيران جنباً إلى جنب عندما تتحدث عن الذكاء العاطفي. إن تقبلك للأفكار الجديدة يُمكنك أيضاً من زيادة الذكاء العاطفي، بينما ضيق الأفق يمكن أن يُبقيك في مستويات منخفضة. سيكون لديك أيضاً وقتاً أسهل لحل النزاعات بطريقة هادئة وثقة عالية.
  • أظهر التعاطف وكُن إجتماعياً: عندما تتمكن من فهم الآخرين وتُبدي اهتمامك لما يدور في حياتهم فإنك ستصرف تركيزك عن نفسك مما سيساعدك على زيادة مهارات الإتصال مع الآخرين، ويمنحك فرصة التمتع بعلاقات عميقة و مُرضية أكثر.
  • كُن مدركاً لتصرفاتك: عندما تكون عقلانياً فإنك ستُظهر ذكائك العاطفي بشكل أكبر أيضاً. إن فهمك لحالة ما ليس كقدرتك على إتخاذ تصرف عقلاني اتجاهها. إدراكك للموقف يكمُن بقدرتك على تحليله وكيفية التصرف بناءاً عليه بطريقة إيجابية. بالرغم من أن الكثير من الناس يمكنهم رؤية الغلط، إلا أنه ليس من الضروري معرفتهم كيفية التصرف على هذا الأساس بعد ذلك.
  • كُن واعياً لنفسك: عندما تصرف انتباهك لنفسك ومحيطك بطريقة إيجابية، فإنك ستكون ذا معرفة أفضل حول ماتتوقعه من الآخرين من حولك. ستكون قادراً على فهم لماذا تتصرف بطريقة معينة، وربما تُغير ردود أفعالك للتفكير بإيجابية أكثر. إن بعض الناس يعتقدون بأن التأمل وسيلة رائعة لتكون مُدركاً لنفسك. حيث أن تصفية ذهنك من المُلهيات المحيطة بك و إراحة عقلك يُمكن أن تساعدك على التركيز على ذاتك الداخلية بسلام.
  • تمرّن على مهارات الإتصال لديك: عندما يرتفع لديك مستوى الذكاء العاطفي، ستجد بأن مهارات الإتصال لديك سترتفع أيضاً. فمن المهم ان لاتصرف انتباهك كاملاً نحو التواصل اللفظي و إنما نحو لغة الجسد أيضاً. يمكنك تعلّم الكثير عن نفسك و عن الآخرين من خلال دراستك للغة الجسد و الإنفعالات.
  • كُن متفائلاً: عندما تكون متفائلاً فإنك ستميل إجمالاً إلى ترك حياة أكثر سعادة على الآخرين. عندما تكون متفائلاً فإنه من السهل جداً رؤية الخير في الناس والمواقف، إضافة إلى أنها ستمنحك عقلاً منفتحاً أكثر. إن وجود التوقعات السلبية إتجاه الأشياء سيُشجعك على البقاء منهمكاً بنفسك و وضعك وستركز على السلبيات التي تحدث.

من وجهه نظري يعد الذكاء العاطفي بجانب القدرات العقلية الاخرى من أحد الركائز الأساسية في تنوع الحلول للعديد من المشكلات. العقلية التي تؤمن بتعدد الأبعاد والرؤى وتتطور وفق هذا التعدد هي العقلية التي تنمو وتتطور في مناخ صحي وتسهم في ترسيخ القيم الانسانية العليا ويساعد الذكاء العاطفي الأفراد على الإبتكار، الحب، المسؤولية، الإهتمام بالأخرين بالاضافة إلى تكوين أفضل الصداقات والعلاقات الإجتماعية. كما أنه توجد علاقة بين الذكاء الانفعالي والتوجه نحو الأهداف والرضا عن الحياة.

سراء القضاة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *